هل هناك أب مثل والدنا , شيخ جامع لا أتذكر صغري الا على وقع ممارسته العنف ضد والدتي , اتذكر مثلا يوما اعوجت ذراعاها بسبب تقلص عضلي ربما لنقص الكالسيوم فلم ياخذها للعلاج بل واجه المشكلة الصحية بالضرب بالعصا لم اكن افهم حينها شيئا كثيرا لكن اثر ذلك لا يزال الى الان , أتذكر في بيتنا التابع للجنة الدينية للمسجد لا يوجد سوى حصيرة وأغطية بالية واوعية بلاستيكية وموقد وقارورة غاز, ومصاحف لم يكن لدينا تلفزيون ولا مذياع ولا خزانة ولا مائدة ولا كراسي ولا ثلاجة ولا صحون زجاجية ولا طعام لائق الا السميد ونوع واحد من الطعام المصاحب له كالبطاطا لعدة سنوات ولم نكن نعرف اللحم الا في عيد الاضحى حيث يتعفن بسرعة لعدم وجود ثلاجة , اما الطبيب والادوية واللقاحات فلم نكن نعرفها , اما التربية التي كان يمارسها فهي تتمثل في الصراخ والشتائم والمعايرة والتهديد والعنف , الشيء الوحيد الذي وفره هو الادوات المدرسية , كنت متفوقا في دراستي لكن كنت هزيلا جدا بسبب سوء التغذية رغم ان والدي كان يتقاضى راتبا ويمارس الرقية وكتابة الحروز , كنت في المدرسة اخفي على اصدقائي واتهرب من الجماعة عندما يتكلمون عما شاهدوه في التلفزيون ليلة امس , حدث هذا خلال الثمانينات , وكان يردد احيانا : ان من ازواجكم واولادكم عدو لكم , كنت اعتقد ام والدي يقتصد ليوفر لنا المستقبل او ليبني لنا بيتا لكننا اليوم وجدنا انفسنا في الصفر ومازلنا ارذل الناس, اقتنعت بأبسط وظيفة رغم تفوقي في الدراسة نظرا لحاجتي للتغذية على الاقل واتذكر في التسعينات اثناء ازمة الخبز كنت اشتري الخبز على الثالثة صباحا لاتنقل به الى والدتي واخوتي من ولاية اخرى وهو نائم لا يهتم لشيء , وفي السنوات الاخيرة حاولت محو الماضي لكنه ازداد سوءا حيث يتكلم السوء عن اولاده ووالدتي ويدعو لهم بالموت وينفر منهم ويشتمهم حيث ان العطف لا مكان له في قلبه مما جعلني انسحب من حياته الى الابد , انا الان مازلت مرعوبا واحس بالمرارة والظلم وكأن تلك المظالم تحدث الان , ومشكلتي الان اني اخشى الجنون لان منهج حياتي اصبح شيئا فشيئا غريبا بعض الشيء بالمقارنة مع الاخرين , ربما نسيت ان اذكر اشياء كثيرة لكن لا فائدة لي في ان أكذب لاني اتمنى ان تنصحوني وتساعدوني لا ان توبخوني او تعنفوني لان التعنيف شبعت منه ,