من اجل لقمة العيش، حتى الموت يهون على أطفال غزة
رفح (قطاع غزة) - يقول انور (15 عاما) انه لا يجيد القراءة ولا الكتابة لكنه يستطيع حفر الانفاق، ويوضح انه يبحث حاليا عن عمل لان الطيران الاسرائيلي دمر مكان عمله السابق بالغارات التي استهدفت الانفاق التي تربط غزة بمصر.
وصوته الاجش وشكله الخارجي يغطيان صغر سنه لكن جسده النحيل يجعل منه مرشحا مثاليا للقيام بعمل خطر.
وعلى غرار الاف الاولاد الاخرين من قطاع غزة المنطقة المحرومة التي مزقتها الحرب، تعتمد عائلة انور عليه لاعالتها. وهذا النوع من العمل يدر الكثير من الاموال نسبيا اذ يتمكن الاطفال من كسب ثلاثين دولارا خلال 12 ساعة.
ويقول هذا الصبي باعتزاز "لدي ستة اشقاء وانا اعيل العائلة. المدرسة لا تفيد بشيء".
وردا على سؤال حول الهجوم الاسرائيلي الذي اودى بحياة اكثر من 1400 فلسطيني في مطلع السنة، يقول ان "اسوأ شيء في هذه الحرب هو انني انفقت كل مدخراتي التي جمعتها عبر العمل في الانفاق".
وكانت الطائرات الاسرائيلية قصفت منطقة معبر رفح خلال 22 يوما من المعارك (27 ديسمبر/كانون الاول - 18 يناير/كانون الثاني). وتواصلت الهجمات على الانفاق ردا على اطلاق الصواريخ كما ان اسرائيل ابقت حصارها على قطاع غزة.
وقال انور "يمكن تمرير اي شيء، المواد الغذائية والاحذية والالعاب والبرادات والافران او حتى سيارات".
وبررت اسرائيل الغارات على الانفاق بالقول انها تستخدم لتهريب اسلحة لا سيما صواريخ وقذائف هاون.
لكن انور يؤكد ان النفق الذي يعمل فيه لا يستخدم الا لتمرير البضائع. ويقول "لا اسلحة ابدا، الحكومة (حماس) لها انفاقها الخاصة من اجل ذلك".
ويقول مشغلو الانفاق ان المصريين يتحركون بشكل متزايد لوقف التهريب عبر ضخ الغاز او الماء في الانفاق او حتى تفجيرها.
وقال رجل رفض الكشف عن هويته عند مدخل احد الانفاق "لقد قتل ثلاثة اشخاص في الانفاق هذا الاسبوع".
وتغطي الخيام مداخل عشرات هذه الانفاق. وهناك برج مراقبة مطل على "مدينة الانفاق هذه" على الحدود المصرية على بعد 200 كلم.
وقال الفلسطيني فيما كان عمال يكدسون التراب في عربة مربوطة ببكرة كهربائية تعمل عبر مولد "هذا النفق دمر خمس مرات من الجانب المصري".
وافاد تقرير صدر اخيرا من المركز الفلسطيني للديموقراطية وحل النزاعات ان اكثر من نصف الفلسطينيين ال16 الفا الذين يعملون في الانفاق تقل اعمارهم عن 18 عاما. وهناك 30 شخصا من هذه الفئة العمرية من اصل الاشخاص ال115 الذين قتلوا في الانفاق منذ ان فرضت اسرائيل الحصار قبل عامين.
وتقول حكومة حماس ان حفر الانفاق مشروع طالما ان الحصار لم يرفع فيما تفرض بلدية رفح ضريبة بقيمة عشرة الاف شيكل (2500 دولار) لفتح نفق.
لكن ما هو غير مشروع في القانون الفلسطيني هو توظيف فتيان تقل اعمارهم عن 16 عاما كما اوضح اياد ابو حجير من المركز الفلسطيني للديموقراطية وحل النزاعات. ويقول ان غالبية الاولاد يتناولون دواء ترامادو المسكن للاوجاع والذي يخفف التوتر.
ويقول اسامة (14 عاما) "قررت عدم الذهاب الى هناك مجددا، لكن والدي توفي واضطررت للعودة قبل شهر".
ويقول صديقه محمد (15 عاما) الذي يمضي معه العطل في مركز للشبان تموله اليونسيف، منظمة الامم المتحدة للطفولة "لن اعود ابدا الى الانفاق، الامر مرعب هناك".
لكن انور غير مستعد للتخلي عن ذلك.
ويقول "حين اكبر اريد ان اصبح محترفا في حفر الانفاق لان ذلك يدر الكثير من المال".
صغار .... لكن رجال بحق .... الصغير فيهم بمليون رجل ........ وأكثر