هل سيتمكن القضاء العربي يوما من محاكمة رئيس عربي ؟!
هل سيتمكن القضاء العربي يوما من محاكمة رئيس عربي ؟!
حينما تكون العدالة فوق الجميع في بلد ما فمعنى ذلك أن الظلم سينكمش وسيُحاصر الظالمون والمفسدون ولو بعد حين.
أما إذا كانت العدالة انتقائية بحيث يُستثنى منها أولو القوة من الساسة وأصحاب النفوذ فسيغرز الظلم أنيابه في البلاد والعباد، وسوف تصير الحياة غابة مظلمة يفترس فيها القوي الضعيف..!
تمنيتُ-كمواطن جزائري- لو أن أبناء جلدتنا الذين تبوؤوا المناصب الرفيعة عندنا، وتأثروا بالثقافة الفرنسية حتى النخاع، واهتموا بالعادات الغربية ودعوا إلى تقليدها، قد تأسوا بالفرنسيين في جوانب نافعة مثل حرصهم على تطبيق القوانين على الجميع ولو كان أكبر رأس في البلد، ومرجع ذلك أن الفرنسيين وغيرهم من الغربيين قد أدركوا جيدا أن أساس الدولة المحترمة هو العدل، إذ لا فرق بين سائس ومسوس، فالناس جميعا سواسية كأسنان المشط أمام القانون الذي لا يُحابي ظالما ظهر ظُلمه، أو مجرما تبث جُرمه..!
لقد استطاعت قاضية التحقيق "كزافيير سيموني" أن تُرسل رئيس الجمهورية السابق "جاك شيراك"-الذي ما يزال يتمتع بشعبية كبيرة لدى الشعب الفرنسي حسب آخر نتائج استطلاعات الرأي-إلى المحاكمة بتهمة اختلاس أموال عامة أثناء تأديته مهام رئيس بلدية باريس من سنة 1977م إلى سنة 1995م، وقد تمكن الرجل من الفرار بجلده من المساءلة والمحاكمة أمام القضاء الفرنسي المستقل بسبب انتخابه رئيسا للجمهورية وحصوله على الحصانة القانونية، ولكن بعد انتهاء عهدتيه وسقوط الحصانة عنه سيُرسل "شيراك" ومعه مديرا مكتبه في بلدية باريس وحفيد الجنرال ديغول والنائب السابق "جان ديغول" وشقيق "جان لوي دوبري" رئيس المجلس الدستوري وغيرهم إلى المحكمة التأديبية، وكان "ألان جوبي" من السابقين الأولين إلى نفس المصير من قبل والذي حُكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ..!
لقد وضَّح مكتب الرئيس شيراك أن "المواطن شيراك" يقبل الوقوف أمام القضاء كأي مواطن فرنسي معلنا بطلان الاتهام، والحق أن هذا السلوك الحضاري لم يكن غائبا عنا -نحن المسلمين- في الزمن الجميل حين كان الإسلام يُحَكَّم، وكان أمراء المسلمين يذعنون للحق، ويسمون أنفسهم "الأُجَرَاء" ولم يتشرفوا بسلطانهم الزائل ولم يستغلوا مناصبهم لقهر المستضعفين من أبناء جلدتهم أو غيرهم من أهل الذمة، وقد روى لنا التاريخ عن حكام مسلمين وقفوا مع خصومهم من ضعفاء الرعية-عربا وعجما- بين يدي القضاء العادل الذي لا يخشى في الله لومة لائم فأنصف المظلوم وما نظر إلى صفة أو وجاهة أو منصب، بل نظر إلى الحق الذي يعلو ولا يُعلى عليه فأمضاه على الجميع..!
نتمنى أن يصل القضاء العربي في يوم من الأيام إلى مرحلة يتساوى فيها الرئيس والمرؤوس أمامه فيتعامل مع الطرفين على أساس المواطنة فقط، لا على أساس المداهنة والمهادنة للقوي وصاحب الجاه، وأما الضعيف فيُقام عليه الحد... ولعل ذلك اليوم آت وما ذلك على الله بعزيز.
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2009-11-27, 22:51
هل سيتمكن القضاء العربي من محاكمة الرئيس ؟!
العرض المتطور
