الترخُّص بمسائل الخلاف ضوابطه وأقوال العلماء فيه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الترخُّص بمسائل الخلاف ضوابطه وأقوال العلماء فيه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2009-03-19, 08:11   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
01 algeroi
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي الترخُّص بمسائل الخلاف ضوابطه وأقوال العلماء فيه

الترخُّص بمسائل الخلاف
ضوابطه وأقوال العلماء فيه


الدكتور خالد العروسي


الأستاذ المساعد بقسم الشريعة
كلية الشريعة والدراسات الإسلامية – جامعة أم القرى



ملخص البحث


مسألة الترخّص بمسائل الخلاف ، من المسائل التي بحثها الأصوليون والفقهاء على حدٍّ سواء، وهي مسألة أحسب أنّا أحوج ما نكون إلى ضبطها الآن ، فالواقعون فيها بين مشدِّدٍ منكرٍ لجواز الترخص بها مطلقاً ، وبين متساهلٍ مستهينٍ بها ، فأجاز العمل بمسائل الخلاف مطلقاً ، إلا أن أثر وخطر الفريق الثاني أعظم ، لولع الناس والعوام بكل سهل ولو كان منكراً مستغرباً . وكلا الفريقين على خطأ ، وكلاهما قد خالف مذهب الأئمة والسلف القائل : بالجواز ولكن بضوابط وقيود ، وفي هذا البحث الذي أقدمه بين يديك ، حاولت تتبع مذاهب الأئمة في هذه المسألة ، فجمعت أقوالهم وأقوال أصحابهم في هذه المسألة ، مستدلاً على هذا ببعض تفريعاتهم وفتاواهم ، وقد جعلت هذا البحث من مقدمة وثمانية مباحث هي :

1 - الخلاف : أسبابه ، وبيان أنه من السنن الكونية .

2 - الاختلاف هل هو رحمة ؟

3 - فضل معرفة علم ما يختلف فيه .

4 - بيان زلاّت العلماء .

5 - تأصيل المسألة .

6 - أقوال العلماء في المسألة .

7 - قاعدة مراعاة الخلاف .

8 - ضوابط العمل بمسائل الخلاف .

والحمد لله رب العالمين .


مقدِّمة
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين ، وأتمَّ علينا النعمة ، وجعلنا خير أمّة أخرجت للناس ، حثَّنا على التآلف والاجتماع ، ونهانا عن التفرق والاختلاف. والصلاة والسلام على من أرسله ربه رحمة للعالمين ، سيّدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين .


أما بعد : فمنذ غرّة سنيِّ الطلب ، تلقينا عن مشايخنا وأساتذتنا ، حبَّ أسلافنا من العلماء ، وتوقيرهم ، ومعرفة حقوقهم وأفضالهم ، فهم بحور العلم الزاخرة ، وجباله الشوامخ ، فاستقرَّ ذلك في نفوسنا ، وجعلناه ديناً ندين الله تعالى به . وجعلوا آية هذه المحبة والتوقير ترك التعصب لمذهب على آخر ، وعدم الإنكار على مقلدة المذاهب في اختياراتهم واجتهاداتهم ، ففي هذا الاختلاف رحمة للأمة كما صحّ عن كثير من السلف . وأئمة المذاهب مجتهدون ، والمجتهد مأجور في كل الأحوال ، حتى أسلمنا ذلك إلى جواز الأخذ بقول أيِّ إمام من الأئمة ، من غير نظرٍ إلى دليل ، فكون المسألة تُعدُّ من مسائل الخلاف ، هي دليل الإباحة . ومما زاد من غلواء هذا ، ما كنّا نسمعه من بعض أهل العلم من جعلهم الخلاف حجّةً يحتجون بها في معرض الجدال والنقاش ، وسبباً للبحث عن الرخص للعوام من الناس من غير ضابط ولا قيد ، ويستدلون بما سطّره بعض أسلافنا من العلماء - رحمهم الله - في كتبهم من أنه لا إنكار في المجتهدات ، فبلغ السيل زباه ، حتى صار العوام من الناس يلوكون هذه الكلمة من غير معرفة لمعناها فيرددون : المسألة فيها خلاف .
ولا تحسبنَّ أن هذه الآفة التي ابتلي بها زماننا ، هي أمر مستجد ، بل هي قديمة ظلّت تتحدَّر من زمان إلى زمان ، ومن قرن إلى قرن ، تنصُّ برأسها بين حين وآخر ، يعينها على هذا النصوص ، قلَّة العلماء العاملين ، وكثرة الجهّال الذين يفتون بغير علم . وخير من يصف هذا الحال هو الشاطبي ، وإنك لواجدٌ في كلامه كلَّ غَناء ، وكأنه يرى زماننا رأي العين ، يقول : (( وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية ، حتى صار الخلاف في المسائل معدوداً في حجج الإباحة ... فربما وقع الإفتاء في المسألة بالمنع ، فيقال : لِمَ تمنع ؟ والمسألة مختلف فيها ، فيجعل الخلاف حجة في الجواز لمجرد كونها مختلفاً فيها )).
ويقول : (( ويقول - أي المخالف - : إن الاختلاف رحمة وربما صرّح صاحب هذا القول بالتشنيع على من لازم القول المشهور ، أو الموافق للدليل أو الراجح عند أهل النظر ، والذي عليه أكثر المسلمين ، ويقول له : لقد حجَّرت واسعاً ، وملت بالناس إلى الحرج، وما في الدين من حرج، وما أشبه ذلك )) .
ويقول : (( الورع قلَّ ، بل كاد يعدم ، والتحفظ على الديانات كذلك ، وكثرت الشهوات ، وكثر من يدعي العلم ، ويتجاسر على الفتوى فيه )) .
وقال : (( صار كثير من مقلدة الفقهاء يفتي قريبه ، أو صديقه بما لا يفتى به غيره من الأقوال اتباعاً لغرضه وشهوته ..... ولقد وجد هذا في الأزمنة السالفة فضلاً عن زماننا ، كما وجد فيه تتبع رخص المذاهب اتباعاً لشهوته )) .
ورحم الله الشاطبي فما زاد على ما نشاهده في أيامنا هذه قلامة ظفر .
والإشكال الذي كنت أقف أمامه حائراً متعجباً ، أن ما نقلوه عن بعض الأئمة من أنه لا إنكار في مسائل المجتهدات ، وأن الخلاف خير ورحمة ، هو صحيح وثابت ، ثم أجد ما يناقضه مسطوراً في كتبهم ، فيفتون بجلد شارب النبيذ متأولاً أو مقلداً ، ويزجرون من لا يتم ركوعه وسجوده ، وينكرون على من يلعب الشطرنج وغيرها من مسائل الخلاف التي تتفاوت درجات الإنكار فيها بين الوعظ والتعزير . ولكن سرعان ما أعزو هذا العجب إلى قلَّة فهمي ومعرفتي بكلام الأئمة . ومضى على ذلك دهر ، حتى وقفت على نصٍ لإمام من أئمة الحنابلة هو ابن مفلح - رحمه الله - يعجب مما عجبت منه فقال :
(( ولا إنكار فيما يسوغ فيه خلاف من الفروع على من اجتهد فيه ، أو قلَّد مجتهداً فيه ، كذا ذكره القاضي والأصحاب ، وصرّحوا بأنه لا يجوز . ومثلّوه بشرب يسير النبيذ ، والتزوج بغير ولي ، ومثلّه بعضهم بأكل متروك التسمية ، وهذا الكلام منهم مع قولهم يحدّ شارب النبيذ متأولاً ومقلداً أعجب ، لأن الإنكار يكون وعظاً وأمراً ونهياً وتعزيراً وتأديباً ، وغايته الحدُّ ، فكيف يحدُّ ولا ينكر عليه ؟ أم كيف يفسق على رواية، ولا ينكر على فاسق )) .
إذن هو تناقض وقع فيه بعض أتباع الأئمة ، ومقلدة المذاهب ، فعلمت يومئذ أن العمل بمسائل الخلاف ليس على إطلاقه ، وما يردده كثير من أهل العلم من أنه لا إنكار في المجتهدات ليس بصحيح ، فالمسألة لها ضوابط وآداب ، يجب أن تراعى عند الترخص بها ، لذلك تجد المحققين من أهل العلم كابن تيمية وابن رجب وغيرهما يفرقون بين الاجتهاد والتقليد ، المقبول منه والمردود بكونه : (( سائغاً )) ، وهي كلمة مجملة ، يعنون بها الاجتهاد أو التقليد الملجوم بضوابط الشرع وآدابه .



وفي هذا البحث حاولت - مستعيناً بالله - جمع أقوال العلماء في مسألة الترخص بمسائل الخلاف ، توسطت فيه بين أقوال المنكرين على جواز الترخص مطلقاً ، وبين أقوال المفرِّطين المتساهلين الذين يأخذون المسألة على إطلاقها ، فجمعت هذه الضوابط من كلام العلماء - لاسيما المحققين منهم - على اختلاف مذاهبهم ، وذكرت بعض الآداب التي يجب على المفتي مراعاتها ، خاصة في هذا الزمن ، الذي أصبح فيه العالــم قرية صغيرة ، فالفتوى التي تصدر في مكة مثلاً أو في القاهرة ، لا تلبث ساعات ، بل دقائق ، حتى يعلم بها ، كل مَن في أرجاء هذه المعمورة ، وما تهيجه من شرٍّ وفتنة إذا لم تكن مضبوطة بضوابط الشرع . وسطّرت في هذه الصحف بعض المباحث التي لها صلة بهذه المسألة ، فبيّنت أسباب اختلاف العلماء ، والخلاف هل هو رحمة أم لا ؟ ثم دفعت ما ظُنَّ أنه تناقض في كلام أسلافنا من الأئمة ، وذكرت الأصل الذي تفرعت منه هذه المسألة مبيناً صحة هذا الأصل أو سقمه .
هذا والله تعالى أسأله أن يغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا ، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، إنه سميع مجيب .








 


 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:49

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc