![]() |
|
قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية .. |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
أسس الحكم في الشريعة الإسلامية
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
رقم المشاركة : 16 | ||||
|
![]() الإسلام انتشل الناس من وحل التفرقة العنصرية، والنعرات الجنسية فإذا نظرنا إلى ما شرعه الإسلام من المساواة، فسنجد أنه لم يصل أي تشريع سماوي – فضلاً عن وضعي – في مبدأ الحرص على المساواة – إلى ما وصل إليه الإسلام؛ فالأمم قبل الإسلام وبعده إلى أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، كانت تضع فروقًا عظيمة بين طبقات الأمة. يقول صاحب كتاب «روح الدين الإسلامي» جاء في موسوعة لاروس في سنة (1798م): كان يوجد عدم مساواة في توزيع المناصب العمومية وعدم رقابة عليها، فبذل وزراء لويس السادس عشر جهدهم لإجراء الإصلاحات التي تتطلبها الأمة، فلم ينجحوا ضد المقاومة العنيفة لرجال الدين والنبلاء، فرأت الأمة أنه لا يجدي في هذا الأمر غير ثورة تضع مكان جماعة قائمة على اعتبار الامتيازات، جماعة أخرى يسودها قانون المساواة بين الجميع، وبعض الأديان تقر نظام الطبقية كالديانة البراهمية التي تقسم الأمة إلى طوائف أربع، ويجعل على هذه الطبقات البراهمية أو الكهنة، وأدناها السفلة، والبراهمي يجب احترامه بسبب نسبه وحده، وأحكامه هي وحدها الحجة، وله يد حين الحاجة أن يمتلك مال الواحد من السفلة؛ لأن العبد وما ملكت يده لسيده، وكان محرمًا على هذه الطبقة المنكودة أن يتصل أحدهم بشيء من الدين أو العلم، وإلا حل به عذاب غليظ، مثل صب الرصاص المصهور في أذنيه، وشق لسانه، وتقطيع جسمه، واليهود الذين يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه دون غيرهم – ساء ما يفترون – فرقوا في تشريعاتهم بين اليهود وغيرهم، فحرموا الربا بشدة بينهم، وجعلوه تجارتهم الرابحة الحلال بالنسبة لمن لم يكن منهم، والأمم الديمقراطية التي تدعي – كذبًا – أن العالم الإنساني مدين لها بمباديء المساواة، لا تزال في قوانينها وسياستها تأتي بما يخالف هذا المبدأ كما في بعض الولايات الأمريكية، وجنوب أفريقيا، وكثير من المناطق الخاضعة للاستعمار الأوروبي، توجد الفوارق بين الطبقات والتفرقة العنصرية بينهم، ويُجرد السود هناك من أبسط الحقوق الإنسانية ([1]). بيد أن الإسلام بمُثُلِهِ العُليا لا يقيم لهذه القيم الهزيلة وزنًا، ولا يهتم بهذه النعرات السخيفة والاعتبارات الصغيرة، الواهية، إنه يجعل مقياس التفاضل وميزان العدل الذي توزن به جميع الأعمال والقيم {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} بغض النظر عن جميع الملابسات والاعتبارات والقيم الأخرى؛ فالأكرم عند الله هو الذي يستحق الرعاية والاهتمام، ولو تجرد من كل المقومات والاعتبارات الأخرى التي يتعارف عليها الناس من النسب والجاه والقوة والمال... إلخ، وسائر القيم الأخرى لا وزن لها حين تتعرى عن الإيمان والتقوى، والحالة الوحيدة التي يصح لها فيها وزن واعتبار هي حالة ما إذا انقضت لحساب الإيمان والتقوى ([2]). ([1]) انظر: روح الدين الإسلامي (ص287)، 288، لعفيف عبد الفتاح طبارة. ([2]) سيد قطب في ظلال القرآن (ج6/382).
