السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
سبق لي أن تناقشت كثيرا مع الزميل allamallamallam حول دور الإسلام, أو على الأقل الفهم الخاطئ للإسلام في تعريب شمال إفريقيا.... وكان دوما يصر على أن سبب الاستعراب هو فقط خضوع الأمازيغ للعرب وليس هناك سبب آخر دفع الأمازيغ للاستعراب واستشهد في ذلك بما قاله ابن خلدون, الذي رغم أنه كان فقيها إسلاميا مالكيا, فهو لم يربط انتشار العربية بالإسلام, إنما ربطها بخضوع الأمازيغ للعرب.
لكن اليوم أثناء قراءتي لكتاب المقدمة, وجدت ابن خلدون ذكر تحت عنوان " في لغات أهل الأمصار" ما يلي:
" و سميت لغتهم حضرية منسوبة إلى أهل الحواضر و الأمصار بخلاف لغة البدو من العرب فإنها كانت أعرق في العروبية و لما تملك العجم من الديلم و السلجوقية بعدهم بالمشرق، و زناتة و البربر بالمغرب، و صار لهم الملك و الاستيلاء على جميع الممالك الإسلامية فسد اللسان العربي لذلك و كاد يذهب لولا ما حفظه من عناية المسلمين بالكتاب و السنة اللذين بهما حفظ الدين و سار ذلك مرجحاً لبقاء اللغة العربية المصرية من الشر و الكلام إلا قليلاً بالأمصار فلما ملك التتر والمغول بالمشرق و لم يكونوا على دين الإسلام ذهب ذلك المرجح و فسدت اللغة العربية على الإطلاق و لم يبق لها رسم في الممالك الإسلامية بالعراق و خراسان وبلاد فارس و أرض الهند و السند و ما وراء النهر و بلاد الشمال و بلاد الروم و ذهبت أسابيب اللغة العربية من الشعر و الكلام إلا قليلاً يقع تعليمه صناعياً بالقوانين المتدارسة من كلام العرب و حفظ كلامهم لمن يسره الله تعالى لذلك. و ربما بقيت اللغة العربية المصرية بمصر والشام و الأندلس و بالمغرب لبقاء الدين طلباً لها فانحفظت ببعض الشيء و أما في ممالك العراق و ما وراءه فلم يبق له أثر و لا عين حتى إن كتب العلوم صارت تكتب باللسان العجمي و كذا تدريسه في المجالس و الله أعلم بالصواب"
فكيف نوفق بين قوال ابن خلدون التي تقول أن سبب الحفاظ على اللغة العربية في شمال إفريقيا هو الإسلام وبين القول أن الأمازيغ فقدوا لغتهم بسبب خضوعهم للعرب, أي من باب اقتداء الغالب بالمغلوب.
وتجدر الإشارة إلى أن ابن خلدون لم يربط الاستعراب بالخضوع للعرب إلا في إفريقية (تونس)... لكن لم يقل أن سبب الاستعراب في المغربين الأوسط والأقصى (أي الجزائر والمغرب) هو الخضوع للعرب.
وهو قد ذكر أيضا أن سبب عدم تكلم الفرس اللغة العربية هو خضوعهم للتتار... بل إنه لم يكن يعتبر العراقيين عربا... وقال أن اللغة العربية اندثرت من العراق. فكيف عاد العراقيون إلى استعمال اللغة العربية؟