أسئلة وأجوبة في مسائل الإيمان والكفر لفضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان - الصفحة 4 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد

قسم العقيدة و التوحيد تعرض فيه مواضيع الإيمان و التوحيد على منهج أهل السنة و الجماعة ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

أسئلة وأجوبة في مسائل الإيمان والكفر لفضيلة الشيخ الدكتور صالح الفوزان

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-06-08, 11:52   رقم المشاركة : 46
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي أقوال العلماء المعاصرين في أن تارك أعمال الجوارح من الكفار لا المؤمنين

الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز
-رحمه الله-
« المحاور : من لم يكفر تارك الصلاة من السلف ، أيكون العمل عنده شرط كمال ؟ أم شرط صحة ؟
الشيخ بن باز : لا ، بل العمل عند الجميع شرط صحة ،إلا أنهم اختلفوا فيما يصح الإيمان به منه ؛
فقالت جماعة : إنه الصـلاة ، وعليـه إجماع الصحابـة رضـي الله عنهم ، كما حكاه عبد الله بن شقيق.
وقال آخرون بغيرها.إلا أن جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعاً. لهذا الإيمان عندهم قول وعمل واعتقاد ، لا يصح إلا بها مجتمعة. »
انتهى كلامه رحمه الله
المصدر :حوار مع الشيخ نُشر في جريدة الجزيرة - عدد 12506في 13/7/1423هـ



الشيخ العلامة الألباني -رحمه الله-
« إن الإيمان بدون عمل لا يفيد ؛ فالله –عز وجل- حينما يذكر الإيمان يذكره مقرونًا بالعمل الصالح ؛ لأننا لا نتصور إيمانًا بدون عمل صالح، إلا أن نتخيله خيالا ! ؛ آمن من هنا - قال: أشهد ألا إله إلا الله ومحمد رسول الله- ومات من هنا…
هذا نستطيع أن نتصوره ، لكن إنسان يقول: لا إله إلا الله، محمد رسول الله؛ ويعيش دهره – مما شاء الله - ولا يعمل صالحًا !! ؛ فعدم عمله الصالح هو دليل أنه يقولها بلسانه، ولم يدخل الإيمان إلى قلبه؛ فذكر الأعمال الصالحة بعد الإيمان ليدل على أن الإيمان النافع هو الذي يكون مقرونًا بالعمل الصالح...».اهـ
انظر شرحه على الأدب المفرد (الشريط السادس/الوجه الأول).


وقال أيضا-رحمه الله-
((قال الله تعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)، هذه الباء هنا سببيه يعني بسبب عملكم الصالح، وأعظم الأعمال الصالحة هو الإيمان، كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي ﷺ سأله رجل عن أفضل الأعمال.
قال: إيمان بالله تبارك وتعالى، الإيمان عمل قلبي مُشْ كما يظن بعض الناس أنه لا علاقة لـه بالعمل!!!، لا، الإيمان:
أولًا: لابد من أن يتحرك القلب بالإيمان بالله ورسوله ؛ ثم لابد أن يقترن مع هذا الإيمان الذي وقر في القلب، أن يظهر ذلك على البدن والجوارح لذلك فقوله تبارك وتعالى: (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون) نص قاطع صريح بأن دخول الجنة ليس بمجرد الأماني…)).اﻫ.
"الوجه الثاني" من الشريط (11) من "سلسلة الهدى والنور"



الشيخ زيد المدخلي -حفظه الله-
السؤال :
ما هو ردكم على من يزعم أن السلف اختلفوا فى تكفير تارك أعمال الجوارح على قولين ؟
الجواب :
البحث فى هذا معروف عند أهل السنة وهو أن ترك الأعمال كلها فلم يعمل شيئاً من أعمال الجوارح فلا حظَّ له فى الإسلام ، إذ أن الإيمان وحقيقته الإيمان ما اجتمع فيه قيود أربعة : النطق باللسان ، والاعتقاد بالقلب ، والعمل بالجوارح ، والقول بزيادة الإيمان ونقصانه .
فالمهم أن من يعتقد أن تارك العمل بالكلية لا يعمل شيئاً من فرائض الإسلام وواجباته ، ولا ينتهى عن محرماته ، أن من اعتقد بأن هذا من أهل التوحيد ومن أهل الجنة إذا مات على ذلك فهو غلطان .
والصحيح أن تارك الأعمال جملة وتفصيلاً لا حظَّ له فى الإسلام ، ولا يتورع أحد فى القول بكفره الكفر المخرج من الملة ، إذ بأي شيء يلقى الله ويدخل الجنة ، لأنه حتى لو قال ( لا إله إلا الله ) ما قام بشيء من معانيها ولا من مستلزماتها ومقتضياتها .
أما بقية الأعمال يعنى كونه يعمل ببعض الأعمال ويقصر فى البعض بالشيء الذى لا يخرجه من دائرة الإسلام فهذا من طبيعة البشر ، وأهل المعاصي قول أهل السنة والجماعة فيهم أنهم تحت المشيئة ، من شاء الله عزَّ وجل غفر له ذنوبه وأدخله الجنة بدون أن تمسه النار ، فهو ذو الفضل العظيم ، ومن عاقبه عاقبه بقدر جريمته ويكون مآله إلى الجنة لأنه من أهل التوحيد والصلاة والصوم ، وعموماً من أهل أركان الإيمان والإحسان ، والمسألة مبحوثة في كتب الاعتقاد .
درس يوم الخميس شرح الزاد و الحموية بتاريخ: 24-11-1430


وقال أيضا الشيخ زيد المدخلي -حفظه الله-
السائل :
هل مسألة تارك أعمال الجوارح مسألة اجتهادية بين أهل السنة؟
الشيخ : لا لا ، أهل السنة متفقون على أن أعمال الجوارح من مسمى الإيمان ، الإيمان عند أهل السنة : قول واعتقاد وعمل ، يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ، هذه هي حقيقة الإيمان عند أهل السنة والجماعة.
السائل : هناك يا شيخ كتاب يقرر صاحبه أن تارك أعمال الجوارح بالكلية مؤمن ناقص الإيمان ، وأن هذه مسألة اجتهادية بين أهل السنة والجماعة فلا يجوز الانكار !
الشيخ : لا لا ، هذا ليس بصحيح ، هذا الكلام خطأ ، أهل السنة كما قلت لك على اتفاق على قيود الإيمان الأربعة : نطق باللسان ، واعتقاد بالقلب ، وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية.
من قال بغير هذا فقد خالف أهل السنة ، إما مخالفة كلية كالجهمية المعطلة وإما مخالفة جزئية كمرجئة الأشاعرة وبعض الفقهاء.
السائل: هل هذه المسألة التي ذكرتها لك عقيدة المرجئة ؟
الشيخ : على كل حال مرجئة الفقهاء هم الذين يختزلون العمل من مسمى الإيمان ، والأشاعرة كذلك.
السائل : بارك الله فيك ، جزاك الله خيراً.اه



العلامة عبد العزيز الراجحي -حفظه الله-
السؤال : يقول ظهرت عندنا في الآونة الأخيرة بعض المقالات التي تقرر أن تارك جنس العمل مؤمن ناقص الإيمان ، فما تعليقكم ؟
الجواب : خطأ هذا ، الذي لا يعمل بالمرة ليس بمسلم ، وأن الإيمان لا بد فيه من التصديق ، التصديق الذي في القلب لابد له من عمل يتحقق به ، وإلا صار كإيمان إبليس وفرعون ؛ إبليس مصدق وفرعون مصدق ،لكن ما تحقق بالعمل ، كما أن العمل من صلاة وصيام لا يصح إلا بالإيمان الذي يصححه ،العمل من صلاة وصيام لا بد من إيمان يصححه ، وإلا صار كأعمال المنافقين ، المنافقون يعملون وليس عندهم إيمان وتصديق ، والتصديق الذي في القلب لا بد له من عمل يتحقق به وإلا صار كإيمان إبليس وفرعون ، لا بد من الأمرين ، ما يمكن أن يكون إيمان بدون عمل أبدًا ولا عمل بدون إيمان ، لا يغني تصديق بدون عمل ولا عمل بدون تصديق ، لا بد من الأمرين ، نعم ، التصديق لا بد له من عمل يتحقق به ، والعمل لا بد له من تصديق يصححه ، نعم.











 


قديم 2011-06-08, 11:58   رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشيخ العلامة الأصولي المقاصدي المحقق المتقن الغديان -رحمه الله-:
"السائل : ظهر في هذه الأيام كتاب في شبكة الإنترنت بعنوان ( دلائل البرهان ) ، يُقرّرُ فيه كاتبه أن تارك أعمال الجوارح مسألة خلافية بين أهل السنة فلا يجوز الإنكار والتبديع فما قولكم ؟
الشيخ : هذا في الواقع هو قول المرجئة ، هذا قول المرجئة الذين يجعلون الأعمال مُكملة وليست شرطاً في صحة الإيمان، يعني يقولون : إذا آمن الإنسان بقلبه، ما صلى، ولا صام، ولا اعتمر، ولا حج، وفعل المحرمات هذا مؤمن تماماً، وهذا ما هو صحيح .










قديم 2011-06-08, 12:06   رقم المشاركة : 48
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي بيان منشأ خطأ كثير من الشباب في المسألة

بيان منشأ خطأ كثير من الشباب في المسألة
نقل الأخ أبو علي حسين علي في مشاركة له في منتديات سلم الوصول عن الشيخ أسامة العتيبي قوله:
"روى عبدالله بن الإمام أحمد في كتاب السنة عن سويد بن سعيد الهروي ، قال : سألنا سفيان بن عيينة عن الإرجاء ، فقال : « يقولون : الإيمان قول ، ونحن نقول الإيمان قول وعمل والمرجئة أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلا الله مصرا بقلبه على ترك الفرائض ، وسموا ترك الفرائض ذنبا بمنزلة ركوب المحارم وليس بسواء لأن ركوب المحارم من غير استحلال معصية ، وترك الفرائض متعمدا من غير جهل ولا عذر هو كفر..ّاهـ

قال الشيخ أسامة العتيبي معلقاً : "فهذا كلام صريح من سفيان بن عيينة بأن الذي يقول بعدم كفر تارك عمل الجوارح مطلقاً هم المرجئة .. وهو الصواب ..

وشيخنا الألباني رحمه الله بريء من هذا القول، وإنما قد تلفظ بعبارات فهم منها بعض الناس أنه لا يكفر بترك أعمال الجوارح، وانتصروا لهذا القول، وردوا قول السلف لظنهم أنهم ينتصرون للشيخ الألباني رحمه الله، وهو في الحقيقة نصرة للباطل، بل نصرة لمذهب المرجئة المحدث، والشيخ الألباني بريء منه..

وقد ظن بعض المشايخ الفضلاء - كما كنت أظن ذلك قبل عدة سنوات وناظرت عليه والله يعفو عني مع أني كنت أصرح بتكفير تارك عمل الجوارح طول عمري ومشواري العلمي - أن المسألة خلافية بين السلف، وأن من السلف من يصحح إيمان من يترك عمل الجوارح بالكلية ويصر على ذلك ويعتقد أنه مسلم فاسق ..

وهذا غلط على السلف، بل قام إجماعهم على تكفير تارك عمل الجوارح..

لذلك فمن يقول بأن تارك عمل الجوارح بالكلية مع القدرة والتمكن بأنه مسلم فاسق ، فقوله قول المرجئة، ويرد عليه هذا الباطل، ولا يجوز الدفاع عن هذا القول ولا التبرير له..."اهـ










قديم 2011-06-08, 13:01   رقم المشاركة : 49
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










B1

رسالة إلى الأخ الحبيب: أبي زيد الجزائري – وفقني الله وإياه لكل خير –

السلام. عليكم ورحمة.الله وبركاته
"الدين النصيحة"
جزاك الله خيرا على هذا النصح الطيب فإن للعلم رحم لابدّ من وصلها
ولكن لي مع كلماتك الطيبة بعض الوقفات لو كنت تسمح بذلك
أولاً:

`- قولك أني أطعن في أهل العلم، وذلك في العنوان المشار إليه بقولي: "كلام أهل العلم وليس قول أهل الزيغ"

لو قرأتَ السياق والسباق واللحاق لما أسأت بي الظن - حفظك الله –
فالشيخ الفوزان- أعلى الله قدره - لمـَّا سُئِلَ السؤال الثاني عشر:
هناك بعض الأحاديث التي يستدل بها البعضعلى أن من ترك جميع الأعمال بالكلية فهو مؤمن ناقص الإيمان .. كحديث(لم يعملوا خيراً قط ) وحديث البطاقة وغيرها من الأحاديث ؛ فكيف الجواب على ذلك؟

الجواب :


هذا من الاستدلال بالمتشابه ، هذه طريقة أهل الزيغ ؟؟؟؟

فقلتُ تعليقا على جوابه في وصفه لمن أستدل بحديث الشفاعة "لم يعملوا خيراً قط"
قوله : "هذه طريقة أهل الزيغ"
فأردتُ أن أُبين بأن هؤلاء علماء أجلاء لهم قدم راسخ في العلم، وليسوا كما وصف طريقتهم - ولا أقول وصفهم - الشيخ الفوزان - حفظه الله - بأنها : " طريقة أهل الزيغ"
فَفَهِمَ الأخ الفاضل: أبو زيد – ولا أدري كيف - أنِّي أهمز أو أغمر أو ربما أطعن في العلماء الذين يكفرون تارك أعمال الجوارح، فَقَلَبَ ليَّ ظهر المجن، فَأَنَا في مقام الدفاع عن بعض العلماء، فَصِرتُ أطعن في العلماء!!
ولو سلَّمْتُ لك قولك - أخانا أبا زيد – لَحَارَ هذا الإتهام إلى الشيخ الفوزان، لأنه هو من قال ما قال-كما سبق-
ومع ذلك فالشيخ برئ من الطعن على كل حال، وإن كان ذلك لازم قوله؛ " ولازم القول ليس بقول "
ثمّ مَنْ أَنَا ؟ حتى تكونَ عندي جرأة في الطعن بالعلماء - وأي علماء – خيرة السلف وصفوتهم، ممن لهم الحظ الوافر في ميراث النبوة، أتُراك تَراني من الرافضة المناجيس؛ قبَّحهم الله حيثُ ما حلّوا أو ارتحلوا ؟
أم من الخوارج المارقين الذين يستحلون الطعن في الأعراض بالتكفير ثم يستحلون الدماء والأموال ؟
فوالله وبالله وتالله أن علماء السلف ومن تبعهم بإحسان لأحبُّ إليَّ من والدي الذي كان سبباً في وجودي على هذه المعمورة،
أولئك آبائي فجئني بمثلهمُ ... إذا فرَّقتنا يا أبازيدُ المحافلُ

ولا مانع أن أتمثّلَ - متسلياً - بما قاله الشاعر
غيري جنا وأنا المعذّبُ فيكمُ وكأنَّني سبَّابةُ الـمُتَنَدِّمِ

ثانيا:
+ - قولك: أني أنقل عن المخالفين لأهل السنة، مثل: النووي والحافظ ابن حجر و-كذا- الزركشي- رحمهم الله-
اقتباس:
"ثم إنك تنقل عن ابن حجر و النووي و هما إمامان جليلان و لكن ليسا ممن يرجع إلى كلامهما في تقرير العقيدة السلفية لأنهما تأثرا بالأشاعرة في الباب"
ولو قُلتَ: "....لأنهما تأثرا بالأشاعرة في باب الصفات" لكان لقولك وجه .
ولا أدري لماذا لم تذكر "سلطان العلماء العز بن عبد السلام، والإمام ابن حزم -رحمهما الله-مع أن الأول عنده تمشعر ونزعة صوفية، والثاني في الأسماء والصفات عنده تأويل
ومع ذلك فشيخ الإسلام قد أثنى على الإمام ابن حزم في مسائل الإيمان والقدر ونحو ذلك، فقال:
« وكذلك أبو محمد ابن حزم فيما صنفه من الملل والنحل إنما يُستحمد بموافقة السنة والحديث، مثلما ذكره في مسائل «القدر» و«الإرجاء» ونحو ذلك …» "مجموع الفتاوى"( 4/ 18)
وبحكم أن البحث مازال متواصلاً - إن شاء الله -، كنت أودُّ أن أذكر هذا التنبيه، لكنكَ عجّلتَ عليَّ
^ - ومما ينبغي التنبيه عليه: أنّه قد ترد نقولات عن بعض العلماء، ممن وقع في التصوف أو التمشعر في باب الأسماء والصفات ـ أو غيره ـ، ومع أنّهم لا يقرّون على ما وقعوا فيه من مخالفة منهج أهل السنة في هذه الأبواب؛ إلا أنّ هذا الأمر - وحده - لا يكفي لرد جميع أقوالهم، مما كانوا فيه على الحق في مسائل الإيمان، وهذه طريقة مسلوكة، وجادة مسكوكة سنّها العلماء الربانيون من قبل، وأشار إليها شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ ـ الإمام ـ، في أكثر من مقام، منها ما قاله ـ رحمه الله ـ في «الفتاوى» (5/101 ) :«ولْيَعلم السائلُ أنّ الغرض من هذا الجواب ذِكرُ ألفاظ بعض الأئمة الذين نقلوا مذهب السلف في هذا الباب؛ وليس كلّ من ذكرنا شيئاً من قوله - من المتكلمين وغيرهم - يقول بجميع ما نقوله في هذا الباب وغيره؛ ولكنّ الحق يُقبل من كلّ من تكلم به، وكان معاذ بن جبل –رضي الله عنه- في كلامه المشهور عنه؛ الذي رواه أبو داود في «سننه » يقول: اقبلوا الحق من كلّ من جاء به؛ وإنْ كان كافراً -أو قال: فاجراً -».
كما أنّ الكثيرين مِن أولئك كانوا ينقلون مذهب أصحاب الحديث، لا أقوالهم الخاصة بهم، وبذا فإنّ في رد أقوالهم جملة -بسبب بدعتهم- ردّاً لمذهب أصحاب الحديث معهم، كما أنّه يجب على المخالف أنْ يُنبِّهَ على ما خالفوا فيه أهلَ السنة في مسائل الإيمان، مبيّناً ذلك بالتفصيل لا بالتخرُّصِ والتّقويل، أما أنْ يُقال ـ مثلاً ـ رداً لأقوالهم ـ: إنّ ابن حزم، أو البيهقي، أو النووي، أو القرطبي أو العز بن عبد السلام أو ابن حجر-رحمهم الله- يوافقون الأشاعرة في تأويل بعض الصفات!
فيقال: ما موافقاتُهم لهم في مسائل الإيمان وهم يقولون بالاستثناء والزيادة والنقصان، وأنّ الإيمان شُعَبٌ وأجزاء، وذهاب بعضه لا يستلزم ذهاب كله، أم أنّ التمشعر في مسائل الإيمان ـ عند المخالفين ـ شُعَبٌ وأجزاء؟!
- ومع ذلك أنا لم أذكر ما خالفوا فيه أهل السنة في باب الاعتقاد أو بالأحرى مسائل الإيمان، إنما ذكرت ما وافقوا فيه أهل السنة،
فَتَنَبَّهْ لِهَذَا الفَارِق - وفَّقَكَ اللهُ –
قال شيخ الإسلام -رحمه الله - في "منهاج السنة" (2/342 ـــ343): (واللهُ قد أمرنا ألا نقول عليه إلا الحق، وألا نقول عليه إلا بعلم،وأمرنا بالعدل والقسط، فلا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني -فضلاً عن رافضي- قولاً فيه حق؛ أن نتركه، أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل، دون ما فيه من الحق..)إلى أن قال(ولهذا لم نرد ما تقوله المعتزلة والرافضة من حق، بل قبلناه...).اﻫ
وقال شيخ الإسلام- أيضًا -كما في "مجموع الفتاوى" (10/82): (والصواب: الإقرار بما فيها -يعني طريقة الصوفية- وفي غيرها من موافقة الكتاب والسنة، والإنكار لما فيها وفي غيرها من مخالفة الكتاب والسنة...).اﻫ
#- قال ابن القيم -رحمه الله-في "طريق الهجرتين"(386-387)( ولولا أن المقصود ذِكرُ الطبقات لذكرنا ما لِهذِهِ المذاهب وما عليها ،وبيَّينَّا تناقضَ أهلها وما وَافقُوا فيه الحقَّ وما خالفوه، بالعلم والعدل لا بالجهل والظلم، فإنَّ كلَّ طائفة منها معها حق وباطل! فالواجب موافقتهم فيما قالوه من الحق وردِّ قالوه من الباطل، ومن فَتَحَ اللهُ لَهُ بهذا الطريق، فقد فُتِحَ له من العلم والدين كل باب ويسر عليه فيهما الأسباب، والله المستعـــان)).
وقال-رحمه الله- في"الصواعق المرسلة"(2/516): (( فمن هداه الله سبحانه إلى الأخذ بالحق حيث كان ومع من كان ولو كان مع من يبغضه ويعاديه ورد الباطل مع من كان ولو كان مع من يحبه ويواليه فهو ممن هدى لما اختلف فيه من الحق )).
وهذا أيضًا ما قرره العلامة السعدي في تفسير سورة المائدة الآية (8) فقد قال رحمه الله -: "﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ أي لا يحملنكم بُغْضُ قوم على أن لا تعدلوا، كما يفعله من لا عدل عنده ولا قسط، بل كما تشهدون لوليكم؛ فاشهدوا عليه، وكما تشهدون على عدوكم؛ فاشهدوا له، ولو كان كافرًا أو مبتدعًا، فإنه يجب العدل فيه، وقبول ما يأتي به من الحق، لأنه حق، لا لأنه قاله، ولا يرد الحق لأجل قوله، فإن هذا ظلم للحق" ، "تيسير الكريم الرحمن".
قلتُ- العبد الضعيف-: وهذا الكلام المنقول عن شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم ،- رحمة الله عليهما- ليس على إطلاقه لمن هبَّ ودبَّ من عامة المسلمين، إنما هو خــــاص بالعلماء أو لمن أذنوا له من طلاب العلم أن ينظر في كتب الطوائف الأخرى ؛ ممن لهم تشبع بالعلم الشرعي الصحيح، ويملكون آلة التمييز إمَّا للرد عليها أو تمييز صوابها من خطئها، فحينئذٍ يُقبل الحق ويُردُّ الباطل ،وهذا ما كان عليه السلف الصــــالح من قبول ما عند الطوائف الأخرى من الـــحق ورد ما عندهم من باطل، ففي هذا الحال الموالي منها والمعادي سواء ،لأنَّ من تكلم بالحق يُقبل قولُهُ ولا يُردُّ ولو كان مُعَادياً، ويُردُّ الباطل على من تكلم به ولو كان موالياً ؛كما يُروى مرفوعاً ولا يثبت ( الحِكْمَةُ ضـــــَــالَةُ المُؤْمِنِ، أَيْنَمَا وَجَدَهَا فَـــــــهُوَ أَحَقُّ بِأَخْذِهَا ) .
ولا يزال هذا المنهج العلمي السديد يسري في رحاب أهل العلم وطلابه، حتى جاء
(المنهج الحدادي النجس)
الذي هو أشبه بالخوارج والرافضة مع الصحابة الكرام، حيث لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، فأنقلبت الموازين عند بعض الشباب، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
_ - وأمَّا تعقيبكَ على كلام الزركشي:قال الحافظ:«قرأت في «تنقيح»الزركشي: أن المراد بالخير المنفي: ما زاد على أصل الإقرار بالشهادتين ـ
كما تدل عليه بقية الأحاديث »
فقلتَ:
اقتباس:
بالله عليك ألا تعلم أن في هذا الكلام نص على أن من ترك عمل القلب لم يكفر و هذا هو عين كلام أهل الإرجاء .
معنى ذلك أنكَ –وفقني الله وإياك- لا تُفرِّق بين مجرد التلفظ بالشهادتين، وبين أصل الإقرار بالشهادتين ، فكلامك صوابٌ مع الأول خطأٌ مع الثاني،
ففي «مجموع الفتاوى» (7 / 637 ـ 638 )، قال شيخ الإسلام-رحمه الله- :
«وأما (الإيمان بالرسول ) فهو المهم، إذ لا يتم الإيمان بالله بدون الإيمان به، ولا تحصل النجاة والسعادة بدونه، إذ هو الطريق إلى الله ـ سبحانه ـ، ولهذا كان ركنا الإسلام : «أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله».
ومعلوم أن الإيمان هو الإقرار، لا مجرد التصديق، والإقرار ضمن قول القلب الذي هو التصديق، وعمل القلب الذي هو الانقياد تصديق الرسول فيما أخبر، والانقياد له فيما أمر، كما أن الإقرار بالله هو الاعتراف به والعبادة له، فالنفاق يقع كثيراً في حق الرسول، وهو أكثر ما ذكره الله في القرآن من نفاق المنافقين في حياته، والكفر هو عدم الإيمان سواء كان معه تكذيب أو استكبار أو إباء أو إعراض، فمن لم يحصل في قلبه التصديق والانقياد فهو كافر».
ولماذا لم تتعقَّب ابن القيم فيما نقلتهُ عنه؛ في شرحه لحديث الشفاعة من "حادي الارواح" ، أم أنَّ ابن القيّم –رحمه الله- صعب المرتقى، أم هو الانتقاء والتشهي؟ أنبؤونا بعلم إن كنتم صادقين.
- قُلتَ :
اقتباس:
وأما حديث الشفاعة و نحوه، فراجع تفسيرات العلماء له ؟ وأمافهمك فلا يلزمك إلا أنت؟

معذرةً أخي لو قُلتُ لك هذا تحامل - عفاك الله منه- لَـمَا أخطأتُ، وهل وجدتَ أني ذكرتُ تفسيرات أدعياء العلم ! حتى تقول: راجع تفسيرات العلماء، وعلى نحو أسلوبك أُلزمكَ بأنك ترفض وترد كلام العلماء الذين سبق شرحهم- أو تفسيرهم على حد تعبيرك- لحديث الشفاعة العظيم، أَمْ أن القرطبي والحافظ ابن عبد البر وشيخ الإسلام وابن القيم وابن رجب الحنبلي والحافظ ابن كثير والصنعاني ومحمد خليل هراس و الألباني –رحمهم الله جميعا- ليسوا عندك بعلماء ؟، ومع ذلك فأنا لا ألزمك بهذا الإلزام، لأني أعرف قناعتك بما تنصره من قول، وهو قول لأهل الحق من المتقدمين والمتأخرين والمعاصرين، والقائلون به على العين والرأس -كما يقال-.
وأنا لا أستنكِرُ عليكَ ، وإنما أستنكر عليك اسْتِنْكَارَكَ عَلَيّ.
اقتباس:
- وأمافهمك فلا يلزمك إلا أنت؟
ليس لي فهم مستقل ! إنما أنا مقتدٍ ومتبع، "وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاَغ"، والعهدة على قائله وباديه لا على ناقله وحاكيه، وفي مقابل هذه من الطرف الآخر يقال: "ومُبلِّغَ الكفر ليس بكافر"، وأرجو أن تكون قد فهمتني




- قُلتَ :
اقتباس:
وراجع ما جاء في تفسيرها عن السلف وأما تفسير الخلف لها فلا عبرة به إن خالف السلف

هذا توجيه سديد-جزاك الله خيراً- لكنَّكَ لم تصبر عليَّ حتى أكمل النقل عن أهل العلم من السلف وأتباع السلف
فالبحث ما زال - بحول الله –متتابعاً ، أما قولك:
اقتباس:
وأما تفسير الخلف لها فلا عبرة به إن خالف السلف
نعم لا عبرة به ولا كرامة، ومع ذلك أَحببتُ أن أفهمَ مقصودكَ بالسلف ؟
إن كان المراد به مجرد الأسبقية في الزمن، فلا أظنك تقصد أبا حنيفة أو شيخه حماد بن أبي سليمان- رحمهما الله-
فضلا عن أنك تقصد من خرجوا على عثمان ومن بَعْدِهِ على عليّ ومن معه من الصحابة- رضي الله عنهم جميعاً-
أو غيرهم من أهل الأهواء والبدعة، وأنا على يقين تام أنكَ لا تقصد ذلك، فلماذا إذاً ذكرتَ : تفسير الخلف لا عبرة به، مع أني ذكرتُ تفسير علماء سلفيين، كالحافظ ابن عبد البر وشيخ الإسلام وتلميذه وابن كثير وابن رجب.....أم أن َّ هؤلاء ليسوا عندك من علماء السلف -وإن تأخر بهم الزمن- ؟
والطلب الذي أطلبه من أخي أبي زيد – أطال الله في عمره بخير-هو أنْ يأتينا بشرح لحديث الشفاعة العظيم لأحدٍ من علماء السلف على مدار التاريخ، يخالف الذي نقلته سابقاً، لكن بشرطٍ واحدٍ فقط !، وهو ألا يكون من المعاصرين، وإنَّا لـمنتظرون.
`- أما ما نقلته عن الشيخ الألباني -رحمه الله-فهو كلام حق، لا مرية فيه، لكن هناك نقطتان:
1- أنَّ هذا القول: بأنه لا يُتصور أو أنها إلى الخيال أقرب
فعدم التجويز العقلي لا يقدح في الدليل الشرعي، هذا بالنسبة لنا نحن معاشر البشر، أما إذا تعلق الأمر بعلاّم الغيوب فالأمر مختلف، لا يحتاج إلى مزيد بيان للفرق بين معرفة العبد العاجز القاصر الساهي الناسي، وبين من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، ومن جهة أخرى .........(تتمتها في المشاركة اللاحقة)
2- إذا كان الامام الالباني -رحمه الله - لايقول بهذا القول فلماذا هذه الحملة الشرسة التي ما تركت سلفيا إلا قضَّت مضجعه، وإلا أين كنتَ حينها ؟
لعلك تَذكرُ انتقادك - السابق - حيثُ ذكرتَ أني أخلط بين مسألة ترك الصلاة ومسألة تارك أعمال الجوارح
لكن في الحقيقة كنتُ أعي ما أقول - وإن حسنتُ الظّن بنفسي- وذلك أن الامام الالباني لـمَّا رجَّح عدم كفر تارك الصلاة تهاونا وكسلاً - لا جحوداً - خلا فا لما عليه علماء المملكة، طالعنا الدكتور الناصح بكتاب مشؤوم عنوانه "ظاهرة الارجاء في الفكر الاسلامي".......... ( التتمة في المشاركة رقم :64)









قديم 2011-06-08, 13:21   رقم المشاركة : 50
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

