السياسة الشرعية تعريف وتأصيل - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

السياسة الشرعية تعريف وتأصيل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-08-09, 04:41   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5) السياسة الشرعية تعريف وتأصيل

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




تقدمت مواضيع

أصول عقيدة أهل السنة والجماعة


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153427

الولاء والبراء

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153762

الشرك وأنواعه

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2153606

.......

حاجاتنا إلى السياسة الشرعية

السياسة الشرعية باب من أبواب العلم والفقه في الدين، وفي قيادة الأمة وتحقيق مصالحها الدينية الدنيوية، جليل القدر عظيم النفع، أفرده جماعة من العلماء بالتصنيف في القديم والحديث

وانتشرت كثير من مباحثه أو مسائلة في بطون كتب التفسير والفقه والتاريخ وشروح الحديث، وهذا الباب خطره عظيم ينتج عن الغلط فيه وعدم الفهم له شر مستطير، والخطأ في التفريط فيه كالخطأ في الإفراط؛ إذ كلاهما يقود إلى نتائج مرذولة غير مقبولة

وقد وضح ذلك شيخ الإسلام ابن القيم فقال: 'وهذا موضع مزلة أقدام، ومضلة أفهام، وهو مقام ضنك، ومعترك صعب، فرط فيه طائفة فعطلوا الحدود، وضيعوا الحقوق، وجرءوا أهل الفجور على الفساد

وجعلوا الشريعة قاصرة لا تقوم بمصالح العباد محتاجة إلى غيرها، وسدوا على نفوسهم طرقًا صحيحة من طرق معرفة الحق والتنفيذ له وعطلوها

.. وأفرطت فيه طائفة أخرى قابلت هذه الطائفة، فسوغت من ذلك ما ينافي حكم الله ورسوله، وكلتا الطائفتين أتيت من تقصيرها في معرفة ما بعث الله به رسوله وأنزل به كتابه'

وإدراكًا منَّا لأهمية هذا الباب وموقعه من الدين وحاجة الناس إليه، فقد رأينا أن نجعل له زاوية دورية في المجلة؛ سائلين الله تعالى أن يتحقق المقصود منها، وأن تقوم بالدور المراد منها على الوجه الذي يحب ربنا ويرضى الله من وراء القصد.


ـ السياسة في اللغة:

لفظ 'السياسة' في لغة العرب محمل بكثير من الدلالات والإرشادات والمضامين

فهي إصلاح واستصلاح

بوسائل متعددة من الإرشاد والتوجيه والتأديب والتهذيب والأمر والنهي

تنطلق من خلال قدرة تعتمد على الولاية أو الرئاسة. وما جاء في معاجم اللغة يدل على ما تقدم

فقد جاء في تاج العروس في مادة سوس: 'سست الرعية سياسة' أمرتها ونهيتها، والسياسة القيام على الشي

بما يصلحه'، وفي لسان العرب في المادة نفسها: 'السوس: الرياسة

وإذا رأسوه قيل سوسوه، وأساسوه

وسوس أمر بني فلان: أي كلف سياستهم، وسُوِّس الرجل على ما لم يسم فاعله: إذ ملك أمرهم

وساس الأمر سياسة: قام به، والسياسة: القيام على الشيء بما يصلحه.

والسياسة: فعل السائس يقال: هو يسوس الدواب إذا قام عليها وراضها، والوالي يسوس رعتيه'.

والإصلاح في 'السياسة' ليس مجرد هدف أو غاية تسعى السياسة في حركتها لتحقيقه

بل هو السياسة نفسها وحقيقتها، إذا فقدته فقد فقدت نفسها.


ـ السياسة في النص الشرعي:

لم يرد لفظ 'السياسة' ولا شيء من مادته في كتاب الله سبحانه وتعالى، وإن جاء الحديث فيه عن الصلاح والإصلاح والأمر والنهي والحكم وغير ذلك من المعاني التي اشتمل عليها لفظ 'السياسة'. وإما السنة فقد جاء قوله صلى الله عليه وسلم: 'كادت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي ...

وقوله صلى الله عليه وسلم: 'تسوسهم الأنبياء'؛ أي: تتولى أمورهم كما يفعل الأمراء والولاة بالرعية'.

ويتبين بما تقدم أن السياسة في الشريعة استخدمت بمعناها اللغوي. وهي تعني:

القيام على شأن الرعية من قِبَل ولاتهم بما يصلحهم من الأمر والنهي والإرشاد والتهذيب، وما يحتاج إليه ذلك من وضع تنظيمات أو ترتيبات إدارية تؤدي إلى تحقيق مصالح الرعية بجلب المنافع أو الأمور الملائمة، ودفع المضار والشرور أو الأمور المنافية.

وهذا التعريف يبرز الجانب العملي للسياسة، فالسياسة هنا إجراءات وأعمال وتصرفات للإصلاح، وعلى ذلك فإن سياسة الرعية تتطلب القدرة على القيادة الحكيمة التي تتمكن من تحقيق الصلاح عن طريق إتقان التدبير وحسن التأتي لما يراد فعله أو تركه

وهذا بدوره يحتاج إلى معرفة تامة بما تتطلبه القيادة والرئاسة من خبرة وحنكة، وقدرة على استعمال واستغلال الإمكانات المتاحة على الوجه الأمثل الذي يتحقق المراد المطلوب.

وقد جاء من كلام أهل العلم عن السياسة ما يدل لذلك

فمن ذلك: قال ابن جرير الطبري ـ رحمه الله ـ

في بيان السبب الذي من أجله جعل عمر ـ رضي الله عنه ـ أمر الخلافة في الستة الذين اختارهم: 'لم يكن في أهل الإسلام أحد له من المنزلة في الدين والهجرة والسابقة والعقل والعلم

والمعرفة بالسياسة؛ ما للستة الذين جعل عمر الأمر شورى بينهم'.

وقال ابن حجر ـ رحمه الله ـ:

'والذي يظهر من سيرة عمر في أمرائه الذين كان يؤمرهم في البلاد أنه كان لا يراعي الأفضل في الدين فقط، بل يضم إليه مزيد المعرفة بالسياسة مع اجتناب ما يخالف الشرع منها'

ومما ورد في ذلك أيضًا ما جاء في شرح قول النبي صلى الله عليه وسلم: 'يا عائشة، لولا قومك حديث عهدهم بكفر لنقضت الكعبة

فجعلت لها بابين؛ باب يدخل الناس، وباب يخرجون'، والذي ترجم له البخاري في صحيحه بقوله: باب من ترك بعض الاختيار مخالفة أن يقصر فهم بعض الناس عنه فيقعوا في أشد منه'،

قال ابن حجر: 'ويستفاد منه أن الإمام يسوس رعيته بما فيه إصلاحهم، ولو كان مفضولاً، ما لم يكن محرمًا'.

والسياسة فيما تقدم مجالها رحب فسيح، فهي ليست مقصورة على شيء أو محجوزة عن شيء؛ إذ هي 'القيام على الشيء ـ بما يحمله لفظ الشي

من العموم والشمول، ـ بما يصلحه'، فيعمل بنا كل صاحب ولاية في تدبير أمر ولايته.

ومن أمثلة السياسة في عصر الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ ما قام به أبو بكر رضي الله عنه من استخلافه لعمر رضي الله عنه، وما قام به عمر من جعل أمر الخلافة شورى في ستة من أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رعاية لمصلحة الأمة وتجنيبها مضرة الاختلاف

ومن ذلك جمع عثمان رضي الله عنه المسلمين على مصحف واحد، وإحراق ما سواه من المصاحف؛ لأن ذلك يحقق المصلحة من الائتلاف والاتفاق، ويدفع مضرة التفرق والاختلاف

وكذلك ما أمر به عثمان من إمساك ضوال الإبل لما ضعفت الأمانة، وصار تركها مضيعًا لها على أصحابها، ومن ذلك نفي عمر بن الخطاب لنصر بن حجاج لما افتتنت بعض النساء بجماله ـ من غير ذنب أتاه

لما كان في ذلك تحقيق مصلحة العفة والطهارة، ودفع مضرة تعلق القلوب به، ومن أمثلة ما تلاهم من عصور تسعير السلع التي يضطر إليها الناس إذا تمالأ التجار على رفع سعرها بغير مسوغ يدعو لذلك

فكان في التسعير دفع مضرة الظلم عن الرعية من غير ظلم للتجار، والأمثلة في هذا كثيرة، والجامع بينها تحقيق المصلحة ودفع المضرة من غير مخالفة للشريعة.








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 04:44   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ـ السياسة عند الفقهاء:

هناك اتجاهان عند الفقهاء في نظرتهم للسياسة:

الاتجاه الأول:

ويمثله قول أبي الوفاء بن عقيل الحنبلي: 'السياسة ما كان من الأفعال؛ بحيث يكون الناس أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الفساد

وإن لم يشرعه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا نزل به وحي'، وقد قيده بقوله: 'ما لم يخالف ما نطق به الوحي' وعلى هذا النحو يحمل كلام ابن نجيم الحنفي

حيث يقول في باب حد الزنا: 'وظاهر كلامهم هاهنا أن السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي'، وكلام ابن نجيم يحتمل أن يصيب في الاتجاه الثاني كما يأتي،

وكلام ابن عقيل أدق منه وأسد؛ لأنه قيد تحقيق المصالح ودرء المفاسد بعدم مخالفة الشريعة، وقد يكون هذا أيضًا مراد ابن نجيم، لكن عبارته قصرت عن ذلك، وهذا الاتجاه موافق لما تقدم ذكره من أمثلة السياسة.


والاتجاه الثاني:

وهو اتجاه يضيق مجال السياسة ويحصرها في باب الجنايات أو العقوبات المغلظة

وقد تجعل أحيانًا مرادفة التعزير، وهذا الاتجاه غالب على الفقه الحنفي في نظرته للسياسة، قال علاء الدين الطرابلسي الحنفي: 'السياسة شرع مغلظ'.

