الخوارج والحكم بغير ما أنزل الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الخوارج والحكم بغير ما أنزل الله

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-12-29, 00:42   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أسامة المعتز بالله
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










B18 الخوارج والحكم بغير ما أنزل الله

الخوارج والحكم بغير ما أنزل الله
الكاتب: عبد الله بن ناصر الرشيد

هذه الدعوى هي التي يدفَعُ بها من لا يُكفِّر الحاكم بغير ما أنزل الله في صدور النصوص، فإنَّهم يدَّعون أنَّ تكفير الحاكم بغير ما أنزل الله، هو قول الخوارج ومذهبهم الذي أُنكِر عليهم، واجتمعَ السَّلَفُ على بُطلانه.

ولو تأمَّلتَ مقالاتهم، لم تجد لهُم دليلاً أقوى من هذا، ولا حجَّةً مثله، فالمرجئة الخُلَّص، يستعملونه في إثبات مذهبهم، وتقرير أنَّ الكُفرَ لا يكون بعملٍ، ولو سجد للأوثان، وذبح للصلبان، وعبد الشيطان.

والمُخالِفون من أهل السُّنَّة في هذه المسألة، يستندون إليه في الخروج عن دلالة الأدلَّة الظاهرة على كفر الحاكم بغير ما أنزل الله.

ومن حرَّرَ مذهب الخوارج، وعرفَه، لم يرد عليه هذا الإيراد، ولم يحتج إلى تَكَلُّفِ دفعِه.

فأصلُ مذهب الخوارج، أنَّهم يُكفِّرون بكُلِّ كبيرةٍ من الذنوب، وأهل السُّنَّة لا يُكَفِّرون بما ليس عِبادةً لغير الله، أو مناقضةً لعبادة الله، أو تركًا لعبادة الله أو ما لا يصحُّ أصلها إلاَّ به.

وَقَد أنكر الإمامُ أحمدُ إطلاق عبارة: لا نُكفِّر بذنبٍ، قال الخلاّل: أنبأنا محمد بن هارون أنَّ إسحاق بن إبراهيم حدثهم قال: حضرتُ رجلاً سأل أبا عبد الله فقال: يا أبا عبد الله اجتماع المسلمين على الإيمان بالقدر خيره وشرّه؟ قال أبو عبد الله: نعم، قال: ولا نُكفّر أحداً بذنب؟ فقال أبو عبد الله: اسكت من ترك الصلاة فقد كفر ومن قال القرآن مخلوق فهو كافر.

حيثُ يُتوهَّمُ منه المعنى العَامّ الذي يشمل فعل الشرك وقوله، وأهلُ السُّنَّةِ لا يُكفِّرون بذنبٍ دون الشِّركِ، وأمَّا الذَّنبُ الذي يعني دعاء غير الله، أو سبَّ الله ودينه، فإنَّ أهل السُّنَّة يُكفِّرُون به دون اختلاف، وما خالفَ إلا خُلَّص المرجئة.

ومن أطلق هذه العبارة "لا نكفر بذنب"، فإنَّما أراد المعنى الخاصَّ للذنب، وهو الكبائر التي لا تبلغ الشركَ، كما قال شيخ الإسلام [7/302]: (ونحنُ إذا قُلنا أهل السُّنَّة متّفقون على أنه لا يكفر بالذنب؛ فإنَّما نُريد به المعاصي كالزنا، والشرب).

وقال أبو الحسن الأشعري في المقالات [1/347] حاكيًا مذهب أهل الحديث: (ولا يُكفِّرون أحدًا من أهل القبلة بذنبٍ، كنحو الزِّنا والسَّرقة، وما أشْبَهَ ذلك من الكبائرِ).

ومن مذهب الخَوارِج، تكفِيرُ عليِّ بن أبي طالبٍ وخلعُهُ بأن حكَّم الرجال في دين الله، وكانوا يحتجُّون بقوله تعالى: "إن الحكم إلا لله"، ولو تأمَّلتَ ما وَقَع لهم، وجدتَه من أبينِ الأدلةِ على أنَّ عليًّا ومن معه من الصحابة والتابعين، لم يكونوا يُخالفُون الخوارج في كُفر من نازع الله الحكم، بل كلُّ اختلافِهِم، في كون التَّحكيم نفسه مُخالفًا لقوله تعالى: {إن الحكم إلا لله}، ومن يدَّعي أنَّ الواقع من مُكفِّري الحكَّام اليوم كالواقع من الخوارج، يلزمُه اتَّهامُ عليٍّ أنَّه حكم بغير ما أنزل الله، ولا ريبَ أن الحقَّ مع علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه، فإنَّ من حكَّم من يحكم بحكم الله، أو يُصلحُ بما لا يُخالف شرع الله، ليس منازعًا لله في الحكم أصلاً، بل الَّذِي فعلَهُ عينُ حُكم الله في المسألة.

والخلاف بين عليٍّ والخوارج، إنَّما هو في كون الصورة الواقعة حكمًا بغير ما أنزل الله، فخلافُهم كما لو نهى رجلٌ عن التداوي عند طبيبٍ، وادّعى أنَّهُ يُخالف قوله تعالى: {وإذا مرضتُ فهو يشفين}، وقال؛ إنَّ المستغيث بالطبيب يعبده من دون الله، فهو كافرٌ، فقال من يردُّ عليه، بل التداوي سببٌ مباحٌ، وهو طريقٌ جعله الله يُجري به الشِّفاء، فالتداوي حقيقةً من اللجوء إلى الله، والتماسِ الشِّفاء منه بالطريق الذي أعلمَنَاه، وبيَّن له أنَّ العبادة تكون إذا طلبَ من غائبٍ أو ميتٍ، أو من حاضرٍ ما لا يقدرُ عليه إلا الله.

فلو جاء ثالثٌ، فادّعى أن الخلاف بينهما هو في كفر المستغيثِ بغير الله، لكان أجهل من حمار أهله، لأنّ الطرفين اتّفقا على كفر المستغيث بغير الله، ولكنَّ من كفّر المتداوي، أخطأ في فهم تلك الصورة، وألحقها بالاستغاثة بغير الله.

وكذا في الحكم بغير ما أنزل الله، فإنَّ الخوارج وعليًّا -رضي الله عنه- لم يختلفوا في كفر الحاكم بغير ما أنزل الله فيما نُقل عنهم، وإنَّما خلافهم فيما فعله عليٌّ هل هو من الحكم بغير ما أنزل الله أم لا؟

ولذا لا تجد عبارة لا لعلي ولا لغيره في الرد على الخوارج يوم ذاك، يُنازعونهم في كفر الحاكم بغير ما أنزل الله بمعناه، مع أنَّها أصلُ مسألة النِّزاع على حدِّ زعمِ المُدَّعي، وما وقع من رد ابن عباس وأبي مجلز وغيرهما من السلف على الخوارج في مسألة الحكم إنَّما هو في المعاصي حيثُ كان الخوارج يلحقونها بالحكم بغير ما أنزل الله ويعدُّونها منه ومن ذكَر الآية من السلف في الرَّدِّ على الخوارجِ بعد ذلك، فإنَّما ردَّ عليهم مسألة الحكم في واقعةٍ معيّنةٍ، بدليل نسبتهم ذلكَ الأمر الذي عدُّوه من الحكم بغير ما أنزل الله إلى أُمراء وقتِهم.

ولهذا أيضًا: جاء علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه بمصحفٍ كبير فوضعه أمامه ثم قال: أيُّها المصحف حدِّث الناس، كما أخرجه الإمام أحمد في مسنده بسند لا بأس به، يردُّ بذلك على الخوارج الذين أنكروا أن يحكَّم رجلٌ وعدوه من الحكم بغير ما أنزل الله، فأفهمهم أنَّ المصحف لا يُمكن أن يتكلَّم وإنَّما يحكم الحكَّام بما يأخذونه منه.

ولهذا أيضًا: استدل علي بن أبي طالبٍ بآية التحكيم في قوله تعالى: {فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها}، وبالتحكيم في ثمن صيد الحرم كما قال تعالى: {يحكُم به ذوا عدلٍ منكُم}.

فلو تأمَّلتَ هذا الوجه، لرأيتَ أن لو حكى حاكٍ الإجماع على كفر من حكم بغير ما أنزل الله معتمدًا عليه وحده لم يكن بعيدًا، والله أعلم.

ومن سنن المرجئة التي شهد بها التاريخ عليهم، رميُ دُعاةِ التَّوحِيد بالخارجيَّة والتَّكفير بلا بيِّنة، ودون تحريرٍ لمذهبِ الخوارجِ ومعرفة به، فممن رُمِيَ به لتكفيره المستحقّ:

إمام أهل السنة أحمد بن حنبلٍ، فنقل ابن تيمية عن الخلاّل في كتاب السُنّة قال: قال أبو عبد الله: بلغني أنَّ أبا خالد وموسى بن منصور وغيرهما يجلسون في ذلك الجانب فيعيبون قولنا، ويدّعون أنَّ هذا القول: أنَّه لا يُقال مخلوق وغير مخلوق، ويعيبون من يكفّر، ويقولون إنّا نقول بقول الخوارج، ثم تبسّم أبو عبد الله كالمغتاظ، ثم قال: هؤلاء قوم سوء.

شيخ الإسلام ابن تيميَّة، كما تجده في كتب كثيرٍ من خصومِهِ من معاصريه وممن بعده، ولا تجده أوفى منه في كتب محمد زاهد الكوثري الجهمي الوثني القبوري، وتجد تردادها وتكرارها أكثر مما قيل في زمن الإمام أحمد لأن الإرجاء كان قد انتشر في زمن شيخ الإسلام بانتشار الأشعريَّة ونشرهم ضلالهم وباطلهم في مسألة الإيمان.

شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب: وقد انتشرت هذه التهمة عنه أكثر مما قيلت في شيخ الإسلام ابن تيمية، وذكر أنَّ أكثر خصومه لم يُخالفوه في حقيقة التوحيد، وإنَّما خالفوه في التكفير بذلك والجهادِ عليهِ، وقيلت لمن بعده أكثر مما قيلت له، وكُلَّما درس العلم وتأخَّر الزمان وازداد الإرجاء انتشرت هذه التُّهمة، ولا يزال موصومًا بها أهل السُّنَّة على لسان كلِّ مرجئٍ اليوم.

ولولا تأخُّرُ نشوءِ المُرجئَة، لسمَّوا أبا بكرٍ الصِّدِّيْقَ ومن معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خَوَارجَ، بتكفيرهم المرتدِّيْنَ من العرب.

والله أعلم
وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحابته أجمعين








 


 

الكلمات الدلالية (Tags)
أوسم, الله, الجوارح, تغير, والحكم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc