الارهاب الفكري - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الارهاب الفكري

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-03-21, 14:55   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي الارهاب الفكري

عانت الأمة الإسلامية طويلاً من أزمات حضارية متعددة، كانت سبباً رئيساً في تخلفها وضعفها، وهيمنة أعدائها عليها، وجوهر هذه الأزمات الحضارية الخانقة، تكمن في الفكر لا في الوسائل؛ إذ إن الأمة الإسلامية تمتلك من وسائل النهضة، وأدوات الحضارة ما يؤهلها لقيادة العالم كما كانت سابقاً، وهذا التشخيص للأزمة الحضارية في العالم الإسلامي، هو ما أفصح عنه المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي؛ إذ يقول: "إن أزمة العالم الإسلامي منذ زمن طويل لم تكن أزمة في الوسائل، وإنما في الأفكار..." (1).

ومن أعظم الأزمات الفكرية الضاربة بجذورها الغليظة في عمق الحضارة الإسلامية هي مسألة "الإرهاب الفكري"، ذاك الناب الحاد الذي مزق فكر الأمة، والمخلب البشع الذي جرَّح وجهها المشرق، وما تزال الحضارة الإسلامية مثخنة بالجراح من جراء آثاره الخطيرة الذي ذاقت منه الأمرَّين.

إنه "الإرهاب الفكري"، الذي يقمع كل قول يخالف سلطته الدينية، أو ينازع قوته السياسية، كما مارسه الإرهابيون الأُوَل بقولهم: {لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْـمَرْجُومِينَ}، الشعراء: 116.

إنه ذلك الأسلوب نفسه الذي يمارس تسفيه وتحقير كل رأي لا يوافق هوى آبائه أولاً، أو لا يناسب ذوق أجداده؛ إذ قد قال أصحابه قديماً: {أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}، يونس: 78.

إنه الأسلوب الذي يغتصب العقول قسراً، ويرغمها على موافقة عقله، وتأييد رأيه؛ فلقد قال أستاذه سلفاً: {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرِي}، القصص: 38.

وما تزال معركة المصلحين مع أزمة "الإرهاب الفكري" قائمة لا يهدأ سُعارها، ولا يخبو شررها؛ ذلك لأن "الإرهاب الفكري" شديد الصلف، كثير السرف، نزق طائش؛ فما من وسيلة قذرة إلا استعملها؛ فها هو ذا يجيِّش جيوشه، ويجمع جموعه من المتملقين و"المتمصلحين" والغوغاء والرعاع لقمع الرأي الذي لا يراه، ولقطع اللسان الذي لا يعجبه، حتى يخيل للبسطاء السذج أن الناس قد أجمعوا على قوله، وما هو صنيعة إرهابه، وثمرة مكره؛ وذلك مثل ما وقع في "فتنة القول بخلق القرآن"، تحت دعوى "تنزيه الخالق"، وما يقع الآن باسم "مكافحة الإرهاب"، وما سيقع مستقبلاً تحت شعارات مبهمة مجملة لا خطام لها ولا زمام.

وإذا أخفق الإرهاب الفكري في تلك الوسيلة القذرة، جرّب وسيلة السجن والتهجير والإبعاد والنفي، وما له ألاَّ يفعل وهو المتطاول المختال البذَّاخ الشمَّاخ؟! وهذا عين ما حصل لبعض من قاومه من أئمة المسلمين المجاهدين: كابن تيمية، وابن حزم، وابن الوزير، وأمثالهم ممن يقبع في سجون "الإرهاب الفكري" ومعتقلاته.

فإذا كبرت غلظته وعظمت شراسته، وضاقت به حيله، جرب وسيلة للقمع بالغة الحقارة والدناءة، وسيلة القتل والتصفية الجسدية، وما له ألاَّ يفعل وهو الكريه النفس، الغليظ الطبع، القاسي القلب؟! فالقتل آخر وسائله الدنيئة وأحقرها، القتل بأي كيفية وعلى أي صفة، إما رجماً كما هُدد به نوح عليه السلام، وإما صلباً كما هُدد به سحرة فرعون المؤمنون، وإما حرقاً، كما أُريد بإبراهيم عليه السلام.

إن العلماء الأحرار والمصلحين الأبرار هم من يتصدى لهذا الطوفان الهائج، والشيطان المارد، مستندين في ذلك إلى موقف الإسلام من الفكر الحر؛ فلقد كان أُسّه وأساسه تحرير العقول والنفوس من عبودية غير الله، وبناءً على هذا الأساس متع أتباعه بالحرية في كل قول، وفي كل فكر بنَّاء؛ فقواعده تقرر أصالة الإباحة في كل شيء، ومقاصده تؤكد على حرية الإنسان في فكره، ما لم يصادم ضرورة من ضرورات الإسلام القطعية، وهذا القيد قيد عادل؛ لأنه من لوازم العقد المبرم بين المسلم وربه، المتمثل في شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فالعدالة تحتم علينا الوفاء لهذا القيد، وعدم تجاوزه ما دمنا مسلمين؛ ولذلك جاءت السنَّة المطهرة مؤيدة لتلك الحرية الفكرية بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر" (1).

وقد استنبط العلماء من هذا الحديث قاعدة فقهية جليلة ترسخ مفهوم الحرية الفكرية بقولهم: "الاجتهاد لا يُنقَض بالاجتهاد" (2).

ولبشاعة "الإرهاب الفكري" في التعاليم الإسلامية، نفَّر منه الإسلام، حتى مع المخالفين له جذرياً، وهذا القرآن الكريم مليء بالمناظرات العلمية مع خصومه في جو تسوده الحرية والأمن الفكري؛ إذ يقول الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}، آل عمران: 64.

بل نهى الله المؤمنين عن أدنى درجات "الإرهاب الفكري" في مناظراتهم لأهل الكتاب؛ إذ يقول: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إلَيْنَا وَأُنزِلَ إلَيْكُمْ وَإلَهُنَا وَإلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، العنكبوت: 46.

وهكذا سيرة المصلحين مع خصومهم، كما هي سيرة علي رضي الله عنه مع الخوارج لما ناظرهم بنفسه، وبواسطة عبد الله بن عباس، مناظرة تبعث الطمأنينة في النفوس على قاعدة "الأمن الفكري"، وهذا مع شدة صلف الخوارج وعنادهم، وحاشا أمير المؤمنين علياً أن يستعمل في حقهم وسيلة من وسائل "الإرهاب الفكري"، فلم يقاتلهم لأجل فكرهم، بل قاتلهم لأجل اعتدائهم على المسلمين.

وهذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الموصوف بالشدة في الحق، يناظر (قدامة بن مظعون) في مسألة قطعية ضرورية، مناظرة هادئة متسامحة؛ ذلك لما استباح قدامة شرب الخمر مستدلاً بقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إذَا مَا اتَّقَوْا وَّآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِـحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَّآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَّأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْـمُحْسِنِينَ}، المائدة: 93.

فقال له عمر: "إنك أخطأت التأويل يا قدامة! إذا اتقيتَ الله اجتنبتَ ما حرم الله!" (3). هكذا بكل طمأنينة وهدوء.

وقد ضرب الإمام مالك رحمه الله أروع الأمثلة في نبذ "الإرهاب الفكري"، لما رغب أبو جعفر المنصور أن يحمل الناس على العمل بكتابه (الموطأ)، عندها قال الإمام مالك: "يا أمير المؤمنين! لا تفعل! فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم ما سبق إليهم..." (4). وهذا موقف من إمام دار الهجرة، يمثل صورة مشرقة في التعامل الحضاري الرفيع.

ويبلغ "الإرهاب الفكري" مداه حينما تحتضنه قوة التحالف المكونة من الاستبداد السياسي والديني، ذاك التحالف المشؤوم الذي أخاف السبيل، وهتك حرمة الدليل، وانتهك المحارم، وارتكَب العظائم، كل ذلك من أجل مصالحه الشخصية ومآربه الضيقة.

وكما كان في الغرب ممثلاً في الكنيسة والإقطاعيين؛ فهو اليوم عندنا ممثل في علماء السلطة، والحكومات المستبدة التي لا يقيدها قانون ولا يلجمها نظام؛ ففقهاء السلطان يمثلون القوة التشريعية لـ"الإرهاب الفكري"، وحكام الاستبداد يمثلون القوة التنفيذية له، حتى أصبح "الإرهاب الفكري" إحدى الأيدي الباطشة لأخطبوط الاستبداد، ولطالما طالت تلك اليد الغاشمة المجاهدين من العلماء والمصلحين، وما بروز مصطلح "الوشاية" في ثقافتنا العربية إلا من أثر هذا التحالف المقيت، بل أصبح هذا المصطلح محفوراً في ذاكرة تاريخ سير هؤلاء العلماء والمصلحين؛ فهذا الإمام مالك ـ رحمه الله ـ أحد ضحايا لطمات تلك اليد القاسية، وذلك لما وُشِيَ به إلى أبي جعفر المنصور، أنه لا يرى صحة إيمان بيعة السلطان بالإكراه، فجُرِّدَ من ثيابه، وضُرِب بالسياط، ومُدَّتْ يده حتى انخلعت كتفه (1).

وقد يكون الجهل المركّب حليفاً لهذا التحالف الظالم، فيلتقي معه في كراهية الدليل والبرهان والحجة، ويفترق معه في درجات الشيطنة؛ فشيطان "الإرهاب الفكري" قابع في أغوار نفس الجاهل جهلاً مركباً، يهيج عندما يُذَمُّ التقليد أمامه، ويُزْعَج عندما تحاول أن ترتقي به فكرياً بأسلوب العلم الرفيع، عندها يثور ذاك الشيطان من قمقمه، كما ثار على المجاهد المصلح المظلوم محمد بن إبراهيم الوزير، فاعتزل قومه، وفي ذلك يقول:

أعاذل دعني أرى مهجتي *** أزوف الرحيل ولبس الكفن

وأدفن نفسيَ قبل الممات *** في البيت أو كهوف القنن (2)

وما زالت مسيرة البذل والتضحية في تمزيق هذا التحالف الجائر زاخرة بمواقف الدعاة المصلحين: كموقف أبي حنيفة، وأحمد، والبخاري، وابن حزم، وابن تيمية، وابن الوزير وأمثالهم، عليهم رحمة الله (3). إلا أن آثار ذلك التحالف الباغي على الفكر الحضاري للأمة مؤلمة لطول زمنه الجاثم على فكر الأمة وحضارتها؛ فقد أضرم البلاد ناراً، وأسعرها بالجور إسعاراً، وأحوج أهلها إلى الجلاء والشراد والتفرق في البلاد، ولعلِّي في هذه العجالة أُعدد بعض آثار الإرهاب الفكري المدمرة على الحضارة الإسلامية، فمنها:

1 ـ ترسيخ مفاهيم الاستبداد في المجتمع المسلم، حتى أصبحت ثقافة سائدة في السياسة والدين، والبيت، والشارع، والجامعة، وفي كل نواحي الحياة، وهذه أخطر آثاره المدمرة.

2 ـ ترسيخ المفاهيم المغلوطة في نفوس البشر، وتزويق الباطل، وتصويره بصورة الحق الذي لا يقبل النقاش؛ وذلك مثل ما حصل في "فتنة القول بخلق القرآن".

3 ـ زرع الالتباس في أذهان الناس بين الأحكام الشرعية والأحكام الوضعية؛ فأعلاها أن يلتبس على العوام الفرق بين الحاكم والإله، كما حصل لقوم فرعون، ولأتباع الحاكم بأمر الله العبيدي المعروف بالفاطمي، ومن صور هذا الأثر السلبي في أحكام "الإمامة العظمى" بين الحق الذي أراده الله، والباطل الذي أراده الاستبداد.

4 ـ قمعه للإبداع الفكري، وهذا ما حصل للفكر في أعقاب زمن الحضارة الإسلامية؛ فقد مرت على الأمة قرون كان الاجتهاد فيها محرماً؛ ونودي فيها بإقفال بابه.

5 ـ ازدهار سوق النفاق والتملق في عهد ذلك التحالف المشؤوم؛ إذ هو عدو لدود للصدق والصفاء والنقاء.

كما كان هو الفلاَّح المشؤوم الذي زرع الجبن والخور والكذب في نفوس أُسرائه، ومن لطيف ما يرويه التاريخ لنا أن رجلاً دخل على المهدي (أحد خلفاء بني العباس) فوجده يلعب بالحمام، فساق في الحال حديثاً يتلمس به رضا سيده، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح" فزاد "أو جناح" كذباً ونفاقاً (4).

فقاتل الله الاستبداد والاستعباد، لا تكاد تفقده عند المطامع المردية والمآكل اللئيمة والمعايش المخزية.

وإني في الختام أدعو علماء الأمة ومثقفيها وقرائها وحكمائها إلى المساهمة في مشروع نهضوي فكري، عنوانه "مكافحة الإرهاب الفكري"، وذلك بالسعي إلى الإصلاح الديني، وتنقية المفاهيم الشرعية من علائق وشوائب الاستبداد؛ فالإصلاح الديني أقرب طريق للإصلاح السياسي، والإصلاح السياسي هو المؤثر إيجاباً وسلباً على النواحي الحضارية الأخرى، كالاجتماعية، والاقتصادية، والعلمية، كما أنني أدعو إلى تجديد ثقافة الحوار المبني على قاعدة "الأمن الفكري"؛ فما أجمل الإعذار والتسامح مع الفكر ما دام أنه يدور في فلك الشريعة، لا يصادم ضروراتها، ولا ينتهك قواعدها القطعية!

وما أقبح "الإرهاب الفكري" حتى مع المخالفين لنا جملة وتفصيلاً!


منقووووووووووووووووول









 


رد مع اقتباس
قديم 2014-03-21, 20:29   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
باديسي
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

كلام جميل بورك فيك
ليتك نفيدنا بالكاتب










رد مع اقتباس
قديم 2014-03-21, 21:15   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

الكاتب هو عبد الله نافع الدعجاني










رد مع اقتباس
قديم 2014-03-21, 21:51   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

تقوى بوراوي سعيدانة - بيروت

يتنزّل الإرهاب الفكري ضمن إشكاليّة علاقة "الأنا" بالآخر. الأنا التي تلوح بوجهها عن الآخر المختلف عنها ولا تقبل هذا الاختلاف، فتعرض عنه وتلغيه وتغتاله معنويّا وفي بعض الأحيان قد يتحوّل هذا الاغتيال إلى اغتيال مادي.
هكذا هي ثقافة رفض الآخر وإكتام الصوت المختلف وتكميم الأفواه، وذاك هو الانغلاق والتقوقع على الذات والأسرة والعشيرة والبيئة ذات اللون الواحد. فالاختلاف هو لغز بقاء البشرية وتطوّر الحياة أمّا الانغلاق فهو إنكار لطبيعتها وتنكّر الإنسان لإنسانيّته التي تستوجب قبوله لأخيه الإنسان مهما اختلف عنه.
وانطلاقا من هذا الانغلاق والتشبّث بالرّأي الواحد وكره المختلف ينشأ نوع من الإرهاب الفكري لا يرتبط بلحية طويلة ولا ببندقية ورشّاش، كما يخيّل للبعض، وإنّما هو عبارة عن اغتيال للعقول واغتصابها قسرا بأساليب مختلفة بهدف إسكات صوتها وتوجيهها نحو نمط تفكير واحد،يعتقد ممارس الفعل بأنّ فكره ومنطقه هو الأصحّ والأسلم. وهو يأخذ العديد من الأشكال في عصرنا هذا من تفصيل للفتاوى على مقاس السلطة السياسية وتكفير لصاحب الرأي المخالف ورميه بأبشع الصفات ناهيك عن حجب مواقع وصحف تخالف سياسة السلطة ،و ومن يعرض وجهه عنك بعد أن يعرف بأنّ دينك أو مذهبك مختلف عنه أو حتى موقفك السياسي. وقد نجده في الملاعب الرياضية وفي سلوك الشخص الذي لا يقرأ من الصحف ولا يشاهد من القنوات إلا تلك التي تتناسب وانتماءه السياسي. وحدّث ولا حرج عن المزايدات وتخوين الآخر ذو الرأي المختلف فعصا الإرهاب الفكري قد تمتد إلى إرهاب لفظي يغتال الآخر نفسيا بهدف الإطاحة به. وهذا السلوك لا يرتبط بدين معين ولا جماعة بحد ذاتها، إنما هو سلوك مرَضيّ لا دين له، فإذا كانت الدعوات التكفيرية هي من قبيل الإرهاب الفكري فإنّ "الإسلاموفوبيا" (أو الرهاب من الإسلام) وتشويه صورة المسلم ومحاربة أسس عقيدته وعبادته هي من قبيل هذا الإرهاب، والأمثلة عديدة نستحضر منها ما تعرّض له المسلمون في الأندلس عقب سقوطها وما يحصل اليوم في بلدان عدة وفي مناسبات مختلفة. إذ أنّ السلوك المضادّ والمقوّم للإرهاب الفكري يفرض على الفرد والجماعة أن يحترم دين الآخر وفكره وعقيدته مهما اختلفت عنه.
والإرهاب الفكري ليس حديث النّشأة بل إنّه سلوك انتهجه الإنسان منذ آلاف السنين، ولقد ذكره القرآن الكريم في مناسبات عدّة، حيث عانى منه الأنبياء عليهم السلام، كنوح عليه السلام، بقوله تعالى على لسان قومه: " يا نوح لئن لم تنته لتكوننّ من المرجومين"
ولم يسلم النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم من إرهاب فكري سُلَط عليه حيث إن أهل قريش رفضوا دعوته واتهموه عليه الصلاة والسلام بأبشع الصفات خوفا من رسالته كاتهامه بالسحر والكهانة والشعر والجنون ...ناهيك عندما انذر عشيرته الاقربين بان قال تبت يداك وهذه صورة من صورالارهاب اللفظي وغيره كثير وإبراهيم عليه السلام وموسى الذي اتهم بالسحر ثم تحولت هذه الصور من إرهاب فكري إلى إرهاب مادي يطال سلامة الأنبياء عليهم السلام وقدر لبعض الانبياء أن يموتوا على يد من دعوهم كزكريا ويحي عليهما السلام.
أما العلماء فقد تعرضوا بدورهم إلى إرهاب يحارب فكرهم سواء من السلطة السياسية أم من الأفراد كالفارابي الذي اتهم بالكفر وابن رشد والغزالي من حرقت كتبهم على مرأى من الناس في الساحات العامة والجاحظ الذي وصف بالزنديق وما اتهم به الإمام مالك بن أنس من تكذيب.
فجاء النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام ، ذاك الذي تعرض لشتى الأنواع الإرهاب برسالة سمحة تحارب نعرات الجاهلية وتقوم على قبول الآخر وبعث الطمأنينة في نفسه من خلال إرساء أمن فكري على غاية من الإتقان والتحضر بل وفتح المجال لجميع لآراء على اختلافها ، إذ يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: " في اختلاف أمتي رحمة"
حيث كان للصحابة في ظل الدولة الإسلامية آراؤهم ووجهات نظرهم المتباينة التي أغنت هذه الدولة وجعلتها ترسي مبادئ العدل وتصل الى أقاصي العالم.
بل إنّ الدّعوة للإسلام جاءت متعارضة مع الإجبار والإكراه إذ يقول الحق سبحانه: " لا إكراه في الدين"، ويقول جلّ شأنه : ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". فالإسلام شريعة تعتمد على المنطق وتعوّل على عقل الإنسان الذي خاطبه القرآن بصورة مباشرة وفي مناسبات عدّة ( "يا أولي الألباب"، "لعلّكم تعقلون"...) و"تفتح له صفحات الكون والنفس ليقرأ فيها ما شاء أن يقرأ".
فالدعوة للإسلام تعتمد على المنطق وتناجز عقل الإنسان بالكلمة ، فهي لا تقيد حرية من شاء في أن يعتقد فيما يشاء ثقة منها في غلبة المنطق السويّ إذ أتيح له أن يصل إلى إفهام الناس.
بل إنّ الدين الإسلامي جاء بدعوة صريحة للتواصل مع الآخر والانفتاح عليه، خاصة وأنه دين موجه للبشرية في مجموعها، لقوله سبحانه:" يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم"
إذ كان من الممكن أن يخلقنا الله متشابهين من جنس واحد وفصيلة واحدة وعرق واحد لكنه خلقنا ضمن تركيبة متنوعة تغني فسيفساء الإنسانية لتجعلها في صورة على غاية من الروعة.
وعليه فإننا لن نتخلص من براثن الجهل والتخلف والدمار لو سمعنا صوتنا فقط وتجاهلنا الأخر وكتمنا صوته وحاربنا كلّ من يختلف عنّا، بل علينا أن نستمع للرأي المخالف والإقرار بكون الآخر هو شريك لنا في الوجود والإنسانية والبناء نتخذ من اختلافه عنا إغناء لثقافتنا وإثراء لها. بل علينا أن ندرّب أنفسنا على قبول الآخر وتقبّل فكره ومظهره، أي شكلا ومضمونا.
فالحقيقة ليست حكرا على أحد ولا أحد هو دائما على صواب وإنما جميعنا معرضون للخطأ والصواب
وكما يقول الإمام الشافعي (رضي الله عنه): "مذهبي صواب يحتمل الخطأ ومذهب غيري خطأ يحتمل الصواب".


مع التحفظ على الحديث الموضوع الذي ذكرته الكاتبة --اختلاف امتي رحمة---










رد مع اقتباس
قديم 2014-03-24, 11:00   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أبومحمد17
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2014-03-26, 17:39   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
iromi
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله كل خير










رد مع اقتباس
قديم 2014-04-12, 10:47   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبومحمد17 مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك
وفيك بارك الله









رد مع اقتباس
قديم 2014-04-12, 13:14   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة iromi مشاهدة المشاركة
جزاك الله كل خير

بارك الله فيك









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الارهاب, الفكري


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc