أين تلك المظاهرات الحاشدة التي نزلت إلى الشوارع؟ أين تلك النداءات الصارخة للشعوب؟ أين تلك التغطيات الإعلامية المكثفة لفعاليات التعاطف والمساندة (ولو بالكلمة والدعاء وإبداء الغضب من الحكام)؟
تلاشى كل ذلك في لحظة، وأتبعه سكون عميق وهدوء مخيف: هل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة؟ أو هو سكون المذبوح بعدما استنفذ ما تبقىّ من طاقته؟ سؤالان كبيران يشوّشان ذهن كلّ ذي لبٍّ وضمير
والجواب عنهما لم يكن إلا أسئلة أخرى:
-منذ متى فقدنا روح العيش بعزّة وكرامة، روح المقاومة ونصرة المظلومين؟
-هل كان ذلك بفعل الروح التي رسّخها المستدمِر: روح القابلية للاستعمار؟
-أم أن حُكامنا كانوا على مستوى متقدّم من تركيع المواطن والنيل من إرادة الشعوب؟
-هل تحققت مقولة: ما لم ينجزه الاستعمار المحتل بآلته الحربية في الشعوب العربية الإسلامية؛ تحقق على يد ممثليه والناطقين باسمه بعد أن آل إليهم الحكم؟
-هل سياسة التجويع والتركيع ساهمت في سلب الشعوب كرامته فأصبح ينعق بما يسمع طمعا في توفير لقمة العيش والرضى بأيّ حياة؟
-هل كانت سياسة ناجحة: عندما صُرفت أبصارنا عن عدوّ حقيقي إلى أعداء وهميين في الداخل وبين الشعوب نفسها، حتى تُمرَّر القرارات وتنفـَّذ المصالح الشخصية؟
-هل كان قدَرُنا مشؤوما إلى هذا الحدّ؟ أم نحن الذين صنعناه بأيدينا ورضيناه واطمأننا به حتى صار ضربا من المستحيل: التفكير في حياة أفضل ومستقبل أجمل؟
تبقى قائمة الأسئلة مفتوحة،
وتبقى الأجوبة عليها متضمنة.