وقد 'نقل العلامة ابن عابدين ـ الحنفي ـ عن كتب المذهب: أن السياسة تجوز في كل جناية والرأي فيها إلى الإمام، كقتل مبتدع يتوهم منه انتشار بدعته وإن لم يحكم بكفره ..

ولذا عرفها بعضهم بأنها تغليط جناية لها حكم شرعي حسمًا لمادة الفساد، وقوله: لها حكم شرعي معناه أنها داخلة تحت وقاعد الشرع وإن لم ينص عليها بخصوصه

.. ولذا قال في البحر: ظاهر كلامهم أن السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها، وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي'.

وقال بعض علماء الحنفية: 'والظاهر أن السياسة والتعزيز مترادفان، ولذا عطفوا أحدهما على الآخر لبيان التفسير كما وقع في الهداية والزيلعي وغيرهما'.

وتضييق هذا الاتجاه لمعنى السياسة وحصرها فيما حصرها فيه ليس بسديد؛ 'إذ السياسة قد تكون بغير التغليظ

وبغير العقوبة، وقد تكون بتخفيف العقوبة أو تأجيلها أو إسقاطها إذا وجدت موجبات التخفيف أو الإسقاط، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقتل المنافقين مع علمه بأعيانهم لما يترتب على ذلك من المفسدة

وقال: 'لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه'، وترك تأديب أو تعنيف الأعرابي الذي بال في المسجد تقديرًا لظروف بداوته وجهله، ونهى عن قطع الأيدي أو إقامة الحد في الغزو تأخيرًا للحد لمصلحة راجحة؛ إما لحاجة المسلمين إليه، أو خوف اللحاق بالمشركين'.

وأيضًا فإن عهد أبي بكر لعمر بالخلافة، وكذلك جعلها عمر شورى في ستة من الصحابة، وعمل عمر الديوان، وجمع عثمان للمصحف الإمام وتحريق ما عداه ليس من العقوبة في شيء.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 04:48   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ـ السياسة الشرعية:

تنقسم السياسة بحسب مصدرها على قسمين كبيرين: سياسة دينية، وسياسة عقلية،

وقد بين ذلك ابن خًُلدون عندما تحدث عن وجوب وجود قوانين سياسية مفروضة في الدولة يسلم بها الكافة، فقال: 'فإذا كانت هذه القوانين مفروضة من العقلاء وأكابر الدولة وبصرائها كانت سياسة عقلية، وإن كانت مفروضة من الله بشارع يقررها ويشرعها كانت سياسة دينية'.

وانطلاقًا من تقسيم ابن خُلدون للسياسة؛ فإنه بين أنواع النظم السياسية القائمة عليه، فيقول: 'الملك السياسي: هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار

والخلافة هي حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها'.

وابن خلدون رحمه الله في حديثه عن القوانين السياسية يبرز الجانب الكلي أو المعياري لها بوصفها تشريعات ضابطة أو حاكمة، وحديثه في هذا المجال يقترب من الحديث عن 'الأحكام السلطانية'.

ومن هنا ومما تقدم يتبين أن للسياسة جانبين: أحدهما معياري كلي 'تأصيلي'، والآخر عملي تطبيقي، والسياسة الشرعية ما كانت مراعية للشرع في الجانبي، تلتزم به وتتقيد، ولا تخرج عنه.

والذي يظهر لي أن عبارة 'السياسة الشرعية' لم تكن مقيدة أولاً بقيد 'الشرعية'؛ انطلاقًا من أن السياسة هي الإصلاح، ولا إصلاح حقيقيًا إلا بالشرع

فكان إطلاق لفظ 'السياسة' بدون قيد كافيًا في إفادة المطلوب من عبارة 'السياسة الشرعية'

ثم مع ضعف العلم وعدم الفقه الجيد لسياسة الرسول صلى الله عليه وسلم عند الولاة وعند من تقلد لهم القضاء؛ صارت 'السياسة' تخالف الشرع

فاحتيج إلى تقييد السياسة بالشرعية لإخراج تلك السياسة الظالمة من حد القبول

وتسمى السياسة الشرعية أحيانًا بالسياسة العادلة.

وقد تحدث شيخ الإسلام عن هذا التغيير الحاصل في السياسة وبَيَّن سببه، فقال: 'لما صارت الخلافة في ولد العباس، واحتاجوا إلى سياسة الناس وتقلد لهم القضاء من تقلده من فقهاء العراق

ولم يكن ما معهم من العلم كافيًا في السياسة العادلة؛ احتاجوا حينئذ إلى وضع ولاية المظالم، وجعلوا ولاية حرب غير ولاية شرع، وتعاظم الأمر في كثير من أمصار المسلمين حتى صار يقال: الشرع والسياسة ...

والسبب في ذلك أن الذين انتسبوا إلى الشرع قصروا في معرفة السنة، فصارت أمور كثيرة إذا حكموا ضيعوا الحقوق

وعطلوا الحدود، حتى تسفك الدماء، وتؤخذ الأموال وتستباح المحرمات، والذين انتسبوا إلى السياسة صاروا يسوسون بنوع من الرأي من غير اعتصام بالكتاب والسنة'.

ويقول ابن القيم رحمه الله: 'ومن له ذوق في الشريعة، وإطلاع على كمالاتها، وتضمنها لغاية مصالح العباد في المعاش والمعاد ومجيئها بغاية العدل الذي يسع الخلائق، وأنه لا عدل فوق عدلها

ولا مصلحة فوق ما تضمنته من المصالح، تبين له أن السياسة العادلة جزء من أجزائها وفرع من فروعها، وأن من له معرفة بمقاصدها ووضعها، وحسن فهمه فيها؛ لم يحتج معها إلى سياسة غيرها البتة، فإن السياسة نوعان: سياسة ظالمة فالشريعة تحرمها، وسياسة عادلة تخرج الحق من الظالم الفاجر

فهي من الشرعية، علمها من علمها وجهلها من جهلها'، إلى أن يقول: 'فلا يقال: إن السياسة العادلة مخالفة لما نطق به الشرع، بل هي موافقة لما جاء به

بل هي جزء من أجزائه، ونحن نسميها سياسة تبعًا لمصطلحهم، وإنما هي عدل الله ورسوله'.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 04:54   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ـ الفقه في السياسة الشرعية:

تواجه السياسة الشرعية نوعين من المسائل:

أحدهما: جاءت فيه نصوص شرعية.

والثاني: لم تأت فيه نصوص بخصوصه.


والفقه في النوع الأول يكون عن طريق:

1ـ فهم النصوص الشرعية فهمًا جيدًا، ومعرفة ما دلت عليه، والتنبه للشروط الواجب توافرها في تطبيق الحكم والموانع التي تمنع من تنفيذه، ثم يلي ذلك تطبيق الحكم وتنفيذه.

2ـ التمييز بين النصوص التي جاءت تشريعًا عامًا يشمل الزمان كله، والمكان كله ـ وهذا هو الأصل في مجيء النصوص ـ، وبين النصوص التي جاءت الأحكام فيها معللة بعلة، أو مقيدة بصفة

أو التي راعت عرفًا موجودًا زمن التشريع، أو نحو ذلك.

والأول يسميه ابن القيم: 'الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة'، بينما يسمي الثاني: 'السياسات الجزئية التابعة للمصالح فتتقيد بها زمانًا ومكانًا'.


ومن مسائل هذه السياسات 'النوع الثاني

' منع عمر بن الخطاب رضي الله عنه سهم المؤلفة قلوبهم عن قوم كان يعطيهم إياه

وذلك لزوال تلك الصفة عنهم، فإنما كانوا يعطون لاتصافهم بهذه الصفة لا لأعيانهم، فلما زالت الصفة منع السهم عنهم، وليس في هذا تغيير للحكم وإنما هو إعمال له، وهو من باب السياسة الشرعية،

وكذلك أمر عثمان رضي الله عنه بإمساك ضوال الإبل مع أن المنع من إمساكها مستفاد من سؤال أحد الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن إمساك الإبل فقال: 'ما لك ولها، معها حذاؤها وسقاؤها ـ ترد الماء وتأكل من الشجر

حتى يلقاها ربها'، ومع النظرة الثاقبة في الحديث يتبين دقة فهم عثمان رضي الله عنه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قد ظهر من كلامه أنه يفتي عن حالة آمنة تأكل فيها الإبل من الشجر وتشرب من الماء

من غير أن يلحقها ضرر حتى يجدها صاحبها، فأما إذا تغير حال الناس ووجد منهم من يأخذ الضالة، صار هذا الحال غير متحقق

فإنها إذا تركت في هذه الحالة لن يجدها صاحبها، ومن هنا أمر بإمساكها وكذلك نقول: لو أن حالة الناس من حيث الأمانة لم تتغير، وإنما كان الناس يعيشون بجوار أرض مسبعة

وكان في تركها هلاك لها حتى يأكلها السبع؛ لكان الأمر بإمساكها هو المتعين حفظًا لأموال المسلمين، وهذا من السياسة الشرعية، والأمثلة في ذلك كثيرة.

والنوع الثاني من المسائل: وهو ما لم تأت فيه نصوص بخصوصه، فإن الفقه فيه يكون عن طريق الاجتهاد الذي تكون غايته تحقيق المصالح ودرء المفاسد

والاجتهاد هنا ليس لمجرد تحصيل ما يتوهم أنه مصلحة أو درء ما يتوهم أنه مفسدة، بل هو اجتهاد منضبط بضوابط الاجتهاد الصحيح


وذلك من خلال:

1ـ أن يجري ذلك الاجتهاد في تحقيق المصالح ودرء المفاسد في ضوء مقاصد الشريعة تحقيقًا لها وإبقاء عليها، والاجتهاد الذي يعود على المقاصد الشرعية أو بعضها بالإبطال هو اجتهاد فاسد مردود

وإن ظهر أنه يحقق مصلحة، أو يدرأ مفسدة.

