الحمد لله رب العالمين المتصف بصفات الكمال، والمنزه عن النقص وسماته، والصلاة والسلام على سيدنا محمد أفضل الأنبياء والمرسلين، وبعد:
1.معنى أن الصفات قديمة أنها لا بداية لوصف الله تعالى بها، أي على تقدير وجود الواصف والموصوف. والموصوف في هذا المقام موجود لا أول لوجوده كما لا آخر لبقائه، لأنه الله تعالى رب العالمين، والواصف إما أن يكون هو الله تعالى ولله تعالى أن يثني على نفسه كما يشاء، وحتى قبل أن يخلق الخلق، وأما إن كان الواصف المخلوق، فإنما يصف الله تعالى على ما هو عليه على تقدير عدم وجود المخلوقات.
يعني : أنت الآن لو قدرت في ذهنك عدم وجود المخلوقات، وقلت هل كان الله تعالى موجودا، فالجواب بعم بالطبع، فلو سألت نفسك : هل الله تعالى قبل وجود المخلوقات يشبه شيئا منها إذا وجدت، أو يشبه ما علم هو جل شأنه أنه سيوجَدُ منها، أو ما لن يوجد.
فالجواب هو لا قطعا.
يعني إن الله تعالى يعلم أنه لا يشبه شيئا من مخلوقاته ، وعلمه هذا ثابت منذ الأزل، وعدم مشابهته لمخلوقاته ثابت منذ الأزل، سواء قدرت وجودا المخلوقات أم لم تقدر ذلك.
فقولنا إن الله تعالى مخالف للحوادث، والذي معناه أنه تعالى لا يشبه شيئا من المخلوقات، هذا الوصف ثابت لله تعالى أزلا وأبدا كما ترى، على التقادير السابقة.
فالحوادث لها صفات ، وهذه الصفات ثابتة لها في نفس الأمر، كما تقول إن هذا العالم موصوف بالإمكان، قبل وجوده وبعد وجوده، فوصفه بالإمكان ثابت له أزلا وأبدا، لأن هذا الوصف وصف له في نفسه، ولا يتوقف وصف العالم بالإمكان على وجود العالم. وكذلك تقول: إن العالم المخلوق موصوف بالافتقار الذي هو فرع الإمكان، فكل ممكن مفتقر، والوصف بالافتقار ثابت للعالم قبل وجود العالم وبعد وجوده، ولا يتوقف وصف العالم بالافتقار على وجوده. وهكذا....
فنقول: بناء على هذا: الله تعالى مخالف للحوادث قبل وجود الحوادث وبعد وجود الحوادث، ولا يتوقف وصفه بالمخالفة للحوادث على وجود الحوادث. فاتصاف الله تعالى بكونه مخالفا للحوادث لا أول له. وبناء على نفي الأولية له، يمكن وصفه بالقدم، بناء على أن القديم هو ما لا أول له.
وأما قول"الصفات المستحيلة" والسؤال عنها هل تكون قديمة؟؟؟ فنقول "الصفات المستحيلة" غلط، فالمستحيل لا يكون صفة لله تعالى، بل الذي نصف الله تعالى به إنما هو نفي الأمر المستحيل، ونفي الأمر المستحيل على الله تعالى واجبٌ، فنفي المشابهة مثلا ليس مستحيلا بل واجب، والمستحيل إنما هو المشابهة. ونفي الأولية ليس مستحيلا بل واجب، والمستحيل إثبات الأولية لوجود الله تعالى.
والله الموفق وهو الهادي الى السراط المستقيم