![]() |
|
قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث .. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 46 | ||||
|
![]() الموضع القرآني 39 أولًا: تقديم وفضَّل الله- تعالى- بعضنا على بعضٍ في الرزق, وجعل الله تعالى لنا أزواجًا, وجعل لنا منهن بنين وحفدةً. ثانيًا: آيات هذا الموضع ثالثًا: تفسير مفردات هذه الآيات الفرث: ما يبقى في كرش الأنعام بعد هضمها الطعام. خالصاً: صافياً لا تخالطه الشوائب. سائغاً: يتقبله شاربه ويتذوقه. يعرشون, أي: ما يصنعونه من العرائش القائمة على الأعمدة والجدران. سبلُ ربك: السبل الطرق التي يسير فيها النحل. أرذل العمر: أسوؤه وأدناه. حفدة: الأحفاد أولاد الأولاد. رابعًا: تفسير آيات هذا الموضع من سورة النحل 1- الله- تعالى- أنزل من السماء ماءً فأحيا به الأرض بعد موتها: أخبرنا ربُّنا- عزَّ وجلَّ- أنَّه{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} ]النحل: 65[ أنزل الله- تبارك وتعالى- من السماء ماءً, أي: من السحاب, فأحيا به الأرض بعد موتها, فإنَّك تمرُّ بالأرض, فتراها يابسةً خاشعةً, فإذا جادها الله تعالى بالغيث تراها وقد أينعت وأنبتت, واكتست جنباتها بالخضرة والزهور, {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} أي: إنَّ في ذلك لآيةً تدلُّ على وحدانية الله تعالى, وقوله: {يَسْمَعُونَ} أي: يسمعون كلام الله تعالى, ويفقهون ما يتضمنه من العبر, ويتفكرون في خلق السموات والأرض. 2- إسقاءُ الله- تعالى- لنا مما في بطون الأنعام لبناً خالصاً للشاربين: قال سيد قطب رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} ]النحل: 66[«فهذا اللبن الذي تدرُّه ضروع الأنعام مم هو؟ إنه مستخلصٌ من بين فرثٍ ودمٍ, والفرث ما يتبقى في الكرش بعد الهضم, وامتصاص الأمعاء للعصارة التي تتحول إلى دم, هذا الدم الذي يذهب إلى كل خلية في الجسم, فإذا صار إلى غدد اللبن في الضرع تحول إلى لبن ببديع صنع الله العجيب, الذي لا يدري أحد كيف يكون. وعملية تحول الخلاصات الغذائية في الجسم إلى دمٍ, وتغذية كلُّ خليةٍ بالمواد التي تحتاج إليها من مواد هذا الدم, عمليةٌ عجيبة فائقة العجب, وهي تتم في الجسم في كلِّ ثانيةٍ, كما تتم عمليات الاحتراق, وفي كلِّ لحظة تتمُّ في هذا الجهاز الغريب عمليات هدمٍ وبناءٍ مستمرة, لا تكف حتى تفارق الروح الجسد..., ولا يملك إنسان سويُّ الشعور أن يقف أمام هذه العمليات العجيبة لا تهتف كلُّ ذرَّةٍ فيه بتسبيح الخالق المبدع لهذا الجهاز الإنساني, الذي لا يقاس إليه أعقد جهازٍ من صنع البشر, ولا إلى خلية واحدة من خلاياه التي لا تحصى. ووراء الوصف العام لعمليات الامتصاص والتحول والاحتراق تفصيلات تدير العقل, وعمل الخلية الواحدة في الجسم في هذه العملية عجبٌ لا ينقضي التأمل فيه. وقد بقي هذا كله سراً إلى عهد قريب, وهذه الحقيقة العلمية التي يذكرها القرآن هنا عن خروج اللبن من فرثٍ ودمٍ لم تكن معروفة لبشر, وما كان بشر في ذلك العهد ليتصورها فضلاً على أن يقررها بهذه الدقة العلمية الكاملة , وما يملك إنسانٌ يحترم عقله أن يماري في هذا أو يجادل , ووجود حقيقةٍ واحدةٍ من نوع هذه الحقيقة يكفي وحده لإثبات الوحي من الله بهذا القرآن , فالبشرية كلها كانت تجهل يومذاك هذه الحقيقة. والقرآن – يعبر هذه الحقائق العلمية البحتة – يحمل أدلة الوحي من الله في خصائصه الأخرى لمن يدرك هذه الخصائص ويقدرها ؛ ولكن ورود حقيقة واحدة على هذا النحو الدقيق يفحم المجادلين المتعنتين » [ في ظلال القرآن 4/2180]. 3-أخرج الله لنا من ثمرات النخيل والأعناب سكراً ورزقاً حسناً : ومن آيات الله تبارك وتعالى الدالة على بديع صنعه, وعجيب أمره ما أخرجه لنا من ثمرات النخيل والأعناب نتخذ منه سكراً ورزقاً حسناً {وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل:67]. فثمار النخيل يصنع منها المسكرات , وكانت الخمر في أوَّل الإسلام حلالاً , ثم حُرِّمت , وقوله : {وَرِزْقًا حَسَنًا} فيها إشارةٌ إلى أنَّ الخمر غير داخلةٍ في الرزق الحسن , والرزق الحسن هو في تناول ثمار النخيل , وصنع ألوان الطعام من تلك الثمار , فمن ذلك صناعة التمر والزبيب واستخراج الدبس منهما, وأنواع العصير , وقوله: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَة لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} إنَّ فيما أخرجه ربُّنا – تبارك وتعالى – من ثمرات النخيل والأعناب آياتٌ, وليس بآيةٍ واحدةٍ تدلُّ على بديع صنع الله, والذي يفقه هذه الآيات هم الذين يعقلون عن الله كلامه, ويحسنون النظر إلى ما خلق من آياته. 4-أخرج الله تعالى لنا من بطون النحل شراباً مختلفاً ألوانه فيه شفاء للناس: أخبرنا ربُّنا – عزَّ وجلَّ – أنَّه {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:68-69]. وقد فسَّر سيِّد قطب رحمه الله تعالى هذه الآيات بقوله: «والنحل تعمل بإلهامٍ من الفطرة التي أودعها إياها الخالق, فهو لونٌ من الوحي تعمل بمقتضاه, وهي تعمل بدقةٍ عجيبةٍ يعجز عن مثلها العقل المفكر سواءً في بناء خلاياها. أو في تقسيم العمل بينها, أو في طريقة إفرازها للعسل المصفى. وهي تتخذ بيوتها – حسب فطرتها – في الجبال والشجر وما يعرشون, أي: ما يرفعون من الكروم وغيرها, وقد ذلَّل الله لها سبل الحياة بما أودع في فطرتها وفي طبيعة الكون حولها من توافق , والنصُّ على أنَّ العسل فيه شفاءٌ للناس قد شرحه بعض المختصين في الطبِّ, شرحاً فنياً, وهو ثابتٌ بمجرد نصِّ القرآن عليه؛ وهكذا يجب أن يعتقد المسلم استناداً إلى الحقِّ الكليِّ الثابت في كتاب الله» [في ظلال القرآن: 4/2181]. وقد جاءت أحاديث كثيرةٌ تدلُّ على أنَّ العسل فيه شفاءٌ للناس, فمن ذلك ما رواه أبو سعيد الخدريُّ أنَّ رجلاً أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال: أخي يشتكي بطنه, فقال: «اسقه عسلاً» ثمَّ أتى الثانية, فقال: «اسقه عسلاً» ثمَّ أتاه الثالثة فقال : «اسقه عسلاً» ثمَّ أتاه فقال: قد فعلت , فقال: «صدق الله, وكذب بطن أخيك, اسقه عسلاً», فسقاه فبرأ [البخاري: 5684, ومسلم:2217]. وعن عائشة صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ الحلواء والعسل [البخاري: 5431.مسلم:1474مطولاً]. وعن ابن عباس رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشفاء في ثلاثةٍ: في شرطةِ مِحْجمٍ, أو شربةِ عسلٍ, أو كيَّةِ نارٍ, وأنا أنهى أمتي عن الكيِّ» [البخاري:5681]. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه , قال: سمعت رسول الله رضي الله عنه يقول: «إن كان في أدويتكم – أو يكون في شيءٍ من أدويتكم – خيرٌ, ففي شرطةِ مِحْجمٍ, أو شربةِ عسلٍ, أوى لذعةٍ بنارٍ توافق الدَّاء, وما أُحبُّ أن أكتوي» [البخاري:5683.مسلم2205]. 5- الله – تبارك وتعالى- خلقنا ثم يتوفانا: أخبرنا ربُّنا –عزَّ وجلَّ- سبحانه أنَّه خلقنا من العدم, ثم يتوفانا سبحانه, أي يميتنا, وقد يردُّ بعضنا إلى أرذل العمر, وأرذل العمر الشيخوخة, وبلوغ الإنسان حالةً لا يعلم فيها شيئًا, كما قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: 54]. وكان الرسول رضي الله عنه يدعو ربَّه أن لا يردَّ إلى أرذل العمر, فعن أنس بن مالك أن الرسول كان يدعو: «أعوذ بك من البخل والكسل, وأرذل العمر, وعذاب القبر, وفتنة المحيا والممات» [البخاري: 4707- ومسلم: 2706]. 6-فضَّل بعضنا على بعضٍ في الرزق : قال تعالى: {وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَىٰ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [النحل:71]. خاطب الله – نبارك وتعالى – المشركين به غيره قائلاً لهم: الله فضَّل بعضكم على بعض في الرزق الذي رزقكم في الدنيا, فما الذين فضَّلهم الله على غيرهم {بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُم} فهم لا يرضون بأن يكونوا هم ومماليكهم فيما رزقتهم سواءٌ, قال قتادة في تفسير الآية: «وهذا مثلٌ ضربة الله, فهل أحد منكم شاركه مملوكه في زوجته, وفي فراشه, فتعدلون بالله خلقه وعباده؟ فإذا لم ترض لنفسك هذا, فالله أحقُّ أن ينزَّه منه من نفسك ولا تعدل بالله أحدا من خلقه» [تفسير الطبري: 6/5017]. وقوله: {أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} أي: جحدوا نعمة الله عندما جعلوا لأصنامهم من الحرث والأنعام نصيباً. 7-جعل الله – تبارك وتعالى – لنا من أنفسنا أزواجاً وجعل لنا من أزواجنا بنين وحفدة: خاطب ربُّ العزَّة عباده قائلاً لهم: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} [النحل:72]. امتنَّ الله – تبارك وتعالى – على عباده من البشر بأنَّه خلق لهم من أنفسهم أزواجاً, وقد خلق الله – تبارك وتعالى- لآدم من ضلعه زوجاً له, وهي أمُّنا حواء كما قال – تبارك وتعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء:1]. وجعل لنا ربُّنا من أزواجنا {بَنِينَ وَحَفَدَةً} أي جعل لنا منهنَّ الأولاد, وجعل لنا الحفدة, وهم أولاد الأولاد, ورزقنا {مِنَ الطَّيِّبَاتِ} أي: من الطعام والشراب واللباس, ثمَّ ذمَّ ربُّ العزَّة – تبارك وتعالى – المشركين لإيمانهم بالباطل من الأصنام والأوثان, وكفرهم بنعم الله, أي: عندما يصرفون العبادة لغير الله من الآلهة الباطلة {أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} . 8-ذمَّ الله – تعالى – المشركين لعبادتهم غيره: ذمَّ ربُّ العزَّة المشركين بعبادتهم ما لا يملك لهم رزقاً من السماوات والأرض {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} [النحل:73] فهذه الآلهة الباطلة لا تملك شيئًا من الرزق في السماوات والأرض, فلا تملك أن تنزل المطر من السماء, ولا تملك أن تخرج الزرع, ولا تُدرَّ الضرع, ولا تملك دفع الشرِّ عن عابديها, ولا تملك جلب الخير لهم, {وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} أي: هذه الأصنام لا تملك شيئًا من ذلك لأنفسها فهي ضعيفةٌ عاجزة. ونهى الله – تعالى – المشركين عن ضرب الأمثال لله تبارك وتعالى:{فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:74]. أي: فلا تجعلوا لله أنداداً ولا أشباهاً وأمثالاً, فإنَّ الله – تبارك وتعالى – يعلم أنَّه واحدٌ لا شريك له, وأنتم لا تعلمون ذلك. 9-ضرب الله – تبارك وتعالى - مثلين للإله الحقِّ والإله الباطل: ضرب الله – تبارك وتعالى – مثلين للإله الحقِّ وللإله الباطل {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل:75]. قال مجاهد في هذه الآية: «كلُّ هذا مثل إله الحقِّ, وما يُدعى من دونه من الباطل, وقال السُّديُّ: هذا مثلٌ ضربه الله للآلهة, يقول: كما لا يستوي عندكم عبدٌ مملوك لا يقدر من أمره على شيءٍ, وعبدٌ حرٌّ قد رُزق رزقاً حسناً, فهو ينفق منه سراً وجهراً, لا يخاف من أحدٍ, فكذلك أنا والآلهة التي تدعون, ليست تملك شيئًا, وأنا الذي أملك وأرزق من شئت, وهذا القول هو اختيار الفراء والزجاج, قال: بيَّن الله لهم أمر ضلالتهم وبعدهم عن الطريق في عبادتهم الأوثان, فذكر أن المالك المقتدر على الإنفاق, والعاجز الذي لا يقدر أن ينفق لا يستويان, فكيف يسوَّى بين الحجارة التي لا تتحرك ولا تعقل, وبين الله الذي هو على كلِّ شيءٍ قديرٍ, وهو رازقٌ جميع خلقه» [تفسير الواحدي:13/142]. وضرب الله – تبارك وتعالى – مثلاً آخر, فقال: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجلَّيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل:76]. وذهب مجاهدٌ والسدِّيُّ وقتادة إلى أنَّ هذا المثل كسابقه ضرب الله تعالى فيه مثلاً لإله الحقِّ والأصنام والأوثان, وهذا القول هو اختيار الفراء والزجاج وابن قتيبة. [تفسير الواحدي: 13/147]. والأبكم: الأقطع اللسان, وهو العييُّ بالجواب, الذي لا يحسن وجه الكلام, لأنَّه لا يفهم وجه الكلام, ولا يُفهم عنه. وقوله: {لَا يَقْدِرُ عَلَىٰ شَيْءٍ} أي: لا يقدر على شيء من الأشياء المتعلقة بنفسه أو بغيره لعدم فهمه {وَهُوَ كَلٌّ عَلَىٰ مَوْلَاهُ} أي: هو ثقلٌ, أي: عيالٌ على مولاه وصاحبه, {أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ} أي: أينما يرسله ويبعثه لا يأت بخير, لقلة فهمه, وقصور إدراكه {هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} أي: هل يستوي هذا الأبكم الذي هذه صفاته, هو والرجل السويُّ القادر على النطق, التامُّ العقل, الذي يحسن التدبير والعمل, الذي يأمر بالعدل, وهو على صراطٍ مستقيم, أي: على الدين القويم. والجواب: أنهما لا يستويان. 10-الله – تبارك وتعالى- محيط علمه بالسموات والأرض: ثم أخبرنا ربُّنا- ربُّنا تعالى-أن له: {غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [النحل:77]. فالله – تبارك وتعالى – العليم الخبير مطلعٌ على كلِّ ما غاب عنكم من غيوب السماوات والأرض لا يخفى عليه شيءٌ من أمورهما, ومن جملة هذه الغيوب التي لم يُطْلع ربُّنا عليها أحداً, لا ملكاً مقرَّباً, ولا نبياً مرسلاً, زمن وقوع الساعة, وقد أخبرنا ربُّنا عزَّ وجلَّ عن قدرته على وقوع الساعة, فإذا شاء إيقاعها, كان وقوعها في مثل لمح البصر, أو هو أقرب من ذلك, لأنَّه يقول لها: كن, فتكون كما يريده الله تعالى, والله تعالى على كل شيءٍ قديرٍ. خامساً: كيف عرَّفنا ربُّنا بنفسه في هذه الآيات: 1. أنزل الله – تعالى – الماء من السماء بالمطر, فأحيا به الأرض بالنبات. 2. أخرج الله تعالى لنا اللبن من الأنعام من بين فرثٍ ودم, ليكون لنا شراباً نافعاً مفيداً. 3. أخرج الله تعالى لنا من النخيل والأعناب الثمار النافعة لتكون لنا رزقاً. 4. أخرج الله تعالى لنا من بطون النحل شراباً مختلفاً ألوانه, فيه شفاء للناس. 5. الله تعالى هو الذي خلقنا, ثم يتوفانا, وبعضنا قبل الوفاة يردُّ إلى أرذل العمر حتى لا يعلم من بعد علم شيئًا. 6. الله – تعالى – فضَّل بعضنا على بعضٍ في الرزق. 7. الله – تعالى – جعل لنا من أنفسنا أزواجاً, وجعل لنا من أزواجنا بنين وحفدةً, ورزقنا من الطيبات. * * *
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 47 | |||
|
![]() الموضع القرآني 40 أولًا: تقديم وأمرنا أن ننظر إلى الطيور وهي تحلق في جوِ السماء, لا يقدر على إمساكها إلا الله تعالى, وجعل لنا من بيوتنا سكناً, وجعل لنا من جلود الأنعام بيوتاً, يسهل علينا حملها ونصبها في أسفارنا وأماكن إقامتنا, وامتنَّ علينا بما نصنعه من أصواف الخراف, وأوبار الإبل, وشعر الماعز, من الأثاث والمتاع. وامتنَّ الله تعالى علينا بأنَّه جعل لنا مما خلق من الشجر والبيوت والجبال ظلالاً تقينا حرَّ الشمس, وجعل لنا من الجبال غيراناً ومسارب نلجأ إليها وقت الحاجة, وجعل لنا سرابيل تقينا الحرَّ والبرد, وسرابيل أخرى تقينا ضربات الخصم في ميدان الحرب والقتال. ثانيًا: آيات هذا النص من سورة النحل ثالثًا: تفسير مفردات آيات هذا الموضع الأنعام: الإبل والبقر والغنم. أكناناً: أي :غيراناً وأسراباً. سرابيل: هي الثياب المصنعة من الصوف والقطن والكتان وغيرها. وسرابيل تقيكم بأسكم: هي الدروع من الحديد والمعادن القوية. رابعًا: شرح الآيات 1- الله تعالى أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئًا, ثم جعل لنا السمع والأبصار والأفئدة: عرَّف الله – تبارك وتعالى – عباده بذاته, وخاطبهم تبارك وتعالى قائلاً لهم: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:78] عرَّفنا ربُّنا – تبارك وتعالى – أنَّه أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئًا, فلا ينزل الإنسان من بطن أمه وهو عالم, وجعل الله – تبارك وتعالى- لنا السمع الذي ندرك به الأصوات, والأبصار التي نرى فيها المرئيات, وجعل لنا الأفئدة التي نميِّز بها النافع والضار, وهذه القوى من السمع والبصر والأفئدة , تقوى عند الإنسان شيئًا فشيئًا, حتى تكون أفضل ما تكون, وقد خلق الله تبارك وتعالى لنا هذه القوى حتى نستعين بها على عبادة ربِّنا ومولانا سبحانه وتعالى كما جاء في الحديث عن أبي هريرة, قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إنَّ الله قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب, وما تقرَّب إليَّ عبدي بشيءٍ أحبَّ إليَّ ممَّا افترضت عليه, وما يزال عبدي يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتَّى أُحبَّه, فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به, وبصره الذي يبصر به, ويده التي يبطش بها, ورجله التي يمشي بها, وإن سألني لأعطينَّه, ولئن استعاذني لأعيذنَّه, وما تردَّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردُّدي عن نفس المؤمن, يكره الموت وأنا أكره مساءته» [أخرجه البخاري(6502)]. فالحديث يدلُّ على أنَّ العبد إذا أخلص دينه لله عزَّ وجلَّ, فإنَّ أفعاله تصبح كلُّها لله تعالى, فسمعه الذي يسمع به لا يكون إلا لله, وكذلك بصره, ويده,ورجله, لأنَّه لا ينبعث إلا لتحقيق ما أمر الله تبارك وتعالى. 2-منظر الطير وهن مسخرات في جو السماء: حثَّنا الله – تعالى – على النظر إلى الطير التي سخرَّها سبحانه لتطير في الفضاء بين السماء والأرض {أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماء ما يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل:79]. حثَّ الله – تبارك وتعالى – عباده لينظروا إلى الطير المحلِّقة في أجواء الفضاء, وهو منظرٌ جميلٌ بديعٌ, تراها تحلقُّ, وهي تصدح, وتصفِّر وتغرِّد, ترتفع تارةً, وتنزل أخرى, وتدور في طيرانها, ما يمسكها إلاَّ ربُّها تبارك وتعالى {إنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} أي آيات دالة على قدرة الله وبديع صنعه سبحانه وتعالى. 3-جعل الله تعالى لنا من بيوتنا سكناً وجعل لنا من جلود الأنعام بيوتاً: خاطب الله –تبارك وتعالى- عباده ممتناً عليهم, قائلاً لهم:{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جلَّودِ الْأَنْعامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثًا وَمَتاعًا إِلى حِينٍ} [النحل:80]. امتنَّ الله –تبارك وتعالى- على عباده بأن جعل لهم من بيوتهم التي يبنونها من الحجر أو الطين أو الخشب أو (الإسمنت) أو المعادن سكناً, يؤون إليها, ويسكنون فيها, وجعل لهم من جلود الأنعام بيوتاً, فيصنع العباد من جلود الإبل والبقر والغنم, الخيام بيوتاً, وهذه الخيام يسهل على العباد الانتقال بها من مكانٍ إلى مكان, وينصبونها في أسفارهم, كما ينصبونها في مقرِّ إقامتهم, ويتخذون من أصواف الخراف, وأوبار الإبل, وأشعار المعز, أنواع الأثاث والمتاع,فيتخذون منها البسط, والخيم, والملابس, وغيرها, والأثاث: متاع البيت. وقوله: {إِلى حِينٍ} أي إلى الوقت الذي تفنى فيه, أو يهلك فيها أصحابها. 4-الله تعالى جعل لنا مما يخلق ظلالاً ومن الجبال أكناناً: عرَّف ربُّ العزَّة عباده- تبارك وتعالى – أنَّه جعل لهم {مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ}[النحل: 81] . عرَّفنا ربُّنا – تبارك وتعالى – أنَّه جعل لنا مما خلق من البيوت والأشجار ظلالاً تقينا حرَّ الشمس, وجعل لنا من الجبال أكناناً, والأكنان الغيران والأسراب, وواحد الأكنان كنٌّ, وكل شيءٍ وقى شيئًا وستره فهو كِنٌّ, وجعل لنا سرابيل تقينا الحرَّ, ومثله البرد, وسرابيل تقينا بأسنا, والسرابيل التي تقينا الحر والبرد هي الثياب والقمص المصنوعة من القطن والصوف والكتان وغيرها, وجعل لنا سرابيل تقينا بأسنا, وهي الدروع من الحديد والزرد, والبأس الذي تقينا إيَّاه ضربات السيوف, وطعن الرماح والرمي بالسهام, في ميدان الحرب والقتال. وقوله تعالى: {لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ} أي: سخَّر لكم ذلك لتستقيموا على أمر الله, وتسلموا دينكم لربِّكم بتوحيده وإخلاص الدين له. وقوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [النحل:82] أي: إن كذبوك وأعرضوا عما جئتهم به من الحقِّ, فإنَّ الواجب عليك أن تبلغهم ما جاءك من عند الله من الحقِّ. وقوله تعال: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ}[النحل:83] وأعظم نعم الله تعالى التي أنعم بها على عباده إرسال رسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم , وهم يعرفون رسوله, فقد عاش بينهم زمناً طويلاً, وعرفوا صدقة وأمانته وخلقه, ولكنهم كفروا بهذه النعمة العظيمة, وأكثرهم كافرون بها, فقد آمن بعضهم, وكفر كثير منهم في ذلك الزمان. خامساً: كيف عرَّفنا ربُّنا بنفسه في هذه الآيات 1. هو الذي أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئًا, ثم جعل لنا السمع والأبصار والأفئدة, لنعلم ونشكر ربنا على ما حبانا من نعمه. 2. الله الذي أقدر الطير على التحليق في جوِّ السماء, لا يقدر على إمساكهنَّ غيره. 3. الله الذي جعل لنا بيوتاً نسكن إليها, ونأوي إليها, وجعل لنا من جلود الإبل والبقر والغنم بيوتاً هي الخيام التي يسهل علينا نقلها في أسفارنا ونصبها في محلِّ إقامتنا. 4. الله تعالى هو الذي جعل لنا من الأشجار والجدر وغيرها ظلالاً تظلنا من أشعة الشمس, وجعل من الجبال غيراناً ومسارب نأوي إليها في المطر والحرّ, وجعل لنا الملابس والثياب تقينا الحرَّ والبرد, وجعل لنا الدروع التي تقينا ضربات الخصم في ميدان القتال. * * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 48 | |||
|
![]() الموضع القرآني 41 أولًا: تقديم والأمر الثاني الذي يتعلق بإنزال التوراة على موسى, وكان في ذلك تكريمٌ عظيم لموسى عليه السَّلام, وقد جعل الله التوراة موضع هدايةٍ لجميع بني إسرائيل. والأمر الثاني له تعلق بأمة كاملة هي أمة بني إسرائيل, وهو حديث عظيم , له علاقة بالأمة الإسلامية, وقد حدَّثنا الله عن معالم هذا الحدث, وخطواته التي تبشِّر الأمة الإسلامية أنَّ أمرها سيكون إلى خير, وأنها ستنجح في إزالة هذا البلاء العظيم الذي ستبتلى به. والأمر الرابع: وهو جعله سبحانه وتعالى الليل والنهار آيتين, وقد سبق مثله كثيراً. ثانيًا: آيات هذا النص من سورة الإسراء ثالثًا: تفسير مفردات هذه الآيات قضينا: حكمنا تفسدنَّ: هو ما يفعله بنو إسرائيل من قتلٍ وتدميرٍ للحرث والنسل وتخريبٍ على النحو الذي يفعله اليهود اليوم في فلسطين. ليتبروا: ليهلكوا ويخربوا, والتبار: الهلاك. آيتين: علامتين عظيمتين تدلاَّن على الله تعالى. فمحونا آية الليل: محا آية الليل بجعلها مظلمةً لا نور فيها. وجعلنا آية النهار مبصرة, أي: جعل النهار مضيئاً منيراً. رابعًا: شرح آيات هذا الموضع عرَّفنا تبارك وتعالى في الآية الأولى من هذه الآيات أنَّه هو الذي أسرى بعبده ورسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك حوله, ليريه من آياته {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء]. والمسجد الحرام في مكة, والمسجد الأقصى في مدينة القدس في فلسطين, والإسراء سير الليل. و{بِعَبْدِهِ} أي: برسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم , وقد استنكر واستغرب الكفار هذا الخبر, فقد كانوا يحتاجون إلى شهرٍ حتى يصلوا إلى القدس, ويحتاجون إلى شهر آخر للعودة منها, فكيف يصدِّقون لمن يخبرهم أنه ذهب إليها, ثم عرج به إلى السموات العلا وعاد بعد ذلك إلى مكة في بعض ليلة. ولكننا نؤمن بذلك ونصدِّق به, لأنَّه لم يفعل ذلك بنفسه, وإنما الذي فعله به هو الله سبحانه, والله قادرٌ على كلِّ شيءٍ, لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء. 2-إيتاءُ الله تعالى موسى الكتاب وجعله هدى لبني إسرائيل: عرَّفنا ربُّنا – تبارك وتعالى – أنَّه آتى موسى الكتاب, وهو التوراة ليكون هذا الكتاب العظيم هدى لبني إسرائيل {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا} [الإسراء:2}. 3-قضاء الله تعالى إلى بنى إسرائيل ليفسدنَّ في الأرض مرتين: عرَّفنا ربُّنا – تبارك وتعالى – أنَّه قضى إلى بني إسرائيل في الكتاب الذي هو التوراة أو في اللوح المحفوظ أنهم سيفسدون في الأرض مرتين, ومعنى قضى, أي: حكم حكماً جازماً لا رجعة فيه أنَّهم سيفسدون في أرضنا هذه إفسادين عظيمين{وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}]الإسراء:4[ وقد بيَّن الله- تبارك وتعالى - كيف سيجري كل واحدٍ من الإفسادتين, وكيف سيواجه كلُّ واحدٍ منهما . وقد ذهب المفسرون إلى أنَّ هاتين الإفسادتين قد مضتا وانقضتا , والذي حققته في تفسيري لهذه الآيات في سورة الإسراء ,وفي كتابي «وليتبروا ما علوا تتبيرا» أن هاتين المرتين هما الواقعتان الآن , وهما يدلان على أنَّ اليهود في فلسطين إلى زوال , وأنَّ الأمَّة الإسلامية ستسوء وجوه اليهود , وسيدخل المسلمون المسجد الأقصى فاتحين له كما دخلوه أول مرة في عهد عمر بن الخطاب , وليتبروا العلو اليهودي تتبيراً. 4. جعل الله تعالى الليل والنهار آيتين : وبعد ذلك آياتٍ عرَّفنا ربُّنا تبارك وتعالى أنه جعل {اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا}]الإسراء:12[. أخبرنا ربُّنا عزَّ وجلَّ أنه جعل الليل والنهار آيتين , أي:علامتين دالتين على أنه هو الإله المعبود الذي يستحقُّ العبادة وحده دون سواه, كما قال تعالى : {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ} ]فصلت 37 [. وقوله تعالى {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ}]يس 37 [.وقوله تعالى{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}]آل عمران 190 [. وقوله تعالى : {فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} ومحو آية الليل بجعله سبحانه الليل مظلماً , وبذلك يكون مناسباً للراحة والهدوء , وجعل آية النهار مبصرةً , أي جعل النهار مضيئاً , ليسعى الناس في أشغالهم وأعمالهم , وكما أنَّ الليل والنهار آيتان , فإنما هما أيضاً نعمتان , كما قال ربُّ العزَّة {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَوَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}] القصص 71 -73[. وقوله تعالى : {لِتَبْتَغُواْ فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ} أي جعل الله النهار مضيئاً لتبتغوا فيه أشغالكم , وتقضوا أعمالكم {وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ْ} فالعباد إذا مرَّ عليهم الليل والنهار بشروق الشمس وغروبها , علموا عدد الأيام وبمنازل القمر عرفوا الشهور والأعوام , وعرفوا شهر الحجِّ , وشهر الصيام , كما قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}] يونس 5 [, وقال تعالى : {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} ] البقرة 189[. وقوله تعالى : {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا} أي :كل شيء بيَّناه ووضحناه من الأحكام والحلال والحرام , بيَّناه بياناً هو في غاية الوضوح . 5 - وكلَّ إنسانٍ ألزمنا طائره في عنقه : أخبرنا ربُّنا - تبارك وتعالى – أن {كُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} ] الإسراء 12- 14[. أعلمنا ربُّنا تبارك وتعالى أنَّ كلَّ إنسانٍ ألزمه طائره في عتقه لازماً له لزوم القلادة والغلِّ , لا ينفك عنه , وطائره هو عمله , فعمل كل إنسان لازم له , كما قال تعالى : {لَّيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}]النساء 123 [. وقوله{إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}]الطور:16[. وقوله تعالى :{وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} ذكر الله تبارك وتعالى أنَّ ذلك العمل الذي ألزم الإنسان إياه , يخرجه له يوم القيامة مكتوباً في كتاب يلقاه منشوراً , أي : مفتوحاً يقرؤه , وبين الله في موضع آخر أنَّ هذا الكتاب لا يترك صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}]الكهف : 49 [. وقوله تعالى: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} أي : يقال للإنسان في ذلك اليوم بعد أن يعطى كتابه : {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا} وكل إنسان في ذلك اليوم يكون قارئاً {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا * وَيَنْقَلِبُ إِلَىٰ أَهْلِهِ مَسْرُورًا * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَىٰ سَعِيرًا}]الانشقاق : 7 - 12[. خامساً كيف عرَّفنا ربُّنا - تبارك وتعالى - بنفسه في هذه الآيات : 1- الله - تبارك وتعال - الذي أسرى بعبد ورسوله محمدٍ صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله , ثمَّ عرج به إلى المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله , ثم عرج به إلى السموات العلا , ثم أعيد إلى المدينة عبر الأقصى . 2- آتي الله عبده ورسوله موسى - عليه السَّلام- التوراة , وجعلها هدى لبني إسرائيل , والتوراة أحد أعظم ثلاثة كتب أنزلها الله من عنده . 3 - قضى الله على بني إسرائيل أن يفسدوا في الأرض مرتين , وهما اللتان تجريان اليوم , وقد بيَّن الله تعالى أنَّ الأمة الإسلامية ستقضي على هذا العلو اليهوديِّ وتنهيه , وستستعيد المسجد الأقصى , وتدمر العلو اليهودي . 4- جعل الله تعالى الليل والنهار آيتين , فأزال النور من الآية الأولى , وجعل الآية الثانية مضيئةً منيرةً. * * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 49 | |||
|
![]() الموضع القرآني 42 * * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 50 | |||
|
![]() الموضع القرآني 43 أولًا:تقديم وإعلام الله - تعالى - رسوله صلى الله عليه وسلم إعلامٌ لجميع أمته أنَّه إن يجهر بالقول , فجهره به أو إسراره به عند الله سواء , فالله تعالى يعلم السرَّ وأخفى , وأعلمنا ربُّنا - تبارك وتعالى - أنَّه المعبود الحقُّ الذي لا يستحق العبادة معه أحدٌ , وأعلمنا سبحانه أنَّ له الأسماء الحسنى , فكلُّ أسمائه حسنى , وكل صفاته عليا . ثانياً : آيات هذا النص من سورة طه ثالثاً : تفسير آيات هذا الموضع من سورة طه العرش : أعظم مخلوقات الله الذي استوى عليه الرحمن في الأزل . الثري : الترابُّ النديُّ . رابعاً : شرح هذه الآيات أعلم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أنَّه لم ينزل القرآن عليه ليشقى {مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} ]طه 2]. وأصل الشقاء : العناء والتعب , وإذا كان الله لم ينزل عليه القرآن ليشقى , فإنَّه أنزله عليه ليهنأ ويسعد به في الدينا والآخرة , كما قال تعالى : {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} ]الضحى 5[. وقوله تعالى : {إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى} ] طه : 3 [. أي : ما أنزلناه إلا تذكرةً لمن يخشى الله تعالى , والتذكرة : الموعظة التي تلين لها القلوب , وجعل الله القرآن موعظةً لمن يخشى , لأنَّهم هم الذين ينتفعون به دون غيرهم , كما قال تعالى {إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ} ] يس : 11 [. هذا القرآن العظيم منزلٌ من عند خالق الأرض والسموات العلا . والعلا : العالية الرفيعة . فالله تعالى خالق هذا الكون , وهو منزل القرآن , فإذا حدثنا سبحانه في كتابه عن كونه , فإنَّه يجيء بالحقِّ الذي لا باطل فيه . 2- تعريف الله تعالى عباده بنفسه : عرَّف ربُّنا -تبارك وتعالى - عباده بنفسه في هذه الآيات الكريمات , فقال : {تَنزِيلا مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى *الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى * لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى * وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}] طه : 4- 7 [. بيَّنت هذه الآيات لنا أنَّ ربَّنا منزل القرآن هو خالق الأرض والسموات العاليات , وهو الرحمن الذي استوى على عرشه , وهو سرير ملكه , والعرش : أعظم مخلوقات الله تعالى , ومعنى استوى في لغة العرب : علا , وارتفع , واستقرَّ , أما كيف استوى , فلا ندريه , ولا نعلمه , ولكنَّنا نوقن أن الله تعالى استوى عليه استواءً يليق بجلاله وعظمته سبحانه . وعرَّفنا ربُّنا بنفسه أيضًا فقال : {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} فكلُّ ما في السموات والأرض وما بين السموات والأرض , وما تحت الثرى فله وحده لا يشركه فيه أحدٌ غيره , ومما في السموات والأرض العباد وما يعبدونه من الأوثان والأصنام والشمس والقمر والنجوم والملائكة , وكلُّ هؤلاء مربوبون مخلوقون , لا يستحقُّ أحدٌ منهم العبادة و {الثَّرَى} التراب النديُّ , والله اعلم بما تحت الثرى من الصخور والمياه والمعادن وغيرها . وقوله تعالى : {وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} أخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أنَّه إن يجهر بالقول , فإنَّه يعلم السرَّ وأخفى , والسر ما أخفاه المرء في ضميره , ويعلم ما هو أخفى من السِّر , وهو الخاطر العابر الذي يمرُّ به القلب , ولا يستقرُّ فيه . وفي إخبار الله تعالى عباده بعلمه بالسرِّ وما هو أخفى منه دعوة إلى العباد أن يدعوه ويسألوه خفيةً من غير إعلانٍ بالدعاء. 