2ـ عدم مخالفته لدليل من أدلة الشرع التفصيلية، إذ لا مصلحة حقيقية ـ وإن ظهرت ببادي الرأي ـ في مخالفة الأدلة الشرعية.

والنوعان الأول والثاني من المسائل قد تحتاج كل منهما

وخاصة في هذا العصر

لضمان حسن تطبيقه وتنفيذه إلى إنشاء هيئات أو مؤسسات تكون مسؤولة عن التطبيق والتنفيذ

وإنشاء هذه الهيئات أو المؤسسات في ظل موافقة مقاصد الشريعة وعدم مخالفتها لنصوصها التفصيلية

هو من السياسة الشرعية.

والاجتهاد في مسائل السياسة الشرعية قد يؤدي إلى 'استنباط أحكام اجتهادية جديدة تبعًا لتغيير الأزمان مراعاة لمصالح الناس والعباد

أو نفي أحكام اجتهادية سابقة إذا ما أصبحت غير محصلة لمصلحة أو مؤدية لضرر أو فساد

أو غير مسايرة لتطور الأزمان والأحوال والأعراف

أو كانت الأحكام الاجتهادية الجديدة أكثر تحقيقًا للمصالح ودفعًا للمفاسد.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 04:58   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ـ السياسة الشرعية والنظم السياسية:

مما تقدم يتبين أن موضوعات السياسة الشرعية كثيرة

وأن أحد موضوعاتها هو التشريعات السياسية التي تسير بمقتضاها الدولة أو بالتعبير القديم 'الأحكام السلطانية'

أو بالتعبير المعاصر 'النظام السياسي'

فإن البحث في النظام السياسي الإسلامي وتطبيقه في الواقع والاجتهاد في تكوين مؤسساته

ووضع النظم واللوائح المنظمة لذلك؛ هو مما يدخل في السياسة الشرعية

ولمكانة هذا الموضوع من السياسة الشرعية؛ فإن بعض أهل العلم المعاصرين قد عرف السياسة الشرعية به فقال: 'فالسياسة الشرعية هي تدبير الشؤون العامة للدولة الإسلامية بما يكفل تحقيق المصالح ودفع المضار؛ مما لا يتعدى حدود الشريعة وأصولها الكلية

والمراد بالشؤون العامة للدولة كل ما تتطلبه حياتها من نظم، سواء أكانت 'دستورية'

أم مالية أم 'تشريعية' أم قضائية أم تنفيذية، وسواء أكانت من شؤونها الداخلية أم علاقاتها الخارجية

فتدبير هذه الشؤون، ووضع قواعدها بما يتفق وأصول الشرع هو السياسة الشرعية'

وعلم السياسة الشرعية على ذلك هو 'علم يبحث فيه عما تدبر به شؤون الدولة الإسلامية من القوانين والنظم التي تتفق وأصول الإسلام

وإن لم يقم على كل تدبير دليل خاص'. ولا شك أن هذا من السياسة الشرعية لكنه جزء من أجزائها كما تقدم

ويدخل في ذلك الرد على الشبه التي تثار حول السياسة الشرعية

وعليه فإن التعرض للنظم المناقضة للنظم الإسلامية وبيان فسادها وبطلانها يدخل في علم السياسة الشرعية.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-09, 05:02   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

ـ متطلبات النظر في السياسة الشرعية:

نظرًا لطبيعة السياسة الشرعية على الوجه المتقدم بيانه

فإنه يلزم الناظر فيها والمتفقه أمور منها:

ـ المعرفة التامة بأن الشريعة تضمن غاية مصالح العباد في المعاش والمعاد

وأنها كاملة في هذا الباب صورة ومعنى؛ بحيث لا تحتاج إلى غيرها

فإن الله تعالى قد أكمل الدين وقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3]

ومنها الاطلاع الواسع على نصوص الشريعة مع الفهم لها ولما دلت عليه من السياسة الإلهية أو النبوية

ومنها المعرفة الواسعة الدقيقة بمقاصد الشريعة

وأن مبناها على تحصيل المصالح الأخروية والدنيوية ودرء المفاسد

ومنها التفرقة بين الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة

والسياسات الجزئية التابعة للمصالح التي تتقيد بها زمانًا ومكانًا

ومنها المعرفة بالواقع والخبرة فيه

وفهم دقائقه

والقدرة على الربط بين الواقع وبين الأدلة الشرعية

ومنها دراسة السياسة الشرعية للخلفاء الراشدين والفقه فيها

ومنها معرفة أن الاجتهاد في باب السياسة الشرعية ليس بمجرد ما يتصور أنه مصلحة وإنما يلزم التقيد في ذلك بالمصالح المعتبرة شرعًا

ومنها رحمة الناظرين في هذا الباب بعضهم بعضًا عند الاختلاف في مواطن الاجتهاد


محمد بن شاكر الشريف


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 04:27   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




حكم الديمقراطية والانتخابات والعمل في أنظمتها


السؤال

ما حكم الديمقراطية

شغل منصب بارز في البرلمان

أو شغل منزلة أخرى في حكومة ديمقراطية ؟

وما حكم الاقتراع وانتخاب شخص بطريقة ديمقراطية ؟


الجواب

الحمد لله


أولاً:

الديمقراطية نظام أرضي ، يعني حكم الشعب للشعب ، وهو بذلك مخالف للإسلام ، فالحكم لله العلي الكبير

ولا يجوز أن يُعطى حق التشريع لأحدٍ من البشر كائناً من كان .

وقد جاء في " موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة " ( 2 / 1066 ، 1067 ) :

"ولا شك في أن النظم الديمقراطية أحد صور الشرك الحديثة ، في الطاعة ، والانقياد ، أو في التشريع ، حيث تُلغى سيادة الخالق سبحانه وتعالى ، وحقه في التشريع المطلق ، وتجعلها من حقوق المخلوقين

والله تعالى يقول : ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف/ 40

ويقول تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) الأنعام/ 57" انتهى .

وسبق تفصيل ذلك في جواب السؤال القادم

ثانياً:

من علم حال النظام الديمقراطي وحكمه ثم رشح نفسه أو رشح غيره مقرّاً لهذا النظام ، عاملاً به ، فهو على خطر عظيم ، إذ النظام الديمقراطي منافٍ للإسلام كما سبق .

وأما من رشح نفسه أو رشح غيره في ظل هذا النظام ، حتى يدخل ذلك المجلس وينكر على أهله ، ويقيم الحجة عليهم ، ويقلل من الشر والفساد بقدر ما يستطيع ، وحتى لا يخلو الجو لأهل الفساد والإلحاد يعيثون في الأرض فساداً

ويفسدون دنيا الناس ودينهم ، فهذا محل اجتهاد ، حسب المصلحة المتوقعة من ذلك .

بل يرى بعض العلماء أن الدخول في هذه الانتخابات واجب .

فقد سئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله

عن حكم الانتخابات

فأجاب : "أنا أرى أن الانتخابات واجبة ، يجب أن نعين من نرى أن فيه خيراً ، لأنه إذا تقاعس أهل الخير ، مَنْ يحل محلهم ؟

سيحل محلهم أهل الشر ، أو الناس السلبيون الذين ما عندهم خير ولا شر ، أتباع كل ناعق ، فلابد أن نختار من نراه صالحاً .

فإذا قال قائل : اخترنا واحداً لكن أغلب المجلس على خلاف ذلك .

قلنا : لا مانع ، هذا الواحد إذا جعل الله فيه البركة وألقى كلمة الحق في هذا المجلس سيكون لها تأثير ولا بد ، لكن الذي ينقصنا الصدق مع الله ، نعتمد على الأمور المادية الحسية ولا ننظر إلى كلمة الله عز وجل ....

فَرَشِّحْ مَنْ ترى أنه خير ، وتوكل على الله " انتهى باختصار.

من "لقاءات الباب المفتوح".

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"هل يجوز التصويت في الانتخابات والترشيح لها ؟ مع العلم أن بلادنا تحكم بغير ما أنزل الله؟

فأجابوا :

"لا يجوز للمسلم أن يرشح نفسه رجاء أن ينتظم في سلك حكومة تحكم بغير ما أنزل الله ، وتعمل بغير شريعة الإسلام

فلا يجوز لمسلم أن ينتخبه أو غيره ممن يعملون في هذه الحكومة إلا إذا كان من رشح نفسه من المسلمين ومن ينتخبون يرجون بالدخول في ذلك أن يصلوا بذلك إلى تحويل الحكم إلى العمل بشريعة الإسلام

واتخذوا ذلك وسيلة إلى التغلب على نظام الحكم ، على ألا يعمل من رشح نفسه بعد تمام الدخول إلا في مناصب لا تتنافى مع الشريعة الإسلامية".

الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ عبد الله بن قعود" .

انتهى من" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 23 / 406 ، 407 ) .

وسئلوا ـ أيضاً ـ :

"كما تعلمون عندنا في الجزائر ما يسمى بـ : "الانتخابات التشريعية"

هناك أحزاب تدعو إلى الحكم الإسلامي ، وهناك أخرى لا تريد الحكم الإسلامي . فما حكم الناخب على غير
الحكم الإسلامي مع أنه يصلي ؟

فأجابوا:

"يجب على المسلمين في البلاد التي لا تحكم الشريعة الإسلامية

أن يبذلوا جهدهم وما يستطيعونه في الحكم بالشريعة الإسلامية

وأن يقوموا بالتكاتف يدا واحدة في مساعدة الحزب الذي يعرف منه أنه سيحكم بالشريعة الإسلامية

وأما مساعدة من ينادي بعدم تطبيق الشريعة الإسلامية فهذا لا يجوز

بل يؤدي بصاحبه إلى الكفر

لقوله تعالى : (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) المائدة/49-50

ولذلك لما بَيَّن اللهُ كفر من لم يحكم بالشريعة الإسلامية

حذر من مساعدتهم أو اتخاذهم أولياء ، وأمر المؤمنين بالتقوى إن كانوا مؤمنين حقا

فقال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) المائدة/57 .

وبالله التوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ".

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان" .

انتهى من"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/373) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 04:38   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مفهوم الديمقراطية في الإسلام

السؤال


سمعت أن كلمة الديمقراطية مستقاة من الإسلام

فهل هذا صحيح ؟

وما حكم الترويج للديمقراطية ؟

الجواب

الحمد لله

أولاً:

الديمقراطية ليست كلمة عربية ، بل هي مشتقة من اليونانية

وهي مجموعة من كلمتين : الأولى : Demos ( ديموس )

وتعني : عامة الناس ، أو الشعب

والثانية : Kratia ( كراتيا )

وتعني : حكم ، فيصبح معناها : حكم عامة الناس ، أو : حكم الشعب .

ثانياً:

الديمقراطية نظام مخالف للإسلام ؛ حيث يجعل سلطة التشريع للشعب ، أو من ينوب عنهم (كأعضاء البرلمان)

وعليه : فيكون الحكم فيه لغير الله تعالى ، بل للشعب ، ونوابه ، والعبرة ليست بإجماعهم ، بل بالأكثرية ، ويصبح اتفاق الأغلبية قوانين ملزمة للأمة ، ولو كانت مخالفة للفطرة

والدين ، والعقل ، ففي هذه النظم تم تشريع الإجهاض ، وزواج المثليين ، والفوائد الربوية ، وإلغاء الأحكام الشرعية ، وإباحة الزنا وشرب الخمر ، بل بهذا النظام يحارب الإسلام ويحارب المتمسكين به .

وقد أخبر الله تعالى فيه كتابه أن الحكم له وحده ، وأنه أحكم الحاكمين ، ونهى أن يُشرك به أحد في حكمه ، وأخبر أن لا أحد أحسن منه حكماً .

قال الله تعالى : ( فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) غافر/12

وقال الله تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) يوسف/40

وقال الله تعالى : (أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ) التين/8 ، وقال تعالى : ( قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ) الكهف/26

وقال الله تعالى : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ) المائدة/50 .

والله عز وجل هو خالق الخلق ، وهو يعلم ما يَصلح لهم وما يُصلحهم من أحكام ، والبشر يتفاوتون في العقول والأخلاق والعادات ، وهم يجهلون ما يصلح لهم فضلا أن يكونوا على علم بما يَصلح لغيرهم

ولذا فإن المجتمعات التي حكمها الشعب في التشريعات والقوانين لم يُر فيها إلا الفساد ، وانحلال الأخلاق ، وتفسخ المجتمعات .

مع التنبيه على أن هذا النظام تحول في كثير من الدول إلى صورة لا حقيقة لها ، ومجرد شعارات يُخدع بها الناس ، وإنما الحاكم الفعلي هو رأس الدولة وأعدائه ، والشعب مقهور مغلوب على أمره .

ولا أدل على ذلك من أن هذه الديمقراطية إذا أتت بما لا يهواه الحكام داسوها بأقدامهم ، ووقائعُ تزوير الانتخابات وكبت الحريات وتكميم أفواه من يتكلمون بالحق : حقائقُ يعلمها الجميع ، لا تحتاج إلى استدلال .

وليس يصلح في الأذهان شيء إذا احتاج النهار إلى دليل

جاء في " موسوعة الأديان والمذاهب المعاصرة " ( 2 / 1066 ) :

"ديمقراطية نيابية :

أحد مظاهر النظم الديمقراطية التي يمارس فيها الشعب مظاهر السيادة بواسطة مجلس منتخب من نواب من الشعب

وفيها يحتفظ الشعب بحق التدخل المباشر لممارسة بعض مظاهر السيادة عن طريق وسائل مختلفة

أهمها :

1. حق الاقتراع الشعبي : بأن يقوم عدد من أفراد الشعب بوضع مشروع للقانون مجملاً أو مفصَّلاً ، ثم يناقشه المجلس النيابي ويصوِّت عليه .

2. حق الاستفتاء الشعبي : بأن يُعرض القانون بعد إقرار البرلمان له على الشعب ليقول كلمته فيه .

3. حق الاعتراض الشعبي : وهو حق لعدد من الناخبين يحدده الدستور للاعتراض في خلال مدة معينة من صدوره

ويترتب على ذلك عرضه على الشعب في استفتاء عام ، فإن وافق عليه نُفِّذ… وإلا بطل ، وبه تأخذ معظم الدساتير المعاصرة .

ولا شك في أن النظم الديمقراطية أحد صور الشرك الحديثة في الطاعة والانقياد أو في التشريع

حيث تُلغى سيادة الخالق سبحانه وتعالى وحقه في التشريع المطلق

وتجعلها من حقوق المخلوقين

والله تعالى يقول : ( مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) يوسف/40

ويقول الله تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ) الأنعام/57 " انتهى .

ثالثاً :

يظن كثير من الناس ، أن لفظ " الديمقراطية " يعني : الحرية ! وهذا ظن فاسد

وإن كانت الحرية هي إحدى إفرازات " الديمقراطية "

ونعني بالحرية هنا : حرية الاعتقاد ، وحرية التفسخ في الأخلاق ، وحرية إبداء الرأي ، وهذه أيضا لها مفاسد كثيرة على المجتمعات الإسلامية

حتى وصل الأمر إلى الطعن في الرسل والرسالات ، وفي القرآن والصحابة ، بحجة " حرية الرأي " ، وسُمح بالتبرج والسفور ونشر الصور والأفلام الهابطة بحجة الحرية

وهكذا في سلسلة طويلة ، كلها تساهم في إفساد الأمة ، خلقيّاً ، ودينيّاً.

وحتى تلك الحرية التي تنادي بها الدول من خلال نظام الديمقراطية ليست على إطلاقها ، فنرى الهوى والمصلحة في تقييد تلك الحريات

ففي الوقت الذي تسمح نظمهم بالطعن في الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن

بحجة حرية الرأي : نجد منع هذه الحرية في مثل الكلام عن " محرقة النازيين لليهود " ! بل يتم تجريم وسجن من ينكر هذه المحرقة ، مع أنها قضية تاريخية قابلة للإنكار .

وإذا كان هؤلاء دعاة حرية : فلماذا لم يتركوا الشعوب الإسلامية تختار مصيرها ودينها ؟!

ولماذا قاموا باستعمار بلدانهم وساهموا في تغيير دينهم ومعتقدهم ؟

وأين هذه الحريات من مذابح الإيطاليين للشعب الليبي ، ومن مذابح الفرنسيين للشعب الجزائري ، ومن مذابح البريطانيين للشعب المصري ، ومن مذابح الأمريكان للشعبين الأفغاني والعراقي ؟!

والحرية عند أدعيائها يمكن أن تصطدم بأشياء تقيدها ، ومنها :

1. القانون ، فليس للإنسان مطلق الحرية أن يسير في عكس اتجاه السير في الشارع ، ولا أن يفتح محلا من غير ترخيص ، ولو قال " أنا حر " لم يلتفت له أحد .

2. العرف ، فلا تستطيع امرأة عندهم – مثلاً – أن تذهب لبيت عزاء وهي تلبس ملابس البحر ! ولو قالت " أنا حرَّة " لاحتقرها الناس ، ولطردوها ؛ لأن هذا مخالف للعرف .

3. الذوق العام ، فلا يستطيع أحد منهم – مثلاً – أن يأكل ويخرج ريحاً أمام الناس ! بل ولا أن يتجشأ ! ويحتقره الناس ولو قال إنه حر .

ونقول بعد هذا :

لماذا لا يكون لديننا أن يقيِّد حرياتنا ، مثل ما قُيدت حرياتهم بأشياء لا يستطيعون إنكارها ؟!

ولا شك أن ما جاء به الدين هو الذي فيه الخير والصلاح للناس ، فأن تمنع المرأة من التبرج ، وأن يمنع الناس من شرب الخمر ، وأكل الخنزير ، وغير ذلك : كله لهم فيه مصالح ، لأبدانهم

وعقولهم ، وحياتهم ، ولكنهم يرفضون ما يقيِّد حرياتهم إن جاء الأمر من الدين ، ويقولون " سمعنا وأطعنا " إن جاءهم الأمر من بشرٍ مثلهم ، أو من قانون !

رابعاً :

ويظن بعض الناس أن لفظ " الديمقراطية " يعادل " الشورى " في الإسلام ! وهذا ظن فاسد من وجوه كثيرة

منها :

1. أن الشورى تكون في الأمور المستحدثة ، أو النازلة ، وفي الشؤون التي لا يفصل فيها نص من القرآن أو السنَّة

وأما " حكم الشعب " فهو يناقش قطعيات الدين ، فيرفض تحريم الحرام ، ويحرِّم ما أباحه الله أو أوجبه

فالخمور أبيح بيعها بتلك القوانين ، والزنا والربا كذلك ، وضيِّق على المؤسسات الإسلامية وعلى عمل الدعاة إلى الله بتلك القوانين ، وهذا فيه مضادة للشريعة

وأين هذا من الشورى ؟!

2. مجلس الشورى يتكون من أناسٍ على درجة من الفقه والعلم والفهم والوعي والأخلاق ، فلا يُشاور مفسد ولا أحمق ، فضلاً عن كافر أو ملحد

وأما مجالس النيابة الديمقراطية : فإنه لا اعتبار لكل ما سبق ، فقد يتولى النيابة كافر ، أو مفسد ، أو أحمق

وأين هذا من الشورى في الإسلام ؟! .

3. الشورى غير ملزمة للحاكم ، فقد يقدِّم الحاكم رأي واحدٍ من المجلس قويت حجته ، ورأى سداد رأيه على باقي رأي أهل المجلس ، بينما في الديمقراطية النيابية يصبح اتفاق الأغلبية قانوناً ملزماً للناس .

إذا عُلم هذا فالواجب على المسلمين الاعتزاز بدينهم ، والثقة بأحكام ربهم أنها تُصلح لهم دنياهم وأخراهم ، والتبرؤ من النظم التي تخالف شرع الله .

