المصدر الشروق :
https://www.echoroukonline.com/ara/articles/150136.html
أمريكا تسعى لجعل الجزائر وكيلا لها في محاربة الإرهاب
لم تجن الجزائر من زيارات المسؤولين الأمريكيين إليها، غير الثناء على دورها في محاربة الإرهاب بشكل وضعها في موقع الوكيل، فيما تبقى المجالات الأخرى التي تهم البلدين ولا سيما الجزائر، في الدرجة الثانية من حيث الاهتمام الأمريكي.
وقد أخذ الجانب الأمني في منطقة الساحل، القسط الأكبر من وقت مساعد كاتب الدولة الأمريكي لشؤون الشرق الأوسط، ويليام بورنز، خلال الزيارة التي قادته الخميس إلى الجزائر، والتي التقى خلالها كبار المسؤولين وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية، أما الجوانب الأخرى الأكثر أهمية، مثل ترقية الاستثمارات الأمريكية ومساعدة الطرف الجزائري في النهوض بالقطاعات المتعثرة ودعم الإصلاحات السياسية فتبقى الغائب الأكبر.
ومما قاله المسؤول الأمريكي، والذي زار الجزائر للمرة الثانية في ظرف أقل من عام، إن بلاده "تدعم الموقف الريادي للجزائر لصالح ترقية الحوار بين الحكومة المالية والتوارق"، كما شدد على دور يجب على الجزائر أن تلعبه بهذا الخصوص، بالتنسيق مع الطرفين الأمريكي والأوربي، ليقول في الأخير أن واشنطن قد تدعم أي تدخل عسكري إفريقي محتمل في شمال مالي.
وكعادتها، لم تتخلف الإدارة الأمريكية في كل زيارة يقوم بها ممثل عنها للجزائر في طرح الجانب الأمني كأولوية، وكأن هذه القضية تمثل الشغل الشاغل للطرف الآخر، الذي لا يقاسمه هذا الاعتقاد، سيما بعد أن تحول ما تسميه الولايات المتحدة بـ"الإرهاب"، إلى ذريعة تلج من خلالها إلى المنطقة المعنية، لحماية مصالحها، بالرغم من أن مثل هذه المبررات لم تعد تنطلي على أحد، منذ التدخل الأمريكي في أفغانستان والعراق، اللذان سقطا في مستنقع أمني بسبب التورط الخارجي، لم يستطيعا الخروج منه، بالرغم من مرور العشر سنوات.
وقد أكد هذا الاعتقاد، التصريحات التي أدلى بها المسؤول الأمريكي أمام الصحفيين، والتي انصبت في مجملها، حول سبل محاصرة الجماعات الإسلامية المسلحة، في شمال مالي، وتوجهات الخروج من الأزمة التي تعاني منها منطقة الساحل وشمال مالي على وجه التحديد.
وشكلت الجزائر في الأشهر القليلة الأخيرة قبلة للكثير من المسؤولين الأمريكيين، وفي مقدمتهم كاتبة الدولة للشؤون الخارجية، هيلاري كلنتون، وجون برينن، المستشار بالبيت الأبيض، وويليام بيرنز في جانفي 2012، ورئيس قيادة قوات الولايات المتحدة بإفريقيا (أفريكوم)، كارتر هام، وكاتب الدولة المساعد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا جيفري فيلتمان، ونائب كاتب الدولة لمنطقة المغرب العربي، ريموند ماكسويل، والمستشار السامي لمكتب الشؤون السياسية والعسكرية لدى كتابة الدولة، مارك آدامز، ومنسق مكافحة الإرهاب بكتابة الدولة، دانيال بنجامين الذي زار الجزائر مرتين في 2012، الأولى في إطار اجتماع مجموعة الاتصال والتعاون الجزائري الأمريكي لمكافحة الإرهاب وقضايا الأمن ذات الصلة، والثانية في إطار الملتقى الشامل لمكافحة الإرهاب.
وإذا كان التقاء الطرفين الجزائري والأمريكي حول محاربة الظاهرة الإرهابية، يعتبر أمرا مفهوما، بالنظر للظروف التي عاشتها البلاد طيلة العشرية الحمراء واعتداءات الـ11 من سبتمبر 2001، فإن سعي واشنطن في كل مرة إلى طرح الجانب الأمني كأولى الأولويات، ومحاولاتها المتكررة الرامية إلى جعل الجزائر وكيلا في محاربة الإرهاب وجبهة ميدانية متقدمة في مكافحة الظاهرة.