تونس: جدل بسبب زيارة القرضاوي
2012/5/09
أثارت زيارة الداعية المصري يوسف القرضاوي إلى تونس جدلاً كبيراً في صفوف الرأي العام التونسي الذي انقسم بين مرحب بهذه الزيارة ومعارض لها. والمرحبون دون شك هم أنصار حركة "النهضة" الحاكمة وهي الجهة التي دعت القرضاوي رسمياً إلى زيارة تونس باعتبار العلاقات المتينة التي تجمع بين زعيم الحركة الشيخ راشد الغنوشي والقرضاوي وبين حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية ودولة قطر حاضنة الداعية المصري.
خلافة
ويرى بعض المراقبين أن هذه الزيارة تأتي في إطار التمهيد لتخلي القرضاوي عن رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين لنائبه التونسي الشيخ راشد الغنوشي بمباركة قطرية. كما تأتي هذه الزيارة للإشراف على افتتاح المؤتمر الأول لفرع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي تحتضنه تونس. فالأمر يتعلق إذن وعلى الأرجح بموضوع الخلافة خاصة وأن ما يتم تداوله في تونس من أن الشيخ راشد الغنوشي لن يستمر برغبة منه على رأس حركة النهضة إثر مؤتمرها القادم الذي تستعد له والذي تم تأجيله مرات عديدة.
ورافق القرضاوي في هذه الزيارة التي شملت إلى جانب العاصمة التونسية مدن القيروان (الحاضرة الإسلامية الأولى في شمال إفريقيا وعاصمة بلاد المغرب لقرون) وقابس (التي تضم قبر الصحابي أبي لبابة الأنصاري) بالإضافة إلى مدينة سوسة الساحلية، عدد من أعضاء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين من بينهم أمينه العام علي القره داخي. وقد حظي باستقبال حار من أنصار حركة "النهضة" الذين توافدوا بأعداد غفيرة إلى مطار تونس ـ قرطاج الدولي ـ لاستقبال ضيفهم. لكن ذلك لم يمنع وجود معارضي الزيارة الذين حملوا لافتات تتضمن آيات قرآنية وشعارات تنال من شخص القرضاوي. كما حملت إحدى المعترضات على الزيارة علمي لبنان وحزب الله في تضامن مع حركات المقاومة في المنطقة.
حملة
بعض الصحف التونسية المعارضة شنت حملات شعواء على يوسف القرضاوي ناعتة إياه بـ"مادح بن علي والقذافي" ناشرة مقاطع من صحف مدح فيها الداعية المصري الرئيس السابق زين العابدين بن علي أثناء زيارته السابقة إلى تونس سنة 2009 بمناسبة اختيار مدينة القيروان التونسية عاصمة للثقافة الإسلامية، حيث قال القرضاوي يومها إن" خطاب الرئيس زين العابدين بن علي في موكب انطلاق برامج الاحتفالات كان خطاباً كاملاً وذكّر بمعانٍ مهمة في ثقافة الأمة وأبرز أيضاً العناية بالثقافة الدينية الإسلامية وهي عناية يلمس آثارها بدون شك كل من يزور تونس".
كما قال أيضاً وفقاً لصحيفة الصباح التونسية إن "هذه الإنجازات تحمد لتونس ولسيادة الرئيس زين العابدين بن علي فضلاً عن الاهتمام بالجانب الإسلامي" مشيداً بإذاعة الزيتونة للقرآن الكريم وهي الإذاعة التي كان يمتلكها صخر الماطري صهر زين العابدين بن علي قبل فراره إلى دولة قطر وتحصنه فيها .
وتعرضت صحيفة المغرب التونسية لمدح القرضاوي لمعمر القذافي مذكرة بأنه نعت الأخير بـ"الأخ قائد الثورة صاحب التحليلات العميقة الواضحة لمجريات الأحداث" وذلك خلال زيارة قام بها القرضاوي إلى ليبيا سنة 2003 بمناسبة احتفال القذافي بذكرى الفاتح من سبتمبر تاريخ انقلابه على الملك إدريس السنوسي وتوليه السلطة في طرابلس. كما وصفه في ختام تلك الزيارة بحسب الصحيفة بـ"سيف الله في الأرض".
ملهم الثورات
لكن الشيخ يوسف القرضاوي بحسب هؤلاء انقلب على من مدحهم بالأمس سواء زين العابدين بن علي أم معمر القذافي، فصرح بمواقفه المساندة للثورة التونسية ودعا صراحة إلى تدخل الناتو في ليبيا للإطاحة بحكم القذافي في تعارض عجيب مع مواقفه بالأمس القريب، تلك المواقف المساندة لحاكمي البلدين الجارين والتي تتماهى مع المواقف الرسمية لدولة قطر مقر إقامة القرضاوي والتي تتماهى بدورها مع السياسات الغربية في المنطقة.
ولعل ما أثار حفيظة المعارضين لزيارة القرضاوي واستفز مشاعرهم تصريحات زعيم حركة "النهضة" الشيخ راشد الغنوشي التي قال فيها إن الثورات العربية خرجت من تحت إبط صديقه القرضاوي بعد أن روى عن هذا الأخير قوله في وقت سابق إن هذه الثورات خرجت من تحت عباءته الأمر الذي استهجنه كثر واعتبروه تحقيراً من شأن شهداء وجرحى الثورة التونسية الذين قضوا وأصابتهم الإعاقات تحت وابل رصاص بن علي في الوقت الذي كان فيه القرضاوي يرفل في نعيم الدوحة في ضيافة الأمير القطري.