ويستمر الأمل | عبد الرحيم صابر

[عبد الرحيم صابر]

ويستمر الأمل.. وحقيق به أن يستمر
يستمر ما دام بالسَّحْر أنفاس تتردد
يستمر ما دامت هذه المضغة تدق عادَّة نبض الحياة لحظة بلحظة


إن النظرة المادية لأسباب الحياة ليأس قاتل لمن ضاقت عليه الخيارات والأسباب التي يريدها
وإن التمسك بحبال الأسباب دون الرجاء والتوكل على مسببها والحاكم فيها لهو تمسك بخيط العنكبوت وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت


قد يقف قلبك في يوم من أيام تفكره، وفي لحظة من لحظات تدبره
فيحس بوحشة الزمان والمكان
قد يقف في لحظة.. وقد أظلم له من كلِّ شيء.. كلُّ شيء
قد يقف في برهة.. وقد اشتمله واحتواه يأس قاتل
يقف.. وقد سالت عبراته، لا دموعا تجري على خد قد اختطت سبيلا لها منه
بل تجري مع الدماء متبعثرة في كل أجزاء البدن فإذا لبكائه تبكي كل ذرة من ذراته
إنه استوحاش كامل من هذه الحياة
بل يأس من المجتمع كله في أن يقدر للمبتلى أي حياة
فإذا ما أظلم الأفق بسحائب القنوط السوداء
وإذا ما اشرأبت بصيرة القلب فاقدة صفحة حياة ناصعة بيضاء
وإذا ما بلغت القلوب الحناجر فَرَقا من غد مجهول فإذا هي صم وعمياء
وقد أحاط البؤس بتلك القلوب والوهن فإذا هي هزيلة عجفاء
وضاقت عليك الأرض بما رحبت من كل الجوانب والأرجاء
يأتي نور الأمل ليضيء في هذا الظلام الحالك
يأتي فارس الأمل منقذا للأسير من كل المهالك
يأتي جواد الأمل حاملا لك من هذه المفاوز والمسالك
أين أنت يا أمل.. فهذا وقتك وهذا أوانك
أين أنت فما أجملك من غالٍ وحبيب
أين أنت.. أأنت غائب فأنتظرك، أم أنك قريب
أين أنت.. فقد خشيت على قلبي طول الارتقاب
خشيت عليه سم الإحباط وانعدام الحيلة والارتياب
خشيت أن أفقده فلا أحس به بعد الآن
خشيت عليه وعلى نفسي فما أصعب التحمل في هذه الأزمان

أُخَيّ وأُخَيَّتي
لا تسئ ظنك بي.. تلطف وانتظر
فلست فاقدا للأمل ولست له أنتظر
بل هو نار في دمائي تسري وتستعِر
الأمل.. ضياءُ فجر جديد في الأُفْقِ يستطيل بعد الظلمات وينتشِر
الأمل.. ثَلْمٌ لكل قلبٍ حزينٍ.. جريحٍ.. ينكسِر
الأمل.. حُبٌ فكل همٍّ يضمحل ورائه وينحسِر
فالأمل يستمر.. وحقيق به أن يمضي ويستمِر