سؤال يطرحه الجميع، خاصة من هم خارج قطاع التربية، وحتى المواطنون البسطاء، فكان جواب هذا السؤال عند جموع المحتجين، “التعاقد حوّلنا إلى عبيد، وحان الوقت لنتحرر من العبودية”، لم يكن أستاذ يتدخل وهو يشرح عيوب التعاقد دون أن ترى في عينيه دموعا أمسكها الكبرياء أن تسقط، رغم أنها تغلبت على البعض منهم ونزلت علّها تطفئ النار التي أوقدها الظلم طيلة سنوات التعاقد. تذكر أستاذة من ولاية عنابة تركت أبناءها الثلاثة والتحقت بزملائها في بجاية، ومشت معهم عشرات الكيلومترات سيرا على الأقدام، أنها سئمت من التعاقد، لأنه حوّل حياتها إلى جحيم، كيف لا وهي التي لم تملك حق الفرح بمواليدها الثلاثة، لم يتركوا جسدها يرتاح من وجع الولادة، ولم يتركوا حضنها يضم صغيرها على الأقل بشكل دائم طيلة ثلاثة أشهر كباقي العاملات، ناهيك عن عقد عمل هش يمكن أن يفسخ في أي لحظة إذا أراد المدير ذلك، فإذا كان بعض المديرين، حسبها، يملكون الحس الإنساني ويتضامنون مع وضعياتهم، فالأغلبية يستغلون هذا العقد لتكليفهم بمهام لا تمت لمهمة التعليم بصلة. وهنا ذكرت زميلة لها بولاية بومرداس: “أنا وجدت نفسي أقوم بمهام في الإدارة لا أتقاضى عليها مالا، وليس لي الحق برفضها”، ليقاطعها أستاذ آخر من نفس الولاية يدرّس في الطور الثانوي: “الأستاذ المتعاقد ليس محروما ماديا فحسب، بل هو محطم نفسيا”، كيف لا وهو يعيش “التمييز” في مؤسسة واحدة مع زملائه الأساتذة، وهنا أشار إلى أنه عند تسلمه جدول التوقيت، أعجب توقيته زميله الأستاذ المرسّم وطلب من المدير أن يستبدله له، وكان له ذلك، ولم يكن له الحق في الاحتجاج، ولو فعل لفسخ عقده في الحين، خاصة وأن القانون يمنح للمدير الحق في فسخ العقد في أي وقت، وهو ما جعل الكثير من المديرين يهددون بتوقيفهم في أي لحظة إذا لم ينفذوا أوامرهم.
أما تأخر الأجور فحدث ولا حرج، هناك من قال لنا إنه لم يستلمها منذ سنة، وآخر سنتين، وهناك من لم يتقاضاها منذ أربع سنوات كاملة، والأجر لا يزيد عن 20 ألف دينار، فأجورهم أقل من الأستاذ المتربص، رغم أن معظمهم لهم خبرة سنوات طويلة ويعملون في مناطق نائية لا تتوفر حتى على النقل، ولا يستفيدون من منحة المردودية، ناهيك عن حرمانهم من حق التأمين والحق في التقاعد وحق أربع ساعات في الأسبوع التي يستفيد منها الأستاذ المرسّم لإكمال دراسته.