تدور فى رأسى الدوائر , كنت أستكشف عالمى الصغير المتمثل فى بيتنا ,
ومن ثم شارعنا وأبنائه من أبناء عمومه وجيران .وكيف أخذت تتسع الدائرة .
وكأنها تلك الموجات الدائرية الصغيرة ,التى تتوالى خلف بعضها من أثر الحجر الملقى فى ماء الترعة ,فتتسع وتتسع حتى تتلاشى من التيار .
أصبحت أكبر يوماً عن الذى سبقه ,وأعرف أكثر وبدأ من فى الدار يرسلنى لقضاء طلباً من الدكان أو من سوق المدينة , لقد كنت نبيهاً أركز فيما حولى وأصل للمعرفة بعينى وأتلوها بسمعى وكم كنت كثير السؤال ..!؟
ذهبت المدرسة و زاملت الكثير من الصبيان وممكن أن نقول كلهم صاروا لى أصدقاء .., إلا البنات فقد كنت خجولا ً جداً ,ويتلعثم لسانى عند حديثى معهم ..,
كنت أتساءل ولما كل هذا الخجل ؟إننا زملاء ..! هى ليست كائن غريب لما لا تلعب معها وتحاورها ...!ولماذا لا تكون صديقات ؟............. تسألنى وأجيبها وأسألها وتجيبنى ., تسأل عنى و أسأل عنها . ,تعودنى وأعودها .,فى الفرح تسعد لى وأسعد لها .,وفى الشدة أحزن لما أصابها وتحزن لما يصيبنى .,
هل أنا أسير خلف ركب التخلف الذى يمييزالفتى على الفتاة ..!؟
هل أنا على حق أم على باطل ..!؟
لماذا عاداتنا وتقاليدنا تمنع العلاقات بين صبى و صبية كالصداقة والزمالة .؟؟؟
مرت سنوات وأنا على حالى من صداقة ا....!
أصبحت فى السنه الرابعة من التعليم الأساسى ..وبعد بدء الدراسة بشهر أو يزيد ., جائت مدرسة للغة العربية بدل التى فارقتنا لأسباب الزواج وشهر العسل ....!أخذت المدرسة تسأل وأنا أجيب ومن هذه الساعة غيرت حياتى .. . !
عرفتنى ما كان مخبئ فى أغوار النفس ومكنون العقل ,علمتنى كيف أستقبل الحياة وأبتسم ..,علمتنى ببواطن الإدراك ..,
عرفتنى دروب المعرفة ومسالكها فى الأدب العربى من القصص والشعر والنثر ..,علمتنى كيف أسموا بالروح بأن أكون شمعة تنير دروب العاسرين ..., تمحو غشاوة الجهل القبلى والعادت المشينة والموروث من سنوات قبل الإسلام من وأد للفكر والذى هو نتاج العقل وحتى قتل الإناث ...!
أحببتها وتربع حبها فى قلبى .كنت لا أعرف عن الحب شيئاً... إلا أنى لا أطيق فراقها .., تغمرنى السعادة فى حضورها ...! وجهها باسم يشرق بالأمل ينبض لسانها بالمعرفة وحتى عيونها التى تجوب بها كل المقاعد تتفقد صغارها من طلاب العلم . أراها لا تغرب عن وجهى ..,كانت حاضرة الذهن وملمة بالعلوم ,وكنت أنا أستقى منها العلم بودها و وداعه حضورها الذى لا يغيب عن خاطرى ...,
أذكرها اليوم وأضحك على سذاجتى وأقول كنا أطفال الحب والبراءة ...!