هل جلست على كرسي طبيب الاسنان مرة وفتحت فمك ليحقنك بالبنج ...ثم بدات تتفرج عليه وهو يقتلع ضرسك من جذوره ويخرجه بيده مغموسا بالدم ...وكانه ضرس شخص اخر ...فتحس وكان شعورك قد مات تماما
شيئ غريب فعلا والاغرب اننا ننظر الى انفسنا في تلك اللحظات وكاننا لسنا نحن نسال انفسنا من انا ..
انا لا يمكن ان اكون ذلك الشيئ الذي يقطعه الطبيب ويقصه ويرقعه ...انا لست الشعور الذي مات ...انا لست موضوع تلك العملية ...بل انا مجرد متفرج على ذلك الشيئ الموضوع فوق مائدة العمليات
وهو الهام صحيح تماما اذ ان الانسان ليس موضوعا ولا يمكن احالته الى موضوع ينظر اليه من الخارج كما ينظر الى خريطة جغرافية
الانسان هو الاخر له اعماق جوانية لا تحيط بها النظرة الموضوعية ففي داخله نهر من الافكار والمشاعر متدفق متجدد بغير حدود
نهر من الاسرار غير مكشوف لاحد سواه هو
ولذلك فانه لا يمكننا ان نتخذ من الانسان موضوعا فواقع الانسان المرئي الظاهر ليس هو كله الانسان ذاك فمهما بلغ العلم عتيا الا انه لا يستطيع ان يخطوخطوة واحدة عبر هذا المظهر الا بالاستنتاج
لا شيئ غير الدين والفن وحتى الحب فلحظة حب ووجد وحدها كفيلة باكتشاف الانسان وكنهه مثل لحظة الكشف والالهام تتكاشف فيها القلوب بلا وساطة السر يخاطب السر فانا اومن بحواسي الخمس ولكني لا اكتفي بها والحياة بالمنطق وحده سخافة والواقع بالنظرة الموضوعية مسطح تماماواعتقادي ان كل شيئ في هذه الدنيا يحمل في طياته اسرارا لا بد من اكتشافها حتى نستفيد بها ونفيد
ويبقى الانسان السر الكبير الذي كان ولازال يحيرني دائما فياترى هل سيكشف يوما اسراره الغامضة هذه ام اننا سنظل دوما في حالة بحث دائم