قبل أعوام انفرط عقد الصبر عن لهاث طويل في صحرائه المجمرة..
ووسط زحام المواجع المتراكمة..حمل الحلم بالشراع عبر الموج المنكسر..يكسر مجهوله دون رحمة إلى أرض السماء الصافية..
مثل بحار من الزمن المنسي ..مثل آلاف القصص التي قرأها..والتي لم يقرأها..مثل الحكايات التي تخيلها..والتي أبدا لم تخطر على باله..وسط الطريق المغلق ..وسط الأمواج الشائكة سيمضي..ولو تائها ..مدهولا ..مكفونا..كان سيمضي..
اللون الرمادي..في القلب ..في الدم..في دنياه قاطبة..الأرض التي سيواريها..الأرض التي لفضته عاريا مهزوما..كالصمت المستفز..البسمة الغارقة في جب من الدموع..
الجمر داخله يستحثه.....امضي..فلن يفتقدك أحد...
الليل نفسه..كل يوم الصراخ نفسه مبحوحا..ينتحر قبل أن يخرج إلى الحنجرة المغتصبة..الليل لايغير لباسه والصخر نفسه متحفز كل ليل دون اقلاع..
..البرد القارص يطعن العظام النحيلة..البحر أمامه صحراء بلانهاية..والعتمة ..كل العتمة ..حوله فوقه..داخله..لارجوع اليوم ولاعودة غدا..
يشحد كل سكاكين الهمة..يعض علىالصحوة المكبوتة...أخيرا سيجد دربه بين الركام والغبار..نفض اكليل الخوف..اللاجدوى ..الهامش الذي نبت حوله..هناك عبر البحر سيجد الأرض التي تعزف له لحن البقاء..هناك خلف النعش الممدد سيفتح الأرض غازيا وستستقبله شهرزاد في ليلة تختال بين ليالي العمر...
وراءه....المدينة المنزلقة تحت الأقدام الموحلة بالذهاب والإياب في نفس المكان..الأيام التائهة في الإنتظار..والسيجار والنظرات المتساقطة على خريف العمر.. قطارا لاينتظر...
وراءه..أرعبه السؤال..قبل الإنطلاق..واغلاق الخلف بالشمع الأحمر..كهربته النظرة المتسائلة من أم لاتعرف المراوغة...إلى أين ياولدي؟....