مجموع الوصايا ( للذهبي وابن دقيق العيد وكلمات في العلم وأدب الطلب والإتباع )
جزء في التمسك بالسنن للحافظ الذهبي ص 51/52
(وشرع لنا نبيُّنا كل عبادةٍ تقربنا إلى الله ، وعلمنا ما الإيمانُ وما التّوحيد ، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها ؛ فأيُّ حاجةٍ بنا إلى البدع في الأقوال والأعمال والأحوال والمحدثات ، ففي السُّنةِ كفايةٌ وبركةٌ ، فيا ليتنا ننهضُ ببعضها علماً وعملاً وديانةً ومعتقداَ
فشرُّ البدع وأخبثها ما أخرجَ صاحبها من الإسلام ، وأوجب له الخلودَ في النّارِ ، كالنُّصيريّة والباطنية ومن ادّعى نبوّة عليِّ.
ثمّ بعدهم غلاةُ الرّافضة وغلاةُ الجهميّة والخوارجُ ، وهؤلاء يُتردَّدُ في كفرهم ، وكذا من صرّح بخَلقِ القرآن أو جسّم أو جحد الصّفات أو شبّه الله بخَلقهِ .
ثم دُونهم القدريّةُ ودعاةُ المعتزلة ومن ينقصُ بأبي بكرٍ وعمر ، ثمّ من ينقصُ بعثمان وعليِّ وعمّارٍ وعائشة رضي الله عنهم .
ثمّ دُونهم الشّيعة الذين يُحبّون الشّيخين ويُفضلون عليّاً عليهما ، والزّيديّة ، فبدعُ العقائد تتنوّع ، أعاذك الله وإيّانا منها .
وخلائقُ من كبارِ العلماء رحمةُ الله عليهم بدّع بعضهم بعضاً من الشافعيّة والحنفّية والحنابلة وأهل الأثر ، وأهل ِ الكلام ومُثبتةِ الصِّفات القرآنية لا الخبرية ، ومُثبتةِ الشّيعة دون غيرها ، ومُثبتةِ ما ثبتَ من الأخبار دون ما حَسُنَ على اختلافِ آرائهم ، ومبالغة بعضهم في الإقْرأرِ والإمرارِ وذمِّ التأويل ؛ فبينَ هؤلاءِ نزاعٌ وخلاف شديدٌ ،مع إيمانهم -الكُلِّ- بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث والقدر ، والإنقيادِ للكتاب والصِّحاح والإجماع ، وتعظيمِ الربِّ وإجلاله ومراقبته ، والإنقياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم والخضوع له ، والمحافظةِ على الفرائض والطّهارة ، والإبتهال إلى الله في الهدى والتوفيقِ مع الذَّكاء والعلم .
وبعضُهم يتعجَّبُ من بعضٍ كيف خالفَ في تأويل الصّْفاتِ ، كما يتعجبُ الآخرُ منه ومن سَعةِ علومه كيف جمدَ على إثباتها وأقرَّها ، وبعضُهم يتعجّبُ من هؤلاء ومن هؤلاء كيف لم يسكتُوا كما سكتَ الجمهُور ، و1فوّضوا ذلك إلى الله ورسوله حتى إن التلميذ ليتعجَّبُ من شيخه ، والمفضولَ فيهم من الفاضل .
---------
1- الذي عليه سلف الأمّة وأئمتها إثباتُ ما أثبتهُ الله لنفسه في كتابه ، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم فيما صحّ من سنته من صفاتِ الجلال والكمال ، بلا تأويلٍ ولا تمثيلٍ ولا تعطيلٍ ولا تشبيهٍ ( لَيّسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيْرُ)