هل ولد للحسن العسكري ولداً ذكراً اسمه محمد المهدي من وجهةً نظر الزيدية ؟
الجواب :
السيد الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب .
وكان مولدُه بسامراء بلد العسكر ، ومنها أخذ لقبه ، وأُمه أُم ولد ، وتوفي عام 260هــ في سامراء وله تسع وعشرون سنة ، ودُفن إلى جانب والده السيد علي الهادي رحمه الله .
اتفق أئمة وفقهاء الزيدية - بالاجماع - على أن الحسن العسكري رحمه الله مات ولم يعقب ولداً ذكراً يخلفه أو يورثه .
وكان الناصر للحق الأطروش (ولاده 230هــ - وفاة 303هــ) كان حاضراً وفاة الحسن العسكري وشارك بدفنه في سامراء ، وشهد شهادة صحيحة بأنه لا ولد للحسن العسكري ، وأن من ورث داره وماله أخوه جعفر بن علي الهادي .
قال الديلمي اليماني : المهدي من ولد الحسن العسكري ، ما كان له ولد ، وذلك هو المشهور عن الناصر للحق لأنه كان عند العسكري عند وفاته ، وهو الذي دفنه (1) .
روى أبو القاسم محمد بن أحمد بن المهدي (توفي 424هــ) بأن الناصر للحق الأطروش كان حاضراً وفاة الحسن العسكري ، وقال : لم يُعقب فجاء أخُوه جعفر ، وأخذ ميراثه ، فادعت جارية من جواريه أنها حُبلى ، فسلمناها إلى ابن أبي الشوارب الذي كان يتولى القضاء فبقيت على يده أربع سنين ولم يظهر هُناك ولاده (2) .
وقد روى العلامة المحسّن بن كرامة (توفي 494هــ) نحو ذلك عن الناصر للحق الأطروش ، ونفى نفياً قاطعاً بأن يكون للحسن العسكري ولداً ذكراً اسمه محمد المهدي (3) .
وقال العلامة الحافظ علي بن الحسين من أعلام القرن الخامس الهجري : وحبس الميراث من جعفر أربع سنين ، وبطل حمل الجارية ، وسلم الميراث إلى جعفر فزعم بعض من يقول بإمامة الحسن أنه وُلد له ولدٌ مستور بالحجاب ، وإن ذلك الولد هو الإمام (4) .
وعليه فأن القول بأن الحسن العسكري رحمه الله لم يخلف ولداً - لا ذكر ولا انثى - قولاً صحيحاً بناءً على المصادر الزيدية .
وأختم بقول الشيخ العلامة الإمامي الرِّجالي محمد باقر البهبودي (*) ، وهو يتكلّم عن النص على الاثني عشر في التراث الإمامي وأنه نص مُختلقٌ مُصطنعٌ ، حيث قال : الأحاديث المروية في النصوص على الأئمة جُملةً من خبر اللوح وغيره كُلها مصنُوعةٌ في عهد الغيبة والحيرة وقبلها بقليل ، فلو كانت هذه النصوص المتوفرة موجُودةٌ عند الشيعة الإمامية لما اختلفُوا في معرفة الأئمة الطاهرة هذا الاختلاف الفاضح ، ولما وقعت الحيرة لأساطين المذهب وأركان الحديث سنوات عديدة ، وكانوا في غنى عن أن يتسرعوا في تأليف الكُتب لإثبات الغيبة وكشف الحيرة عن قلوب الأمة بهذه الكثرة (5) .
هذا والله أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم وبارك .
وكتبه : عمران عمر الأنصاري
12 آب 2024م
____________________________________________
(1) قواعد عقايد آل محمد (مخطوط - رقم م22957) لمحمد بن الحسن الديلمي اليماني .
(2) النقض المكتفي على من يقول بالإمام المُختفي (مخطوط 17 - أ) لأبو القاسم محمد بن أحمد بن المهدي .
(3) جلاء الأبصار الباب السادس (مخطوط 104) للمحسّن بن كرامة الجشمي .
(4) المحيط بأصول الإمامة (مخطوط) لعلي بن الحسين الزيدي .
(5) معرفة الحديث (ص172) للبهبودي .
(*) محمد باقر البهبودي (ولد 1928م - وتوفي 2015م) أستاذ إيراني جامعي معاصر في طهران ، وباحث ومحقق في علم الحديث ، ويعد أحد أهم المحقّقين في علم الرجال عند الإمامية الإثنا عشرية ، وقد وصفه محمد حسين الطهراني بأنه : (العالم المتضلّع الخبير) . وكان البهبودي من تلاميذ محسن الحكيم وحسين البروجردي وأحمد اليزدي ومحمد تقي النيسابوري وهاشم القزويني وأبو القاسم الخوئي والخميني .