هل تأخرت ؟
هل كفّ القوم عن القراءة ..؟
أحياناً أتعب يديّ ـ فقط ـ لأرص عدداً من الجمل التي ارتأيت بأنها تعني شيئاً .. ثم أصاب بإحباطٍ شديد إذا لم يتم تثبيتها .! أو إضافتها لشريط التميز .. ثم أتساءل ـ بيني وبين نفسي طبعاً ـ كيف يقرأ السادة الأعضاء أي شيء يكتبه غيري ..!
كيف يجرؤ المشرفون على إهمال ما أكتب .!
ثم أعزي النفس بأن ما حصل هو مجرد هفوة ارتكبها المشرف ،وأن الأعضاء إنما يسلون أنفسهم بقراءة المواضيع الأخرى ، في الوقت الذي أكف أنا فيه عن الكتابة ..! هل أنا أول أحمق اعتقد ذلك .!
مئات بل آلاف اعتقدوا بأن مجرد وضعهم بعض المساحيق على وجوههم ،أو قدرتهم على الصراخ بصوتٍ مرتفع ،أو تمكنهم من حفظ كلمات بعض الأغاني ، كفيل بجعلهم من أصحاب المواهب اللافتة ، بل وتجرؤوا على الخروج على شاشات التلفاز .!ليشاهدهم العالم أجمع ..
في البداية ظننت أنهم يضيعون الوقت ، لكن عندما خرج إلى المسرح شخص طويل القامة ،
قام بحلق جميع شعر راسه كله ، وأبقى على شعر حاجبيه حتى يميز القوم وجهه من قفاه ،
ووضع جناحين على ظهره ( كتمثيل للملائكة كما يصورونهم في قصص الأطفال )
وقف لمدة دقيقة كاملة ينظر إلى السماء ،ويدور حول نفسه ، ثم توقف ليركع للجمهور ،
قلت في نفسي : هذا أحمق آخر يريد أن يراه أفراد عائلته على شاشة التلفاز ، ومن الطبيعي أن يرفضه أعضاء لجنة التحكيم ،،
لكن ما صدمني أنه أخذ يكيل الشتائم للجنة حين لم يتم اختياره .. واتهمهم بالجهل ، والمحاباة ، ومحاربة المواهب .. ثم عاد ليبكي بكاءً مريراً ، وهو يترجى أعضاء اللجنة مخبراً إياهم أنه انتظر 33 سنة حتى يحقق هذا الأمل ،وأن يعرض موهبته على الملأ .!
لا تسألوني أي موهبة تلك التي تقتصر على ( حلق شعر الراس والإتيان بحركات حمقاء )
في بعض الاحيان أتظاهر بالحكمة ، بالخطورة ، بالفهم ، والحقيقة أنني أشعر بالضئالة كلما قرأت حكمة حقيقية ، وكلما تعرفت على أشخاص يفهمون .. ويعرفون ـ حقاً ـ ما يفعلون .. اليوم أستضيف اخي (سالم) هو حالة نادرة ..أعزب ، مسكين ، حالم ، موظف .. تقولون بأن لا شيء نادر في كون الإنسان أعزب ومسكين وحالم وموظف .! وأن نصف الشباب العربي كذلك .! لا بأس أنتم على حق .. إذن فلن يشعر الكثيرون بأن ( سالم ) غريب عنهم ..
هو أنت ،
وأنت ،
وأنت ( يا من فتحت هذه الصفحة بالخطأ ولكن شيئا ما جذبك مع أنك تؤمن بأن
الموضوع لا يستحق )
الاسم : محمد السالم .....
العمر : ...
الوظيفة : موظف
الكلام الان لسالم
لماذا لم أتزوج بعد ؟؟
سؤال أطرحه على نفسي ليل نهار ، لا ينقصني شيء إلا المال ، والسكن ، والوظيفة المحترمة ، والعائلة المرموقة ، لدي من المال ما يكفي لجعلي فقيراً ، لست فقيراُ بمقاييس تشاد أو المكسيك .. بل فقير بمقاييسنا ، أي أني أمتلك سيارة صغيرة ، وأعيش مع عائلتي ، وقد خصص والدي ( البيت الملاصق ) المكون من غرفتين ومطبخ وحمام حتى يؤويني وزوجتي ( الافتراضية ) والوظيفة تؤمن لي قوت الشهر ، وقود السيارة ، فواتير الكهرباء والهاتف أما العائلة فأنا من أصل محترم ، ومحترم هذه لا تقتضي العراقة .. مع أني أرجع بالنسب إلى آدم ( عليه السلام ) إلا أنهم يطلقون على من هم مثلي ( 111 ) ..وأنا أشبههم بالشكل ، وبالتكوين الجسدي وبطريقة التكاثر ، إلا أنهم يتميزون عنا بتقدير كبير من بقية الفصائل .! وكأننا نتحدث عن مستعمرة من عناكب الشبث .. وليس عن البشر .
لماذا لم أتزوج .؟
أنا ( حالة ) والحالة لا تعرف الأسباب ولا تملك الحلول .. على الأغلب سوف يأتي واحد من الخبراء ( لا يميزهم عنا شيء .. إلا أنهم يختمون كتاباتهم بقولهم أنهم خبراء ) ليقولوا أنني نتيجة حتمية لغلاء المهور أو عزوف الشباب عن الزواج .. ولكنهم للأسف لا يمنحون الحلول ..
وحدهم الأطباء من يمنحون الكثير الكثير من الحلول ..لكنهم يتخرصون ، وهم ـ غالباً ـ لا يعرفون الأسباب ،يمطرون مسامعك بكم هائل من الأسباب المعلبة .. وأنا لا أملك القدرة ـ ولا المزاج الرائق ـ لتحمل سخافاتهم .. لو كنت مريضاً بالزكام فأنت تعاني من ( جرثومة منتشرة بالجو )ولو كنت تعاني من ارتفاع الحرارة فالسبب كذلك ( جرثومة منتشرة بالجو ) ولو كنت تعاني من الاسهال ..فلا بد أن لتلك ( الجرثومة المنتشرة بالجو ) يد في الأمر ..!خلاصة القول : أنه لا أحد ـ حقيقة ـ يعرف الأسباب ليستنتج الحلول ..!
لماذا لم أتزوج .؟
في البدء كنت أقرأ الكثير من ( قالوا عن المرأة ) و ( المرأة في ثقافات الشعوب ) وكلها أشياء كتبها رجال .. لكنني لم أعر جنس الكاتب أي اهتمام .. كنت أتأثر ـ كغيري ـ بما يكتب ..!
والحقيقة أن الرجل هو وحده من يمتلك الجرأة ليقول عن المرأة أنها ( عقربة أو حية ) فقط لأنها لم تضع الكمية المناسبة من الملح في ( الطعام ) .! 
أرسطو ( أم تراه سقراط ) نقل لنا الكثير عن المرأة ،عن زوجته التي كانت تتسلى بسكب الماء القذر على رأسه أثناء إعطاءه الطلبة دروساً ..! سيبويه قامت حماته بسكب الحبر على كتابه ( الكتاب ) ثم قامت امرأته بحرق مكتبته ..! والحقيقة أنهم ليسوا مظلومين لتلك الدرجة .! ( أقصد سيبويه و سقراط )
الثاني انشغل بالفلسفة ، وأسرار الكون التي اتضح في الآخر أنها ليست أسراراً ..بل ليست موجودة أصلاً في الكون ..! وهل هذا الجدار موجود حقاً أم أنك تتخيل رؤيته .؟ وأيهما نسب للآخر ، اللون العسلي للعسل ، أم العسل للون العسلي .! والأول انشغل بنصب خبر إن ، ورفع المبتدأ ، والحالات الإعرابية لحتى ..! ومن الطبيعي للمرأة أن لا تفهم مبرراتهم للانشغال ..! ليس لأن المرأة لا تفهم ..! بل لماذا يتزوجها الرجل ثم يشعرها بأن مجموعة من الأوراق أهم منها .!بماذا يختلف سيبويه عنا .؟ هو يتساءل لماذا لا تدرك زوجته أهمية ما يفعل ؟ كيف لا تهتم زوجته ـ كثيراً ـ بمن يقول : كان الحمارَ حمارُ أو كان الحمارَ حماراًً .! ونحن كذلك نتساءل لماذا لا تستشعر زوجاتنا أهمية لقاء الريال وبرشلونة ؟
أراهن على أنه لو كانت هناك قنوات للزواج في زمانهم لخرجت لنا امرأة تقول
( الاسم : امينة ، ادرار ، عزباء ، أبحث عن رجل أعزب .. لا يحب النحو ولا الفلسفة ولا ينشغل عني بأي شيء آخر )
ومع ذلك يظن الرجل أنه من حقه أن يأتي بامرأة يبقيها حبيسة الجدران ..ثم يزعجنا بآرائه العبقرية عن المرأة .. كيف أنها لا تفهم ولا تقدر ولا يهمها تقدم العلم وتطور الأدب ..!
أقول : بأنني في تلك الفترة كنت مغروراً لدرجة جعلتني أبحث عمّن ( تصلح للزواج ، وتوافق على الزواج ) ثم ـ وبعد أن تجاوزت الثلاثين ـ بدأت أبحث عمّن ( توافق فقط ) .!
لماذا لم أتزوج .؟
الحب ، الكثير منه .. أريد أن أعيش تجربة كتلك التي عاشها روميو جولييت وقيس ليلى ..
أولاً أحببت ابنة عم لي ، ولن أخوض في التفاصيل كثيراً .. ليس لأنها تفاصيل غير قابلة للسرد ،أو تخدش حيائكم .. بل لأنه لا تفاصيل هناك .. أحبتني لأنني الوحيد المتوفر ، ثم عندما جاء ( أبو صالح ) أحبته لأنه لا يضيع الوقت كثيراً .. هو يعرف ما يريد ، وعدها بالكثير من الحليّ والذهب والسفريات والإجازات والخدم .. ثم إنه كبير في السن ، تجاوز مرحلة الوعود غير المنتهية ، وعوده تتحقق فوراً .. أما أنا فلم أقدم لها ـ على حد قولها ـ إلا دفتراً وردياً مليء بأشعار إيليا ونزار قباني وغيرهم .. وهي لم تستفد منه الكثير ، لأن الشعر لا يبني بيتاً ، ولا يدفع أجرة الخادمة ..
أنا لا ألومها .. هي ـ غالباً ـ على حق ..!
نحن لم نعد في الزمن الجميل .. الذي كان الفرد فيه يشق طريقه إلى النجاح لمجرد أنه ( ذكي ، مجتهد ، عصامي ) الآن اختلفت المعايير .. بإمكانك أن تكون كسولاً وغبياً كيفما شئت .. ولا بأس إن كنت انتهازياً كذلك .! المهم أن تضمن مستقبلك .. في الماضي كان كثير من الحب ، وقليل من التضحية ، كفيلان بصنع بيت سعيد .! أما الآن فإن كل الحب وكل الإخلاص وكل النوايا الصادقة وكل التضحيات ، لا تدفعان أجرة شقة بائسة.!
هنا ينتهي دور ( سالم ) ..
برأيي هو سلط الضوء على العديد من القضايا المهمة .. لكن رسالته طويلة ، مشتتة ، ليست سرداً قصصياً بقدر ما هي محاولة للتفلسف .! ونحن لا ينقصنا فيلسوف .. يهيئ لي أن تحت كل حجر فيلسوف ينتظر الفرصة .. جرب أن تنفض ثوبك جيداً ، سوف يخرج لك فيلسوف .!
رسالته ـ كما قلت ـ طويلة .. كنت أنتظر أن يتغير أسلوبه ، أو أن يرتفع السرد لنقطة الذروة .. لكن الباقي لم يتغير .. وكما يقول أحدهم ( المكتوب مبين من عنوانه ) وأعتقد أن ما نقلته من رسالته يكفي .!
يقول : ـ أحاول أن أختصر لكم ما تبقى من رسالته ـ أن له تجربة أخرى مع الحب ..
باءت بالفشل لأن والدها ( أي الفتاة التي أحب ) قال إن من يريد ابنته فعليه أن يعرف قيمتها .!
وهو يقول : (سالم هذه المرة ) أن من يعرف قيمة ابنته ـ حقاً ـ لا يضع لها سعراً ..الشخص المسعَّر لا قيمة له ..!
عرفت شخصاً كان يحلف بالله أنه سوف يتأبط ذراع زوجته في السوق .. ولن يكترث بالنظرات التي سوف تلتهمه .. وبعد أسبوعٍ واحد من زواجه .. ارتفع صراخه ليقتحم نافذتي .. فقط لأن زوجته استخدمت زيت الزيتون في قلي البيض .! ولم تستخدم زيت الذرة ..
حتى الآن لدينا قصة ..لو صحت تسميتها كذلك ..الأولى من شخص غير متزوج يعتقد بأن الزواج جنة ..! والاخرى من شخصٍ متزوج ، يريد القول بأن الزواج شيء يشبه الجحيم ، سنسردها فيما بعد ان كان للعمر بقية
وأنا أقول بأن الزواج يشبه الموت كثيراً .. ليس المهم أن تموت .. المهم إلى أي جهة تذهب بعد الموت .! بعض من يقول أن الزواج سيء .. هو مجرد سيئ حظ ذهب إلى الجهة الخطأ من الموت .!
في المرة القادمة يحدثنا ( ابراهيم ) عن رأيه في الزواج .!
تقولون : أنكم لا تعرفونه .!
فإلى لقاء .. اخر
نسيت ان اكتب انه منقووووووووووووووووووووووووول