بسم الله الرحمن الرحيم
أقول أن مذهب جمهور الأشاعرة و متأخريهم ينكرون صفة العلو لله و هذه من بين الصفات التي أنكروها و قالوا أن إثبات العلو لله يلزم أن يكون في حيز و لو كان محايزا للعالم لكان أكبر منه أو أصغر أو مساويا له و قالوا أيضا إثبات العلو يلزم منه أن يكون الله في جهة و لو كان في جهة لأفتقر إلى محل و كل هذه من الشيه التي دخل العقل فيها مدخلا كبيرا .
أما النصوص من الكتاب و السنة فعلى خلاف ذلك بل جاءت كلها في إثبات العلو لله جل و علا و هي لا تحصى و لا تعد
وإذا قلنا أن الأشعري قد رجع إلى الحق فهذا لأنه لا يقر ما قاله في بعض مقالاته و أنا الآن لست بصدد الرد على هذه الشبه بل لأثبت ما نفاه الأشاعرة لصفة العلو لله جل و علا و هم ينكرون أن الله مستوي على عرشه في السماء كما أثبته أهل السنة .
نحن لما قلنا أن الأشعري رجع إلى الحق لم نقل أنه كان على الحق فيما قاله قبل رجوعه بل على العكس رجوعه يهدم كل ما كان يعتقد فكان لزاما على من اتبعه أن يتبعه في صوابه لا في ما أخطأ هذا هو سبيل أولوا الألباب من المؤمنين .
و نحن إذ نثبت صفة العلو لله كما يليق بجلاله و عظمته و هو استواء لا كاستواء المخلوق تعالى الله و ليس كمثله شيء و هذا هو اعتقاد المجسمة و المشبهة و نحن لا نقرهم على ذلك بل نقول أن الله مستو على عرشه حقيقة استواء يليق بجلاله و عظيم سلطانه بائنا من خلقه لا يشبهه استواء المخلوق على المخلوق بل هو سبحانه مستغن عن العرش و حملته و هو حامل لهما بقدرته و قوته و نحن نثبت هذه الصفة على حد قول الأمام مالك ( الاستواء معلوم و الكيف مجهول و الإيمان به واجب و السؤال عنه بدعة ) و هذا هو اعتقاد السلف من الصحابة و التابعين