
عندما تصل إلى آذاننا كلمة "البخل" يتبادر إلى الأذهان الشُّح، وحبس المال عن الاستمتاع به، والامتناع عن الإنفاق أو قلّته، فإذا ذُكر الزوج البخيل انصرف الذهن إلى ذلك الرجل الذي يضن بالمال عن زوجته وأهل بيته ومن يعولهم.. فهل هذا هو البخل؟
إن بخل الزوج بالعاطفة أشدُّ على الزوجة من البخل بالمال، وفي كليهما أذى وإيلام للزوجة، فقد تحتمل الزوجة بخل الزوج بالمال، ولكنها لا تستطيع أن تتحمل بخله بالعواطف والمشاعر وكلمات الثناء، وقد تعوض الزوجة شح إنفاق الزوج بمساعدة أهلها لها، أو بعمل تعمله، أو بدخل يأتيها، أو ولد يكرمها، لكن إذا بخل الزوج بعواطفه ومشاعره وحبه وحنانه الزوجي فلا طريق إلى تعويض ذلك لدى الزوجة.
وإن نعجب فعجب أن يكيل الزوج لزميلاته أو قريباته كلمات الثناء والشكر والإطراء والإعجاب بغير حساب، ويبخل بذلك كله على زوجته، مع أنه يأتي بيته فيجده نظيفاً منسقاً، ويجد مخدعه مهيأً، وزوجته قد تزينت له وتعطرت، وأعدت طعاماً يحبه، وشراباً يشتهيه، وظلت ساعات أو سويعات تنتظر رجوعه وأوبته، فإذا ما دخل بيته لا ينتبه لمجهود زوجته وبصماتها على بيته وأولاده ونفسها.
إن هذا الزوج يجد ذلك كله أو بعضه فلا يشكر زوجته على طعام، ولا يثني عليها على جمال، ولا يقدر مشاعرها! إن مثل هذا الزوج قد ماتت مشاعره ونخوته، واختل ميزان التقدير عنده، فأصاب زوجته بإحباطٍ ربما كانت تتحمله من غير زوجها، لكنها لا تحتمله من زوجها، ذلك أنها تنتظر منه ومنه بالذات تقديراً لأفعالها وتصرفاتها ولو خذلها كل الناس. أما أن يخذلها زوجها، فإن ذلك يجعلها تنهار من الداخل، ومن ثم يتصدع الكيان الأسري، ويضعف المجتمع.