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 17 | |||
|
![]() التقوى مقياس التفاضل في الإسلام * * * |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 18 | |||
|
![]() عناية القرآن بمبدأ المساواة * * * كان أول تطبيق عملي لحقيقة هذه الآية العليا في الوجود الإنساني، هو ما صنعه في الإسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم أنموذج الإنسانية الأعلى في حجة الوداع: «يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر، إلا بالتقوى، أبلغت؟» قالوا: بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ([3]). وجعل صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة وأقرب الناس إليه مثلاً أعلى لتطبيق دعامة المساواة الإنسانية تطبيقًا عمليًا، ليبين عن معقد الفضل بالعمل الصالح، ليتنافس فيه المتنافسون، فقد زوج مولاه زيداً بن حارثة ابنةَ عمته زينب بنت جحش، ثم تزوجها صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها زيد؛ ليكون ذلك أساسًا لتشريع المساواة في أعلى ذروتها، وأفضل صورها، وليقتلع به جذور الجاهلية من أصلها ([4]). وليذهب الفوارق الطارئة، على حقيقة الإنسانية، ولم يُبْقِ إلا على ميزة العمل الصالح يقوم به المسلم فيسدي إلى مجتمعه الذي يعيش فيه خيرًا وبرًا وإصلاحًا؛ جاعلاً هذه الميزة هي مناط التفاضل والكفاءة نحو الأنساب والمصاهرة ([5]). ولما لغطت ألسنة بشأن سلمان الفارسي، وتحدثوا عن العربية والفارسية، بحكم إيحاءات القوم الضيقة، ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربته الحاسمة في هذا الأمر فقال: «سلمان منا أهل البيت»([6]). فتجاوز صلى الله عليه وسلم كل آفاق النسب الذي يعتزون به، وكل حدود القومية الضيقة التي يتحمسون لها، وجعله من أهل البيت رأسًا!!([7]). وقد سار المسلمون على سيرة نبيهم، فعاشروا غيرهم من أهل الملل والنحل الأخرى بصفاء ووئام، والدين أقوى حاكم على شعورهم؛ فلم يشاهد منهم ما يعابون عليه، ولم يفرقوا في مكارم الأخلاق، وحقوق الاجتماع بين مسلم وغير مسلم، ولم يمنعوا غير المسلم أن يقاضي أرفع رأس في المسلمين وينتصف منه، وعلى سبيل المثال لا الحصر: يطالعنا التاريخ الإسلامي: أن ابن عمرو بن العاص والي مصر في زمن الخليفة العادل عمر بن الخطاب لطم قبطيًا؛ لأنه سابقه فسبقه، فاشتكى القبطي عند الخليفة عمر رضي الله عنه، فأرسل عمر إلى عمرو بن العاص وابنه؛ فلما حضرا أحضر الخليفة القبطي وقال له: أهذا الذي ضربك؟ قال: نعم، قال: اضربه. فأخذ يضربه حتى اشتفى له، ثم قال له عمر: زد ابن الأكرمين!! ثم التفت إلى عمرو بن العاص وقال له: «منذ كم يا عمرو!! استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا؟»!!([8]). فهذا لون من العدالة والإنسانية لا يعرفه الناس في غير الإسلام؛ لأنه قائم على احترام الإنسان – أي إنسان – بغض النظر عن جنسه ولونه، بل وعقيدته أيضًا، وهذا السمو الذي تحلى به الإسلام يزداد ظهورًا إذا قورن بما يجري بين الأمم اليوم من المعاملات التي تنافي الكرامة الإنسانية، بعد أن طغت الجاهلية، وأصبح الإنسان كله لا يساوي شيئًا من المذهب المادي المسيطر في روسيا زعيمة الدول الشرقية، ولا يقوم له وزن إلا برصيده من الدولارات في أمريكا زعيمة الدول الغربية!! وغيرهما من الدول التي لم تهتد بهدي الإسلام، وعانت ولا تزال تعاني من مشكلة الطبقات، ومعضلة الملونين!! ولكن الإسلام جاء بالمساواة الصحيحة المستقيمة، التي روحها العدل والرحمة، والتكافل في الحقوق. * * * ([1]) سورة المائدة، الآية: 32. ([2]) سورة النساء، الآيتان: 123، 124. ([3]) مسند الإمام أحمد رحمه الله (ج5/ 411). ([4]) انظر: المستدرك على الصحيحين (ج4/24)، للحافظ الحاكم النيسابوري. ([5]) انظر: موسوعة سماحة الإسلام، للصادق عرجون (ج1/207). ([6]) المستدرك على الصحيحين (ج3/598). ([7]) انظر: في ظلال القرآن لسيد قطب (ج6/3827). ([8]) انظر: روح الدين الإسلامي لطبارة (ص277). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 19 | |||
|
![]() صور من المساواة في تشريعات الإسلام |
|||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الحكم, الشريعة, الإسلامية |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc