عن أبي مسعود عُقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِمَّا أدرك الناس من كلام النُّبوة الأولى: إذا لَم تستح فاصنع ما شئتَ" رواه البخاري.
هذا الحديث و من بين ما يدلّ عليه أنّ الحياء من الأخلاق الكريمة التي أوصى بها جميع الأنبياء ،وحثت عليها كل الشرائع السماوية ،فالمرء بلا حياء وبال على نفسه وعلى من حوله ، ولعلّه يكون مطلوبا أكثر في المرأة ،لأسباب كثيرة قد نفرد لها موضوعا خاصا.
فكم من تصرف يريد أن يقوم به الإنسان لكن الحياء يمنعه ،وكم من قول .....وكم من فعل ....وكم ..وكم ، فياترى ماهي حدود الحياء عند كل واحدة منّا ؟
لنتصفّح بعض صور الحياء عند النساء في زمن الحياء . ونقارن حياءنا بحيائهنّ
فها هي عائشة .أم المؤمنين رضي الله عنها تقول :_كنت أدخل بيتي الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي فأضع ثوبي فأقول :أنما هو زوجي وأبي فلما دفن عمر معهم فو الله ما دخلت إلا وأنا مشدودة عليٌ ثيابي حياء من عمر ..)أخرجه الأمام أحمد
ممن تستحي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ؟......من ميت
لما مرضت «فاطمة الزهراء» رضي الله عنها مرض الموت الذي توفيت فيه، دخلت عليها «أسماء بنت عميس» رضي الله عنها تعودها وتزورها فقالت «فاطمة» لـ «أسماء» والله إني لأستحي أن أخرج غدا (أي إذا مت) على الرجال في وضح النّهار ليس عليّ إلا الكفن .
وكانت النعوش آنذاك عبارة عن خشبة مصفحة يوضع عليها الميت ثم يطرح على الجثة ثوب ولكنه كان يصف حجم الجسم، فقالت لها «أسماء» أو لا نصنع لك شيئاً رأيته في الحبشة ؟؟
فصنعت لها النعش المغطى من جوانبه بما يشبه الصندوق ودعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت على النعش ثوباً فضفاضا واسعا فكان لا يصف! فلما رأته «فاطمة» قالت لـ «أسماء»: سترك الله كما سترتني .
ممّ كان حياء سيدة نساء أهل الجنّة ؟.....من أن يرى الرجال بعض تقاطيع جسدها الطّاهر المغطى وهي ميتة .
وعن أَبِى بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَطَاءُ بْنُ أَبِى رَبَاحٍ قَالَ قَالَ لِى ابْنُ عَبَّاسٍ : أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ؟ قُلْتُ : بَلَى . قَالَ : هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ أَتَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ : إِنِّى أُصْرَعُ ، وَإِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ لِى . قَالَ :« إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ » . فَقَالَتْ : أَصْبِرُ . فَقَالَتْ : إِنِّى أَتَكَشَّفُ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ لاَ أَتَكَشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا ) البخار ي
تنازلت هذه المرأة عن الدّعوة بأن يشفيها الله من الصرع مقابل الجنّة لكن حياءها جعلّها تصر على دعوة النّبي صلى الله عليه وسلّم لها بأن لا تتكشف وهي غائبة عن وعيها والقلم مرفوع عنها .
فأين نحن اليوم من هذه الصور المشرقة من الحياء ؟