الضّحك حتّى الموت صناعة جزائرية خالصة.

[⋟صقر☬الأندلس⋞]

ربما لا يسمح الوقت و المقام للخوض في تفسير الضحك كظاهرة قد تعبر عن عدة مشاعر متناقضة ، و سنحصر موضوعنا المتواضع هذا ، في الحديث عن الضحك المضحك ، ذلك الضحك المصنوع خصيصا للمواطن العزيز قصد رسم البسمة على محياه و إسعاده في القر و الحر و البر و البحر .
قد تتشابه المنتوجات العالمية في الذوق و المذاق و طرق التّعليب و التّغليف ، لكنّها تختلف اختلافا شاسعا في الجودة و الضمان ، و هذا حال منتوجنا الجزائري الصنع الخالص 100% ، فالضّحك الجزائري ليس كغيره من الضّحك المستورد ، إنّه ضحك ليس له حدود ، ضحك حتى النّخاع ، ضحك حتّى البكاء ، ضحك حتّى الموت ، ضحك حتّى ... ؛ المهم منتوج لا يضاهيه منتوج آخر ، يضحك حتّى الحيتان في البحر ، كيف لا و قد سخّرت له الشّركات كل ما تملك من جهد و وقت و مال ، و لم تدع شيئا إلّا استعملته و استغلّته من أجل ذلك .
المتتبع لبرامج التسلية و الترفيه و الفكاهة ، يجدها لا تخلو من أساليب و وسائل اعتاد مشاهدتها في أكثر من برنامج و أكثر من حصّة ، إلّا أنّه و رغم ذلك لا يستطيع أن يتمالك نفسه و يمسكها عن الضّحك ، فتجده يتلوّى و يتكوّر يصيح بصوت عالٍ هاهاها ههه خخخ يا كرشي يا كرشي يا قلبي يا قلبي ، و غيرها من المصطلحات المخترعة حديثا و التي ذاع صيتها ؛ قد يقول قائل إنّها مكرّرة و قديمة و فقدت قيمتها الهزليّة السّاخرة ، إلّا أنّه لا غرابة أن يضحك الإنسان من مشهد سبق و شاهده ، ذلك أنّ الوجوه و الأساليب تختلف و لكلٍّ طريقته و بصمته .
قد يظنّ القارئ أنّي من اللّذين يضحكون كثيرا و أنّي أشهّر لضحكنا المحلي و أفتخر به ، لكن الأمر نقيض ذلك تماما ، بل العكس ، من المفروض أن نتألّم على الأقل لما آل إليه حال قنواتنا و مجتمعنا ؛ إليكم بعض العناصر و الوسائل التي تستخدم كمواد أساسية لصنع الفكاهة ، و لكم الحكم في الأخير .
لكي يضحك الشّعب نمثّل له دور شيخ أو عجوز طاعن في السّن يتمتم بكلمات مبهمات يرقص أو يعمل أي شيء آخر .
لكي يضحك الشّعب نستحضر له اللّباس التّقليدي .
لكي يضحك الشّعب نأته بأناس إبتلاهم الله في خِلقتهم .
لكي يضحك الشّعب نرعب و نرهب النّاس و نحقنهم بارتفاع ضغط الدم و السكر .
لكي يضحك الشّعب نسخر من البعض و نغتابهم و نستغل زلّاتهم لتوظيفها .
لكي يضحك الشّعب أسمعه مقاطعا مركبة من فيلم الرّسالة أو سير أحد الصّحابة رضوان الله عليهم
فهل هذه الأمور تستدعي الضّحك ؟! أمر عجيب حقّا ، لكن إذا عرف السّبب بطل العجب ، فكثرة الضّحك تميت القلب الذي ان صلح صلح الجسد كله و إن فسد فسد الجسد كله ، فالإنسان بقلبه و عقله لا بصورته و جسده ، فليضحكوا قليلا و ليبكوا كثيرا جزاءً بما كانوا يعملون .