يا هادمَ اللذّات، ومُفرّقَ الجماعات، يا قاطعَ الآمال، ومُنهِيَ القصص والروايات، يا مَن لا يهابُ سلطاناً ولا يُجاملُ في المراتبِ والمقامات. تأتي بغتةً، فتُسكتُ الضحكات، وتُطفئُ الأنوارَ في أبهى الحفلات، وتتركُ في القلبِ حرقةَ الحسرات، وفي العينِ دمعاً كالمطرِ الهَطَّات.
ما للفرحِ عندكَ من مقام، ولا للمالِ سلطانٌ أو احترام، تأتي فلا يُؤخَّرُ أجلٌ ولا يُستَدرَكُ نَدم. تفجأُ الطفلَ في مهده، والشيخَ في سجوده، والشابَّ في عنفوانِ شبابه، فلا تُفرّقُ بين الأعمارِ أو المقامات.
يا موت، ما أعدلك! جعلتَ الغنيَّ والفقيرَ سواء، والكبيرَ والصغيرَ في سِجِلِّ الفَناء، فلا عُذرَ لمن طغى، ولا مأوى لمن هوى. سُطورُ الحياةِ تُمزَّقُ بصمت، وصدى الرحيلِ يُدوِّي في الفؤادِ كالرعدِ إذا احتدم.
ولكنَّ فيك، رغمَ الرهبة، عِبرةٌ للمعتبر، وتذكرةٌ لمن تدبَّر، ففيك نهايةُ التكبّرِ والغرور، وبدايةُ سؤالِ القبور.
فيا نفس، استعدّي للرحيل، واعملي ليومٍ طويل، يومٍ لا ينفعُ فيه مالٌ ولا بنون، إلا مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم. فالموتُ آتٍ، لا يُخطئُ عنواناً، ولا ينسى أحداً في زاويةٍ من الزمان.
فيا هادم اللذات، علّمتنا أن الدنيا ظلٌّ زائل، وأن البقاء للرحمن، ذي الجلال والإكرام.
أوصيكم أيضًا بمطالعة: اتقوا الله عباد الله، واذكروا هادم اللذات، ومفرق الجماعات، ومذل الجبابرة والسادات