"عساف*" في* زمن* الصواريخ
[size="5"]أستاذي ومعلمي وشيخي وقدوتي في هذا الزمان الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله وقدس سره خرج يوما من مسجده ذات عشاء في السنوات الأولى من ثلاثينيات القرن الماضي فوجد شخصا جزائريا مخمورا ولكنه يهتف بالفرنسية عاشت الجزائر.. فبكى الشيخ المعلم وقال: لولا ان* الله* انزل* فيها* نهيا* لأمرت* بشربها*.
كلما* حاولوا* ان* يقبضوا* على* الشعب* الفلسطيني* بقبضة* من* حديد،* تسرب* من* بين* اصابع* يدهم* ماء* يبث* الحياة* وينعش* الروح* في* أمة* أراد* لها* الأعداء* الانكسار* والتلاشي*.
من مخيم للاجئين في مدينة خان يونس الفلسطينية نشأ الشاب محمد عساف، هذا الفتى الذي اشتعل ثورة وتدفقا في انتفاضة الأقصى العظيمة.. كان الشعب يفقد كل يوم سربا من القادة والمجاهدين، وكانت الإذاعات المحلية تتابع اصوات طائرات الأباتشي وتطلق تحذيرات للمواطنين والمجاهدين، وكلما سقط صاروخ ليرفع روح شهيد إلى العلياء وينهش الموت قلوب الأحبة من الأهل والأصحاب، يصدح صوت الشبل الفلسطيني في كل الإذاعات بأنشودة وطنية بلهجة بدوية تنتشي بها النخوة وتهيج بها المعاني: "شدي حيلك يا بلد من شيخك حتى الولد".. وكانت البلد عنوان الأمة* ورمز* كرامتها،* ومن* هنا* انصاغت* عميقا* مشاعر* هذا* الولد* الفلسطيني* اللاجئ،* مكرسا* لقضية* وهائما* بالحرية* والفرح* والأسطورة*..
لم يكن في بالي ابدا عندما زارني في بيتنا بمدينة رفح انه سيصبح نجما وذلك ليس لنقص في شروطه الذاتية وانما لفقدانه كل الشروط الموضوعية.. من سيرفع بهذا الصوت الفلسطيني الحاني والمشتعل حرية وثورة إلى سماء العرب، فيما تتلهى الأحزاب وقواها التنفيذية بقمع الناس وتكميم* الأفواه* وقتل* الفرحة* في* قلوب* الفلسطينيين*..
كنت أخشى عليه كيف يتماسك وهو يقف على خشبات مسرح مبالغ في ديكوره واضوائه.. قلت ان الولد عندما تضيء له مصابيح بيروت وتبتسم في وجهه المدن الكبيرة سيشيح بوجهه عن المخيم والأسطورة الفلسطينية المدماة.. ولكنه خيب سوء الظن عندي وظل يهتف كل ما سمحت له شروط المهرجان* بفلسطين* والأقصى* والناصرة* وعكا* والنبي* وغزة* والفرح* والانتصار* والثورة،* وجلب* بيديه* القمر* وجعله* فوق* قبر* شهيد* ونادى* الأسير* وانبأه* بقرب* الفرج،* لقد* كان* محمد* عساف* سفير* جرح* لا* يساوم*.
خرجت مدن غزة ومخيماتها كلها رغم خشية الإخوان في حماس من انفلات الوضع الأمني تغني مع عساف وهي تدرك شيئا يفهم ولا يقال انها ليست مع الأغاني انما هي مع روح هذه الشخصية الفلسطينية المتألقة التي نادت للوحدة وانطلقت للحرية.
وخرجت* الضفة* الغربية* في* عرس* لم* تعشه* من* سنوات* طوال* في* الميادين* والقرى* والمخيمات* تشتعل* فرحا* مع* فوز* فلسطيني* لشعب* محروم* من* الابتسامة* ومحروم* من* الإحساس* بالأمان*..
وفي* الناصرة* وأم* الفحم* وعكا* وحيفا* والجليل* وكل* فلسطين،* كان* الناس* في* الشوارع* يهتفون* لفلسطين* ولعساف* الذي* نادى* بروحهم* الغد* الجميل*.
لهذا* كله،* كان* فوز* عساف* أكبر* من* كونه* فوز* شخص،* انه* فوز* شعب* يصر* على* الحياة*.
الكاتب:
صالح عوض[
/size]
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2013-06-24, 21:58
"عساف*" في* زمن* الصواريخ
العرض الشجري