تتمة الرسالة إلى الأخ الحبيب: أبي زيد الجزائري – وفقني الله وإياه لكل خير –

قول بعض علماء أهل السنة: إنّ الأقوام الذي يخرجون من النار لم يعملوا خيراً قط، لا يتصادم مع نقل ولا عقل، فربنا ـ تعالى ـ الجواد الكريم ينجي أولئك الذين لم يعملوا خيراً قط، ويثيبهم على ما في قلوبهم؛ مما يزن مثقال الذرة أو أدنى من ذلك. وتصوُّرُ هذا المقدارِ مع عدم تحريك الجوارح - كما ثبت في النصوص الصحيحة - أمرٌ لا غرابة فيه، وقد أعجبنا في تقريب تصوُّر هذه الحالة وتصويرها ما قاله الدكتور الحوالي ـ عافاه الله ظاهراً وباطناً، وغفر له على مُخالفته ـ في كتابه «ظاهرة الإرجاء» (2/ 529 )ـ وهو من هو! ـ حيث قال:
« ولهذا تحصل حالة شاذة خفية؛ وهي أن يضعف إيمان القلب ضعفاً لا يبقى معه قدرة على تحريك الجوارح لعمل خير، مثله مثل المريض الفاقد للحركة والإحساس، إلا أن في قلبه نبضاً لا يستطيع الأطباء معه الحكم بوفاته ـ مع أنه ميؤوس من شفائهِ؛ فهو ظاهراً في حكم الميت، وباطناً لديه القدر الضئيل من الحياة الذي لا حركة معه، وهذه هي حالة الجهنميين الذين يخرجهم الله من النار، مع أنهم لم يعملوا خيراً قط...».
ولو تأمل هذا الرجل ما خطّته يداه ـ ها هنا ـ لكان ذلك كافياً لهدم كتابه كله، فهل يعقل ذلك المقلدون له، الفرحون لكتابه؟
ولا يظنَنَّ عاقل أنّ القول بتحريم الخلود في النار لتارك الأعمال شهادة له بأنه صاحب إيمان حقيقي أو تصديق قوي وكامل، ألم يعلموا أنّ التصديق والإيمان بالقلب قد يكون ضعيفاً ذاوياً كما ذكر ابن رجب في «شرح كتاب الإيمان» (134 ):
«فجعل قتادة: الإسلام الكلمة، وهي أصل الدين، والإيمان ما قام بالقلوب من تحقيق التصديق بالغيب، فهؤلاء القوم لم يحققوا الإيمان في قلوبهم، وإنّما دخل في قلوبهم تصديق ضعيف بحيث صحّ به إسلامهم،
ويدل عليه قوله تعالى: ( وإن تطيعوا الله ورسوله لا يَلِتكم من أعمالكم شيئاً ) [الحجرات : 14]».
وكما قال الحَليميّ ـ رحمه الله ـ:
ووجه هذا أنْ يكون في قلب واحد توحيد، ليس معه خوف غالب على القلب فيردع، ولا رجاء حاضر له فيطمع، بل يكون صاحبه ساهياً قد أذهلته الدنيا عن الآخرة.... فإذا كان ذلك خفّ وزنه وإذا تتابعت شهاداته ثقل وزنه.
ولـه وجه آخر وهو أنْ يكون إيمان واحد في أدنى مراتب اليقين حتى إنْ تشكك تشكك ».
وقد يستشكل مستشكلٌ دخولَ الجنّة بدون العمل؟
فيقال: إنّ دخول الجنّة لمن لم يعمل خيّراً قط، هو من باب الإحسان من الخالق، بخلاف دخول النّار الذي لا بدّ فيه من العصيان من المخلوق.
وشبيه هذا ما قاله شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في «الفتاوى» (16 /47 ):
«وأمّا الجنّة فإنّ الله ينشئ لها خلقاً فيدخلهم الجنّة، فبيّن أنّ الجنّة لا يضيّقها ـ سبحانه ـ، بل ينشئ لها خلقاً فيدخلهم الجنّة، لأنّ الله يدخل الجنّة من لم يعمل خيراً ؛ لأنّ ذلك من باب الإحسان، وأمّا العذاب بالنّار فلا يكون إلا لمن عصى، فلا يعذب أحداً بغير ذنب. والله أعلم».
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم- : (( تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين و المتجبرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم. قال الله عز وجل، للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء من عبادي. وقال للنار: إنما أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله، فتقول: قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوي بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها خلقا آخر ))
صحيح البخاري برقم (4850).
وفي روايه : (( ...ويبقى في الجنة فضول فينشئ الله لها خلقا آخر، فيدخلهم إياها ))


فالقول ـ إذاً ـ بالخروج من النّار لتارك العمل ـ إحساناً ـ من المنّان، ليس بكذب، ولا بهتان.

(( اللهمَّ اجعلنا من أهل الجنَّة ، جنَّات الفردوس الأعلى
بمنِّك وكرمك يا أرحم الراحمين ))









قديم 2011-06-09, 00:01   رقم المشاركة : 51
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










B1 التفصيل في وقوع الكفر

تتمة البحث

ومن الله نستمد العون


كما سبق ـ قبلُ ـ أن أدنى الإسلام المُنْجي من الخلود في النار: وجود أصل الإيمان الذي هو إيمان القلب وقول اللسان، وبذلك فإنّ حكم الكفر لا يثبت ـ من حيث التركُ ـ اتفاقاً ـ إلا بترك أصل الإيمان، أما ترك المباني الأربعة أو بعضها ـ بعضاً أو كلاً ـ فبحسب الخلاف السُّنِّي المُعْتَبَر الوارد فيها :


1 ـ قال شيخ الإسلام في «الفتاوى» (7/ 302): «وقد اتّفق المسلمون على أنّه مَن لم يأتِ بالشهادتين فهو كافر، وأمّا الأعمال الأربعة : فاختلفوا في تكفير تاركها ثم ذكر أقوالاً... «رابعة: لا يكفر إلا بترك الصلاة...»


وخامسة: لا يكفر بترك شيء منهن. وهذه أقوال معروفة للسلف».


وسيأتي لاحقاً معنى قوله :«شيء منهن»، وقوله «لا يكفر إلا بترك الصلاة» : معناه: أنّ ترك كل ما سواها ليس بكفر، ومن المعلوم أنّ حكم تارك الصلاة مختلفٌ فيه بين السلف، فمن لم يكفر منهم تاركها فمن باب أولى أن لا يكفر تارك سواها.


وقد قرّر ذلك المعنى تلميذه الإمام محمد بن عبد الهادي ـ رحمه الله ـ في «العقود الدرية» (ص98) موافقاً عليه، بقولهِ :«والكفر إنما يثبت إذا عدم الشكر بالكلية.كما قال أهل السنة: إنّ من ترك فروع الإيمان لا يكون كافراً، حتى يترك أصل الإيمان، وهو الاعتقاد ».


وأكّد شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ ما قاله ـ هنا ـ مرّة أخرى في «الفتاوى» (15 /283): «والكفر اسم جامع لكل ما يبغضه الله وينهى عنه، وإن كان لا يكفر العبد إذا كان معه أصل الإيمان وبعض فروع الكفر من المعاصي، كما لا يكون مؤمناً إذا كان معه أصل الكفر وبعض فروع الإيمان».


فما المانع للكفر والموجب له ؟ وما المانع للإيمان والموجب لمطلقه؟


أليس أصل هذا وذاك؟ ولعلّه بعد هذا ـ أخيراً ـ يُمَيَّزُ بين أصل الإيمان وفرعه!!


وسئل ـ رحمه الله ـ في (35 /105) ـ من «مجموع الفتاوى» حولَ واقعةٍ عملية ـ لا نظرية! ـ عن رجل قال :أشهد أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً عبده ورسوله ولم يصلّ، ولم يقم بشيء من الفرائض....


فأجاب: «الحمد لله، إنّ من لم يعتقد وجوب الصلوات الخمس والزكاة المفروضة، وصيام شهر رمضان... فهو كافر مرتد، يستتاب، فإن تاب وإلا قتل باتفاق أئمة المسلمين، ولا يُغْني عنه التكلم بالشهادتين.


وإن قال: أنا أقرّ بوجوب ذلك عليّ، وأعلم أنّه فرض، وأنّ من تركه كان مستحقاً لذمّ الله وعقابه ؛ لكني لا أفعل ذلك : فهذا ـ أيضاً ـ مستحق للعقوبة في الدنيا والآخرة باتفاق المسلمين، ويجب أن يصلي الصلوات الخمس باتفاق العلماء.


وأكثر العلماء يقولون: يؤمر بالصلاة؛ فإن لم يصلّ وإلا قُتل، (فإذا أصرّ على الجحود ) حتى قتل كان كافراً باتفاق الأئمة؛ لا يغسّل ولا يصلّى عليه؛ ولا يدفن في مقابر المسلمين.


ومن قال: إنّ كل من تكلم بالشهادتين، ولم يؤدّ الفرائض، ولم يجتنب المحارم: يدخل الجنّة، ولا يعذبأحد منهم بالنّار: فهو كافر مرتد ».


فانظروا ـ يا عباد الله ـ متى يكون الكفر والردة، ومتى يكون استحقاق الذمّ والعقاب ـ فقط ـ، وانظروا إلى المواضع التي ذكر فيها الإمام: الاتفاق، لتنجو من الاختلاف والاختلاق، ويكفي ما أحدثتموه في الأمّة من الفُرْقة والافتراق!


ففرقٌ بين من ينفي الخلود في النار إذا تُركت أعمال الجوارح ـ فقط ـ، مع وجود أصل الإيمان، وبين من ينفي أصل دخولها؛ فالإرجاء في الثاني لا في الأول. فتنبه رحمك الله


وهذا ما قرره شيخ الإسلام في الفتاوى (35 /202 ـ 203) عندما سئل عن حديث «من قال : لا إله إلا الله دخل الجنّة» فأجاب: «من اعتقد أنّه بمجرد تلفّظ الإنسان بهذه الكلمة يدخل الجنة ولا يدخل النار بحال فهو ضالّ، مخالف للكتاب والسنّة وإجماع المؤمنين.... ولكن إن قال: لا إله إلا الله خالصاً صادقاً من قلبه ومات على ذلك فإنّه لا يخلد في النّار؛ إذ لا يخلد في النّار من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان» فجعل ـ رحمه الله ـ نفي الخلود مُتعلقَاً بأصل الإيمان ـ قولاً وقلباً ـ؛ فتأمل.


وبعد كل ما سبق يأتي بعض الناس ـ يخلط ـ موقعاً الإجماع على اتهام وتضليل من قال باستحقاق العذاب مع ترك الأعمال!!


2 ـ قال ابن حزم ـ رحمه الله ـ في «الفصل والنحل» (3 /181):


«فأما الإيمان الذي يكون الكفر ضداً له فهو العقد في القلب و الإقرار باللسان؛ فإن الكفر ضدٌّ لهذا الإيمان»


وقد يقع هذا الكفر – بنوعيه- على كل الجوارح بنوعيه؛ كفراً عملياً أكبر ... .


4 ـ قال الإمام البيهقي في كتاب «الاعتقاد» (ص95): «ذهب أكثر أصحاب الحديث إلى أن اسم الإيمان يجمع الطاعات فرضها ونفلها وأنها على ثلاثة أقسام: فقسم يكفر بتركه: وهو اعتقاد ما يجب اعتقاده والإقرار بما اعتقده».


5 ـ قال ابن عبد البر في «التمهيد» (23 /290) عند شرحه حديث: «خمس صلوات في اليوم والليلة» قال: «وفيه دليلٌ على أنّ من لم يصلّ من المسلمين في مشيئة الله إذا كان موحّداً مؤمناً بما جاء به محمد –صلى الله عليه وسلم- مصدقاً مقرّاً وإنْ لم يعمل، وهذا يردّ قول المعتزلة والخوارج بأسرها؛ ألا ترى أن المقرّ بالإسلام في حين دخوله فيه يكون مسلماً قبل الدخول في عملالصلاة وصوم رمضان بإقراره وعقده نيته، فمن جهة النظر لا يجب أن يكون كافراً إلا برفع ما كان به مسلماً وهو: الجحود لما كان أقرّ به واعتقده، والله أعلم».

يتبع إن شاء الله









قديم 2011-06-09, 02:03   رقم المشاركة : 52
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي تتمة لما سبق

ظنَّ بعض الناس أن العبارات الواردة عن أهل السنة في نفي الإيمان لترك الأعمال الظاهرة، يلزم منها ـ دائماً ـ الكفـر الأكبر والخروج من دائرة الإسلام!!


ولو انتظروا قليلاً ودققوا في عبارات أهل العلم لوجدوا أن نفي الإيمان يلزم منه - أحيانا - الكفر، وذلك إذا ترك أصل الإيمان ـ كما سبق ـ أما نفي الإيمان لذهاب الواجبات أو فعل المحرمات ـ بعضاً أو كُلاًّ ـ فهذا لا يعني ـ أبداً ـ الكفر الأكبر، لذا عبرّ عنه العلماء بنفي الكمال الواجب، لا نفي أصل الإيمان، أو بعبارة أخرى نفي الإيمان المطلق لا مطلق الإيمان.



ومثال الأول: ما قاله صاحب «تحفة الأحوذي» (6/298 ) تحت حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع: يشهد أن لا اله إلا الله وأني محمد رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالموت وبالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر».


فقال ـ رحمه الله ـ: «لا يؤمن عبد» هذا نفي الإيمان؛ أي: لا يعتبر ما عندهم من التصديق القلبي (حتى يؤمن بأربع.... )


قال القاري نقلاً عن المظهر:


المراد بهذا الحديث نفي أصل الإيمان لا نفي الكمال (1) فمن لم يؤمن بواحد من هذه الأربعة لم يكن مؤمناً».

(1) أي : الكمال الواجب.
أما مثال الثاني ـ الذي هو نفي كمال الإيمان الواجب لا أصله ـ :


1 ـ قال شيخ الإسلام (19/ 293 ) :


«وقوله }ليس البر أن تولوا وجوهكم.... أولئك الذين صدقوا{ إذا قال قائل في مثل هذا: ليس بمؤمن كامل الإيمان، أو نفى عنه كمال الإيمان الواجب لا أصله ، فالمراد به كمال الإيمان الواجب ليس بكمال الإيمان المستحب ـ».



وقال ـ رحمه الله ـ (12/478 ): «وقولـه –صلى الله عليه وسلم- : «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن....» فنفى عنه الإيمان الواجب الذي يستحق به الجنة، ولا يستلزم ذلك نفي أصل الإيمان ـ ».



2 ـ قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في «بدائع الفوائد» (4/ 17 ): عند قولـه تعالى: }قالت الأعراب آمنا، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا { فقال ـ رحمه الله ـ: «نفياً للإيمان المطلق لا لمطلق الإيمان ».



3 ـ وقال الحافظ ـ رحمه الله ـ في «الفتح» (12/ 115 ): «لا يزني الزاني وهو مؤمن»، وقد روي (2) عن أبي جعفر - يعني الباقر - أنه قال - في هذا -: "خرج من الإيمان إلى الإسلام": يعني أنه جعل الإيمان أخصّ من الإسلام، فإذا خرج من الإيمان بقي في الإسلام، وهذا يوافق قول الجمهور:


أن المراد بالإيمان هنا كماله لا أصله والله أعلم».

(2) رواه الخلال في «السنة» (1083) وإسحاق بن راهويه في «مسنده» (418).









قديم 2011-06-09, 02:34   رقم المشاركة : 53
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










B1 الاسماء والاحكام (الايمان والاسلام)


توهَّم بعضهم أنَّ ذكر العمل مع الإيمان، من باب أنَّ الإيمان لا يصحُّ إلا بعمل الجوارح، واستدلوا على ذلك بالآيات والأحاديث التي قُرن فيها العمل مع الإيمان! ولكن ـ للأسف ـ غاب عنهم أن اقتران الأعمال بالإيمان هو من باب ثبوت اسم الإيمان المطلق، أو الواجب، الذي يمدح صاحبه به، ويثاب عليه بدخول الجنة بلا عذاب، بمعنى : أن تحقيق الوعد لدخول الجنة بلا عذاب عُلق في القرآن باسم الإيمان المطلق الذي لا يكون إلا بالأعمال الصالحة، ولم يعلَّق بالإسلام الذي قد يثبت لصاحبه ظاهراً بالشهادتين ممّا لا يعطيه اسم الإيمان الواجب أو المطلق الذي به يستحق الوعد بدخول الجنة بلا عذاب. فليس كل من أتى بالإسلام الواجب يقال فيـه أتى بالإيمـان الواجـب ـ الموجب له الوعد ـ؛ كما بين ذلك شيخ الإسـلام ـ رحمه الله ـ في:
أ ـ «الفتاوى» (7/ 260 ) قائلاً: «والوعد الذي في القرآن بالجنّة، وبالنجاة من العذاب إنما هو مُعَلَقٌ باسم الإيمان ، وأما اسم الإسلام مجرداً فما عُلق به في القرآن دخول الجنة، لكنه فرضه ،وأخبر أنه دينه الذي لا يقبل من أحد سواه... وأما الإسلام المطلق المجرد فليس في كتاب الله تعليق دخول الجنة به، كما علق دخول الجنة بالإيمان المطلق المجرد».
ب ـ وقال ـ أيضاً ـ في «الفتاوى» (7/ 423 ):
«وأما من كان معه أول الإيمان، فهذا يصح منه، لأن معه إقراره في الباطن بوجوب ما أوجبه الرسول، وتحريم ما حرمه وهذا سبب الصحة ؛ وأما كماله فيتعلق به خطاب الوعد بالجنة والنصرة والسلامة من النار فإن هذا الوعد إنما هو لمن فعل المأمور وترك المحظور ».
ج ـ وقال ـ رحمه الله ـ في«الفتاوى» (7/ 181 ):
«والمقصود هنا أنه لم يثبت المدح إلاّ على إيمان معه العمل، لا على إيمان خالٍ عن عمل، فإذا عرف أنه الذم والعقاب واقع في ترك العمل كان بعد ذلك نزاعهم لا فائدة فيه، بل يكون نزاعاً لفظياً مع أنهم مخطئون مخالفون للكتاب والسنة وإن قالوا: إنه لا يضره ترك العمل فهذا كفر صريح...».
د ـ وقال ـ أيضاً ـ (7/ 367 ):
«وكل من أتى بالإيمان الواجب فقد أتى بالإسلام الواجب ، لكن النزاع في العكس».
1 ـ وقال الإمام ابن بطة ـ رحمه الله ـ في «الإبانة الكبرى» (2/ 650 ):
«}وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون { وهو الإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين، والتصديق والإقرار بما جاء من الله والتسليم لقضائه وحكمه، والرضا بقدره وهذا هو الإيمان.
ومن كان كذلك فقد استكمل الإيمان، ومن كان مؤمناً حرّم الله ماله ودمه ووجب له ما يجب على المسلمين من الأحكام. ولكن لا يستوجب ثوابه، ولا ينال الكرامة إلاّ بالعمل فيه، واستيجاد ثواب الإيمان به (والعمل به ): إتباع طاعة الله ـ تبارك وتعالى ـ في أداء الفرائض واجتناب المحارم».
3 ـ قال الإمام النووي في «شرح مسلم» (1/ 106 ): «فالمعنى الذي يستحق به العبد المدح والولاية من المؤمنين هو إتيانه بهذه الأمور الثلاثة، التصديق بالقلب والإقرار باللسان والعمل بالجوارح».

ومما يَحسن أنْ يُذكر في هذا المقام ـ على إثر ما سبق من الكلام ـ أنّ الكثير من المتحمسين! لا يدركون حقيقة الخلاف الذي دار بين أهل السنّة من جهة، وعموم المرجئة ـ سوى الجهمية ومن وافقهم ـ من جهة أخرى، حتى إنّ الكثيرين منهم لا يعرف أنّ اختلاف الناس ـ عموماً ـ في هذه المسائل يندرج تحت ما يسمى (باب الأسماء والأحكام )، كما سماه أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام، كما قاله ـ رحمه الله ـ في ـ الفتاوى ـ (12/ 479 ):
«فهذا أصل مختصر في «مسألة الأسماء» وأما «مسألة الأحكام» وحكمه في الدار الآخرة فالذي عليه الصحابة ومن اتبعهم بإحسان، وسائر أهل السنة والجماعة: أنّه لا يخلد في النار من معه شيء من الإيمان؛ بل يخرج منها من معه مثقال حبة أو مثقال ذرة من إيمان».
وحتى يتضح الأمر على أكمل وجه فإننا مضطرّون للتّفصيل في مدلول «مسألة الأسماء» ولا بدّ أنْ نذكر ـ هنا ـ أنّ الخلاف الواقع فيها يتعلّق بما يقع عليه اسم الإيمان،- ولا يتعلق-أصالة- بحكم التارك لعمل الأركان- كما صرّح بذلك الإمام ابن أبي العزّ الحنفي في «شرح الطحاوية» (332 ) بقوله: «اختلف الناس فيما يقع عليه اسم الإيمان اختلافاً كثيراً؛ فذهب مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وسائر أهل الحديث وأهل المدينة ـ رحمهم الله ـ وأهل الظاهر وجماعة من المتكلمين إلى أنّه : تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان».
وتلتقي جميع طوائف المرجئة في إخراج الأعمال وعدم دخولها في مسمى الإيمان، كما عبّر عن ذلك كثير من أهل العلم.
قال الإمام ابن رجب في «شرح كتاب الإيمان» (210 ):
«عن شعبة، عن زيد قال : سألت أبا وائل عن المرجئة فقال : حدثني عبد الله أنّ النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر».
فهذا الحديث ردّ به أبو وائل على المرجئة الذين لا يدخلون الأعمال في الإيمان؛ فإنّ الحديث يدل على أنّ بعض الأعمال يسمى كفراً وهو قتال المسلمين، فدلّ على أنّ بعض الأعمال يسمى كفراً وبعضها يسمى إيماناً، وقد اتهم بعض فقهاء المرجئة أبا وائل في رواية هذا الحديث».
وقال ـ أيضاً ـ في «شرح كتاب الإيمان» (10 ):
«وخالف في ذلك طوائف من العلماء أهل الكوفة والبصرة وغيرهم، وأخرجوا الأعمال من الإيمان وقالوا : الإيمان : المعرفة مع القول. وحدث بعدهم من يقول : الإيمان : المعرفة خاصة، ومن يقول: الإيمان: القول خاصة».
أما دخول الأعمال في مسمى الإسلام فقد صرّح ـ رحمه الله ـ بقوله (135 ): «والنصوص الدالة على أنّ الأعمال داخلة في الإسلام كثيرة جداً».
وعامة المرجئة على دخول الأعمال في مسمى الدين (الإسلام ) ولم يخالف في ذلك إلا بعض الطوائف منهم كما بيّن ذلك بقوله (105 ):
«ومن قال : الإيمان : التصديق، والإسلام : الأعمال، فأكثرهم جعل الدين هو الإسلام وأدخل فيه الأعمال، وإنّما أخرج الأعمال من مسمى الدين بعض المرجئة ».
وإذا قيل : في أيّ البابين (الأسماء )، (الأحكام ) وقع الخلاف بين أهل السنة والمرجئة ـ عامّة ـ والفقهاء منهم ـ خاصّة ـ؟
فنقول : وسنكتفي هنا بإيراد كلام شيخ الإسلام في «الفتاوى» (12/ 484 ) : «وأما «المرجئة» : فلا تختلف نصوصه - أي : الإمام أحمد - أنّه لا يكفرهم؛ فإنّ بدعتهم من جنس اختلاف الفقهاء في الفروع، ولهذا يسمى الكلام في مسائلهم «باب الأسماء» وهذا من نزاع الفقهاء، لكن يتعلق بأصل الدين فكان المنازِعُ فيه مبتدعاً»
فهذا من دقائق الحقائق حتى لا يكاد يدركها إلا الأفراد من الخلائق.









قديم 2011-06-09, 03:52   رقم المشاركة : 54
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي نقض ادعاء الاجماع

نقض دعوى الإجماع

ادِّعاؤهم إجماع أهل السنة على تكفير تارك أعمال الجوارح بالكلية، وعدم السماح بوجود الخلاف في ذلك،
وهذا الإجماع لو عكس لكان أولى بالصواب!
ويظهر هذا واضحاً من خلال أقوال أهل العلم المستفيضة ومنها :
1 ـ قال الإمام الشافعي ـ كما نقل عنه الإمام الشيرازي ـ: «الإيمان هو التصديق والإقرار والعمل، فالمخلُّ بالأول وحده منافق، وبالثاني وحده كافر، وبالثالث وحده فاسق ينجو من الخلود في النار ويدخل الجنة ». [«عمدة القاري» (1/ 175 )].
2 ـ قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في «مسائل الإمام أحمد برواية أبي الفضل صالح» (2/ 119 ) : قال :
«وسألت أبي عمن يقول : الإيمان يزيد وينقص، ما زيادته ونقصانه؟
فقال ـ أي الإمام أحمد ـ: «زيادته بالعمل ونقصانه بترك العمل مثل تركه : الصلاة والحج وأداء الفرائض ...».
وقال الإمام أحمد ـ أيضاً ـ كما في «طبقات الحنابلة» (1/ 343 ):
«... ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم أو بردِّ فريضة من فرائض الله ـ تعالى ـ جاحداً بها؛ فإن تركها كسلاً أو تهاوناً كان في مشيئة الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه».
3 ـ قال الإمام أبو جعفر الطّبري في كتابه «تهذيب الآثار» وفي (مسند عبد الله بن عبّاس ) (2/ 643 ) :
«وكان الإيمان عندنا قولاً باللسان بما يحقن به المرء دمه وعملاً بالجوارح كما يستوجب العمل به حقيقة اسم الإيمان».
وقال ـ أيضاً ـ في كتابه «التبصير في معالم الدين» (187 ) :
«قال بعضهم : الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالجوارح، فمن أتى بمعنيين من هذه المعاني الثلاث ولم يأت بالثالث فغير جائز أن يقال إنّه مؤمن، ولكن يقال له : إن كان اللذان أتى بهما المعرفة بالقلب والإقرار باللسان وهو في العمل مفرّط :فمسلم ».
وقال في (ص 196 ) : «إذا عرف وأقرّ وفرّط في العمل هو مؤمن بالله ورسوله (1) ، لا نقول مؤمن بإطلاق (2) »
. (1) أي : غير كافر. (2) أي : من الصالحين
4 ـ قال الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ في «الفصل»(3/ 118 ) :
«وأمّا الإيمان الذي يكون الفسق ضدّاً له لا الكفر فهو ما كان من الأعمال فرضاً، فإنّ تركه ضدّ للعمل وهو فسق لا كفر ».
وقال ـ أيضاً ـ في كتابه «المحلّى» (1/ 45 ) :
«مسألة : ومن ضيّع الأعمال كلّها فهو مؤمن ناقص الإيمان لا يكفر».
وقال ـ أيضاً ـ في كتابه «الدرة» (ص 337 ـ 338 ) :
« إنما لم يكفر من ترك العمل، وكفر من ترك القول، لأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- حكم بالكفر على من أبى مِنَ القول، وإنْ كان عالماً بصحة الإيمان بقلبه، وحكم بالخروج مِنَ النار لمن علم بقلبه وقال بلسانه، وإنْ لم يعمل خيراً قط ».
وحذار أن يقال : إن قولـه ـ رحمه الله ـ مردود لأنه متهم بالتجهم، فهذا القول يدل على تلبيس وتدليس من قائله، وذلك :
أ ـ أن هذا الاتهام قد يصدق عليه في مسائل الأسماء والصفات، ولكنه لا ينسحب على مسائل الإيمان.
ب ـ فيه هدر لتزكية شيخ الإسلام له حين قال (4/ 18 ):
«وكذلك أبو محمد ابن حزم فيما صنفه من الملل والنحل إنما يُستحمد بموافقة السنة والحديث، مثلما ذكره في مسائل «القدر» و«الإرجاء» ونحو ذلك …».
ج ـ وفيه دلالة صريحة على عدم وضوح بدعة المرجئة ـ عندهم ـ فإنهم لم يقولوا بقوله -المنقول عنه-:«فهو مؤمن ناقص الإيمان» فالإيمان عندهم كامل لا نقص فيه.
5 ـ قال الإمام البيهقي في «الاعتقاد» (ص 175 ) :
«ذهب أكثر أصحاب الحديث إلى أنّ اسم الإيمان يجمع الطاعات فرضها ونفلها، وأنّها على ثلاثة أقسام :
فقسم يكفر بتركه : وهو اعتقاد ما يجب اعتقاده والإقرار بما اعتقده.
وقسم يفسق بتركه أو يعصي ولا يكفر به إذا لم يجحده : وهو مفروض الطاعات كالصلاة والزكاة والصّيام والحج واجتناب المحارم».
وحذار ـ مرة أخرى ـ أن يقال في هذا الإمام ما قيل في الإمام ابن حزم، فإن أصرّ مُتَعَنِّتٌ وقال بما حذرناه منه فإننا سنضطر أن نقول له :
أ ـ إن في قولك إساءة لك فضلاً عن إساءتك لهذا الإمام؛ حيث أنك غير مسبوق بهذا القول، فإياك والمسألة التي ليس لك فيها إمام.
ب ـ إن البيهقي لا يقرر قوله الخاص في هذه المسألة إنما ينسب ما قاله إلى أكثر أصحاب الحديث، ولا شك أن المراد بهم هم أهل العلم من أهل السنة لا البدعة، والذي جعلنا نقطع بذلك هو قوله قبل كلامه السابق معلقاً على قوله ـ تعالى ـ: } إنما المؤمنون الذين إذا ذُكِر الله وجلت قلوبهم...{ الآية فقال ـ رحمه الله ـ : «فأخبر أن المؤمنين هم الذين جمعوا هذه الأعمال التي بعضها يقع في القلب وبعضها باللسان، وبعضها بهما وسائر البدن، وبعضها بهما أو أحدهما وبالمال. وفيما ذكر الله في هذه الأعمال تنبيه على ما لم يذكره، وأخبر بزيادة إيمانهم بتلاوة آياته عليهم. وفي كل ذلك دلالة على أن هذه الأعمال وما نبه بها عليه من جوامع الإيمان، وأن الإيمان يزيد وينقص، وإذا قبل الزيادة قبل النقصان. وبهذه الآية ـ وما في معناها من الكتاب والسنة ـ ذهب أكثر أصحاب الحديث…».
ثم أكمل بقوله ـ رحمه الله ـ السابق الذكر.
ج ـ وبعد كل هذا فإننا لا نظن أن أحداً عنده مُسْكة عقل فضلاً عن دين يمكن أن يتجرأ ويرد كلامه ـ رحمه الله ـ تعصباً وتعنتاً لرأيه وهواه.
د ـ ولا ندري : هل يستطيع عاقل أن يخرج لنا مما قاله ـ قبل ـ أو فيما عداه ما يجعله موافقاً للإشاعرة في مسائل الإيمان أو بعضها ـ على الأقل ـ؟!
6 ـ قال ابن أبي العزّ الحنفي ـ السلفي ـ في «شرح الطحاوية» (333 ): «وقد أجمعوا على أنّه لو صدّق بقلبه وأقرّ بلسانه ـ وامتنع عن العمل بجوارحه ـ: [أنّه] عاصٍ لله ورسوله، مستحق للوعيد». امتنع = ترك
ومراده بالإجماع هنا لا يخرج عن أحد هذين الوجهين :
الأول : أن الإجماع بمعنى الأكثر أو الأغلب.
الثاني : أن الكلام مداره على العمل الذي لا يكفّر بعضُ السلف بتركه لذاته، كالمباني الأربعة مجتمعة، أو متفرقة.
7ـ قال الإمام ابن بطّال في كتابه «شرح صحيح البخاري» (1/ 57 ): «قال الطّبري : ألا ترى أنّ من وعد عدة ثمّ أنجز وعده، وحقّق بالفعل قولـه أنّه يقال : صدّق فلان قوله بفعله، فالتصديق يكون بالقلب وباللسان وبالجوارح، والمعنى الذي يستحقّ به العبد الولاية من المؤمنين هو إتيانه بهذه المعاني الثلاثة؛ وذلك أنّه لا خلاف بين الجميع أنّه لو أقرّ وعمل على غير علم منه ومعرفة بربّه أنه لا يستحقّ اسم مؤمن ، ولو عرفه وعمل وجحد بلسانه وكذّب ما عرف من توحيد غير مستحقّ اسم مؤمن ، وكذلك لو أقرّ بالله وبرسله ـ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ـ ولم يعمل بالفرائض لا يسمّى مؤمناً بالإطلاق، وإن كان في كلام العرب يسمّى بالتصديق مؤمناً، فذلك غير مستحقّ ذلك في حكم الله ـ تعالى ـ، لقوله ـ عزّ وجل ـ :} إنّما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم... أولئك هم المؤمنون حقّاً {».
فلاحظ ـ رحمك الله ـ قولـه : غير مستحقّ اسم مؤمن» متى قاله؟ وقوله : «لا يسمّى مؤمناً بإطلاق» لتصل إلى حقيقة الافتراق!!
8 ـ قال الإمام محمد بن نصر في كتابه «تعظيم قدر الصّلاة» (2/ 519 ) : «وضد الإيمان الذي هو عمل وليس هو إقراراً، كفر ليس بكفر بالله ينقل عن الملّة، ولكن كفر تضييع العمل».
9ـ قال القاضي أبو يعلى في كتابه «مسائل الإيمان» (4) (313) ـ عن الفاسق الملّيّ ـ : «وهو الذي وجد منه التصديق بالقلب وبالقول لكنّه ترك الطّاعات غير الصّلاة وارتكب المنكرات هل يُسمى مؤمناً أم لا؟» ثمّ قال : «ظاهر كلام أحمد ـ رحمه الله ـ أنّه يسمّى مؤمناً ناقص الإيمان، ولا يسلبه الاسم في الجملة».
قال المحقق مسعود بن عبد العزيز الخلف : «واستثنى هنا الصلاة لوجود الخلاف في تاركها عمداً من غير جحود.
للإمام أحمد قولان في تاركها : قول أنه يكفر بتركها... وقول أنه لا يكفر بتركها، وبه قال مالك والشافعي »
فنقول : إذاً؛ موضع النّزاع عند الإمام ـ في أحد أقواله ـ هو الصّلاة، لا مطلق الطّاعات.
10ـ قال الإمام أبو محمد اليمني ـ وهو من علماء القرن السادس الهجري ـ في كتابه «عقائد الثلاث والسّبعين فرقة» (5) (1/ 313 )
«وأمّا مقالة الفرقة السّابعة التي هي أهل السنّة والجماعة؛ فإنّهم قالوا: الإيمان : الإقرار باللسان ومعرفة بالقلب وعمل بالجوارح وكل خصلة من خصال الطاعات المفروضة إيمان، فعلى هذا : الإيمان عندهم التصديق، وموضعه القلب المعبر عنه باللسان، وظاهر الدليل عليه بعد الإقرار شهادة الأركان، وهي ثلاثة أشياء : شهادة، اعتقاد، وعمل، فالشهادة تحقن الدم وتمنع المال، وتوجب أحكام الله، والعمل يوجب الديانة والعدالة، وهذان ظاهران يوجبان (الشريعة الظاهرة )، فأما العقيدة فإنها تظهرها الآخرة؛ لأنها خفية لا يعلمها إلاّ الله، فمن ترك العقيدة بالقلب وأظهر الشهادة فهو منافق، ومن اعتقدها بقلبه وعبّر عنها لسانه وترك العمل بالفرائض ، عصياناً منه فهو فاسق غير خارج بذلك عن إيمانه لكنّه يكون ناقصاً وتجري عليه أحكام المسلمين، إلاّ إن تركها وهو جاحد بوجوبها فهو كافر حلال الدّم ويجب قتله...».
11ـ قال الإمام العزّ بن عبد السّلام في رسالته «معنى الإيمان والإسلام» (ص20 ) : «... وهذا محمول على الإيمان بمقتضى الشهادتين لأنّ الإيمان بمقتضاها أقلّ ما يجزئ من الإيمان، ومقتضى الشهادتين أنّك تصدّق بقلبك ما تتضمّنه الشهادتان وتنطق بلسانك وتحلّ الحلال وتحرّم الحرام وتعلن إذعانك واستسلامك لهذا الدين...».
12 ـ قال شيخ الإسلام في كتابه «الصّارم المسلول» (3/ 966 ): «وكلام الله : خبر وأمر، فالخبر يستوجب تصديق المخبر، والأمر يستوجب الانقياد له والاستسلام وهو عمل في القلب، جماعه الخضوع والانقياد للأمر وإن لم يفعل المأمور به ، فإذا قوبل الخبر بالتّصديق، والأمر بالانقياد، فقد حصل أصل الإيمان في القلب».
لا تنسَ ما قاله ـ سابقاً ـ (7/ 525 ) :
«وبهذا يتبيّن أنّ الرجل قد يكون مسلماً ؛ لا مؤمناً، ولا منافقاً مطلقاً، بل يكون معه أصل الإيمان، دون حقيقته الواجبة».
إذاً؛ كان هو مسلماً بمجرد أصل الإيمان المتضمّن للشهادتين ـ كما سبق ـ من كلامه ـ رحمه الله ـ (2/ 382 ).
13ـ قال الإمام العيني في كتابه «عمدة القاري» (1/ 175 ) :
«الإيمان في كلام الشّارع قد جاء بمعنى أصل الإيمان؛ وهو الذي لا يعتبر في كونه مقروناً بالعمل، كما في قوله –صلى الله عليه وسلم-
«الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه ورسله...».
وقد جاء بمعنى الإيمان الكامل، وهو المقرون بالعمل كما في حديث وفد عبد القيس : «أتدرون ما الإيمان بالله وحده... شهادة أن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله، وإقام الصّلاة، وإيتاء الزكّاة...» الحديث... فإنّ الإيمان المنجّي من دخول النّار هو الثّاني باتّفاق جميع المسلمين، والإيمان المنجّي من الخلود في النّار هو الأوّل باتّفاق أهل السنّة، خلافاً للمعتزلة والخوارج... فالحاصل أنّ السّلف والشافعيّ إنّما جعلوا العمل ركناً من الإيمان بالمعنى الثّاني دون الأوّل، وحكموا مع فوات العمل ببقاء الإيمان بالمعنى الأوّل، وبأنّه ينجو من النّار باعتبار وجوده، وإن فات الثّاني».
14ـ قال الإمام أبو القاسم الأصبهاني ـ المتوفى سنة (553هـ ) ـ في كتابه «الحجة في بيان المحجة،وشرح عقيدة أهل السنة» (1/ 406 ) : «الإيمان والإسلام اسمان لمعنيين : فالإسلام : عبارة عن الشّهادتين مع التّصديق بالقلب.
والإيمان : عبارة عن جميع الطّاعات؛ خلافاً لمن قال : الإسلام والإيمان سواء إذا حصلت معه الطمأنينة.
والدّليل على الفرق بينهما : قوله ـ تعالى ـ : {إنّ المسلمين والمسّلمات والمؤمنين والمؤمنات} ؛ عطف الإيمان على الإسلام، والشيء لا يعطف على نفسه، فعلم أنّ الإيمان معنى زائد على الإسلام... وقد ذكرنا أن الإيمان عبارة عن جميع الطاعات، والإسلام عبارة عن الشهادتين مع طمأنينة القلب، وإذا كان كذلك وجب الفرق بينهما».
وكان قد قال ـ قبل ـ مؤصّلاً (1/ 403 ) :
«الإيمان ـ في الشّرع ـ عبارة عن : جميع الطّاعات؛ الباطنة والظاهرة.
وقالت الأشعرية : الإيمان هو التّصديق، والأفعال والأقوال من شرائعه، لا من نفس الإيمان!
وفائدة هذا الاختلاف : أنّ من أخلّ بالأفعال، وارتكب المنهيّات لا يتناولـه اسم مؤمن (على الإطلاق )، فيقال : هو ناقص الإيمان لأنّه قد أخلّ ببعضه، وعندهم يتناوله الاسم (على الإطلاق )؛ لأنّه عبارة عن التّصديق، وقد أتى به».
15ـ قال ابن كثير في ـ تفسيره ـ (1/ 50 ) :
«قال الشافعي : إنما منع رسول الله من قتل المنافقين ما كانوا يظهرونه من الإسلام مع العلم بنفاقهم؛ لأن ما يظهرونه يجبّ ما قبله، ويؤيد هذا قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ في الحديث المجمع على صحته في «الصحيحين» وغيرهما : «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلاّ الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأمولهم إلاّ بحقها وحسابهم على الله ـ عز وجل ـ « ومعنى هذا : أن من قالها جرت عليه أحكام الإسلام ظاهراً، فإن كان يعتقدها وجد ثواب ذلك في الدار الآخرة، وإن لم يعتقدها لم ينفعه جريان الحكم عليه في الدنيا ».

والآن حان موعد آذان : الصبح
بمدينة حاسي مسعود


فتأهبوا للصلاة يرحمكم الله -


يتبع إن شاء الله









قديم 2011-06-09, 17:36   رقم المشاركة : 55
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أخ أبو الحارث بارك الله فيك فيما يخص التنبيه الأول فقد حذفت كلامي لما تنبهت لسياقه و شكرا على التنبيه .
ثانيا :ذكرت سفر الحوالي و الحملة على العلامة الألباني و ليكن في علمك أني من المجلين للألباني و أما سفر فلم أقرأ له يوما و لا لأمثاله و لا أرتضي كلامه في الألباني حتى و لو فرضنا أن الألباني أخطأ في المسألة -لأن خطأ العالم مغتفر في بحار حسناته-فكيف و هو موافق لأهل السنة فيها.
ثالثا :حديث الشفاعة بعض أهل العلم يقول هو من المتشابه لأن لفظ العمل يشمل عمل القلب أيضا و لو قيل هو يشمل القول أيضا لما بعد لقوله تعالى عن كلام نوح انه عمل غير صالح )قراءتان بكسر الميم و فتحها ،فلماذا يعمل على عمل الجوارح دون ما ذكر ،اذن لا بد من الرجوع الى النصوص المحكمة بفهم السلف و التى فيها أن الايمان قول القلب و اللسان و عمل القلب و الأركان فلماذا يكفر بالثلاث الأولى دون الأخير ،لو لم يكن في الباب من دليل على كفر تارك أعمال الجوارح الا هذا لكفى ،فكيف و قد جاء عطف العمل (الذي هو عمل الجوارح حسب فهم السلف)على الايمان لافادة مزيد الاهتمام ،ينضاف الى هذا النصوص التي علقت الجنة بعمل الجوارح.
ثم حتى و لو لم نقل بأنه مجمل فهو أعم من المدعى مفتوح على احتمالات كثيرة من أقواها التفسير الذي فسره به ابن خزيمة و يدعمه حديث من قتل تسعا و تسعين نفسا .
رابعا :قلت أن العمل فرص و الاعتقاد أصل فلا يكفر الا من انتفى لديه الأصل و ان انتفى الفرع ،نقول :والقول أيضا فرع.
خامسا:تكلمت عن مسألة ترك العمل و علاقتها بالصلاة و لا زلت مصرا على الربط بينهما فكيف تفسر لي أن كثيرا من أهل العلم الذين لم يكفروا بالصلاة كفروا بترك المباني كلها ،وأما ترك جنس العمل فهو محل اجماع.
سادسا :النقول التي نقلتها في ترك العمل واضحة لا تحتاج الى أن نسلط عليها طاغوت التأويل و طاغوت المجاز من دون قرينة قوية الا الهوى .
سابعا :هذه العقيدة التي تدافع عنها عند أي عالم من علماء العصر تعلمتها و في أي كتاب من كتب العقيدة قرأتها .










قديم 2011-06-09, 17:43   رقم المشاركة : 56
معلومات العضو
ابوزيدالجزائري
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية ابوزيدالجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

دع عنك التأويل أخي الكريم واليك هذا النص الصريح الذي يفهمه كل من له أدنى علم باللسان العربي عن امام من أئمة أهل السنة
قال الآجري رحمه الله في كتابه (الأربعين حديثاً:135-137) :" اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الذي عليه علماء المسلمين : أن الإيمان واجب على جميع الخلق : وهو التصديق بالقلب ، وإقرار باللسان ، وعمل بالجوارح ... ولا تجزئ معرفة بالقلب والنطق باللسان حتى يكون معه عمل بالجوارح . فإذا كملت الخصال الثلاث كان مؤمناً … فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان. فمن لم يصدق الإيمان بعمله وبجوارحه مثل الطهارة والصــلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد أشباه لهذه ، ورضي لنفسه المعرفة والقول دون العمل لم يكن مؤمناً ولم تنفعـه المعرفـة والقول ، وكان تركه للعمل تكذيباً منه لإيمانه ، وكان العمل بما ذكرنا تصديقاً منه لإيمانه ، فاعلم ذلك . هذا مذهب العلماء المسلمين قديماً وحديثاً ، فمن قال غير هذا فهو مرجئ خبيث ، احذره على دينك ، والدليل على هذا قول الله عز وجل ) وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة([ البينة:5]".

ثم اليك هذه النقول الصريحة :
وقال الإمام أحمد رحمه الله (السنة للخلال:571) عندما ذكرت عنده المرجئة وقيل له : إنهم يقولون إذا عرف الرجل ربه بقلبه فهو مؤمن فقال : "المرجئة لا تقول هذا بل الجهمية تقول بهذا ، المرجئةتقول : حتى يتكلم بلسانه [ وإن لم ] تعمل جوارحهوالجهمية تقول إذا عرف ربه بقلبه وإن لم تعمل جوارحه ، وهذا كفر ، إبليس قد عرف ربه فقال : )رب بما أغويتني(". و انظر المسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد في العقيدة ( 1/ 73).


- وقال ابن بطة العكبري رحمه الله (الإبانة:2/795) :" ( فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلاء من المؤمنين أن الإيمان قول وعمل ، وأن من صدق بالقول وترك العملكان مكذباً وخارجاً من الإيمان. وأن الله لا يقبل قولاً إلا بعمل ، ولا عملاً إلا بقول".

وقال ابن أبي زمنين رحمه الله في كتابه (أصول السنة:207) :"الإيمان بالله هو : باللسان والقلب ، وتصديق ذلك بالعمل ، فالقول والعمل قرينان لا يقوم أحدهما إلا بصاحبه".
وقال إسحاق بن راهوية رحمه الله (تعظيم قـدر الصــلاة:2/929، فتــح البــاري لابــن رجــب :1/21): "غلت المرجئة حتى صار من قولهم : إن قوماً يقولون : من ترك الصلوات المكتوبات وصوم رمضان والزكاة والحج ، وعامة الفرائض من غير جحود لها: إنَّا لا نكفره ، يرجأ أمره إلى الله بعد، إذ هو مقرٌّ. فهؤلاء الذين لا شك فيهم. يعني: في أنهم مرجئة".