وعلى جميع المسلمين – حكَّاماً ومحكومين – أن يلتزموا بشرع الله تعالى في جميع شؤونهم ، ولا يحل لأحدٍ أن يتبنى نظاماً أو منهجاً غير الإسلام

ومن مقتضى رضاهم بالله ربّاً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً ورسولاً أن يلتزم المسلمون بالإسلام ظاهراً وباطناً ، وأن يعظموا شرع الله ، وأن يتبعوا سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم
.
نسأل الله أن يعزنا بالإسلام ، وأن يرد كيد الخائنين .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 04:45   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

موارد بيت المال في الدولة الإسلامية

السؤال :

إذا كانت الزكاة لا تُصرف إلا في الثماني أوجه المذكورة في الآية

فمِن أين ستأتي الدولة بالنقود لخلاص موظفيها ، وبناء الطرقات ، والمستشفيات ، والمدارس ، والجامعات ، وإلى غير ذلك مما يجب على الدولة القيام به ؟ .


الجواب:

الحمد لله

أولاً :

مصارف الزكاة محددة فيما ذكره الله تعالى بقوله : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) التوبة/ 60

ثانياً :

أما بخصوص موارد بيت مال المسلمين : فهي كثيرة ، ومتنوعة ، في القديم ، والحديث .

جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 8 / 245 – 248 ) :

"مَوَارِدُ بَيْتِ الْمَال :

أ. الزكاة بأنواعها ، التي يأخذها الإمام سواء أكانت زكاة أموال ظاهرة ، أم باطنة ، من السوائم ، والزروع ، والنقود ، والعروض .- .

ب. خُمس الغنائم المنقولة ، والغنيمة : هي كل مال أُخذ من الكفار بالقتال ، ما عدا الأراضي والعقارات ، فيورد خُمسها لبيت المال ، ليصرف في مصارفه

قال الله تعالى : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .... ) الآية .

ج. خُمس الخارج من الأرض من المعادن ، من الذهب ، والفضة ، والحديد ، وغيرها ، وقيل : مثلها المستخرج من البحر من لؤلؤ ، وعنبر ، وسواهما .

د. خُمس الركاز (الكنوز) ، وهو كل مال دُفن في الأرض بفعل الإنسان ، والمراد هنا : كنوز أهل الجاهلية ، والكفر ، إذا وجده مسلم : فخُمسه لبيت المال ، وباقيه بعد الخُمس لواجده .

هـ. الفيء : وهو كل مال منقول أُخذ من الكفار بغير قتال ، وبلا إيجاف خيل ولا ركاب .

والفيء أنواع :

1. ما جلا عنه الكفار خوفاً من المسلمين من الأراضي ، والعقارات ، وهي تُوقف كالأراضي المغنومة بالقتال ، وتُقسم غلاتها كل سنَة ، نصَّ عليه الشافعية ، وفي ذلك خلاف .

2. ما تركوه وجلُوا عنه من المنقولات ، وهو يُقسم في الحال ، ولا يوقف .

3. ما أُخذ مِن الكفار من خَراج ، أو أجرة عن الأراضي التي ملكها المسلمون ، ودفعت بالإجارة لمسلم ، أو ذمي ، أو عن الأراضي التي أُقرت بأيدي أصحابها من أهل الذمَّة ، صلحاً

أو عنوة على أنها لهم ، ولنا عليها الخراج .

4. الجزية ، وهي : ما يُضرب على رقاب الكفار لإقامتهم في بلاد المسلمين ، فيفرض على كل رأس من الرجال البالغين القادرين مبلغ من المال

أو يضرب على البلد كلها أن تؤدي مبلغاً معلوماً ، ولو أداها من لا تجب عليه : كانت هبةً ، لا جزية .

5. عشور أهل الذمة ، وهي : ضريبة تؤخذ منهم عن أموالهم التي يترددون بها متاجرين إلى دار الحرب ، أو يدخلون بها من دار الحرب إلى دار الإسلام

أو ينتقلون بها من بلد في دار الإسلام إلى بلد آخر ، تؤخذ منهم في السنَة مرَّة ، ما لم يخرجوا من دار الإسلام ، ثم يعودوا إليها .

ومثلها : عشور أهل الحرب من التجار كذلك ، إذا دخلوا بتجارتهم إلينا مستأمنين .

6. ما صولح عليه الحربيون من مال يؤدونه إلى المسلمين .

7. مال المرتد إن قُتل ، أو مات ، ومال الزنديق إن قتل أو مات ، فلا يورث مالهما ، بل هو فيء ، وعند الحنفية في مال المرتد تفصيل .

8. مال الذمي إن مات ولا وارث له ، وما فضل من ماله عن وارثه : فهو فيء كذلك .

9. الأراضي المغنومة بالقتال ، وهي الأراضي الزراعية ، عند من يرى عدم تقسيمها بين الغانمين .

و. غلاَّت أراضي بيت المال ، وأملاكه ، ونتاج المتاجرة ، والمعاملة .

ز. الهبات ، والتبرعات ، والوصايا ، التي تُقدم لبيت المال للجهاد ، أو غيره ، من المصالح العامة
.
ح. الهدايا التي تقدم إلى القضاة ممن لم يكن يُهدي لهم قبل الولاية ، أو كان يُهدي لهم لكن له عند القاضي خصومة ، فإنها إن لم ترد إلى مُهديها ترد إلى بيت المال

لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من " ابن اللتبية " ما أُهدي إليه .

وكذلك الهدايا التي تقدم إلى الإمام من أهل الحرب ، والهدايا التي تقدم إلى عمال الدولة ، وهذا إن لم يعط الآخذ مقابلها من ماله الخاص .

ط. الضرائب الموظفة على الرعية لمصلحتهم ، سواء أكان ذلك للجهاد ، أم لغيره ، ولا تضرب عليهم إلا إذا لم يكن في بيت المال ما يكفي لذلك ، وكان لضرورة ، وإلا كانت مورداً غير شرعي .

ي. الأموال الضائعة ، وهي مال وجد ولم يمكن معرفة صاحبه ، من لُقَطة ، أو وديعة ، أو رهن ، ومنه : ما يوجد مع اللصوص ، ونحوهم مما لا طالب له ، فيورد إلى بيت المال .

ك. مواريث مَن مات مِن المسلمين بلا وارث ، أو له وارث لا يرث كل المال - عند من لا يرى الرد - ومَن قتل وكان بلا وارث : فإن ديته تورد إلى بيت المال ، ويصرف هذا في مصارف الفيء .

وحق بيت المال في هذا النوع هو على سبيل الميراث عند الشافعية والمالكية ، أي : على سبيل العصوبة ، وقال الحنابلة والحنفية : يرد إلى بيت المال فيئاً ، لا إرثاً .

ل. الغرامات ، والمصادرات : وقد ورد في السنَّة تغريم مانع الزكاة بأخذ شطر ماله ، وبهذا يقول إسحاق بن راهويه ، وأبو بكر عبد العزيز ، وورد تغريم مَن أخذ من الثمر المعلَّق وخرج به ضعف قيمته

وبهذا يقول الحنابلة ، وإسحاق بن راهويه : والظاهر أن مثل هذه الغرامات إذا أُخذت : تنفق في المصالح العامة ، فتكون بذلك من حقوق بيت المال .

وورد أن عمر رضي الله عنه صادر شطر أموال بعض الولاة ؛ لمَّا ظهر عليهم الإثراء بسبب أعمالهم ، فيرجع مثل ذلك إلى بيت المال أيضاً" انتهى مختصرا .

ومِن موارد بيت مال المسلمين في العصر الحديث : الموارد الطبيعية المكتشفة في أراضي الدولة , من نفط ، وغاز طبيعي ، ومعادن ... إلخ ، وقلَّ من دولة إلا وفيها مثل هذه الموارد .

ويضاف إلى هذه الموارد أيضاً : ما تأخذه الدولة مقابل ما تقوم به من مشروعات زراعية أو صناعية أو تجارية أو خدمات تقدمها للناس ، كالكهرباء والهاتف والمياه ... إلخ .

وبهذا يتبين أن الموارد المالية لبيت مال المسلمين كثيرة جداً.

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 04:53   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم الخروج على الحكام الذين يقترفون المعاصي والكبائر

السؤال :

هناك من يرى أن اقتراف بعض الحكام للمعاصي والكبائر موجب للخروج عليهم ومحاولة التغيير وإن ترتب عليه ضرر للمسلمين في البلد ، والأحداث التي يعاني منها عالمنا الإسلامي كثيرة ، فما رأي سماحتكم ؟

الجواب:


الحمد لله


أجاب سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ، فقال :

" بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهداه ، أما بعد :

فقد قال الله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) النساء/59

فهذه الآية نص في وجوب طاعة أولي الأمر ، وهم الأمراء والعلماء

وقد جاءت السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين أن هذه الطاعة لازمة

وهي فريضة في المعروف

والنصوص من السنة تبين المعنى

وتقيد إطلاق الآية بأن المراد طاعتهم في المعروف

ويجب على المسلمين طاعة ولاة الأمور في المعروف لا في المعاصي

فإذا أمروا بالمعصية فلا يطاعون في المعصية

لكن لا يجوز الخروج عليهم بأسبابها

لقوله صلى الله عليه وسلم : ( ألا من ولي عليه وال فرآه يأتي شيئاً من معصية الله ، فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يداً من طاعة )

ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية )

وقال صلى الله عليه وسلم : ( على المرء السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة )

وسأله الصحابة رضي الله عنهم - لما ذكر أنه يكون أمراء تعرفون منهم وتنكرون - قالوا : فما تأمرنا ؟

قال : ( أدوا إليهم حقهم وسلوا الله حقكم ) .

قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : ( بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله

وقال : ( إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان )

فهذا يدل على أنه لا يجوز لهم منازعة ولاة الأمور

ولا الخروج عليهم إلا أن يروا كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان

وما ذاك إلا لأن الخروج على ولاة الأمور يسبب فساداً كبيراً ، وشراً عظيماً ، فيختل به الأمن ، وتضيع الحقوق ، ولا يتيسر ردع الظالم ، ولا نصر المظلوم ، وتختل السبل ولا تأمن

فيترتب على الخروج على ولاة الأمور فساد عظيم وشر كثير ، إلا إذا رأى المسلمون كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان

فلا بأس أن يخرجوا على هذا السلطان ؛ لإزالته إذا كان عندهم قدرة ، أما إذا لم يكن عندهم قدرة فلا يخرجوا ، أو كان الخروج يسبب شراً أكثر فليس لهم الخروج ؛ رعاية للمصالح العامة .

والقاعدة الشرعية المجمع عليها

: ( أنه لا يجوز إزالة الشر بما هو أشر منه ، بل يجب درء الشر بما يزيله أو يخففه ، أما درء الشر بشر أكثر فلا يجوز بإجماع المسلمين )

فإذا كانت هذه الطائفة التي تريد إزالة هذا السلطان الذي فعل كفراً بواحاً عندها قدرة تزيله بها ، وتضع إماماً صالحاً طيباً من دون أن يترتب على هذا فساد كبير على المسلمين

وشر أعظم من شر هذا السلطان فلا بأس ، أما إذا كان الخروج يترتب عليه فساد كبير ، واختلال الأمن ، وظلم الناس ، واغتيال من لا يستحق الاغتيال إلى غير ذلك من الفساد العظيم

فهذا لا يجوز ، بل يجب الصبر ، والسمع والطاعة في المعروف ، ومناصحة ولاة الأمور ، والدعوة لهم بالخير ، والاجتهاد في تخفيف الشر وتقليله وتكثير الخير . و هذا هو الطريق السوي الذي يجب أن يسلك

لأن في ذلك مصالح للمسلمين عامة ، ولأن في ذلك تقليل الشر وتكثير الخير ، ولأن في ذلك حفظ الأمن وسلامة المسلمين من شر أكثر ، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية " انتهى .

"مجموع فتاوى ابن باز" (8/202-204) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-11, 04:57   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

لمن تكون البيعة

السؤال :

هل يجب على كل مسلم أن يبايع شخصاً بيده كما فعل الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين ؟.

الجواب:

الحمد لله

البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين . يبايعه أهل الحل والعقد ، وهم العلماء والفضلاء ووجوه الناس ، فإذا بايعوه ثبتت ولايته

ولا يجب على عامة الناس أن يبايعوه بأنفسهم ، وإنما الواجب عليهم أن يلتزموا طاعته في غير معصية الله تعالى .

قَالَ الْمَازِرِيّ :

يَكْفِي فِي بَيْعَةِ الإِمَامِ أَنْ يَقَع مِنْ أَهْل الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَلا يَجِب الاسْتِيعَاب , وَلا يَلْزَم كُلّ أَحَدٍ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَهُ وَيَضَع يَدَهُ فِي يَدِهِ , بَلْ يَكْفِي اِلْتِزَامُ طَاعَتِهِ وَالانْقِيَادُ لَهُ بِأَنْ لا يُخَالِفَهُ وَلا يَشُقَّ الْعَصَا عَلَيْهِ انتهى نقلاً من فتح الباري .

وقال النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم :

أَمَّا الْبَيْعَة : فَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَط لِصِحَّتِهَا مُبَايَعَة كُلّ النَّاس , وَلا كُلّ أَهْل الْحَلّ وَالْعِقْد , وَإِنَّمَا يُشْتَرَط مُبَايَعَة مَنْ تَيَسَّرَ إِجْمَاعهمْ مِنْ الْعُلَمَاء وَالرُّؤَسَاء وَوُجُوه النَّاس , .

. . وَلا يَجِب عَلَى كُلّ وَاحِد أَنْ يَأْتِيَ إِلَى الأَمَام فَيَضَع يَده فِي يَده وَيُبَايِعهُ , وَإِنَّمَا يَلْزَمهُ الانْقِيَادُ لَهُ , وَأَلا يُظْهِر خِلافًا , وَلا يَشُقّ الْعَصَا انتهى.

وما ورد في الأحاديث من ذكر البيعة فالمراد بيعة الإمام ، كقوله صلى الله عليه وسلم :(ومن مات وليس في عنقه بيعة مات مِيتة جاهلية)رواه مسلم (1851).

وقوله صلى الله عليه وسلم :( ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر)رواه مسلم (1844).

وقوله صلى الله عليه وسلم : (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما) رواه مسلم (1853).

فهذا كله في بيعة الإمام ولا شك.

قال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله

في جواب عن بيعة الجماعات المتعددة : " البيعة لا تكون إلا لولي أمر المسلمين ، وهذه البيعات المتعددة مبتدعة

وهي من إفرازات الاختلاف ، والواجب على المسلمين الذين هم في بلد واحد وفي مملكة واحدة أن تكون بيعتهم واحدة لإمام واحد ، ولا يجوز المبايعات المتعددة "

المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان 1/367

وأما ما يتعلق بصفة البيعة للإمام ، فإنها تكون في حق الرجال بالقول وبالفعل الذي هو المصافحة .

وتقتصر في حق النساء على القول ، وهذا ثابت في أحاديث مبايعة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .

ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها : " لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ، غير أنه يبايعهن بالكلام" ( رواه البخاري 5288 ومسلم 1866).

قال النووي رحمه الله في شرحه :

" فيه أن بيعة النساء بالكلام من غير أخذ كف . وفيه أن بيعة الرجال بأخذ الكف مع الكلام " انتهى.

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-13, 17:24   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



تعريف الإرهاب ، وحقيقته في الإسلام ، وعند الغرب

السؤال

سمعنا كثيراً عن الإرهاب ، فما هو الإرهاب في نظر المسلم ؟

وما هو الإرهاب لدى الغرب ؟

وكيف نرد عليهم إن اختلفنا معهم ؟


الجواب


الحمد لله

أولاً:

" الإرهاب " مصدر ، أرهبَ ، يُرْهِب ، إرهاباً

وهي لفظة تعني : التخويف

وهي في ذاتها ليست محمودة ، ولا مذمومة

إلا أن يُعلم معناها عند قائلها

وإلا أن ينظر في آثارها

ومن قال إن الإرهاب في الإسلام هو رديف القتل : فهو مخطئ

لأن اللفظة لا تساعد على هذا المعنى

فالإرهاب هو التخويف وليس القتل

وقد أمرَنا ربنا تعالى أن نَرْهَبه ، أي : نَخافه

كما في قوله تعالى : ( وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ) البقرة/40

كما أمرنا بالاستعداد للعدو الذي يتوقع منه الكيد والحرب

وهذا الاستعداد هو لإرهابه حتى لا نكون لقمة سائغة له

وقد جاء ذلك موضحاً في قوله تعالى : ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ) الأنفال/ من الآية 60 .

وقد أطلقت الدول المستعمرة الآثمة هذه اللفظة على الإسلام ، وأرادت تشويه صورته في نظر عامة الناس ، فأقيمت لذلك المؤتمرات ، وعقدت الندوات

وأنشئت الأقسام باسم مكافحة الإرهاب ، ولم يكن في ذلك كله تعرض لتلك الدول المستعمرة المجرمة ، الجاثمة على صدور الضعفاء من المسلمين

كالهندوس في إرهابهم المسلمين في كشمير ، والروس في إرهابهم للمسلمين في الشيشان ، والأمريكان في إرهابهم للمسلمين في العراق وأفغانستان

واليهود في إرهابهم للمسلمين في فلسطين ، وراح السذَّج من المسلمين يطلقون هذا اللفظ على كل من يحلو لهم محاربته

وتنفير الناس منه ، وقد يكونون مصيبين في الحكم على طائفة منهم ، أو مجموعة ، لكن ما بال تلك الدول الإرهابية ، وتلك المنظمات العنصرية المجرمة قد نجت من الوصف بهذا اللفظ ، وجُعل حكراً على المسلمين ؟! .

وتشريعات الإسلام الربانية فيها ما يحافظ على عرض المسلم ، ودمه ، وماله ، ومن أجل ذلك كان تحريم القتل

والسرقة ، والزنا ، والقذف ، وجعلت الحدود المغلظة على من ارتكب تلك المحرمات ، وقد يصل الأمر للقتل – كالزاني المحصن – حفاظاً على أعراض الناس .

وقد جاءت العقوبة مغلظة لمن أرهب الناس وأخافهم ، مثل عصابات قطَّاع الطرق ، ومن يفعل مثل فعلهم داخل المدينة ، وهؤلاء هم الذين يسعون في الأرض فساداً

وقد حكم الله عليهم بأشد العقوبات كفّاً لشرهم ، وحفظاً لأموال الناس ودمائهم وأعراضهم

قال الله تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) المائدة/ 33 .

وأبلغ من ذلك : أن الإسلام حرَّم على المسلم إخافة أخيه ، ولو مازحاً ، فعن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه أنَّه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( لاَ يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ لاَعِبًا وَلاَ جَادًّا ، فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ )

رواه الترمذي ( 2160 ) وأبو داود ( 5003 ) ، وحسَّنه الألباني في " صحيح الترمذي " .

وعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ ، فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ

فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى نبْلٍ مَعَهُ ، فَأَخَذَهَا ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ الرَّجُلُ فَزِعَ ، فَضَحِكَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ : مَا يُضْحِكُكُمْ ؟

فَقَالُوا : لا ، إلا أَنَّا أَخَذْنَا نبْلَ هَذَا فَفَزِعَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا )

رواه أحمد ( 23064 ) - واللفظ له - وأبو داود ( 4351 ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .

ثانياً:

الإرهاب في الإسلام نوعان :

1. ممدوح : وهو تخويف العدو خشية اعتدائه على المسلمين ، واحتلال ديارهم ، ويكون ذلك بالاستعداد الكامل بالتسلح بالإيمان ، والوحدة ، والسلاح ، وقد سبق في آية الأنفال ما يوضح أنه واجب على المسلمين .

والإسلام ليس بدعاً في هذا الأمر ، فها هي الدول تتسابق في الصناعات العسكرية ، وفي التسلح بالأسلحة التدميرية ، وبإنشاء الجيوش الجرارة

وبعمل الاستعراضات العسكرية لجنودها وأسلحتها ، وكل ذلك من أجل إظهار قوتها ؛ لإخافة جيرانها ، وأعدائها ، من أن تسول لهم أنفسهم الاعتداء عليها .

2. مذموم : وهو تخويف من لا يستحق التخويف ، من المسلمين ، ومن غيرهم من أصحاب الدماء المعصومة ، كالمعاهدين ، والمستأمنين ، وأهل الذمة .

وقد عرَّف " المجمع الفقهي الإسلامي " الإرهاب بأنه :

" العدوان الذي يمارسه أفراد ، أو جماعات ، أو دول ، بغياً على الإنسان ( دينه ، ودمه ، وعقله ، وماله ، وعرضه ) ، ويشمل صنوف التخويف

والأذى ، والتهديد ، والقتل بغير حق ، وما يتصل بصور الحرابة ، وإخافة السبيل ، وقطع الطريق ، وكل فعل من أفعال العنف ، أو التهديد ، يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي

فردي ، أو جماعي ، يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس ، أو ترويعهم بإيذائهم ، أو تعريض حياتهم ، أو حريتهم ، أو أمنهم ، أو أحوالهم ، للخطر ، ومن صنوفه : إلحاق الضرر بالبيئة

أو بأحد المرافق ، والأملاك العامة ، أو الخاصة ، أو تعريض أحد الموارد الوطنية ، أو الطبيعية ، للخطر ، فكل هذا من صور الفساد في الأرض

التي نهى الله سبحانه وتعالى المسلمين عنها في قوله ( ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) القصص/ 77 " انتهى .

" الدورة السادسة عشر " بمكة المكرمة ، من 21 إلى 26 / 10 / 1422هـ

الذي يوافقه من 5 إلى 10 / 1 / 2002 م .

وجاء في البيان التنبيه إلى أمرين مهمين :

الأول : الرد على من وصف الإسلام بأنه دين إرهاب فمما جاء فيه :

"وقد لحظ أعضاء " المجمع " أن الحملات الإعلامية مدبرة ، وهي تنطوي على أباطيل ، وترهات ، تنطلق من إعلام موتور ، معادٍ ، تسهم في توجيهه مؤسسات الإعلام الصهيوني ؛ لتثير الضغائن

والكراهية ، والتمييز ، ضد الإسلام والمسلمين ، وتلصق بدين الله الخاتم التهم الباطلة ، وفي مقدمتها تهمة " الإرهاب " .

واتضح لأعضاء " المجمع " أن لصق تهمة الإرهاب بالإسلام عبر حملات إعلامية إنما هو محاولة لتنفير الناس من الإسلام ، حيث يقبلون عليه ، ويدخلون في دين الله أفواجاً .

ودعا أعضاء " المجمع " رابطة العالم الإسلامي ، وغيرها من المنظمات الإسلامية ، وكذلك عامة المسلمين إلى الدفاع عن الإسلام ، مع مراعاة شرف الوسيلة التي تتناسب ، وشرف هذه المهمة" .

وبينوا في سياق ردهم على الافتراء على الإسلام ، ولصق تهمة الإرهاب به : "أن الإرهاب ظاهرة عالمية ، لا ينسب لدين ، ولا يختص بقوم

وهو سلوك ناتج عن التطرف الذي لا يكاد يخلو منه مجتمع من المجتمعات المعاصرة ، وأوضحوا أن التطرف يتنوع بين تطرف سياسي ، وتطرف فكري ، وتطرف ديني

ولا يقتصر التطرف الناتج عن الغلو في الدين على أتباع دين معين ، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى غلو أهل الكتاب في دينهم ، ونهاهم عنه

فقال في كتابه الكريم : ( قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل ) المائدة/ 77 " .نتهى

والثاني : ذِكرهم أن من الإرهاب إرهاب الدول ، والذي سكتت عنه وسائل الإعلام العالمية ، ولم تفضح أهله ، ومما جاء في البيان :

"ويؤكد المجمع أن من أنواع الإرهاب : إرهاب الدولة ، ومن أوضح صوره ، وأشدها شناعة : الإرهاب الذي يمارسه اليهود في فلسطين ، وما مارسه " الصرب " في كلٍّ من البوسنة ، والهرسك ، وكوسوفا

واعتبر " المجمع " أن هذا النوع من الإرهاب : من أشد أنواعه خطراً على الأمن ، والسلام في العالم ، واعتبر مواجهته من قبيل الدفاع عن النفس ، والجهاد في سبيل الله" .انتهى

ثالثاً:

أما الإرهاب عند الغرب : فهو ما نقرؤه ، ونشاهده ، من احتلالهم للدول الضعيفة ، ونهبهم لخيراتها ، وما نراه من التعذيب ، والاغتصاب

القتل ، وكل ذلك موثق بالصوت والصورة ، في وثائق لا يمكن إنكارها ، وهو استمرار لتاريخهم القديم في احتلال الدول بالقوة ، والبطش ، والسلاح .

والعجيب حقّاً : أن الدول الغربية – وخاصة أمريكا – لم يضعوا إلى الآن تعريفاً للإرهاب ! وواضح أنهم سيدينون أنفسهم بأي تعريف يختارونه

ولذلك جعلوا اللفظة مبهمة المعنى ، فتنصرف إلى من يريدون إلصام التهمة به.

قال الشيخ صالح الفوزان – حفظه الله - :

"الكفار من قديم يحاربون الإسلام ، ويصفونه بأقبح الصفات ؛ تنفيراً منه ، ( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) التوبة/ 32

ومن ذلك : وصفهم له بالإرهاب ، والوحشية ، وينسون أن الإرهاب ، والوحشية ، وقتل الشعوب ، والتسلط على الخلق بغير الحق ، وكل صفات الذم : إنما هي في دين الكفر ، ومن صفات الكفار .

وكون بعض المنتسبين إلى الإسلام تصدر منهم بعض التصرفات الخاطئة - إما عن جهل أو عن قصد سيئ - : فإن ذلك لا ينسب إلى الإسلام ؛ لأن الإسلام ينهى عن ذلك .

وطريق الخلاص من هذا الاتهام السيئ للإسلام : أن يُبَيَّن أن فعل هؤلاء الأشخاص ليس من الإسلام ، وإنما هو تصرف شخصي

وأن كل مسلم فهو عرضة للخطأ ، وليس هناك معصوم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم" .

" المنتقى من فتاوى الفوزان " ( 1 / 416 ، السؤال رقم 247 ) .

والله الموفق.









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-13, 17:33   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حرمة دم المسلم ، وتحريم قتله بغير حق ، وواجب المسلمين تجاه ذلك

السؤال

ما هي النصيحة التي يمكن أن تقدموها للمسلمين في بعض البلاد الذين يَقتل بعضهم بعضاً ؟

وما أعنيه هو هل من الجائز في الإسلام قتل المسلم لأخيه المسلم بغير حق ؟

وهل هذا الأمر حرام ؟

فهل قتل المسلمين لمجرد أنهم ينتمون لقبيلة أخرى حرام ؟

أنا امرؤ مسلم ووجدت أن هذا الأمر به من الحماقة والجهل ما به ، وهو ما أثارني ضد هذه الأعمال ، غيرة على دين الله ، وخوفاً عليهم من أن ينصهروا في تلك الأعمال

إنني آمل في أن تقوموا بالإيضاح لبعض المسلمين المقيمين معنا هنا في الغرب ، وإنني علي أمل أن يقوموا بتغيير هذا الأمر ، أو على الأقل يحاولون تغييره

وأتمنى أن تأخذوا وقتكم قبل الرد ، ومن ثم تخبرونهم عن قول الله تعالى حيال هذه الأعمال ، وما قاله الرسول الخاتم في مثل هذه الأعمال .


الجواب :

الحمد لله


أولاً :

نسأل الله أن يجزيك أخي السائل خيراً لشعورك بحال إخوانك المسلمين ، فالمسلم للمسلم كالبنيان يشدُّ بعضه بعضاً ، وأهل الإسلام كالجسد الواحد ، في تراحمهم ، وتعاطفهم ، وتوادهم .

ثانياً :

إن من علامات الساعة التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم : " كثرة الفتن " ، و " كثرة الهرج " – أي : القتل - .

فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يُقْبَضُ الْعِلْمُ ، وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ ، وَالْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ) قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الْهَرْجُ ؟ فَقَالَ : (هَكَذَا بِيَدِهِ) فَحَرَّفَهَا ، كَأَنَّه يُرِيدُ : الْقَتْلَ . رواه البخاري (85) - واللفظ له - ومسلم بمعناه (157) .

ومن أسباب كثرة القتل : دعاوى الجاهلية كما ذكر الأخ السائل ، وهو النصرة لقبيلة ، أو عصَبة ، أو طائفة ، وهو ما يحدث في كثير من دول العالَم

حتى ذهب في قتال بين قبيلتين في " أفريقيا " في بلد واحد أكثر من مليون شخص ! .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : (... مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً فَقُتِلَ : فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ

وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ) رواه مسلم (1848) .

وإن مِن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله : قتل مسلم بغير حق ، وقد قال تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) النساء/ 93 .

وعن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قالَ :سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ ، إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا ، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا)

رواه أبو داود (4270) والنسائي (3984) ، وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ)

رواه الترمذي (1398) ، وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .

وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَاماً) رواه البخاري (6469) .

والواجب على كل مسلم أن يسعى أن يلقى الله تعالى وليس في صحيفته سفك دم لمسلم بغير حق .

والواجب على العقلاء في حال وقوع تخاصم بين قبيلتين ، أو عشيرتين ، أو عائلتين : أن يسعوا في الإصلاح بينهما ، وإعطاء كل ذي حق حقَّه

فإن أبت إحدى الطائفتين إلا البغي وقتال الطائفة الأخرى : قوتلت حتى ترغم على كف يدها ، ووقف القتال ، وفي هذا الحكم الإلهي قطع للنزاع ، ووقف لسفك الدماء .

قال تعالى : (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِين ) الحجرات/ 9 .

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :

"هذا متضمن لنهي المؤمنين عن أن يبغي بعضهم على بعض ، ويقاتل بعضهم بعضاً ، وأنه إذا اقتتلت طائفتان من المؤمنين : فإنَّ على غيرهم من المؤمنين أن يتلافوا هذا الشر الكبير

بالإصلاح بينهم ، والتوسط بذلك على أكمل وجه يقع به الصلح ، ويسلكوا الطريق الموصلة إلى ذلك ، فإن صلحتا : فبِها ونعمت

وإن (بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) أي : ترجع إلى ما حد الله ورسوله ، من فعل الخير ، وترك الشر ، الذي من أعظمه : الاقتتال .

وقوله (فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ) هذا أمر بالصلح ، وبالعدل في الصلح ، فإن الصلح قد يوجد ولكن لا يكون بالعدل ، بل بالظلم والحيف على أحد الخصمين

فهذا ليس هو الصلح المأمور به ، فيجب أن لا يراعى أحدهما ، لقرابة ، أو وطن ، أو غير ذلك من المقاصد والأغراض ، التي توجب العدول عن العدل .

(إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) أي : العادلين في حكمهم بين الناس وفي جميع الولايات ، التي تولوها ، حتى إنه قد يدخل في ذلك عدل الرجل في أهله

وعياله ، في أدائه حقوقهم ، وفي الحديث الصحيح : (المُقْسِطُون عِنْدَ الله على مَنَابِرَ مِنْ نورٍ ، الذين يَعْدِلُون فِي حُكْمِهِم وَأَهْليهم وَمضا وَلُوا) – رواه مسلم" - .

"تفسير السعدي" (ص 800) .

ومن واجب المسلم اتجاه إخوانه في مثل تلك البلاد التي يكثر فيها القتل ، وسفك الدماء : أن يدعو الله أن يؤلف بينهم , وأن يرفع عنهم الفتن , والقتل ، والبلاء ، وأن يرد كيد أعداء الدين المتربصين به .

والواجب على المسلم : أن يمد لهم يد العون إلى الصلح ، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً .

ونسأل الله أن يكف القتل عن المسلمين ، وأن يؤلف بينهم , ويردهم إلى دينه ردّاً جميلاً .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-13, 17:36   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

مفهوم السياسة من المنظور الإسلامي .

السؤال:


هل كان الرسول صلّ الله عليه وسلّم يستعمل السياسة في حكمه للعامة ، أو في تدبيره لشؤون الدولة ؟

الجواب :

الحمد لله

السِّيَاسَةُ ـ بالكسر ـ مصدر سَاسَ الأمر سِيَاسَةً : إذا قام به

وهي القيام على الشيء بما يصلحه ، وسَوَّسَهُ القوم : إذا جعلوه يسوسهم ، ويقال : سُوِّسَ فلانٌ أَمرَ بني فلان أَي كُلِّف سِياستهم

وسُسْتُ الرعية سِياسَة ، وسُوِّسَ الرجلُ أُمور الناس على ما لم يُسَمَّ فاعله إِذا مُلِّكَ أَمرَهم .

انظر : "لسان العرب" (6 /107)

"القاموس المحيط" (ص 710) .

وروى البخاري (3455) ومسلم (1842) عن أبي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ) .

قال النووي رحمه الله :

" ( تَسُوسهُمْ الْأَنْبِيَاء ) أَيْ : يَتَوَلَّوْنَ أُمُورهمْ كَمَا تَفْعَل الْأُمَرَاء وَالْوُلَاة بِالرَّعِيَّةِ , وَالسِّيَاسَة : الْقِيَام عَلَى الشَّيْء بِمَا يُصْلِحهُ " انتهى .

قال ابن نجيم

" السياسة هي فعل شيء من الحاكم لمصلحة يراها وإن لم يرد بذلك الفعل دليل جزئي " .

"البحر الرائق" (5 /11) .

وعرّف ابن خلدون السياسة الشرعية بأنها " حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة

فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدين وسياسة الدنيا به "

انتهى من "مقدمة ابن خلدون" (ص 97) .

وعلى ذلك فالسياسة جزء لا يتجزأ من الإسلام، ولا فرق في الإسلام بين السياسة والدين.

وبهذا الاعتبار والتقرير ، وتنزلا على مصطلح القوم : فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يستعمل السياسة الحكيمة

الراشدة في حكمه ، وفي تدبير شئون الدولة ؛ لأنه نزل بشريعة تعمل على تحقيق المصالح وتكميلها ، وتعطيل المفاسد وتقليلها .

وعلى ذلك جرى عمل الخلفاء الراشدين وأئمة الهدى من بعده .

وينظر "الطرق الحكمية" لابن القيم (ص 17-20) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-08-13, 17:42   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

كيفية تولي الخليفة المسلم

السؤال

كيف كانت الدولة الإسلامية تنظم نفسها ؟

وكيف كان الحكم في العهد الأول؟


الجواب


الحمد لله

على الحاكم المسلم أن يتولَّى تعيين من هو كفؤ للمناصب الكبيرة في الدولة ، كما أن عليه أن يتخذ مجلساً للشورى من أهل العلم والاختصاص في مختلف الفنون

ولا يَنبغي أن يُجعل ذلك للعامة والدهماء ليختار كل واحدٍ قريبه ، أو فرداً من حزبه ، أو ينتخب من يدفع أكثر .

قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله :

"الولايات التي هي دون الولاية العامة : فإن التعيين فيها من صلاحيات ولي الأمر ، بأن يختار لها الأكفاء الأمناء ، ويعيِّنهم فيها

قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ )

وهذا خطاب لولاة الأمور ، والأمانات هي الولايات ، والمناصب في الدولة ، جعلها الله أمانة في حق ولي الأمر ، وأداؤها : اختيار الكفء الأمين لها

وكما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه وولاة أمور المسلمين من بعدهم يختارون للمناصب من يصلح لها ، ويقوم بها على الوجه المشروع .

وأما الانتخابات المعروفة اليوم عند الدول : فليست من نظام الإسلام ، وتدخلها الفوضى ، والرغبات الشخصية ، وتدخلها المحاباة ، والأطماع

ويحصل فيها فتن ، وسفك دماء ، ولا يتم بها المقصود ، بل تصبح مجالاً للمزايدات ، والبيع والشراء ، والدعايات الكاذبة" انتهى .

جريدة " الجزيرة " ، العدد ( 11358 ) .

كان الإمام – أو الخليفة – يتولَّى زمام الدولة الإسلامية بإحدى ثلاث طرق :

الطريقة الأولى :

الاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقد ، ومثاله : ثبوت الخلافة لأبي بكر الصدِّيق ، فقد ثبتت له الخلافة بالاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقد ، ثم أجمع عليها الصحابة وبايعوه جميعاً ، وارتضوا خلافته .

كذلك ثبتت الخلافة لعثمان بن عفان رضي الله عنه لمَّا جعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر تولية الخليفة من بعده شورى في ستة من كبار الصحابة

فصار عبد الرحمن بن عوف يشاور المهاجرين والأنصار ، ولمَّا رأى ميل الناس كلهم إلى عثمان : بايعه أولاً ، ثم بايعه بقية الستة

ثم بايعه المهاجرون والأنصار ، فثبتت له الخلافة بالاختيار والانتخاب من أهل الحل والعقد .

وكذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه ثبتت له الخلافة بالاختيار والانتخاب من أكثر أهل الحل والعقد .

الطريقة الثانية :

الخلافة بولاية العهد من الخليفة السابق ، وذلك بأن يعهد ولي الأمر بالخلافة لأحدٍ بعينه من بعده ، ومثاله : ثبوت الخلافة لعمر بن الخطاب ؛ فإنها ثبتت له بولاية العهد من أبي بكر الصديق رضي الله عنه .

الطريقة الثالثة :

القوة والغلبة ، وذلك إذا غلب الخليفة الناسَ بسيفه ، وسلطانه ، واستتب له الأمر : وجب السمع له والطاعة ، وصار إماماً للمسلمين

ومثاله : بعض خلفاء بني أمية ، وخلفاء بني العباس ، ومن بعدهم ، وهي طريقة مخالفة للشرع ؛ لأنها أُخذت بالغصب والقوَّة

ولكن لعظَم المصالح المترتبة على وجود حاكم يحكم أمَّته ؛ ولعظم المفاسد المترتبة على نزع الأمن من البلاد : كان للمتولي بالقهر والسيف السمع والطاعة إذا تغلب بهما ، وحكم بشرع الله تعالى .

قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله :

"لو خرج رجل واستولى على الحكم : وجب على الناس أن يدينوا له ، حتى ولو كان قهراً بلا رضىً منهم ؛ لأنه استولى على السلطة .

ووجه ذلك : أنه لو نوزع هذا الذي وصل إلى سُدَّة الحكم : لحصل بذلك شرٌّ كثير ، وهذا كما جرى في دولة بني أمية ، فإن منهم من استولى بالقهر والغلبة وصار خليفةً يُنادى باسم الخليفة

ويُدان له بالطاعة ، امتثالاً لأمر الله عز وجل" انتهى .

" شرح العقيدة السفارينية " (ص688) .

وللتوسع في هذا الباب ، ولمعرفة كيفية عمل الدولة ، وتقسيمات شؤونها المختلفة :

ينظر كتاب " الأحكام السلطانية " لأبي الحسن الماوردي الشافعي

و " الأحكام السلطانية " لأبي يعلى الفراء الحنبلي

وكتاب " الترتيب الإدارية " للكتاني

ففيها مزيد علم وفائدة .

والله أعلم









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
سلسله العقيدة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 13:54

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc