![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
في العالم المعاصر الصحة تعني المرض
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]()
في العالم المعاصر الصحة تعني المرض في العالم المعاصر، كما في عالم جورج اوريل الروائي، الكلمات تعني نقيضها، فالسلام يعني الحرب، وحفظ السلام يعني إشعال الحروب، والأخلاق تعني الانحلال، والنظام يعني الفوضى، والديمقراطية تعني الدكتاتورية، والصدق يعني الكذب، والصحة تعني المرض........... وحال قطاع الصحة في العالم المعاصر يعكس هذه الصورة، فالصحة تعني المرض.......... الطب علم أم موضة؟ أتذكر أن أحد أساتذتنا في كلية الطب كان يردد جملة اقتبسها من مكان ما توصف حال الطب، كان يقول: ((إن أساتذة الطب يعرفون أن نصف ما يعلمونه لطلابهم خاطيء، لكن المشكلة أنهم لا يعرفون أي نصف هو الخاطيء)). حفرت هذه العبارة عميقا في وعيي، وإني أتذكرها كلما شاهدت أحد أولئك المنبهرين بالاكتشافات الطبية الحديثة، فيتحدث عنها بانبهار وكأنها ستنقذ البشرية!! أو حين يتحدث أحدهم، وخاصة مندوبي الدعايات الطبية، بحماس عن دواء جديد نزل إلى الأسواق، فيقدمه وكأنه سيقضي على كل الأمراض!! عند ذلك أتذكر عبارة أستاذنا، فأسأل نفسي: - يا ترى هل يتحدثون في النصف الخاطيء أم في النصف الصحيح؟ لكني متأكد أن التوتر والشك الذي تحمله العبارة السابقة لم يلامس روحهم وإلا لما تحدثوا بهذا الحماس وهذه الثقة........ وعندما كنت طفلاً كان الأسبرين هو الدواء الأول، الذي لا تخلو منه صيدلية البيت في الستينات والسبعينات، لأنه يستعمل كخافض حرارة ومسكن ألم. لكن عندما دخلت إلى كلية الطب عام 1985 كان الكلام عن العلاج بالأسبرين من المحرمات، التي قد تؤدي إلى رسوبك في الامتحان، فقد نسق هذا الدواء بشكل تام بسبب اكتشاف أن العلاج به أثناء الإصابة بالأمراض الفيروسية قد يؤدي للإصابة بتناذر ((راي)) وهو شكل من أشكال التهاب الدماغ المميت. لكن عندما تخرجت من كلية الطب كان الأسبرين قد عاد بقوة إلى رفوف الصيدليات وبدأ نجمه بالصعود حتى لم تعد وصفة طبية تخلو منه، فإضافة لكونه خافض حرارة ومسكن ألم، اكتشفوا أنه يعمل بجرعات خفيفة كمميع للدم، فهو يمنع التصاق صفيحات الدم، ثم اكتشفوا أنه يفيد اللاتي يعانين من الإسقاط أو من الولادة المبكرة فعولجن به....... وعندما دخلت إلى كلية الطب كان هناك زمرة دوائية خافضة لسكر الدم اسمها الميتفورمين قد منع استخدامها لأنها تسبب اختلاطا نادراً مميتاً يسمى الحماض اللبني، وعندما أنهيت اختصاصي كانت هذه الزمرة قد عادت بقوة إلى وصفات أطباء السكري، فصارت في الخط الأول لمعالجة مرضى السكري. وبعدها تابعت هذه الزمرة صعودها وما زالت لتصبح علاجاً لخفض الوزن، والشعرانية، والشواك الأسود، وكيسات المبيض......... وفي الستينات والسبعينات كانت الحمية عن مأكولات محددة كالبزر والفستق والشوكولا أساسية في معالجة المريضة المصابة بحب الشباب، وفي الثمانينات والتسعينات قالوا لنا إن نوعية الغذاء لا علاقة لها بحب الشباب فلغينا الحمية وبتنا نقول للمريضة كلي ما تشائين. لكن في العام الماضي بدأ رأي مناقض يقول بتأثير الزيوت والحليب والشوكولا على زيادة حب الشباب فأعدنا مرضانا للحمية الغذائية....... في البداية قالوا إن الحمية الغذائية عن الحموض والقهوة والشاي والحاد والبهارات ضرورية عند مرضى القرحة الهضمية. وبعد ذلك قالوا إن بعض المرضى الهنود تناولوا الكاري أثناء معالجة القرحة فلم تتأثر نتيجة المعالجة، فاستنتجوا أن الحمية غير ضرورية، فما يهم هو أن تتناول حبة الدواء ثم افعل ما تريد. وفي هذا العام أصيب أحد أصدقائي بنزف هضمي، فراجعنا أحد الأطباء العائدين حديثاً من أمريكا حائزاً على شهادة البورد الأمريكي. وبعد أن أتم تشخيصه ووصف له الدواء (وهذا له قصة سأذكرها فيما بعد). سألناه عن الحمية، ففوجئت به يقول للمريض: - كل ما تريد. فقط لا تشرب قهوة على الريق.... ماذا يجري؟ هل نحن نتكلم عن الطب كعلم مستقر مثل علم الفيزياء، أم نتكلم عن موضات دوائية، بكل ما تعني كلمة "موضة" من معنى؟!!! هل يجوز في علم الفيزياء، على سبيل المثال، أن تتغير الحقائق العلمية بين السبعينات والتسعينات كأن يكون قانون الجاذبية الأرضية حقيقة علمية مؤكدة تدرس للطلاب ويحلون مسائل الفيزياء استناداً إليه، ثم تنقلب الأمور في التسعينات لنكتشف أنه لا يوجد قانون للجاذبية ويدرس هذا الأمر للطلاب بنفس الجدية السابقة، ثم بعد عشر سنوات تعود الأمور سيرتها الأولى فنؤكد أن قانون الجاذبية الأرضية حقيقة مؤكدة؟!! حاز العالمان الأستراليان باري ج. مارشال وج. روبن وارن، لأبحاثهما حول دور البكتريا في التهاب المعدة وفي مرض القرحة، على جائزة نوبل هذا العام لاكتشافهما جرثومة الهيلوباكتر 1982 التي تسبب القرحة. ولا أعرف لما حازا عليها هذا العام بالذات رغم أنهما قالا باكتشافهم منذ وقت بعيد وبعد أن كادت موضة الهيلوباكتر تنتهي. فهذه الجرثومة وصلت إلى ذروة مجدها في منتصف التسعينيات من القرن الماضي فقد اعتبرت مسببة للقرحة الهضمية وتغيرت بناءا على ذلك طرق معالجة القرحة، فأصبحت المعالجة تعتمد على مضادات الجراثيم إضافة إلى مضادات القرحة الأخرى، وبعد ذلك امتدت موضتها من طب جهاز الهضم إلى اختصاصات الطب الأخرى. فقال بعضهم أنها سبب احتشاءات القلب!! وبنفسي أحصيت في مجال اختصاصي، طب الجلد، أكثر من عشرة أمراض جلدية اتهموا هذه الجرثومة بأنها المسببة لها. كما أنجزت إحدى زميلاتنا دراسة عن علاقة هذه الجرثومة بمرض الشرى (التحسس)!!! ويومها ظننت أننا سنكتشف أن كل كوارث البشرية سببها هذه الجرثومة المسكينة، التي هي نوع من الجراثيم سلبية الغرام المتعايشة في الغشاء المخاطي للمعدة والتي لم يعرف لها ضرر قبل أن يأتي هذان العالمان ويشرشحانها لتصبح سبب كل بلاوي البشرية، فكل مرض مجهول السبب صار يلقى وزره على عاتقها!!! قد يبدو هذا الكلام نوع من المزاح وفي أسوأ الأحوال نوع من المزاح الثقيل. لكن الأمر ليس كذلك، لأن الكلام السابق عندما يترجم بشكل عملي فهذا يعني مليارات الدولارات، التي صرفت على معالجة هذه الجرثومة بالصادات الحيوية، واتهامها بكل هذه الأمراض يعني أن كل وصفة طبية لمعالجة تلك الأمراض سيتصدرها الصاد الحيوي المعروف باسم كلاريترومايسين، وهذا يعني انتفاخ جيوب منتجي هذا الدواء بمليارات الدولارات. فهل منح جائزة نوبل لهذين العالمين بعد ربع قرن من "اكتشافهما" هو لضخ مزيد من الأموال في جيوب تلك الشركات!! انقل عن الدكتور انطوان قربان، المتخصص في تاريخ وفلسفة العلوم الطبية وأخلاقياتها، قول الطبيب والمفكر ايفان ايليتش في السبعينات: "أن المؤسسة الطبية تهدد الصحة" (2). لذلك علينا أن نفتش عن المستفيد الأول من كل ذلك وهي شركات الدواء. يتبع................
|
||||
![]() |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc