السلام عليكم و رحمة الله
قصة: لقائي مع صاحب الباب،
نائب مدير الجامعة المكلف بالبيداغوجيا
بعد يوم تعب طويل و صيام على كل شيء ، إلا شيء واحد و هو مشاكل الطلبة ، أو بتعبير أدق : "كيف نواجه تساؤلات الطلبة" ، ما هي أجوبتنا لهم و لتساؤلاتهم ، لطالما كانت تقول لي جدتي "الله يرحمها " ، أن لكل سؤال جواب ، فهل في جامعات اليوم : "لكل سؤال جواب منطقي ، جواب يسير بالتوازي مع واقع جامعات اليوم .
قلت ، بعد يوم عمل طويل ، أردت أن أغتنم فرصة ربع ساعة راحة ، سمعت الهاتف يرن ، قلت في نفسي "لن أرد ، أكيد هو ذلك المجنون صديقي الذي طالما كلمني في هذا التوقيت"، رن الهاتف لمرة و مرتين و ثلاثة و أربعة ، آآآآه من يكون ، لن أرد ، هذه ليست من عادة صديقي المجنون ، فعادته أنه يحاول لمرة واحدة فقط ، أكيد هو صديقي الثاني المخبول الذي لطالما ظل الهاتف يرن للمرة الرابعة و الخامسة ، لن أرد ...
ظل الهاتف يرن للمرة العاشرة، قلت هنا فقط ، لا هو بصديقي المجنون و لا الثاني المخبول ، سأرى من يكون ...
حملت الهاتف و إذا به نائب مدير الجامعة للبيداغوجيا ، قلت له ، بعد تحية السلام ، ما الأمر ؟
قال لي : اجتماع مهم
قلت له : متى ؟
قال لي على الساعة الرابعة مساء
قلت له : الرابعة الرابعة
قال لي : نعم الرابعة الرابعة ، ليس الرابعة إلا دقيقة و ليس الرابعة و دقيقة ، بل الرابع تماما ، و إلااااااا
قلت له : و إلا ماذا ؟
قال لي : و إلا تعرض مصير طلبة الماستر للمجهول
حينها فقط أدركت خطورة الوضع و حملت نفسي للذهاب مسرعا خوفا من تلك الدقيقة ، دقيقة التأخر و ما يصحبها ...
و لأني أعلم أنه كعادتي ، طول الطريق لباب الجامعة تحمله 09 دقائق بسيارتي القديمة "ماروتي 1996" ، و ثلاثة دقائق للوصول لباب نائب مدير الجامعة للبيداغوجيا "طبعا مسرعا من باب مدخل الجامعة لباب المسؤول" ، أي بمجموع 12 دقيقة من باب بيتنا المشؤوم إلى باب المسؤول المعلوم
نظرت للساعة فإذا بها بقيت 15 دقيقة للرابعة مساء بالتمام
فأسرعت و أسرعت ليكفيني ذلك الفارق 03 دقائق لأقلع بالسيارة ، و قلبي كله مهموم على مشكلة أصحاب الماستر تلك و مصيرهم المجهول الذي سيقع لو تأخرت
و أثناء سيري بالسيارة و كأنني وحدي في الطريق أعانق مقود سيارتي "الماروتي القديمة الغير مكيفة "، فإذا به قط يمر عابر للطريق،
آآآآآآآه يا لحظك المشؤوم أيها القط ، الذي تصادف فيه عبورك للطريق أمام عجلات سيارتي القديمة، تصادف مع الاجتماع المصيري الذي يخص مصير طلبة الماستر
حينها فقط توقف الزمن و مر شريط أحداث في ذهني ،
لو عبرت عجلات سيارتي الماروتي على جسدك الطري أيها القط المسكين ، فسألحق للاجتماع و ينجوا طلبة الماستر من ذلك المصير المجهول
أما لو توقفت و تركتك تمر بسلام فسأتأخر عن الاجتماع و صار مصير طلبة الماستر في المجهول
خياران شديدان على القلب ، أقلهما خفة ، أن تذهب حياة القط إلى المجهول تحت عجلات سيارتي القديمة ، لـــ أن يصبح مصير طلبة الماستر في المعلوم
فكان ما كان و الله يرحمك يا أيها القط المسكين، صاحب الحظ المشئوم
و الحمد لله الحمد لله ، أنني كنت في الرابعة بالتمام على باب المسؤول ، طرقت و فتحت فدخلت ،
قال لي نائب المدير للبيداغوجيا : يجب أن لا نقع في الخطأ الذي وقعنا فيه في سبتمبر السنة الماضية بكثرة ملفات المترشحيين للماستر ، الملفات الخارجية على الداخلية منها ، لا نريد احتجاجات و لا تظاهرات
و أضاف : أنت تعلم جيدا أنني علقت السنة الماضية على باب مكتبي "أرجوا من الأساتذة الزملاء عدم التوسط لأي طالب" ، و بالرغم من كل ذلك لم يستطع هذا الباب المشئوم الذي يقابلني ، لم يستطع صدهم و توسط العديدين ، لقد أرادوا سحب الكرسي مني لكن الحمد لله لم يتم الأمر و أريد هذه السنة أن أغلق عليهم الباب و هم صيام منشغلين بالعبادة، حتى إذا استفاقوا و سحبوا وثائقهم من شهادة و غيرها في سبتمبر من بقية الجامعات ، وجدوني قد أغلقت باب الترشح للماستر منذ زمن ، و انتهى الأمر ، و أنت تعلم أن في غلق الأبواب ذوق خاص لا يشعر به إلا صاحب الباب .
قلت له : لكن يا أستاذ ماذا عن النسبة : 20 % خارجية يقابلها 80% داخلية ، و أنت تعلم أن عدد الملفات الخارجية في بعض التخصصات حوالي 05 ملفات ، هل بتطبيق النسبة سنقبل ما يوافقها 20 ملف داخلي من مجموع مثلا 50 مترشح داخلي ناجح في الليسانس ، هل سنقصي 30 طالب ناجح في الليسانس من جامعتنا بسبب تحقيق التوافق 20 % خارجية يقابلها 80% داخلية ، بل و الأدهى من ذلك أن هناك تخصصات ماستر عدد الملفات الخارجية صفر، بسبب ظن أغلب الطلبة أنه جامعتنا كمثل بقية الجامعات تستمر فيها التسجيلات لغاية سبتمبر القادم
هل من المعقول أن تتحكم فينا عدد طلبات الترشح الخارجية في تحديد عدد طلبات الترشح للماستر الداخلية منها ، غريب و الله أمر غريب
و أضفت له : لماذا لا نكون مثل بقية الجامعات ، أنت تعلم أن جامعتنا العريقة تقع في الربع الخالي، و مسافات طويلة تفصلها عن بقية جامعات الوطن ، فــ لماذا لا يؤجل الفرز و تمدد فترة دفع ترشحات الماستر لنهاية شهر أوت ، موعد استلام العديد من الطلبة شهاداتهم من بقية الجامعات و تمكنهم من اللحاق بجامعتنا ، حتى يزيد عدد الطلبات الخارجية ، و بالتالي يمكننا أخذ جميع ملفات الترشح الداخلية أو أغلبها و نحافظ على ماء وجه الطلبة الذين درسوا في جامعتنا، مثلا 80 طالب ناجح في الليسانس ، و نقوم بترتيب ملفات الترشح الخارجية التي أكيد أنها لو تركت لبداية سبتمبر فسيفوق عددها الــ 20 ملف ، نرتبهم حسب المعدل و نأخذ الــ 20 الأوائل و بالتالي نحقق النسبة 20 % خارجية يقابلها 80% داخلية ،
و أضفت له : هل يعقل أن تتحكم عدد ملفات الترشح الخارجية القليلة ، في عدد ملفات الترشح الداخلية عن طريق تلك النسب المؤوية ، لماذا لا نقلب الآية بتأجيل الفرز و فرصة الدخول للماستر لسبتمبر القادم ، ما ذنب الطلبة المتخرجين في الليسانس من جامعتنا، في إقصائهم بسبب عدد الملفات الخارجية القليلة ، هل هذا عدل ؟
و أكملت له بــ : أضف إلى ذلك أن وزارة التعليم العالي أقرت منذ فترة بضم أكبر عدد من طلبة الماستر بهدف إنجاح نظام ل م د
قال لي بابتسامة عريضة : لا ، أنا هنا القاضي و الحكم ، و سنصنع الحدث هذه السنة في جامعتنا الغريقة، و سنفاجئ وزارة التعليم العالي بالانتهاء من كل الأمور الإدارية في نهاية شهر جوان ، فـــ لربما ، لربما يتم اقتراحي مستقبلا في جامعة ما ، مديرا بكرسي أكثر راحة من هذا الكرسي ، و أضف إلى ذلك أنني تعبت من هذا الباب المشؤوم الذي يقابلني و الذي لم يستطيع صد دخول المتسببين في محاولة سحب هذا الكرسي الذي يحملني ، و أريد استبداله بباب أكثر عرضا و صلابة ، مزخرف على حوافه ، لا يفتح إلى بجهاز إرسال في جيبي
و أكمل حديثه بــ : ألا تعلم أنها جامعة إغريقية و كلمة " إغريقية " تأخذها لمصاف العالمية ، و العدد فيها ملغى بقدر ما هو التضييق في التواريخ مثل تماما حينما ضيقنا تواريخ إلقاء رسائل الماستر و حددناها بشرط إلقائها قبل نهاية رمضان خلافا لبقية الجامعات ، و هذا ما يجعل من جامعتنا استثناء و الاستثناء يأخذها للتميز ، مثل بقية الجامعات العالمية
حينها فقط أدركت و قلت له : أفعل ما شئت ، و انصرفت
و خرجت من ذلك المكتب و كلي حزن و ألم على ذلك القط المسكين الذي راح ضحية اجتماع غير مهم حسمت قراراته مسبقا ، حين خروجي من المكتب ، إلتفت و حدثت بابه، قلت له : ألم يكن بمقدور صاحبك أن يرسل لي فحوى الاجتماع عن طريق رسالة أس أم أس و انتهى الأمر
رد علي الباب بــــ " طـْــرَقْ " ، انغلق الباب ، حينها فقط أدركت ، و قلت للباب : "لم أكن أعلم أنك مثل صاحبك"
مات القط و ماتت معه أحلام المساكين من جامعتنا ، أصحاب الليسانس و أيضا الذين هم الآن آملين أن يلتحقوا بماستر جامعتنا بعد سحب شهاداتهم و كشوفهم بعد رمضان أو في سبتمبر القادم من بقية الجامعات.
و السؤال المطروح: كيف سنواجه تساؤلات الطلبة من جامعتنا الذين تم إقصائهم بالرغم من نجاحهم سنة بعد سنة ، و الطلبة " المتفوقين منهم " التي أجبرتهم الظروف في بقية الجامعات و ما فيها من تأخر في تسليم الشهادات و غيرها من الوثائق الإدارية، كيف سنواجه تساؤلاتهم حول حقهم التسجيل في جامعتنا؟
هل بـــ فقط: أغلق صاحب الباب، الباب، و مات القط و السلام ؟
إعداد و إخراج
بــ قلم رصاص
أستاذ بـــ جامعة أحمد دراية أدرار