قراءة في زيارة جون ماكين لشمال سوريا

[أشرف777]

قبل أيام تناقلت وسائل الإعلام العالمية نبأ زيارة السيناتور الأميركي جون ماكين الى مناطق في شمالي سوريا، ولقائه الرجل الأوّل فيما يسمى “الجيش الحر” سليم إدريس، الذي تسعى بلاده لتنصيبه قائداً على الجماعات المسلحة في الشمال السوري. ولمن لا يعرف ماكين، فهو يعدّ من صقور الحزب الجمهوري المعادي للعرب والمؤيد بشكل تام لـ”إسرائيل”، ويعتبر من كبار المؤيدين للحروب الأميركية التي خاضتها الإدارات الأميركية المتعاقبة ضد العرب والمسلمين بدءًا من حرب العراق الأولى وحرب افغانستان وصولاً إلى حرب العراق الأخيرة في العام 2003، فضلاً عن كونه من أوائل الداعين لضرب إيران وإعادة احتلال غزة وعدم تقديم أي “تنازلات” للفلسطينيين خصوصاً في القدس المحتلّة.
وتأتي زيارة ماكين الى الداخل السوري ولقائه بسليم ادريس جزءًا لا يتجزأ من مسلسل الصراع بينه وبين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما حول سوريا، حيث يسعى الأول لتدخّل أميركي عسكري مباشر في سوريا بينما يرفض أوباما ذلك، كما أن هذه الخطوة من شأنها أن توجّه رسالة الى “المعارضة” السورية مفادها أن “الصقور في أمريكا يدعمون سليم إدريس وأن عليكم ان تدعموه بدوركم”.
هذا، وتتسم زيارة ماكين إلى سوريا ببعد عربي وأوروبي حيث إنها تدلّ على أن ثمّة أطرافا في أميركا تؤيد قرار بعض الدول الخليجية والأوروبية تسليح الجماعات الإرهابية وأن على هذه الدول أن تتعامل معه في هذا المجال.
وفي ظلّ الإخفاقات الميدانية والسياسية لمخططي وداعمي “الانقلاب” في سوريا، أتت زيارة ماكين في محاولة لطمأنة هذه الجماعات المسلّحة بأن الدعم الأميركي لها سوف يتواصل وأن ماكين وأمثاله سوف يستمرون في الضغط حتى ترضخ إدارة أوباما لما يريدون لجهة التدخل العسكري في سوريا.
وفي حين أراد جون ماكين من زيارته هذه دعم رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان وحثّه على عدم التعاون مع إدارة أوباما في موضوعي التقارب والمفاوضات الجارية بين موسكو وواشنطن حول الأزمة السورية، أعطاه تطمينات في وجه معارضيه مفادها أن “الصقور المتطرفين في أمريكا يؤيدون سياسته بشدّة”.
وقد حرص السيناتور ماكين على إعطاء زيارته بعداً عسكرياً وأمنياً عبر تسريبها من قبل بعض الصحف العربية دون أن يعلن عنها مباشرة، وهذا يدخل في سياق الصراع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يريد ماكين إظهار نفسه على أنه القطب السياسي الجمهوري الوحيد القادر على مواجهة أوباما.


https://www.mepanorama.com/295136/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%AC%D9%88%D9%86-%D9%85%D8%A7%D9%83%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7/