قديم 2011-06-09, 21:08   رقم المشاركة : 57
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

تعقيب سريع




قال شيخ الإسلام رحمه الله في ( كتاب الإيمان ) أيضا : ( وأصل الإيمان في القلب وهو قول القلب وعمله ، وهو إقرار بالتصديق والحب والانقياد ، وما كان في القلب فلا بد أن يظهر موجبه ومقتضاه على الجوارح ، وإذا لم يعمل بموجبه ومقتضاه دل على عدمه أو ضعفه؛ ولهذا كانت الأعمال الظاهرة من موجب إيمان القلب ومقتضاه ، وهي تصديق لما في القلب ودليل عليه وشاهد له، وهي شعبة من الإيمان المطلق وبعض له) .



هذا النقل عن شيخ الإسلام-رحمه الله- الذي تضمّنته فتوى اللجنة في المشاركة رقم:46


والذي أريدهُ منكَ - أو من غيرك أخي أبا زيد - توضيح قوله: " دَلَّ عَلىَ عَدَمِهِ أَوْ ضُعْفِهِ"


عَدَمِهِ = الكُفْر


ضُعْفِهِ = ما هو معناها - يرحمك الله - ومنكم نستفيد ؟

وأرجو أن توفق المعنى الذي تتفضل به، مع السياق والسباق واللحاق
وبعدها تخرج بنتيجة حتمية مفادها

1- أنَّ هذا القول، قول أهل السنة والجماعة
2- أو أنَّ شيخ الإسلام من المرجئة - وحاشاه ذلك -


فَأنظُر أَمَامكَ أَيْ نَهْجَيكَ تَنْهَجُ * طريقان شَتَّى مُستَقِيمٌ وَأَعوجُ






الشيخ العلامة الأصولي المقاصدي المحقق المتقن الغديان -رحمهالله-:

"السائل : ظهر في هذه الأيام كتاب في شبكة الإنترنت بعنوان ( دلائل البرهان ) ، يُقرّرُ فيه كاتبه أن تارك أعمال الجوارح مسألة خلافية بين أهل السنة فلا يجوز الإنكار والتبديع فما قولكم ؟

الشيخ : هذا في الواقع هو قول المرجئة، هذا قول المرجئة الذين يجعلون الأعمال مُكملة وليست شرطاً في صحة الإيمان، يعني يقولون : إذا آمن الإنسان بقلبه، ما صلى، ولا صام، ولا اعتمر، ولا حج، وفعل المحرمات هذا مؤمن تماماً، وهذاما هو صحيح





الجواب صحيح ، لكن يحتاج الى تفصيل
لأن دعوى مؤمن تماماً مع ترك العمل ، نعم هذا قول المرجئة

وتفصيل البحث في هذا قد سبق فلا داعي للتكرار


لكن عليك التوفيق بين نفي الشيخ الفوزان واستنكاره للقول بشرط الصحة ،


وبين اشتراط الشيخ الغديان له هنا، أم أنّ جمع الضدين عندك لا إشكال فيه ؟
وإتماماً للفائدة، فإنَّ كتاب" دلائل البرهان"

تأليف: محمد آل الشريف وعليه تعليقات الدكتور ربيع بن هادي المدخلي





الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز

-رحمه الله-

« المحاور : من لم يكفر تارك الصلاة من السلف ، أيكون العمل عنده شرط كمال ؟ أم شرط صحة ؟

الشيخ بن باز : لا ، بل العمل عند الجميع شرط صحة،إلا أنهم اختلفوا فيما يصح الإيمان به منه ؛

فقالت جماعة : إنه الصـلاة ، وعليـه إجماع الصحابـة رضـي الله عنهم ، كما حكاه عبد الله بن شقيق.

وقال آخرون بغيرها.إلا أن جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان عندالسلف جميعاً. لهذا الإيمان عندهم قول وعمل واعتقاد ، لا يصح إلا بها مجتمعة. »

انتهى كلامه رحمه الله

المصدر :حوار مع الشيخ نُشر في جريدة الجزيرة - عدد 12506في 13/7/1423هـ





أ ـ كنا نتمنى من الأخ أن يوثّق مثلَ هذا الكلام ولا تكتفي بمقال لكاتبٍ في «جريدة الرياض»كتب هذا الكلام بعد ثمان سنوات من سماعه إياه، وهذه مدة كافية لحدوث نسيانٍ : كليٍّ أو جزئيٍّ له.

ولا ندري هل الأخ الكاتب عنده توثيق لكلامه هذا، كشريط ـ مثلاً ـ، أو ورقة نقل فيها الكلام بحرفه ـ لا من فهمه ـ؛ لأنّ هذه الأشياء لا بد منها للوقوف على كلام الشيخ ـ بحروفه وألفاظه ـ؛ لأنّ الخلاف الوارد في مسائل الإيمان بين السلفيين ـ كلَّه أو جلَّه ـ خلافٌ في بعض الألفاظ وفهمها ـ لا في الاعتقادات وحكمها ـ؛ وحينئذٍ : فالاعتماد فيه على الذهن لتوثيق كلامٍ بحرفه ولفظه، قد يصدق في عبارةٍ، أو سطرٍ.

أما والحال كما هو الآن، فإنّ الأمر يصعب ويعسر على مثل (ورّاق الجزيرة ) ـ كما في بعض كتاباته ـ!!

ويؤكد ما قلناه : أنّ هذا الكلام يُوحي بأنّ الشيخ ـ رحمه الله ـ ينفي وجود خلاف بين السلف في حكم تارك المباني الأربعة، وقد سبق ـ ولله الحمد ـ توضيح هذا الأمر.

ب ـ إن هذا الكلام ـ لو صحّ ـ فقد سبق من كلام الشيخِ ما يوضحُ مرادَه بالعمل، أو جنس العمل : وهو أعمال الجوارح وأعمال القلوب، لا أعمال الجوارح وحدها، ويؤكده : ما نقله الدكتور عصام السناني- الذي ينقل عنه الأخ أبو زيد -في الموضع الرابع (ص 147 ) وهو : «الرابع : سئل الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ فقيل : مَن شهد أن لا إله إلا الله، واعتقد بقلبه، ولكن ترك جميعَ الأعمال هل يكونُ مسلماً؟

قال الشيخ ـ رحمه الله ـ : لا، ما يكون مسلماً حتى يوحد الله بعمله، يوحد الله بخوفه ورجائه، ومحبته، والصلاة، ويؤمن أن الله أوجب كذا وحرّم كذا».

فانظر إلى سؤال السائل عن (الأعمال )، وجواب الشيخ الشامل للخوف والرجاء والمحبة، والصلاة، واعتقاد التحريم والوجوب...». فهذا نص آخر منه ـ رحمه الله ـ يبين مراده الحق من (العمل )، لا ما قوّله إياه الآخرون (! ) بغير حق!


جـ - وهذا ما نص عليه ـ صراحة ًـ الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ في رسالته «حوار حول مسألة التكفير» (ص 16 - 17 ) حيث سُئل ـ رحمه الله ـ
(هل العلماء الذين قالوا بعدم كفر من ترك أعمال الجوارح مع تلفظه بالشهادتين، ووجود أصل الإيمان القلبي، هل هم من المرجئة؟
فأجاب سماحته قائلاً : «لا، هذا من أهل السنة والجماعة».


وهناك تتمة لاحقة في هذه الصفحة أو في غيرها، لِنَقْضِ كلامك البعيد والقريب إن شاء الله فلا تعجل

أَبَا زَيْدٍ أَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْنَا ... وأنْظِرنَا نُخَبرَكَ اليَقِيْنَا
فنظرة الى ميسرة









قديم 2011-06-09, 21:10   رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










B1

تعلقهم ببعض أقوال أهل العلم من السلف والخلف، دون فهم مرادهم، أو معرفة المقصود مِن كلامهم.


ومن أشهر هذه الأقوال وأعلاها :



القول الأول: قال حنبل : حدثنا الحميدي قال : «وأُخبرت أن ناساً يقولون: من أقرّ بالصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئاً حتى يموت، ويصلي مستدبر القبلة حتى يموت، فهو مؤمن ما لم يكن جاحداً ـ إذا عَلم أن تركه ذلك فيه إيمانه ـ إذا كان مقرّاً بالفرائض واستقبال القبلة، فقلت:هذا الكفر الصراح، وخلاف كتاب الله وسنة رسوله وعلماء المسلمين.

قال الله –تعالى- : ]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين[ الآية.

وقال حنبل : سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول :

من قال هذا فقد كفر بالله وردّ على أمره وعلى الرسول ما جاء به عن الله». [«الفتاوى» (7 / 209 )].
والاستدلال بهذا القول لا يسلم للمتحمسين - الغالين - في تكفير التاركين لأعمال الجوارح، والمتّهمين لمخالفيهم بالإرجاء، وليس هذا حالهم في الاستدلال بكلام الحميدي ـ فقط ـ، إنما هو حالهم ـ أيضاً ـ مع معظم ما نقلوه من كلامٍ لأهل العلم الكبار.
أما جوابنا على كلام الحميدي فنجمله بما يلي :
1ـ إسناد هذه الرواية ضعيف، فقد رواها الخلال في «السنة» (1027 )، وقال محققه : «في إسناده عبيد الله بن حنبل : مجهول الحال.
ذكره الخطيب البغدادي في «تاريخه» (9 / 450 ) برواية الخلال عنه ـ فقط ـ دون جرح أو تعديل».
2 - أن كلام الحميدي ـ رحمه الله ـ لو صح ـ فهو موجهٌ للجهمية ـ التي اختصت دون غيرها من المرجئة بفضائح اعتقادية عديدة من أشهرها: عدم ارتباط الظاهر بالباطن المستلزم وجودَ الإيمان في القلب كاملاً مع ترك الواجبات وفعل المكفرات، بمعنى أن الرجل قد يكون مؤمناً تام الإيمان سعيداً في الدار الآخرة مع عدم النطق بالشهادتين مع قدرته على ذلك، وفعله المكفرات كاستدبار القبلة ونكاح المحارم، أو الإتيان بأكبر الكبائر كالزنا بأمه وأخته، أو شربه الخمر، فهذا الرجل عندهم مؤمن تام الإيمان وإن فعل كل ذلك!!
وقد صرح شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في «الفتاوى» (7 / 188 ) بذلك فقال :
«ومن هنا يظهر خطأ قول جهم بن صفوان ومن اتبعه حيث ظنوا أن الإيمان مجرد تصديق القلب وعلمه ،لم يجعلوا أعمال القلب من الإيمان، وظنوا أنه قد يكون الإنسان مؤمناً كامل الإيمان بقلبه، وهو مع هذا يسب الله ورسوله ويعادي الله ورسوله ويعادي أولياء الله، ويوالي أعداء الله ويقتل الأنبياء، ويهدم المساجد، ويهين المصاحف، ويكرم الكفار غاية الكرامة، ويهين المؤمنين غاية الإهانة». [انظر ـ أيضاً ـ «الفتاوى» (7 / 204 )].
وبعد هذا الإيضاح صار بالإمكان أن يقال : إن في كلامه ـ رحمه الله ـ ما يشعرك أن مدارَ كلامه كله حول بدعة الجهمية، ومن ذلك:
أ ـ ضمّه تركَ الواجبات الأربعة مع أحد المكفرات؛ المنبئة عن استهزاء فاعلها واستخفاف بالشريعة، وهو قوله: «يصلي مستدبر القبلة» فلا يقول عاقل: أن ترك الصلاة مجرداً وفعلها مستدبر القبلة سيان، فما علاقة مرجئة الفقهاء ـ فضلاً عن غيرهم ـ بهذا الكلام؟ وما علاقة أهل العلم من أهل السنة الذين لا يكّفرون بترك المباني مع اعتقاد تاركها بوجوبها وإقراره بها؟
ب ـ قوله : «إذا علم أن تركه ذلك فيه إيمانه» لا يريد الترك المجرد ـ المحض ـ : وهو ترك العمل ظاهراً مع الإيمان بوجوبه وإقراره، وأنه مؤاخذ على تركه، فهو يريد من قوله الآنف أمراً أعظم من ذلك وهو أن الترك إيمان ،والفعل إيمان!!!
وقد بيَّنه شيخ الإسلام - عنهم - (7 / 181 ):
«وإن قالوا : إنه لا يضره ترك العمل فهذا كفر صريح؛ وبعض الناس يحكي هذا عنهم وأنهم يقولون: إن الله فرض على العباد فرائض ولم يرد منهم أن يعملوها ولا يضرهم تركها».
بل ذكر الإمام الملطي في كتابه «التنبيه والرد» صنفاً منهم ـ كما سبق ـ يزعمون أن «الصلاة من ضعف الإيمان، ومن صلى ضعف إيمانه».
ج ـ أما قولـه ـ أي: الحميدي ـ: «هذا الكفر الصراح» فإنّه كقول شيخ الإسلام ـ السابق ـ: «فهذا كفر صريح - تماماً -»، وكلاهما يعني بذلك غلاة المرجئة، لا فقهاءها الذين يقولون : إنّ من أقرّ بالفرائض وتركها فإنه لا يضره تركها شيئاً، ولا يؤاخذ على ذلك، بل إيمانه متحقق في تركه لها.
د ـ ومما يؤكد على أن كلا الإمامين ـ الحميدي وابن تيمية ـ لا يقصدون بتكفيرهم إلا الغلاة، قول شيخ الإسلام في «الفتاوى» (7 / 507 ) :«ثم إن السلف والأئمة اشتد إنكارهم على هؤلاء وتبديعهم وتغليظ القول فيهم؛ ولم أعلم أحداً منهم نطق بتكفيرهم، بل هم متفقون على أنهم لا يكفرون في ذلك؛ وقد نص أحمد وغيره من الأئمة:على عدم تكفير هؤلاء المرجئة. ومن نقل عن أحمد أو غيره من الأئمة تكفيراً لهؤلاء، أو جعل هؤلاء من أهل البدع المتنازع في تكفيرهم، فقد غلط غلطاً عظيماً، والمحفوظ عن أحمد وأمثاله من الأئمة، إنما هو تكفير الجهمية المشبهة».
وقال ـ رحمه الله ـ أيضاً ـ (12 / 485 ) عن الإمام أحمد :
«المشهور من مذهب الإمام أحمد، وعامّة أئمة السّنة تكفير الجهميّة ... وأمّا المرجئة : فلا تختلف نصوصه أنّه لا يكفّرهم ؛ فإنّ بدعتهم من جنس اختلاف الفقهاء في الفروع، وكثير من كلامهم يعود النّزاع فيه إلى نزاع في الألفاظ والأسماء؛ ولهذا يسمّى الكلام في مسائلهم: « باب الأسماء »،وهذا من نزاع الفقهاء».
وقال ـ أيضاً ـ (3 / 351 ) :«وأما السلف والأئمة فلم يتنازعوا في عدم تكفير «المرجئة» و «الشيعة» المفَضِّلة

ونحو ذلك، ولم تختلف نصوص أحمد في أنّه لا يكفّر هؤلاء...».
«الشيعة» المفَضِّلة : الذين يفضلون علياً على الشيخين ـ رضي الله عن الجميع ـ.
وإذا قيل بخلاف هذا فإنّه يلزم منه تكفير الإمام أبي حنيفة، وعندها لا ينفعه سَبْقٌ في الإسلام، ولا إمامةٌ في الدين، مما يُظهر أئمة الإسلام ومنهم شيخ الإسلام بالتناقض، حيث قال ـ رحمه الله ـ في «الفتاوى» (11 / 518 ): «وقالت طائفة : بل من استفشى من بين الناس إيمانه وتقواه، واتفق المسلمون على الثناء عليه، كعمر بن عبد العزيز، والحسن البصري، وسفيان الثوري، وأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، والفُضَيل بن عِيَاض، وأبي سليمان الداراني، ومعروف الكرخي، وعبد الله بن مبارك ـ رضي الله عنهم ـ وغيرهم. شهدنا لهم بالجنة؛ لأنّ في «الصحيح»
[البخاري برقم (1367)] أن النبي مرّ عليه بجنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال : وجبت...
وإذا عُلم هذا فكثير من المشهورين بالمشيخة في هذه الأزمان، قد يكون فيهم من الجهل والضلال والمعاصي والذنوب ما يمنع شهادة الناس لهم بذلك..».

انظـــــــــــــــــــــــــــــــر

فهل يعقل بعد هذا كله؛ أنّ شيخ الإسلام يُجيز الشهادة للإمام أبي حنيفة بالجنّة ـ مرّة-، ويُقرّ بكفره -مرّة أخرى- بناء على ما أوردوه من كلام الإمام أحمد ـ رحمه الله-؟!

فحذار من التقوّل والاختلاق، وإتباع كلّ جهول أفّاق.
ثالثاً : استدلال الحميدي بالآية الكريمة يؤكد على دخول الأعمال في الإيمان وتلازمها مع الإيمان الباطن، وأنه لا يكون مؤمناً حقاً إلا إذا أتى بما نصت عليه الآية، وقد صرح بذلك ـ عنه ـ الإمام ابن رجب في «فتح الباري» (1 / 22 ) فقال:
«وقد استدل على أن الأعمال تدخل في الإيمان بهذه الآية ـ وهي قوله: (وذلك دين القيمة) ـ طوائف من الأئمة، منهم: الشافعي، وأحمد، و الحميدي ، وقال الشافعي: ليس عليهم أحجُّ من هذه الآية».
رابعاً : هب ـ جدلاً ـ أن كلام الحميدي ليس مراداً منه الردُّ على الجهمية، وغلاة المرجئة، فعندها يقال فيه : إنه رأي علمي له، مقابَل بآراء أخرى عن أئمة السلف الآخرين .

فلماذا يُجعل هو ـ وحده ـ الحجَّة على غيره ممن لا يقل حجَّة عنه ؟!
أو بعبارة أخرى يقال : إنّ قوله ـ هذا ـ لا يخرج عن كونه خلافاً اجتهادياً معتبراً ضمن دائرة أهل السنة ـ أنفسهم ـ، وبخاصة أن التكفير بترك أحد المباني الأربعة ـ فضلاً عن تركها كلها ـ هو قول الحميدي ـ نفسه ـ كما ذكر ذلك عنه ابن رجب ـ رحمه الله ـ في «شرح كتاب الإيمان» (28 ) فقال :

«وروى يعقوب الأشعري، عن ليث، عن سعيد بن جبير، قال: من ترك الصلاة متعمداً فقد كفر، ومن أفطر يوماً من رمضان متعمداً فقد كفر، ومن ترك الحج متعمداً فقد كفر، ومن ترك الزكاة متعمداً فقد كفر.

ويروى عن الحكم بن عُتَيبة نحوه، وحُكي روايةً عن أحمد ـ اختارها أبو بكر من أصحابه ـ، وعن عبد الملك بن حبيب المالكي مثله، وهو قول أبي بكر الحميدي ».

خامساً : لو أردنا أن نعامل المتحمسين - الغالين في قولهم - بمثل ما يعاملون به أهل العلم في هذا الزمان المخالفين لهم؛ لأدخلناهم ـ في دائرة المرجئة بحسب كلام الحميدي نفسه، الذي يستدلون به؛ حيث إنه اشترط المباني الأربعة، وأن مجرد الإقرار بها دون فعلها هو كفر، وخلاف ذلك اتهام بالإرجاء ـ كما فهموا ـ فنقول لهم:

أنتم يا أصحاب جنس العمل! أو آحاده! أو نوعه - على تخليط شديد عندكم في دلالاتها والمراد بها ، وتناقض كبير في بيان الـمُغْني منها - إنما تكتفون من العبد ـ زيادة على أصل الإيمان ـ أن يأتي بأحد الواجبات الظاهرة؛ بل إن بعضكم كما سمعنا منه ـ والله، وبالله، وتالله ـ يكتفي بإماطة الأذى عن الطريق وبذلك كله لا تسلمون من كلام الحميدي؛ لأنه ينص على اشتراط المباني الأربعة والتكفير بترك واحدة منها، فضلاً عن تركها جميعاً - كما بينا من مذهبه الفقهي - وأنتم لا تقولون بذلك هروباً من الخلاف الوارد في هذه المباني بين أهل السنة أنفسهم.
وهي حجة ملزمة؛ فهل من رجوع؟!









قديم 2011-06-09, 21:11   رقم المشاركة : 59
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










B1

القول الثاني :قال الآجري في كتابه «أخلاق العلماء»:

«فالأعمال بالجوارح تصديق عن الإيمان بالقلب واللسان، فمن لم يصدق الإيمان بعمله، مثل الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه - ورضي لنفسه بالمعرفة والقول دون العمل - لم يكن مؤمناً، ولم تنفعه المعرفة والقول، وكان تركه للعمل تكذيباً منه لإيمانه، وكان العمل بما ذكرنا تصديقاً منه لإيمانه، فاعلم ذلك. هذا مذهب علماء المسلمين قديماً وحديثاً، فمن قال غير هذا فهو مرجئ خبيث، احذره على دينك، والدليل على هذا قول الله تعالى :
]وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة[ ».
فنقول: واحتجاجهم بهذا القول لا يسْلم لهم - كسابقه - لأن الإمامَ ذكره نفسه في كتابه ـ الآخر«الشريعة» (120 )، مسبوقاً ومتبوعاً بما يوضح مراده منه وفهمه له، ويتبين هذا واضحاً جلياً من خلال ما يلي :
1- أن هذا الكلام ـ أيضاً ـ موجه لمذهب المرجئة الخبيث؛ الذي ينص على أن بعض أركان تعريف الإيمان تغني عن بقيتها، بمعنى أن مجيء العبد بالقول فقط، أو بالمعرفة فقط، أو بهما معاً، يجعله مؤمناً كامل الإيمان، لأن لفظ الإيمان ـ إذا أطلق ـ محصور فيها، مع اتفاقهم جميعاً على إخراج الأعمال عن مسمى الإيمان.
ويؤكد ما قلناه أن الإمام الآجري - نفسه - قال بعد ذكره للكلام الذي يحتج به المتحمسون : «فقد بيّن ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأمته شرائع الإيمان : أنها على هذا النعت في أحاديث كثيرة، وقد قال ـ عز وجل ـ في كتابه، وبين في غير موضع :
أن الإيمان لا يكون إلا بعمل، وبينّه ـ صلى الله عليه وسلم ـ خلاف ما قالت المرجئة، الذين لعب بهم الشيطان. [«الشريعة» (ص120 )].
وقال ـ أيضاً ـ (ص122 ) ـ رحمه الله ـ :
«واعلموا - رحمنا الله وإياكم - أني قد تصفحت القرآن فوجدت فيه ما ذكرته في ستة وخمسين موضعاً من كتاب الله عز وجل : أن الله -تبارك وتعالى- لم يدخل المؤمنين الجنة بالإيمان وحده، بل أدخلهم الجنة برحمته إياهم وبما وفقهم له من الإيمان به، والعمل الصالح، وهذا رد على من قال :«الإيمان : المعرفة»، ورد على من قال: «المعرفة والقول وإن لم يعمل» نعوذ بالله من قائل هذا» .
ثم قال ـ رحمه الله ـ (ص125 ) : «كل هذا يدل على أن الإيمان تصديق بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح. و لا يجوز على هذا، رداً على المرجئة، الذين لعب بهم الشيطان».
وقال ـ أيضاً ـ رحمه الله ـ (146 ) : «بل نقول ـ والحمد لله ـ قولاً يوافق الكتاب والسنة، وعلماء المسلمين الذين لا يُستوحَشُ مِنْ ذِكْرِهم، وقد ذكرنا لهم : إن الإيمان معرفة بالقلب تصديقاً يقيناً، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، ولا يكون مؤمناً إلا بهذه الثلاثة، لا يجزئ بعضها عن بعض ، والحمد لله على ذلك».
2- والمتتبع لكلام الآجري ـ رحمه الله ـ يرى أن قوله في أعمال الجوارح هو قول جمهور أهل السنة؛ بمعنى أنها شرط لدخول الجنة بلا عذاب.
3- يؤكد ذلك قوله ـ رحمه الله ـ (136 ) : «من صفة أهل الحق، ممن ذكرنا من أهل العلم : الاستثناء في الإيمان، لا على جهة الشك، نعوذ بالله من الشك في الإيمان، ولكن خوف التزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان، لا يُدرى أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا ؟ وإنما الاستثناء في الإيمان لا يُدرى : أهو ممن يستوجب ما نعت الله عز وجل به المؤمنين من حقيقة الإيمان أم لا؟ هذا طريق الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعين لهم بإحسان، عندهم أن الاستثناء في الأعمال، لا يكون في القول، والتصديق بالقلب؛ وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان ».
ولا يخفى أن نفي حقيقة الإيمان - أو حقيقة الإيمان الواجبة - لا يعني نفي أصل الإيمان كما هو مُطَّرِدٌ في الآثار وأقوال أهل العلم ـ كما سبق ـ؛ بل في قول الآجري ـ نفسه ـ عندما قال : «... لكن خوف التّزكية لأنفسهم من الاستكمال للإيمان لا يُدرى أهو ممن يستحق حقيقة الإيمان أم لا؟».
و(حقيقة الإيمان ) هنا ـ بلا شك ـ المراد بها الإيمان المطلق الموجب لاستحقاق الاسم والتزكية ودخول الجنة، والتي يجوزُ ـ بل يجب ـ أن يستثني فيها المسلم؛ لأنه لا يعلم هل هو متصف بها أم لا؟
قال الإمام ابن رجب في «شرح كتاب الإيمان» (151 ) :
«ولذلك قال في اسم المؤمن : لا يقال إلا للكامل الإيمان، فلا يستحقه من كان مرتكباً للكبائر حال ارتكابه، وإنْ كان يقال : قد آمن، ومعه إيمان. وهذا اختيار ابن قتيبة».
4ـ لو أردنا أن نلخص المراد من كلام الآجري ـ رحمه الله ـ لوقفنا ـ فقط ـ عند قوله في الكلام المحتج به : «ورضي لنفسه بالمعرفة والقول دون العمل لم يكن مؤمناً» ففي هذا القيد غُنية عن كل ما سبق، فأيُّ فرق بين قوله هذا وقوله (145 ):
«من قال : الإيمان قول دون العمل، يقال له : رددت القرآن والسنة، وما عليه جميع العلماء، وخرجت من قول المسلمين، وكفرت بالله العظيم.
فإن قال : بماذا؟
قيل له : إن الله ـ عز وجل ـ، أمر المؤمنين بعد أن صدقوا في إيمانهم : أمرهم بالصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد ـ وفرائض كثيرة، يطول ذكرها ـ مع شدة خوفهم على التفريط فيها النار والعقوبة الشديدة.
فمن زعم أن الله ـ تعالى ـ فرض على المؤمنين[ما] ذكرنا، ولم يُرد منهم العمل ـ ورضي منهم بالقول فقد خالف الله ـ عز وجل ـ ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ».
فكلامه هذا عنى به أولئك الصنفَ من الناس الذين جعلوا فعل الواجبات وتركها سواء؛ وأنهم لا يضرهم فعل المحرمات، فقال ـ رحمه الله ـ (ص147 ):
«من قال هذا فقد أعظم الفرية على الله ـ عز وجل ـ وأتى بضد الحق، وبما ينكره جميع العلماء، لأن قائل هذه المقالة يزعم : أن من قال:لا إله إلا الله، لم تضره الكبائر أن يعملها، ولا الفواحش أن يرتكبها، وأن عنده : أنالبار التقي ـ الذي لا يباشر من ذلك شيئاً ـ، والفاجر يكونان سواء».
فكلامه هذا لا يمكن أن ينسحب على من يقول : إن تارك واجب من الواجبات يجعل العبد تحت الوعيد، فضلاً عن ترك جميع الواجبات الظاهرة!
1 ـ إذا قيل : إن قول الإمام الآجري : «ولم تنفعه المعرفة والقول، وكان تركه للعمل تكذيباً منه لإيمانه» يضادُّ ما سبق من تقريركم أن العمل عنده لاستحقاق حقيقة الإيمان ـ فقط ـ والجنة بلا عذاب فنقول:
أ ـ لقد قدمنا من كلامه ـ رحمه الله ـ على صحة ما قررناه من قوله في منزلة أعمال الجوارح في الإيمان.
ب ـ قولـه : «ولم تنفعه المعرفة والقول» قد يعني فسادها وتكفير تاركها، ويكون ذلك في حق من رضي لنفسه بالمعرفة ـ والقول على ما فصلناه آنفاً ـ
وقد لا يعني فسادها وعدم إثابته عليها ـ كما في قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : «الحياء والإيمان قرناء جميعا ً، فإذا رُفِع أحدهما رُفِع الآخر» [«صحيح الترغيب والترهيب» (2636)]، وإنما تأتي للتأكيد وبيان أهمية وفرضية كل منهما وعلاقته بالآخر.
وكما نقل الآجري ـ رحمه الله ـ ما يؤكد هذا المعنى عن سفيان بن عيينة ـ رحمه الله ـ عندما قال له رجل: كيف تصنع بقوم عندنا يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل؟
فقال سفيان: «كان القول قولهم قبل أن تقرر أحكام الإيمان وحدوده؛ إن الله ـ عز وجل ـ بعث نبينا محمداً ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس كلهم كافة، أن يقولوا : لا إله إلا الله، وأنه رسول الله، فلما قالوها عصموا بها دماءهم وأموالهم إلا بحقها ،وحسابهم على الله ـ عز وجل ـ، فلما علم الله ـ عز وجل ـ صدق ذلك من قلوبهم، أمره أن يأمرهم بالصلاة، فأمرهم ففعلوا، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول، فلما علم الله ـ جل وعلا ـ صدق ذلك من قلوبهم، أمره أن يأمرهم بالهجرة إلى المدينة، فأمرهم ففعلوا، فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول ولا صلاتهم، فلما علم الله ـ تبارك وتعالى ـ صدق ذلك من قلوبهم، أمرهم بالرجوع إلى مكة ليقاتلوا آباءهم وأبناءهم، حتى يقولوا كقولهم، ويصلُّوا صلاتهم، ويهاجروا هجرتهم… فوالله لو لم يفعلوا ما نفعهم الإقرار الأول، ولا صلاتهم، ولا هجرتهم، ولا قتالهم... فمن ترك (2) خلة من خلال الإيمان كان بها عندنا كافراً، ومن تركها كسلاً أو تهاوناً بها، أدبناه، وكان بها عندنا ناقصاً، هكذا السنة». [«الشريعة» (ص103ـ ص104 )]. (2)أي : جحوداً واعتقاداً ـ ونحوه ـ، كما سيظهر من بقية كلامه.
لاحظ قوله في كل مرة : «ما نفعهم» إنما يستقيم حمله على الكفر إن كان ناتجاً عن عدم الإيمان والإذعان، أما على سبيل الكسل والتهاون فهو نقص لا كفر، على ما فرّق بينهما ـ رحمه الله ـ في آخر كلامه؛ فتأمل...
ج ـ أما قوله : «وكان تركه العمل تكذيباً منه لإيمانه».
إما أن يُراد به عموم الترك (ترك العمل وما معه من الاعتقاد ) وبهذا يكون كافراً.
أو يُراد به مجرد ترك العمل (ترك عمل الجوارح فقط ) فعندها يكون مؤاخذاً لا كافرا ًـ على التفصيل السابق من كلام سفيان ـ رحمه الله ـ بتوجيهنا لكلام الحميدي ـ رحمه الله ـ، هذا من وجه.
ومن وجه آخر: احتج ـ رحمه الله ـ بقوله ـ تعالى ـ :
] وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين…[- كما هو صنيع غيره - لكشف عوار المرجئة، والتأكيد على دخول الأعمال في مسمى الإيمان، لا لبيان حكم تاركها ـ كما قلنا آنفاً ـ.
د ـ وكذلك نجيب بما سبق عن قوله : «وكان العمل بما ذكرنا تصديقاً منه لإيمانه».
فإنه يراد به العمل بالإيمان المطلق ـ كما يشعر استدلاله بالآية، وما سبق نقله، وهو قوله : «وإنما الاستثناء في الأعمال الموجبة لحقيقة الإيمان» ـ.
وإذا كان كذلك؛ فإن نفي التصديق ـ لترك عمل الجوارح ـ لا يلزم منه دائماً الكفر، كما ذكر ابن جرير في «تفسيره» تحت قول الله ـ تعالى ـ: ]قالت الأعرابُ آمَنَّا قلْ لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا[ .
قال ابن زيد: لم يصدقوا إيمانهم بأعمالهم، فردَّ الله ذلك عليهم : ]قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا[».
ومن البديهيّ أن الأعراب ـ على الراجح ـ جاءوا بإسلام يثابون عليه ـ كما سبق النقل عن شيخ الإسلام ـ.
ولو أردنا أن نختصر ما قلنا أكثر وأكثر، لقلنا :
إن الاحتجاج بالإمام الآجري على التكفير بترك العمل غير كاف؛ لأن مذهبه ـ رحمه الله ـ هو التكفير بترك الصلاة كما في كتاب «الشريعة» (ص133 ) «باب كفر من ترك الصلاة».
فمن كان يكفّر بترك الصلاة فمن البديهي أنه يكفر بترك كل الواجبات ـ والتي تتضمنها الصلاة ـ مع أن كلامه المنقول لا يظهر منه أنه يريد أحدها فقط كما يشترط أصحاب (جنس العمل! آحاد العمل!نوع العمل! ) وإلاّ لقال : مثل الطهارة أو الصلاة أو الزكاة أو الصيام... وبالتالي؛ من أتى بواحد منها يكون عنده مصدقاً لإيمانه غير مُكَذِّب له.
وهذا فيه اتهام لمن نقل عنهم ابن جرير ـ رحمه الله ـ في وصف الأعراب ـ: أنهم لم يصدقوا إيمانهم بأعمالهم، مع أنهم ليسوا تاركي كل الواجبات، حيث قال : «فردّ الله عليهم، فقال:
]قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا[.
قال : لم يصدقوا إيمانهم بأعمالهم».
ولازم قول المخالفين : أن من فعل أحد الواجبات يكون قد صدق إيمانه بعمله، وهذا الوصف لا يقال إلاّ فيمن حقق الإيمان الواجب؛ بفعل جميع الواجبات، وترك جميع المحرمات، فعندها يقال:«صدق إيمانه بعمله» كما صرح بذلك ابن زيد في آخر كلامه:«وأخبر أن ] المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله...[(صدَّقوا ) إيمانهم بأعمالهم، فمن قال منهم : أنا مؤمن« فقد صدق » [ابن جرير (26 / 143 )].









قديم 2011-06-09, 21:12   رقم المشاركة : 60
معلومات العضو
ابو الحارث مهدي
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ابو الحارث مهدي
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل قصيدة المرتبة  الثانية 
إحصائية العضو










افتراضي

القول الثالث : ـ قال إسحاق بن راهويه :

« غلت المرجئة حتى صار من قولهم : إن قوماً يقولون : من ترك الصلوات المكتوبات، وصوم رمضان، والزكاة، والحج، وعامة الفرائض من غير جحود لها : إنا لا نكفره، يرجأ أمره إلى الله بعد، إذ هو مقرّ. فهؤلاء الذين لاشك فيهم. يعني : في أنهم مرجئة». [«فتح الباري» لابن رجب (1 / 27 )].

فجوابنا عليه من عدة وجوه :


1 - «فقول المرجئة ـ في هذا التارك ـ: «يرجأ أمره إلى الله» بيّن في سبب الحكم عليم بضلالهم.

أما من قال : أن هؤلاء فساق، فجار، داخلون تحت الوعيد بالنار: فليس من هذا القبيل،لا في كثير ولا في قليل!».
2 ـ إن قوله ـ رحمه الله ـ «غلت المرجئة» صريح واضح أنه يريد غلاة المرجئة، فكيف يُطَرِّدُهُ المخالفون، ويحملونه على مرجئة الفقهاء؛ بل ويشملون فيه أهل السنة أنفسهم؟!
وحقيقةُ قولِ هؤلاء الغلاة الذين عناهم إسحاق ـ رحمه الله ـ ذكره شيخ الإسلام في «الفتاوى» (7 / 297 ) :
«ولكن الأقوال المنحرفة قول من يقول بتخليدهم ـ أي: أصحاب الذنوب ـ كالخوارج والمعتزلة، وقول غلاة المرجئة الذين يقولون : ما نعلم أن أحداً يدخل النار! بل نقف في هذا كله».
وسماهم في موضع آخر : بالمرجئة الواقفة فقال في «الفتاوى» (7 / 486 ) في كلامه حول أحاديث الشّفاعة :«وهذه الأحاديث حجة على الطائفتين:
«الوعيدية»... وعلى «المرجئة الواقفة، الذين يقولون : لا ندري هل يدخل من أهل التوحيد النار أحد، أم لا؟! ».
3 ـ من المعلوم أن الخلاف في ترك الفرائض محصور بين أهل السنة في زوال المباني الأربعة ـ كلاً أو بعضاً ـ كما صرح بذلك الإمام ابن رجب، ونقلناه عنه ـ سابقاً ـ وهو قوله في «شرح كتاب الإيمان» (ص26 ) :
«وأما زوال الأربع البواقي : فاختلف العلماء: هل يزول الاسم بزوالها أو بزوال واحد منها؟... وهذه الأقوال كلها محكية عن الإمام أحمد».
فهل الإمام أحمد ـ ولو في رواية! ـ فضلاً ـ عن غيره من العلماء ـ مرجئة؛ لأنهم لا يكفِّرون بترك شيء من ذلك مع الإقرار بالوجوب؟!! نَبِّئونا بعلم!!
ثم قال ـ رحمه الله ـ (ص 30 ) :
«فأما بقية خصال الإسلام والإيمان، فلا يخرج العبد بتركها من الإسلام عند أهل السنة والجماعة.... وقال طاووس: مَثَلُ الإسلام كشجرة أصلها الشهادة، وساقها كذا وكذا، وثمرها الورع... ومعلوم أنّ ما دخل في مسمى الشجرة والنخلة ـ من فروعها وأغصانها وورقها وثمرها ـ إذا ذهب شيء منه لم يذهب عن الشجرة اسمها؛ ولكن يقال : هي شجرة ناقصة، وغيرها أكمل منها، فإنْ قُطع (أصلُها ) وسقطت لم تبق شجرة؛ وإنّما تصير حطباً....».
فجعل أصل الإيمان : الشهادة؛ وبذهابها ـ فقط ـ يذهب الأصل.
4ـ لو أردنا أن نتقوقع كما فعل غيرنا حول كلام إسحاق ـ رحمه الله ـ الذي نقله المخالفون؛ لقلنا : إنّكم مرجئة عند إسحاق!! لأنه جعل قول من قال : لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها من أقوال المرجئة! [ابن رجب (ص27 )].
فأنتم لا تشترطونها، إنما تشترطون مطلقها أو أحد أفرادها، فقولوا بشرطيتها لتسلَموا من تبعة كلامه وإلاّ كنتم ومرجئة الفقهاء الذين تنسبون أهل العلم إليهم سِيّين!!
5ـ ومن تناقُض المخالفين :أنهم أخذوا من كلام إسحاق ما يهوّشون به على غيرهم، وتركوا ما لا يخدمهم؛ حيث إنّه ـ رحمه الله ـ حكى الإجماع على تكفير تارك الصلاة، كما صرح بذلك ـ عنه ـ ابن رجب (27 ) بقوله : «وكثير من علماء أهل الحديث يرى تكفير تارك الصلاة. وحكاه إسحاق بن راهويه (إجماعاً ) منهم».
فلماذا قبلوا منه تهمة الإرجاء، لمن قال: لا يكفر بترك هذه الأركان مع الإقرار بها، ولم يقبلوا منه الإجماع على كفر تارك الصلاة؟!
وصدق من قال : فواعجباه واعجباه فواغوثاك رباه .



القول الرابع : قال سفيان بن عيينة :

«المرجئة سمَّوا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة ركوب المحارم، وليس سواء؛ لأن ركوب المحارم متعمداً من غير استحلال معصية، وترك الفرائض من غير جهل ولا عذر هو كفر.

وبيان ذلك في أمر آدم وإبليس وعلماء اليهود الذين أقروا ببعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولم يعملوا بشرائعه».[«فتح الباري» لابن رجب (1 / 27 )] .
فنقول على هذا تعليقات :
1-«أن في سنده سويد بن سعيد الحدثاني؛ وفيه كلام من قبل حفظه، من أجله أودعه الحافظ الذهبي في ديوان «الضعفاء والمتروكين» (1836 ـ بتحقيق شيخنا العلامة حماد الأنصاري ـ رحمه الله ـ ) و«المغني في الضعفاء» (2706 ) »
2ـ إن هذا الكلام موجه لذلك الصنف من المرجئة الذين يشهدون بإيمان من لم يقرّ ويلتزم فعل الفرائض بقلبه وقالبه، ويدل على ذلك أمور قطعية لا شِيَة فيها، ولا مجال للمخالف أن ينازع فيها؛ منها :
أ ـ ما يبتره بعض المتحمسين، ويذكره البعض الآخر ـ متأولين ـ وهو أول كلام الإمام سفيان؛ ألا هو قوله عن المرجئة :
«أوجبوا الجنة لمن شهد أن لا إله إلاّ الله، مصراً بقلبه على ترك الفرائض، وسموا ترك الفرائض ذنباً بمنزلة... »
ب ـ قول الإمام سفيان ـ الذي تمالأ على بتره أكثر المتحمسين، وهو قوله ـ رحمه الله ـ الذي فيه تفصيل التأصيل ـ وهو التفريق بين ترك الفرائض وركوب المحارم ـ وقوله المبتور هو: «وبيان ذلك في أمر آدم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وإبليس، وعلماء اليهود : أما آدم؛ فنهاه الله ـ عز وجل ـ عن أكل الشجرة، وحرمها عليه، فأكل منها متعمداً؛ ليكون مَلَكَاً أو يكون من الخالدين؛ فَسُمِّي عاصياً من غير كفر.
وأما إبليس ـ لعنه الله ـ؛ فإنه فرض عليه سجدة واحدة، فجحدها متعمداً؛ فسُمِّي كافراً.
وأما علماء اليهود؛ فعرفوا نعت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنه نبي؛ كما يعرفون أبناءهم، وأقروا باللسان ولم يتبعوا شريعته؛ فسماهم ـ عز وجل ـ كفاراً!!
وصنيعهم هذا: أشبه ما يكون بفعل اليهود، الذين غطّوا آية الرجم، وكحال من يستدل بقوله ـ سبحانه ـ :

] فويلٌ للمصلين[ لتحريم الصّلاة!!

وهذا كله ليسلم لهم تقرير مذهب الخوارج ـ أو نصف مذهبهم! ـ القائم على أن مجرد ترك الواجبات ـ أو بعضها ـ مع الإقرار والالتزام القلبي هو كفر يشبه ترك إبليس وعلماء اليهود!!

مع أن الفرق بين هذه الأصناف أوضح من رابعة النهار.
فالله ـ الله ـ في عباد الله ـ عموماً ـ، وفي أهل السنة ـ خصوصاًـ.
ج ـ وما قررناه من كلام سفيان ـ رحمه الله ـ ليس بِدعاً من الفهم وزوراً، إنما نقله عنه الإمام الآجري ـ رحمه الله ـ في كتابه «الشريعة» (ص104 ) : «كيف نصنع بقوم عندنا يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل؟
فقال ـ رحمه الله ـ:«كان القول قولهم قبل أن تقرر أحكام الإيمان وحدوده... إلى آخر كلامه الذي فيه : «فمن ترك خُلّة من خلال الإيمان كان بها عندنا كافراً، ومن تركها كسلاً أو تهاوناً بها، أدَّبناه وكان بها عندنا ناقصاً، وهكذا السنة ».
أنظر كيف فرّق ـ رحمه الله ـ بينهما، مع اشتراكهما في الترك، فيحمل كل منهما على بابه.
د ـ لقد وضح شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ التأصيل الذي فصله سفيان بن عيينه مبيناً متى يكون ترك الفرائض كفراً، وأنه لايشترط للتكفير بها جحود وجوبها ـ فقط ـ وأنه قد يكفر من تركها مع أنه لا يجحد وجوبهاـ وقد يعترف ـ أحياناً ـ أن الله أوجبها، ومع ذلك يكفر بهذا الترك؛ بسبب تركه الإقرار والالتزام القلبي، ومثّل ـ رحمه الله ـ بما مثّل به سفيان بن عيينة ـ نفسه ـ فدل على أن مرادهما واحد!
ومن يقول بغير هذا فهو لمنهجهما جاحد.
قال شيخ الإسلام ـ رحمه الله ـ في «الفتاوى» (20 / 97 ) عند عرضه الأقوالَ في ترك مباني الإسلام سوى الشّهادتين :
«وليس الأمر كما يفهم من إطلاق الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم أنه إن جحد وجوبها كفر، وإن لم يجحد وجوبها فهو مورد النزاع، بل هنا ثلاثة أقسام :
أحدها : إن جحد وجوبها فهو كافر بالاتفاق.
والثاني : لا يجحد وجوبها، لكنه ممتنع من التزام فعلها كبراً أو حسداً، أو بغضاً لله ورسوله : فيقول : أعلم أن الله أوجبها على المسلمين، والرسول صادق في تبليغ القرآن، ولكنه ممتنع عن التزام الفعل استكباراً أو حسداً للرسول، أو عصبية لدينه، أو بغضاً لما جاء به الرسول : فهذا ـ أيضاً ـ كافر بالاتفاق، فإن إبليس لما ترك السجود المأمور به لم يكن جاحداً للإيجاب، فإن ـ الله تعالى ـ باشره بالخطاب، وإنما أبى واستكبر وكان من الكافرين، وكذلك أبو طالب كان مصدقاً للرسول فيما بلّغه، لكنه ترك اتباعه حميَّة لدينه، وخوفاً من عار الانقياد»، إلى أن قال : «... وإلاّ فمتى لم يقر ويلتزم فعلها قتل وكفر بالاتفاق».









 

الكلمات الدلالية (Tags)
مسائل, أسئلة, لفضيلة, الدكتور, الشيخ, الفوزان, الإيمان, صالح, وأجوبة, والكفر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:28

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2025 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc