وصلت إلى بيتها بعد صلاة المغرب من يوم الخميس و أنا متعبة و منهكة من عناء السفر فهي تسكن في ولاية بعيدة عن ولايتي
و ما هي إلا لحظات حتى خرجت و عادت مسرعة وهي تحمل شيئا بين يديها قالت لي و علامات السرور بادية على محياها
لقد أصبحت أملك محفظة و كراريس و كتب و أذهب إلى المدرسة أيضا
وأخذت تريني أدواتها ومحتويات محفظتها بكل حماس و ما إن فتحت كراسها حتى تفاجأت بجمال خطها وتفاجأت أكثر عندما فتحت مصحفا ذو حروف عملاقة و أخذت تقرأ قراءة بطيئة و لكن الكلمات كانت مفهومة وحينها فقط أدركت مدى إرادتها للتعلم كما أني أدركت أن هذا الأخير ليس حكرا على سن معينة و لا تعنيه عبارة .....فات الوقت ........
هل عرفتم الآن من هي هذه التلميذة المجتهدة إنها الحبيبة أمي الغالية .
رغم أنها من مواليد الستينات إلا أن الحظ لم يسعفها لدخول المدرسة و لا مرة في حياتها و بما أن حرقة الدراسة بقيت تلازمها فقد كانت تتساهل في كل شيئ معنا إلا عندما يتعلق الأمر بالدراسة فإنها تتحول إلى سيف الحجاج فالويل لمن يرفع عينه عن كراسه و كتابه أيام الإمتحانات و الحمد لله لقد وفقنا الله في الدراسة أنا و إخوتي فكلنا جامعيين ماعدا آخر العنقود أخي الأصغر الذي يدرس بمشقة في الثانوية .
سجلت أمي في محو الأمية و كلها أمل في إتقان القراءة في أقرب وقت ممكن حتى تتمكن من القراءة في المصحف الشريف كل يوم بعد صلاة الفجر كما قالت و حقيقة لم أتأسف في يوم ما على بعدي في السكن عن أمي كما تأسفت هذه المرة فلو كنت قريبة لقمت بتعليمها بنفسي
أسأل الله أن يوفقها و يبلغها مرادها و أن يغفر ذنوبها و يرحمها في الحياة و المماة
.