3-{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}: أعلمنا ربُّنا -سبحانه - في تعريفه لنفسه , أنَّه هو المعبود الذي لا يستحقُّ أحد العبادة إلا هو , وأعلمنا - سبحانه وتعالى - أنَّ له الأسماء الحسنى , وأسماؤه سبحانه كثيرةٌ , منها ما أخبرنا عنه في كتابه القرآن , ومنها ما جاءت به السنة المطهرة , ومنها ما علَّمه بعض خلقه , ومنها ما استأثر به في علم الغيب عنده , وكلُّ أسماء الله حسنى , {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى}] طه : 8 [. وأسماء الله بابٌ عظيمٌ يُعرِّفنا بربِّنا الكريم , وقد أمرنا ربُّنا سبحانه أن ندعوه بأسمائه الحسنى , فقال {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا} ] الأعراف : 180 [. خامساً : كيف عرَّفنا ربُّنا - عزَّ وجلَّ - بنفسه: 1- أنزل القرآن الكريم من عنده سبحانه , وأنه خالق الأرض وخالق السموات العلا. 2- استوى ربنا - تبارك وتعالى- على العرش , وهو أجلُّ مخلوقاته وأعظمها , فهو أعظم من السموات والأرض. 3- لله كل ما في السموات والأرض , وما بين السموات والأرض , وله سبحانه ما تحت الثرى , فله الكون كلُّه , وهو مالك ما يعبده الكفار من الشمس والقمر والنجوم والأصنام وغير ذلك . 4 - يستوي في علم الله - تبارك وتعالى- ما يرفع العبد به صوته , وما يخفيه في قلبه , فالسرُّ والإعلان عنده سواء . 5- الله له تسع وتسعون اسمًا , وكل أسماء الله حسنى , وهو المعبود الحقُّ الذي لا يستحق العبادة أحدٌ غيره . * * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 51 | |||
|
![]() الموضع القرآني 44 أولًا: تقديم ثانيًا: آيات هذا الموضع من سورة طه * * * ثالثًا: تفسير مفردات الآيات القرون الأولى: الأمم السابقة. سبلاً: طرقاً. أزواجاً: الأزواج الأصناف المختلفة. شتى: متنوعة. أولو النهى: أصحاب العقول. رابعًا: شرح هذه الآيات وهكذا ينبغي أن يكون الدعاة إلى الله تعالى وأهل العلم، فلا يجوز لهم أن يتقنوا الأحكام الشرعية، فإذا أرادوا الحديث عن ربِّهم انقطعت بهم الحبال. 1- فرعون يسأل موسى وهارون عن ربِّهما: بلَّغ موسى وهارون فرعون الرسالة التي أرسلهما ربُّهما بها، فسألهما فرعون قائلًا: {قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} [طه: 49] وفرعون كان منكرًا لوجود الخالق، وكان يدَّعي أنَّه ربُّ الناس الأعلى، فقال له موسى مجيبًا: {ربُّنا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه: 50]. أي: أعطى الله كلَّ شيءٍ وجوده الذي خلقه عليه، فالله تعالى أعطى الرجل هذا الخلق الذي نشاهده، خلقه منتصب القامة، وجعل له رأسًا، وصدرًا وبطنًا، وأعطاه العينين اللتين يبصر بهما، واليدين اللتين يبطش بهما، والأذنين اللتين يسمع بهما، والقلب الذي يضخُّ الدم، وأعطاه المعدة والأمعاء والرئتين، وغير ذلك. وخلق المرأة كذلك مع بعض الاختلاف، لتستطيع أن تقوم بالدور المناط بها، وهكذا خلق الجِمال والأبقار والأغنام والأسود والنمور والكلاب وغيرها، كلُّ واحد خلقه وأعطاه الخلق الذي يناسبه، وأعطاه ما يحتاج إليه من الخصائص. فعاد فرعون يسأل مرةً ثانيةً، {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى} [طه: 51]، سأل فرعون عن حال القرون التي مضت من الخلق، {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: 52]، أي: أنَّ الله عالمٌ بتلك القرون، وأمرها مرصودٌ عند الله في كتاب أحصى أمرها وأخبارها؛ مع أنَّ الله لا يحتاج إلى كتابٍ، فهو لا يضلُّ، ولا ينسى، أي: لا يشذُّ عنه شيءٌ، ولا يفوته صغيرٌ ولا كبيرٌ، ولا ينسى شيئًا، هو عالم بكلِّ شيءٍ. 2- موسى عليه السَّلام يفيضُ في التعريف بالله تعالى: سأل فرعون موسى وهارون عن ربِّهما، فأجاب موسى بأنَّ ربَّه الذي أعطى كلَّ شيء خلقه، ثمَّ هدى، ثم عاد فرعون ليسأل عن القرون الأولى، فأجاب موسى أنَّ علمها عند الله في كتاب لا يضلُّ ربُّه، ولا ينسى، ثمَّ عاد موسى ليفيض في الحديث عن ربِّه، وهو الموضوع الرئيس الذي يتقنه موسى، ويتقنه جميع الأنبياء المرسلين، فقال: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى * كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى * مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 53 - 55]. قال موسى معرِّفاً بربه: هو الذي جعل لكم الأرض مهدًا، أي: خلقها كالمهد، وهو الفراش، وهذا كقوله تعالى: {وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} [الذاريات: 48]. وجعل الله في الأرض سبلاً، أي: طرقاً يمرُّ بها الناس في أسفارهم، ويتنقلون عبرها في جنبات الأرض، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء: 31] وربنا هو الذي أنزل المطر من السماء، فأخرج به أزواجًا من نبات كلِّ شيءٍ، والأزواج: جمع زوجٍ، وهي الأصناف المختلفة في الأشكال والمقادير والمنافع والألوان والروائح والطعوم. وقد خلق الله هذه الأزواج ليأكل الناس من ثمارها وحبوبها ونباتها، وترعى منها أنعامهم، كما قال تعالى: {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [السجدة: 27]. وأخبر موسى في عرضه لهذه الآيات، أنَّ فيها آياتٍ لأصحاب العقول: {إنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى}، وأُولو النُهى: أصحابُ العقول، وفيها تعريضٌ بفرعون أنه إن لم يهتد بها، فليس من أصحاب العقول. وختم موسى كلامه الموجَّه إلى فرعون بقوله: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى} [طه: 55] فالله خلقنا بخلق أبينا آدم من تراب الأرض، وإلى الأرض يعيدنا بعد موتنا، ومن الأرض يبعثنا في يوم القيامة. وقد أخبرنا عزَّ وجلَّ أنَّ موسى وهارون أرَيا فرعون الآيات التي أرسلهما الله بها فكذب، ورفض الإيمان بها {وَلَقَدْ أَرَيْنَاهُ آَيَاتِنَا كُلَّهَا فَكَذَّبَ وَأَبَى} [طه: 56]. خامساً: كيف عرَّفنا ربُّنا – عزَّل وجلَّ – في هذه الآيات بنفسه: ١- عرَّفه أنَّ ربَّه ربُّ الخلق جميعًا، وقد خلق ربُّ العزَّة كلَّ مخلوقٍ، وأعطاه ما يناسبه من الخلق. 2- عِلمُ الذين سبقوًا من البشر مدوَّنٌ محفوظٌ عند ربِّ العزَّة، لا يضيع منه شيءٌ. 3- الله – تعالى - جعل الأرض كالمهد، وجعل بين جبالها طرقًا، يتنقَّل الناس عبرها، وأنزل الله تعالى من السماء ماءً، فأخرج به من نبات الأرض أنواعًا مختلفة من النبات والأشجار. 4- الله تعالى خلقنا من تراب الأرض، وسيميتنا، ويعيدنا إلى الأرض، ثم يخرجنا منها يوم القيامة. * * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 52 | |||
|
![]() الموضع القرآني 45 أولًا: تقديم ففي ذلك اليوم يُنفخ في الصور، ويحشر الله العباد، وينسف الله الجبال، فيزيلها من مكانها، ويصبح مكانها أرضٌ مستويةٌ، وفي ذلك اليوم يتبع الناس الداعي وهو إسرافيل الذي ينفخ في الصور لا يحيدون عنه، ولا يشفع أحد عند الله تعالى إلا من بعد إذن الله ورضاه. والله تعالى يعلم ما بين أيدي العباد في الدنيا، وما خلفهم في الآخرة، ولا يحيط العباد علمًا بربِّهم، وفي يوم القيامة تعنو وجوه العباد لله ربِّ العالمين. ثانيًا: آيات هذه الموضع من سورة طه ثالثًا: تفسير مفردات هذه الآيات زرقًا، أي: لون عيونهم زرق لشدَّة ما يصيبهم من هول. يتخافتون، أي: يتحدثون فيما بينهم بصوتٍ خافت، أي: مخفض. قاعًا أي: أرضًا مستوية، لا ارتفاع فيها ولا انخفاض. عوجاً ولا أمتاً , أي : لا ترى فيها منخفضاً ولا مرتفعاً. الداعي: هو إسرافيل عليه السَّلام. خشعت، أي: سكنت لربِّ العزَّة. همسًا: الصوت الخفيُّ الصادر عن الفم. عنت الوجوه للحيِّ القيوم: خضعت. القيوم: القائم بنفسه المقيم لغيره. رابعًا: شرح هذه الآيات 1- إذا شاء الله تبارك وتعالى أن يبعث العباد يوم القيامة أمر إسرافيل عليه السَّلام أن ينفخ في الصور، والصور بوقٌ عظيمٌ، ينفخ فيه إسرافيل في المرة الأولى، فيدمر الكون، ويموت الأحياء، ثم ينفخ فيه أخرى، فيقوم الناس لربِّ العالمين {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} [طه: 102]. 2- يحشر الله تعالى المجرمين يوم الدين زرق العيون، وزرقة العين تتشاءم العرب بها , والمجرمون: الكفرة المشركون، {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} [طه: 102]. 3- أخبر الله تعالى أن بعض الناس سألوا عما يُفعل بالجبال يوم القيامة {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} [طه: 105 – 107]. وقد أمر الله - تبارك وتعالى- رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيبهم ويخبرهم عما سيفعله بها، وأخبر سبحانه أنه سينسفها نسفًا، فيزيلها من مواضعها، ويذر مكانها قاعًا صفصفًا، والقاع: المستوي من الأرض، فلا ترى في أرض المحشر جبلاً ولا رابيةً، ولا ترى فيها منخفضًا ولا مرتفعًا، والصفصف: الأرض الملساء التي لا نبات فيها. وقوله تعالى: {لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا} أي: لا ترى فيها منخفضًا ولا مرتفعًا. 4- أخبرنا ربُّنا - تبارك وتعالى- أنَّ الناس يوم القيامة عندما يقومون من قبورهم يتبعون الداعي {يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} [طه: 108]. والداعي الذي يتبعونه هو إسرافيل الذي يناديهم، فيسمعهم، ويسيرون وفق ما يأمرهم به، لا تسكن في ذلك اليوم، فلا تسمع إلا همسًا، والهمس: الصوت الخفيُّ الصادر عن الفم، أو الناتج عن سير الأقدام. 5- أخبرنا ربُّنا - تبارك وتعالى - أنَّ الشفاعة في يوم القيامة لا تقبل إلا ممن أذن له الرحمن ورضي له قولًا {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} [طه: 109] فلا يشفع أحدٌ يوم القيامة إلا من أذن الله تعالى له في الشفاعة، ورضي قوله، ولا بدَّ مع رضا الله عن الشافع أن يرضى أيضًا عن الشفاعة للمشفوع عنه، فلا يشفع عنده كافرٌ أو مشرك، ولا يُشفع في كافر أو مشرك، وإذا أذن الله في الشفاعة شفع الأنبياء والمرسلون، وشفع الصديقون والشهداء والصالحون، وهذه الآية كقوله تعالى {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى} [النجم: 26]، وقوله: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء: 28]. 6- أخبرنا ربُّنا- تبارك وتعالى- أنَّ الله تعالى يعلم ما بين أيدي عباده من الملائكة والإنس والجن، وهو ما أمامهم إلى قيام الساعة، ويعلم ما خلفهم، أي: من أمر الدنيا، ولا يحيط علمهم بالله تعالى، فهم يعلمون عن الله ما علمهم الله تعالى إيَّاه، ولكنَّ علمهم بالله قليل {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]. 7- أخبرنا العليم الحكيم سبحانه أن الوجوه يوم القيامة تعنو للحيِّ القيوم {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا}[طه: 111]. وعنوُّ الوجوه يوم القيامة للحيِّ القيوم سبحانه يعني خضوعها له، وذلَّها واستسلامها للجبَّار القهار- تبارك وتعالى-، والحيُّ القيوم هو الله تعالى، فحياته دائمةٌ أبديةٌ سرمديَّةٌ، ولكمال حياته سبحانه لا تأخذه سنةٌ ولا نوم، وقيُّوم: قائمٌ بنفسه، لا يحتاج إلى أحد من خلقه، وهو مقيم لغيره، وقوله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} أي: خسر وذلَّ من جاء يوم القيامة حاملاً للظلم، والمراد بالظلم هنا الشرك، كما قال لقمان لابنه: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]. 8- أخبرنا الله- تبارك وتعالى- بالناجين يوم الدين، فقال:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112] أخبرنا ربُّنا- عزَّ وجلَّ- أنَّ الذي يعمل الأعمال الصالحة في حال كونه مؤمناً فإنَّه لا يخاف يوم القيامة ظلماً ولا هضماً، والظلم أن تكثر سيئاته وتعظم من غير سبب منه، والهضم أن تنقض حسناته وتبخس. 9- أنزل الله آخر كتبه وهو القرآن الكريم بلسان العرب، وصرَّف فيه أنواع الوعيد لعلَّ العباد ينزحون عن الكفر والشرك والذنوب والمعاصي، ليحدث القرآن للعباد في قلوبهم ذكراً لربِّهم تبارك وتعالى{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا} [طه: 113]. امتنَّ الله تبارك وتعالى على عباده المؤمنين بإنزاله عليهم القرآن الكريم، بلسان عربيٍّ مبين، وصرَّف فيه أنواع الوعيد، فإذا لامس الوعيد قلوب العباد خافت ربَّها، واتقته، فاجتنبت المآثم والفواحش والمحارم، وأوقع في قلوبها الذكر، فاعتبرت واتعظت. 10- نزَّه الله تعالى نفسه عن مماثلة المخلوقات في شيءٍ من الأشياء في قوله تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ} [طه: 114] وقد وصف ربُّنا عزَّ وجلَّ نفسه بأنَّه الملك الحقُّ سبحانه. ونهى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم عن العجلة بقراءة القرآن عندما كان يوحى به إليه قبل أن يتم جبريل قراءته عليه{وَلَا تَعْجلَّ بِالْقُرْآَنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114]، وهذه الآية كقوله تعالى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجلَّ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} [القيامة: 16- 19]. خامساً: كيف عرَّفنا ربُّنا- عزَّ وجلَّ- بنفسه: 1- يأمر الله- تبارك وتعالى- إسرافيل يوم القيامة أن ينفخ في الصور، فيقوم الناس لربِّ العالمين. 2- يحشر الله- تبارك وتعالى- يوم الدين المجرمين من الكفرة والمشركين زرق العيون. 3- ينسف الله تعالى الجبال يوم القيامة، فيصبح مكانها أرضٌ مستويةٌ، لا ارتفاع فيها ولا انخفاض. 4- يتبع الناس يوم القيامة نداء إسرافيل لا يحيدون عنه، وتخشع الأصوات في ذلك اليوم، فلا يُسمع إلا الهمس. 5- لا يشفع في ذلك اليوم أحدٌ عند الله إلا من أذن الله تعالى له، ورضي قوله. 6- الله- تبارك وتعالى- يعلم ما أمام الناس في الآخرة، وما خلفهم في الدنيا، ولا يحيط العباد بربهم علماً. 7- تعنو الوجوه لربِّها يوم القيامة. 8- المؤمنون الذين يعملون الصالحات يوم القيامة آمنون ولا يخافون ظلماً ولا هضماً. 9- الله تعالى هو الذي أنزل القرآن، وصرَّف فيه ألوان الوعيد. *** |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 53 | |||
|
![]() انت تفسر الكثير من الايات على ان الله عز وجل يعرفنا فيها بنفسه .............و اظن و الله اعلم انه ليس كلها من هذا القبيل بل انني ازعم و الله اعلم ان كثيرا منها لم تات من اجل ان يعرفنا الله فيها بنفسه .....بل جاءت من اجل ان يحتج بها علي عباده .................... |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 54 | |||
|
![]() الموضع القرآني 46 أولًا: تقديم ثانيًا: آيات هذا النص من سورة الأنبياء ثالثًا: تفسير مفردات هذه الآيات فيدمغه: فيصيبه في دماغه. زاهق، أي: هالك. الويل: العذاب. يستحسرون: لا يعيون ولا يتعبون. يفترون: لا يضعفون ولا يسأمون، ولا يشغلهم عن التسبيح شيء. مشفقون: خائفون وجلون. رابعًا: شرح آيات هذا الموضع 1- الغاية التي خلق الله السموات والأرض من أجلها: أخبرنا ربُّنا- تبارك وتعالى- أنه ما خلق السموات والأرض وما بينها لهواً ولعباً،{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [الأنبياء: 16] لم يخلقهما ربُّنا عبثاً وباطلاً، ولعباً ولهواً، وإنما خلقهما ليكون الكون كلُّه معبداً لله تعالى، ودليل ذلك أنَّ الله تعالى سيحاسب العباد في يوم المعاد على ما قدَّموه، {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّار} [ص27]. وأخبرنا ربُّنا- عزَّ وجلَّ- أنَّه لو أراد أن يتخذ لهواً، لاتخذ لهواً من عنده {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء: 17] وأصل اللهو: الجماع، ويطلق على الزوجة أو الولد، والله تعالى أعلى وأجلَّ وأكرم من أن يتخذ لهواً، ولذلك قال:{إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} أي: ما كنا فاعلين. وقال تعالى مبيناً قدرته على إبطال الباطل {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18] والحقُّ الذي يقذف به على الباطل ما أنزله تعالى في كتبه، وأوحى به إلى رسله، وفيه الحجج النيرات والبراهين النيرات، التي تقيم الأدلة على الحقِّ، وتظهر عوار ما جاء به أهل الباطل. وقوله:{وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} أي: ولكم العذاب مما تصفون به الله من الباطل، كدعواهم أنَّ الله اتخذ ولداً، وقوله: إذا هو زاهق، أي: ذاهبٌ زائلٌ مضمحلٌ. 2- الله تعالى له من في السموات والأرض: الله تعالى له وحده ملك السموات والأرض، فهو مالكهما وخالقهما ومدبرهما لا يشركه في ذلك أحدٌ {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 19- 20]. وإذا كانت السموات والأرض خلقه وملكه، فكلُّ ما فيهما مخلوقٌ مربوبٌ، ومن ذلك الأصنام والأوثان والأشجار والأحجار والشمس والقمر، وكل ما عبده البشر، وأراد بالذين عنده الملائكة فإنهم لا يستكبرون عن عبادته، ولا يستحسرون، فالملائكة الكرام لا يستكبرون عن عبادة الله، ولا يتعاظمون أن يعبدوه، ولا يأنفون ذلك. وقوله:{وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ} أي: لا يعيون، ولا يتعبون. وقوله:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} أي: لا يشغلهم عن التسبيح شيءٌ، فالتسبيح لهم بمثابة النفس لنا. 3- بطلان الآلهة التي يعبدها الكفار من دون الله: أخبرنا ربُّنا- تبارك وتعالى- أنَّ الكفار اتخذوا من دون الله آلهة، وقد أنكر الله- تعالى- عليهم ذلك، وبيَّن أنَّ هذه الآلهة باطلةٌ، لا تقدر على إحياء الموتى {أَمِ اتَّخَذُوا آَلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ}[الأنبياء: 21]، وقوله: {أَمِ اتَّخَذُوا} أم هنا بمعنى بل، وهمزة الاستفهام، كأنَّ في القول إضراباً عن الأول. وقوله:{هُمْ يُنْشِرُونَ}أي: يحيون الموتى، لأنَّ من صفة الإله الحقِّ أنه يحيى الموتى. قوله:{مِنَ الْأَرْضِ} أي: أنَّ آلهتهم التي يعبدونها مصنوعةٌ من جنس الأرض، فهي أصنام مصنوعة من الصخور أو الطين، أو الخشب، أو الحديد أو نحو ذلك. أخبر الله تعالى أنَّ استقامة أمر السموات والأرض يدلُّ على وحدانية الله، وأنَّه لا إله غيره، ولا معبود سواه {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ * لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء: 22-23]. وهذا الذي ذكره ربُّنا يسمى دليل التمانع، فلو كان فيهما آلهة غير الله لفسدت السموات والأرض، لأنَّ الآلهة ستختلف فيما بينها، فلو أراد أحدهم خلق شيءٍ، وأراد الآخر عدم خلقه، فإن تعارضهما سيمنع الخلق، فإن قدر أحدهما على الإيجاد، ولم يستطع الآخر المنع، كان الذي لم يستطع الخلق عاجزاً لا يصلح أن يكون إلهاً. وقد نزَّه تعالى نفسه عن الشريك بقوله:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} فهو واحد أحد فرد صمد، لا شريك له. 4- طلب الله تعالى من المشركين أن يأتوا بما يدلُّ على صحة ما ادعوه من آلهة: قال الله- تعالى- منكراً على المشركين فيما اتخذوه من آلهة يعبدونها من دون الله {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنبياء: 24] والمعنى: بل اتخذوا من دون الله آلهة، وطالبهم أن يأتوا بدليلٍ وبرهانٍ يدلُّ على صحة ما يزعمونه، وأعلم أنَّ الأدلة المنزلة من عند الله التي أنزلها في كتابه القرآن وفي جميع الكتب السماوية السابقة تدلُّ على وحدانية الله، وقرَّر سبحانه أنَّ أكثر الكفار لا يعلمون الحقَّ فهم معرضون عن الحقِّ. ومما يدلُّ على كذب ما ادَّعاه المشركون أن جميع الرسل من أولهم إلى آخرهم أعلنوا للناس جميعاً أنَّه لا إله إلا الله، فاعبدوه وحده {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: 25] وهذه الآية كقوله تعالى:{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36]، وقوله:{وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45]. 5- تنزيه الله- تعالى- عن الولد: ادَّعى بعض العرب أنَّ الملائكة بنات الله، وقد ردَّ الله عليهم، وأكذبهم، فقال: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ* يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء: 26-29]. وقد نزَّه ذاته عما يقولونه ويفترونه ثم أخبر أنَّ ملائكته عبادٌ مكرمون، لا يسبقونه بالقول، فلا يقولون حتى يقول، وهم بأمره يعملون، وأخبر أنَّ علمه محيط بهم، يعلم ما بين أيديهم، أي: ما أمامهم من أمر الآخرة وما خلفهم من أمر الدنيا، ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، أي: إلا لمن رضي الله عن الشفاعة لهم، وهم عصاة الموحدين، وأخبر أن الملائكة كانوا ولا يزالون مشفقون، أي: خائفون من خشية الله، وقال: ومن يقل منهم: إنَّه إله من دون الله، فإنَّ الله يجزيه جهنَّم، كذلك يجزي الظالمين، وهذه فرضيةٌ، وإلاَّ فإنَّه يستحيل أن يدعي واحد من الملائكة أنه إله من دون الله. خامساً: كيف عرف ربُّنا- تبارك وتعالى- بنفسه في هذه الآيات 1- لم يخلق الله- تبارك وتعالى- السموات والأرض لعباً وعبثاً، بل خلقهما لغايةٍ صحيحةٍ، خلقهما ليعبد ويطاع. 2- الله- تبارك وتعالى- له كلُّ من في السموات ومن في الأرض، فالله تعالى مالكهما ومالك ما فيهما سبحانه، والمالك يتصرف في ملكه كما يشاء، وما يعبده الناس من الشمس والقمر والنجوم والأوثان، والأصنام كلُّه مخلوقٌ مربوبٌ معبَّدٌ لله تعالى. 3- الملائكة الذين عند الله في السموات يعبدون الله ويسبحونه ويطيعونه. 4- لو كان في السموات والأرض آلهة على وجه الحقيقة لفسدتا وزالتا، فلا يقيمها على هذا النحو إلا الله سبحانه وحده. 5- المشركون الذين اتخذوا من دون الله تعالى آلهةً يحتاجون أن يقيموا الأدلة والبراهين الدالة على صحة هذه الآلهة المكذوبة المدَّعاة. 6- كلُّ الرسل الذين أرسلهم الله تعالى متفقون على وحدانية الله، وأنه المعبود الذي يستحق العبادة دون غيره. 7- كل رسول كان الله يرسله كان أول ما يدعو قومه إلى توحيد الله. 8- زعم الكفار أنَّ الله تعالى اتخذ ولداً، هم الملائكة، وحقيقة الأمر أنَّ الملائكة عباد الله تعالى مطيعون لله عابدون له. 9- علم الله محيط بملائكته يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ولا يشفعون لأحدٍ لا يريد الله الشفاعة له، وهم مشفقون من خشيته. 10- من يقل من ملائكة الله إنَّه إله من دون الله- وهذا على سبيل الفرض- فإنه يعذبه في النار. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 55 | |||
|
![]() الموضع القرآني 47 أولًا: تقديم ثانيًا: آيات هذا الموضع من سورة الأنبياء ثالثًا: تفسير مفردات هذه الآيات الفتق: الفصل بين الشيئين. يؤمنون، أي: يصدِّقون. رواسي: الرواسي الجبال. تميد: تضطرب وتتمايل. فجاجاً: الطرق بين الجبال. سبلاً: جمع سبيل وهي الطرق النافذة المسلوكة. محفوظاً: أي: من الشياطين بالشهب. رابعًا: شرح هذه الآيات 1- كانت السموات والأرض رتقاً، ففتقهما ربُّ العزَّة، قال تبارك وتعالى:{أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30]. أي كانت السموات والأرض متلاصقةً، بعضها مع بعضٍ، ففتقهما الله، وفصل بين السموات والأرض، فرفع السماء إلى مكانها، وأقرَّ الأرض في مكانها، وفصل بينهما بالهواء، والرَّتق: المتصل بعضه ببعضٍ، الذي لا صدع فيه، ولا فتح. والفتق: الفصل بين الشيئين. 2- خلق الله تعالى من الماء كل شيءٍ حيٍّ{وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]، وهذه الآية كقوله تعالى:{وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ} [النور: 45] فكلُّ الأحياء في الأرض من الإنسان والدوابِّ والطيور والنبات مخلوقةٌ من ماء، وهي محتاجةٌ إلى الماء لبقائها ووجودها، وقوله:{أَفَلَا يُؤْمِنُونَ} أي: ألا يصدِّقون. 3- جعل الله في الأرض رواسي كي لا تميد بنا، قال تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ} [الأنبياء: 31] و{رَوَاسِيَ} الرواسي: الجبال الثوابت، و{أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ} أي: لئلا تتحرك وتضطرب بالخلق. فالجبال في الأرض تحفظ توازنها، وتجعلها هادئة في دورانها، ولولا الجبال لما استقرت الأرض وما صلحت الحياة فوقها. 4- جعل الله في الجبال فجاجاً سبلاً لعلهم يهتدون، قال تعالى{وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء: 31]، والفجاجُ : الطرق الواسعة بين الجبال، وكلُّ مخترقٍ بين جبلين فهو فجٌّ، وقوله: {سُبُلًا} جمع سبيل، أي: طرقاً نافذةً مسلوكةً، وهي تفسير للفجاج. 5- جعل الله السماء سقفاً محفوظاً، حفظ الله السماء بالنجوم التي ترجم بها الشياطين{وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} [الأنبياء: 32] وهذه كقوله تعالى:{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [الملك: 5]. وقد تكون الإشارة بقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا} إلى الغلاف الجويِّ الذي يحيط بالأرض، وهو يحفظ الأرض من الأشعة التي يموج بها الكون، ويحفظها من الأجرام التي تتساقط من الفضاء، حتى إذا دخلت الغلاف الجوي للأرض احترقت وتفتت. وقوله: {سَقْفًا} أي: جعل الله السماء سقفاً للأرض، وهذا كقوله تعالى:{وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ} [الطور: 5] وقوله:{وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 32] آيات السماء نجومها وشموسها وأقمارها وأمطارها ورعودها وبروقها، ونحو ذلك. 6- خلق الله الليل والنهار والشمس والقمر، ففي الليل يكون السكون والهدوء، ويأخذ الناس النوم، وفي النهار يُبعث الناس ويقومون لأعمالهم، خلق الله للناس الشمس التي تضيء الأرض، تمدُّ الناس بالضوء والحرارة، وفي الليل يظهر القمر، الذي جعله الله مواقيت للناس والحج. قوله تعالى:{كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33] قال ابن جرير: «جائز أن يكون ذلك الفلك كحديدة الرَّحى كما قال مجاهد، أو كطاحونة الرَّحى كما ذُكر عن الحسن، وذلك أن الفلك في كلام العرب هو كلُّ شيءٍ دائرٍ، فجمعه أفلاك» [تفسير ابن جرير: 7/ 5691] وقوله:{يَسْبَحُونَ} أي: يجرون كالسابح في الماء، وقد يقال للفرس الذي يمدُّ يديه في الجري: سابح. خامساً: كيف عرَّف الله تعالى بنفسه في هذه الآيات 1- خلق السموات والأرض، وكانتا متلاصقتين، ففتقهما الله تعالى على النحو الذي هما عليه اليوم. 2- جعل الله- تبارك- من الماء كلَّ شيءٍ حيٍّ، فجعل من الماء الإنسان والحيوان والدوابَّ والطيور والأشجار والنبات. 3- خلق الله تعالى الجبال، فثبَّت بها الأرض حتى لا تضطرب في مسارها. 4- جعل الله تعالى في الجبال طرقاً وممراتٍ يعبرها الناس في أسفارهم. 5- جعل الله تعالى السماء سقفاً للأرض، وهي محفوظة من الشياطين بما أقامه الله تعالى من النجوم التي ترمى بها الشياطين. * * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 56 | |||
|
![]() الموضع القرآني 48 * * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 57 | |||
|
![]() الموضع القرآني 49 |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 58 | |||
|
![]()
* * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 59 | |||
|
![]() الموضع القرآني 51 أولًا: تقديم ثانيًا: آيات هذا الموضع من سورة الحج ثالثًا: تفسير مفردات هذه الآيات العلي: ذو العلو على كلِّ شيء. لطيف: الذي يصل إلى مراده بلطف. كفور، أي: كثير الكفر. رابعًا: شرح آيات هذا الموضع 1- {يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِير} [الحج: 61] فالله- تبارك وتعالى- هو الذي يولج الليل في النهار، وهو الذي يولج النهار في الليل، ومعناه يدخل ما انتقص من ساعات الليل في ساعات النهار، وما انتقص من ساعات النهار في ساعات الليل، فما نقص من طول هذا زاد في طول هذا، والله سبحانه وهو السميع لأقوال عباده، عليمٌ بأفعالهم. وهذه الآية كقوله تعالى: {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ} [آل عمران: 27]. 2- {اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ} [الحج: 62]. الله- سبحانه- هو الحقُّ، أي: هو المعبود الحقُّ، الذي خلق السموات والأرض بالحقِّ، وكلُّ الآلهة غيره آلهةٌ باطلة، لا تستحقُّ أن تُعبد وتدعى، والله سبحانه وتعالى هو العليُّ الكبير، أي: هو ذو العلو على كلِّ شيءٍ، وكلُّ شيءٍ دونه، وهو- سبحانه- الكبير، العظيم الذي لا أعظم منه. 3- {اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِير} [الحج: 63]. وعرَّفنا ربُّنا- سبحانه وتعالى- أنَّه وحده الذي أنزل المطر من السماء، فتصبح الأرض مخضرَّةً، وخصَّ ذكر الصباح في قوله: {فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً} لأن رؤية الخضرة بالنهار أوضح منها بالليل. وإذا أنت مررت بأرضٍ مجدبةٍ، فأنزل الله تعالى عليها الغيث، ثمَّ مررت بها أخرى، ترى أن الله تعالى كساها ثوباً أخضر من العشب، وترى أزهارها قد تفتقت، وثمارها قد عُقِدت، وأشجارها اخضرَّت، وعناقيدها قد تدلَّت، فيسرك مرآها، ويطيب لك المقام فيها. وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} أي: باستخراجه النبات من الأرض بالماء الذي ينزله من السماء. وهذه الآية كقوله تعالى: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5]. 4- {لهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيد} [الحج: 64]. أعلمنا ربُّنا عزَّ وجلَّ- أنَّ له السموات والأرض وما فيهما وما بينهما، فله في الأرض جبالها وسهولها، وأنهارها وعيونها، ونباتها، ودوابُّها، وترابها، وصخورها، ومعادنها، وله في السماء نجومها، وشموسها، وأقمارها، وما لا نعلمه فيها، وهو سبحانه الغنيُّ عن عباده، فلا يحتاج إلى أحدٍ من خلقه سبحانه.. 5- {اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [الحج: 65]. وعرَّفنا ربُّنا- تبارك وتعالى- أنَّه هو الذي سخَّر لنا الأنهار في جريانها، والدوابَّ في خضوعها وتذليلها، فترانا نركب الإبل، ونشرب ألبانها، ونمتطي الخيول، ونحوز الأغنام، وترى الصغير منَّا يقود الإبل والبقر والغنم والخيول والحمير، ولو لم يُسخِّرها لنا ربُّنا لما أمكننا الانتفاع بها. وسخَّر لنا ربُّنا- تبارك وتعالى- البحار، نخوض غمارها بالسفن، تحملنا وتحمل أثقالنا إلى بلادٍ بعيدة، وهو سبحانه الذي وحده يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، ولو أذن الله بسقوطها على الأرض، لهلكت الحياة فوق ظهر هذه الأرض، وختم ربُّ العزَّة الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} أي: كثير الرأفة والرحمة، لما خلق لهم في الأرض والسماء على النحو الذي ذكره سبحانه، وهذه الآية كقوله تعالى:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: 13]. وقوله: {وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ هي كقوله: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41]. 6- {وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ} [الحج: 66]. عرَّفنا ربُّنا- عزَّ وجلَّ- أنه أحيانا بعد موتنا، ثم يميتا عندما تنقضي آجالنا في هذه الحياة الدنيا، ثم يحيينا مرَّة أخرى يوم القيامة، وهذه الآية كقوله تعالى:{كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة: 28]، وقوله: {قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ}[الجاثية: 26]. خامساً: كيف عرَّفنا ربُّنا- تبارك وتعالى- بنفسه في هذه الآيات 1- الله تعالى هو الذي يدخل الليل في النهار، ويدخل النهار في الليل، فهما يتقارضان. 2- الله تعالى هو المعبود الحقُّ، والآلهة التي يعبدها المشركون آلهةٌ باطلةٌ، والله تعالى هو العليُّ الكبير. 3- الله تعالى أنزل من السماء ماءً، فتصبح الأرض مخضرة. 4- الله تعالى له وحده ما في السموات وما في الأرض، وهو غنيٌّ عن خلقه، شاكر لمن عبده. 5- الله- تعالى- سخَّر لنا كلَّ ما في الأرض من الدواب والحيوان والبحار والأنهار وغيرها. 6- سخَّر الله تعالى لنا السفن تجري في البحار بأمره تحملنا وتحمل أثقالنا وبضائعنا إلى بلدٍ لمن نكن بالغية إلا بشقِّ الأنفس. 7- الله تعالى يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، فالسماء محفوظةٌ، والأرض محفوظةٌ بحفظ الله سبحانه. 8- كنَّا أمواتًا فأحيانا الله، ثم يميتنا في هذه الحياة عندما تنتهي آجالنا، ثم يحيينا يوم القيامة. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 60 | |||
|
![]() رحم الله امرءا عرف قدر نفسه ..............من تكون انت حتى تفسر القران الكريم و تعرضه على الناس .............يا اخي اتق الله في نفسك ..فاني ما اراك الا حويهل قد فتح بابا من ابواب الضلالة في المنتدى ................ |
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الله, جيدة, عباده, نفسه |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc