و قد حرص القرآن على تربية اتباعه تربية متفوّقة، تشعرهم بالقوّة و العزّة الباطنة، فلا ينحني المؤمن للمحن و التحدّيات و لا يستسلم للخصم، و لا يرضخ لقوى الطاغوت و الإستكبار، قال تعالى: (وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 139).
(وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (المنافقون/ 8).
.............
(إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَ لِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ يَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران/ 140).
(ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا) (الإسراء/ 6).
(وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هَامَانَ وَ جُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ) (القصص/ 5-6).
و هكذا يكوّن القرآن وعياً و تربية لمقاومة الهزيمة النفسية، و يكرّس جهداً اعلاميّاً قائماً على أسس علمية دقيقة، يساهم في معركتنا الحضارية في حالتي الهجوم والدفاع.
.................
إنّ الإنسان عندما يستوعب التجربة التاريخية وحركة الأحداث، يستطيع ان يفهم الماضي والحاضر، ويشخّص المستقبل، ويبني موقفه على أساس تجربة ناجحة، وعندئذ لا يكون عرضة للهزيمة النفسية عندما يواجه التحدّيات والاحداث المؤلة، ويخسر الجولة الآنية.
إنّ القرآن يوجّه نظر الإنسان، ويدعوه إلى التأمّل في أحداث الماضي وتجارب الأمم السابقة بقوله: (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) (آل عمران/ 196-197).
(أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) (التوبة/ 70).
............
قال تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَ قَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ) (آل عمران/ 173).
(وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَ كَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) (النساء/ 104).
(وَ مَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) (آل عمران/ 126).
(وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) (البقرة/ 155-156).
(كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ) (البقرة/ 249).
(وَ مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق/ 3).
وهكذا يوجّه القرآن عنايته لتربية الإنسان وتحصينه ضد الحرب النفسية والهزيمة، وليمكّنه من النظر إلى حركة العالم وقوانين التاريخ من خلال إرادة الله التي لا تُقهر.
.............
(وَ لا تَهِنُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (آل عمران/ 139).
كتاب مرتكزات أساسية في الإعلام القرآني.