هل الامام مالك جزائري او حجازي ؟؟؟ - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

هل الامام مالك جزائري او حجازي ؟؟؟

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-03-26, 19:43   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
الاخ رضا
بائع مسجل (ب)
 
الصورة الرمزية الاخ رضا
 

 

 
الأوسمة
وسام التميز سنة 2012 المرتبة الثالثة 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سيف الحجّاج مشاهدة المشاركة
وهل أنت تتبعين حقا مذهب الامام مالك أم مذهب علماء السعودية الحنبلي ؟؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

أهلا أخي الكريم .

سؤالك جاء في محله و أستسمح الاخت جمانة السلفية في الاجابة
و نقل بعض من كلام أهل العلم ما عساه أن يبين لنا معنى اتباع المذاهب و الانتساب اليها .


اقتباس:
سُئلَ الإمامُ ابنُ بازٍ ـ رحمه اللَّـهُ تعالى ـ :

هل لسماحتكم مذهب فقهي خاص وما هو منهجكم في الفتوى والأدلة ؟ .

فأجاب : مذهبي في الفقه هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، وليس على سبيل التقليد ولكن على سبيل الاتباع في الأصول التي سار عليها .

أما مسائل الخلاف فمنهجي فيها هو ترجيح ما يقتضي الدليل ترجيحه والفتوى بذلك سواء وافق ذلك مذهب الحنابلة أم خالفه ؛ لأن الحق أحق بالاتباع .

وقد قال الله عز وجل :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [ سورة النساء الآية 59 ].

((فتاوى سماحة الشيخ ابن باز )) (ج 4، ص 166)
اقتباس:




https://www.binbaz.org.sa/mat/4729

سائل يسأل ويقول: الطرائق الأربعة الأحمدية والشافعية والمالكية والحنفية، هل هذه الطرائق صحيحة؟ وفي أي زمن وجدت؟


الجواب . ابن باز رحمه الله
الأصوب أن يقول: المذاهب الأربعة. والأحمدية: هم أتباع أحمد بن حنبل رحمه الله، والشافعية: هم أتباع محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله، والمالكية: هم أتباع الإمام مالك بن أنس رحمه الله، والحنفية: هم أتباع أبي حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله، وهذه المذاهب الأربعة معروفة عند أهل العلم وقد انتشرت في القرون المتأخرة، في القرن الثالث وما بعده، أما مذهب أبي حنيفة فعرف وانتشر في القرن الثاني، وهكذا مذهب الإمام مالك في القرن الثاني.
وأما مذهب الشافعي وأحمد فاشتهر بعد ذلك في القرن الثالث وما بعده، وهم على خير وعلى هدى وعلى حق رضي الله عنهم ورحمهم الله، وهم علماء هدى وعلماء خير، ولكن لا يجوز أن يقال إن واحداً منهم معصوم لا يقع منه خطأ، بل كل واحد له أغلاط حسب ما خفي عليه من السنة، وحسب ما عرفوا من كتاب الله عز وجل، فقد يفوت بعضهم شيء من العلم وشيء من السنة، فهذا أمرٌ معلوم يشملهم وغيرهم؛ كالأوزاعي، وإسحاق بن راهوية، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح، وغيرهم من الأئمة المعروفين.
فكل واحد منهم قد يفوته بعض العلم؛ لأنه ليس كل واحد يحيط بالسنة، ويحيط بالعلم، فقد يفوته بعض الأشياء، لكنهم أئمة الهدى، ولهم أتباع نظموا مذاهبهم، وجمعوا مسائلهم وفتاواهم، وكتبوا في ذلك حتى انتشرت هذه المذاهب وعلمت بسبب أتباعهم الذين ألفوا فيها، وجمعوا فيها مسائل هؤلاء الأربعة وما أفتوا به في ذلك، فقد يقع بعض الأخطاء من بعضهم؛ لأنه لم تبلغه السنة في بعض المسائل فأفتى باجتهاده، فقد يقع الخطأ من أجل ذلك، والآخر بلغه الحديث وعرف الحديث فأفتى بالصواب، فهذه تقع لكل واحدٍ منهم في مسائل معدودة رحمهم الله؛ ولهذا قال مالك رحمه الله: (ما منا إلا رادٌ ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر) يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما اختيار مذهب معين فهذا في حق طلبة العلم، فطلبة العلم عليهم ألا يقلدوا أحداً، ولكن إذا انتسب إلى أحد المذاهب من باب الانتساب؛ لأنه رأى قواعده وأصوله توافقه فلا بأس، لكن ليس له أن يقلد الشافعي ولا أحمد ولا مالكاً ولا أبا حنيفة، ولا غيرهم، بل عليه أن يأخذ من حيث أخذوا، وعليه أن ينظر في الأدلة، فما رجح في الأدلة ومسائل الخلاف أخذ به، وأما ما أجمع عليه العلماء فليس لأحد أن يخالفه؛ لأن العلماء لا يجمعون على باطل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة...))الحديث. فإذا أجمعوا فهذه الطائفة منهم.
لكن يجب على العالم في مسائل الخلاف أن ينظر في الأدلة، فإذا كان الدليل مع أبي حنيفة أخذ به، وإذا كان مع مالك أخذ به، وإذا كان مع الشافعي أخذ به، وإذا كان مع أحمد أخذ به، وهكذا لو كان مع الأوزاعي أو مع إسحاق بن راهوية أو غيرهما. فالواجب الأخذ بالدليل وترك ما خالفه؛ لأن الله سبحانه يقول: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً[1]، ويقول سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ[2].
فالواجب على أهل العلم أن يعرضوا ما تنازع فيه الناس على الأدلة الشرعية فما رجح بالدليل وجب الأخذ به.
أما العامي فيسأل أهل العلم في زمانه، يتخير العالم الطيب الذي يظهر عليه التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم، والورع، ويظهر منه العلم، ويشهد له الناس بالخير، فيتحرى ويسأل، ومذهبه مذهب من أفتاه، لكن عليه أن يتحرى أهل العلم، ويسأل في بلاده أو في غير بلاده عن المعروفين بالعلم والفضل، واتباع الحق، والمحافظة على الصلوات، والذين يعرفون باتباع السنة، من توفير اللحى، وعدم الإسبال، والبعد عن مواقف التهم، إلى غير هذا من الدلائل على استقامة العالم، فإذا أرشد إلى عالم ظاهره الخير ومعروف بالعلم، سأله عما أشكل عليه والحمد لله. فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[3]، وقال سبحانه: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ[4].
[1] النساء: 59.

[2] الشورى: 10.

[3] التغابن: 16.

[4] الأنبياء: 7.



فتاوى نور على الدرب الجزء الأول
اقتباس:
سئل الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله : ذكرتم ـ جزاكم الله خيراً ـ أن الاعتماد على أقوال الرجال خطأ يضر طالب العلم فهل يفهم من هذا عدم التمذهب أو الرجوع إلى مذهب معين فيما يشكل من أحكام ؟

فأجاب فضيلته بقوله :
التمذهب بمذهب معين إذا كان المقصود منه أن الإنسان يلتزم بهذا المذهب معرضاً عما سواه سواء كان الصواب في مذهبه أو مذهب غيره فهذا لا يجوز ولا أقول به .

أما إذا كان الإنسان يريد أن ينتسب إلى مذهب معين لينتفع بما فيه من القواعد والضوابط ولكنه يرد ذلك إلى الكتاب والسنة، وإذا تبين له الرجحان في مذهب آخر ذهب إليه فهذا لا بأس به ، والعلماء المحققون كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره هم من هذا النوع هم محققون ولهم مذهب معين ولكنهم لا يخالفون الدليل إذا تبين لهم .


( كتاب العلم )
اقتباس:
في فرض الالتزام بمذهب مُعيَّنٍ


أبو عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس



الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:

فإنَّ ما يجري حاليًا في وسط الجامعيِّين وعمومِ المثقَّفين من دعوةٍ إلى العودة من جديدٍ إلى الانتساب لأحد المذاهب الفقهية، وبالتعيين مذهب مالك ‑رحمه الله‑ وتحكيم فقهه بدراسة المختصرات خاصَّة والشروح التي عليها، والتزام قواعده في الاستنباط، جريًا على ما كانت عليه العصور السابقة في عموم أقطاب المغرب العربي من استحكامٍ للمذهب في جميع المجالات، قبل أن تبدِّل القوانين الوضعية معظم المجالات الحيوية بما في ذلك المجال القضائي، فإنَّ صورة الانتساب القلقة للمذهب تتمحور في اتخاذ أصل «المذهب» مجهرًا للنصوص الشرعية، فإن وافقت نصوص الوحي من آية أو حديث عمل بها، وإن خالفت فهي إمَّا منسوخة أو مؤوَّلة، شبيه بتأصيل المعتزلة للعقل باتخاذه كمعيار للنصوص الشرعية، فعلى تقعيد المقلِّدة وأهل التعصُّب المذهبي أنَّ «الحقّ يتعيَّن في المذهب».

والذي ينبغي ‑في هذا المقام‑ أن يعلم أنَّ الفقيهَ المحقِّقَ أو العالم الممكّن ممَّن بلغوا درجة النظر والاستدلال الذين يمكنهم أن يقفوا على الأدلة التفصيليةِ، ومعرفةِ أصول الاستنباطِ وطرائقِ الاستدلالِ لا يجوز في حقِّهم الالتزامُ بمذهبٍ مُعيَّنٍ إذا وُجِدَ الحقُّ في غيره؛ ذلك لأنَّ من صفات أهل العلم رؤيتَهم الحق والهداية في اتباع ما أنزل الله تعالى، فلا يتبعون القول بالرأي ولا يتخذون ذوات الأشخاص أصلاً لهم ومرجعًا للسؤال والفتوى، قال الله تعالى: ﴿وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ﴾ [سبأ: 6]، وقال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَتْرُكْ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا»(١- أخرجه البخاري كتاب «العلم»، باب كيف يقبض العلم: (100)، ومسلم كتاب «العلم»: (6796)، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما)، ولأنَّ الواجبَ أن يكون رائد طالبِ الشريعةِ هو الحقّ لذاتِ الحقِّ، والحقُّ لا يُعرف بأسماء الرجال بل يُعرف الحقُّ بأهله؛ إذ لا يسوغ للفقيه أو العالم أن يترك حديثًا صحيحًا لقول إمامٍ من الأئمة مهما بلغت مَنْزِلتُه وإمامتُه في الدِّين، قال الشافعي ‑رحمه الله‑: «أجمع الناس على أن من استبانت له سُنَّة رسول الله لم يكن له أن يدعها لقول أحد»(٢- «الروح» لابن القيم (356-357)، و«إعلام الموقعين» له (2/282))، وقال ابن خزيمة ‑رحمه الله‑: «ويحرم على العالم أن يخالف السنة بعد علمه بها»(٣- «فتح الباري» لابن حجر: (3/95))، وقد يتبع الفقيه المحقِّق أو المتعلم الممكَّن دليل المذهب الذي درسه في أصول مذهب معيَّن إذا تعذّر عليه الوقوف في المسألة على دليل، وقد يتبيَّن له الدليل ‑بعد حين‑ على خلاف المذهب فيجب عليه الأخذ بأقوى الدليلين وأصحِّهما نظرًا.

فهذا في الاجتهاد والاتباع بحَسَب حاله في نظره واجتهاده.

ومن المعلوم أنَّ أقوال الأئمة قابلةٌ للردِّ بخلاف أقوال النبيِّ صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّم فهي وحيٌ يوحى، وقد سمَّى اللهُ العمل بالوحي اتباعًا في قوله تعالى: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ [الأعراف: 3]، وقولِه تعالى: ﴿اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾ [الأنعام: 106]، وقولِه تعالى: ﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ﴾ [الأنعام: 155]، فكلُّ حُكْمٍ ظهر دليله من الكتاب والسُّنَّة والإجماع ولم تثبت المعارضة بمثلها من الأدلة فهي أصولٌ معصومةٌ ومحلُّ اتباع، ويجب قَبولها والعمل بمقتضاها، قال ابن تيمية ‑رحمه الله‑: «إنّ أهلَ السنةِ لم يقل أحدٌ منهم: إنَّ إجماع الأئمة الأربعة حُجَّة معصومة، ولا قال إنَّ الحقَّ منحصرٌ فيها، وأنَّ ما خرج عنها باطلٌ، بل إذا قال من ليس من أتباع الأئمة كسفيان الثوري، والأوزاعي، والليث بن سعد، ومن قبلهم من المجتهدين قولاً يخالف قولَ الأئمة الأربعة ردّ ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله، وكان القول الراجح هو الذي قام عليه الدليل»(٤- «منهاج السنة» لابن تيمية: (3/412))، ومَنْ ترك اتباع الوحي لقول إمامٍ فقد جعل الأصل فرعًا، والفرعَ أصلاً، ويكون إصراره على ترك الحق لقول إمام تعصُّبًا مذهبيًّا وجمودًا فكريًّا على غير هُدًى من الله، واتباعًا لهوى نفسه، قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية: 23]، كما لا يلزم العامي أن يتمذهب بمذهب أحد الأئمة الأربعة أو غيرهم؛ لأنَّه لا واجب إلاَّ ما أوجبه اللهُ ورسولُه، ولم يوجب الله ولا رسوله على أحدٍ من الناس أن يتمذهب بمذهب رجلٍ من الأُمَّة فيقلّده دينه دون غيره، لكنه في حالة ما إذا لم يستطع العامي تعلُّم دينه إلاَّ بالتزام مذهبٍ مُعَيِّن جاز له التقيُّد بأقوال أحد الأئمة –اضطرارا‑ دفعًا لمفسدة تضييع دينه الذي لا يتحقَّق دفعه إلاَّ بهذا الالتزام، لقوله تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16]، «إذ لا خلاف بين أهل العلم في أنَّ الضرورة لها أحوالٌ خاصَّةٌ تستوجب أحكامًا غير أحكام الاختيار، فكلُّ مسلمٍ ألجأته الضرورة إلى شيءٍ إلجاء صحيحًا حقيقيًّا، فهو في سعة من أمره فيه»(٥- «أضواء البيان» للشنقيطي: (7/553))، قال محمَّد الأمين الشنقيطي ‑رحمه الله-: «وبهذا تعلم أنَّ المضطر للتقليد الأعمى اضطرارًا حقيقيًّا بحيث يكون لا قدرة له البتة على غيره مع عدم التفريط لكونه لا قدرة له أصلاً على الفهم، أو له قدرة على الفهم وقد عاقته عوائق قاهرة عن التعلُّم، أو هو في أثناء التعلُّم ولكنه يتعلُّم تدريجيًّا فهو معذورٌ في التقليد المذكور للضرورة؛ لأنه لا مندوحة له عنه، أمَّا القادر على التعلُّم المفرِّط فيه، والمقدم آراء الرجال على ما علم من الوحي، فهذا الذي ليس بمعذور»(٦- المصدر السابق: (7/554)).

قلت: ويبقى هذا الجواز للضرورة مشروطًا بأن يعتقد أنَّ الطاعة المطلقة لله ورسوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم، وأنَّ إمامه ليس له من الطاعة إلاَّ لأنه مُبلِّغ عن الله دينَه وحكمَه، ولا يجوز ‑شرعًا‑ أن يجعل إمامَه أو كلامَ إمامه دعوةً يوالي عليها ويعادي، فمن الجهل والضلال أن يعتقد صوابَ قول إمامه في كُلِّ المسائل والأحكام، وأنه يجب اتباعه فيها دون أقوال سائر مَنْ خالفه من الأئمة والمجتهدين، لذلك فالحيطة تقتضي الاحتراز من الوقوع في بعض المحاذير التي وقع فيها بعض المنتسبين للمذاهب كَتَنْزِيلهم الإمام المتبوع في أتباعه مَنْزلة النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في أُمَّته، وما يترتَّب عليه من الإعراض عَمَّا أنزل الله من الحقِّ والهدى، وعدم الانتفاع بنصوص الوحيين، وتركهما تعصُّبًا لإمام المذهب، ووقوفهم جامدين على رأي إمامهم، ولو أدركوا خطأه وظهرت لهم زلَّته، فيعملون على تقويم الكتاب والسُّنَّة، ووزنهما بآراء إمامهم المتبوع ومعياره، والانتصار له بالأحاديث الضعيفة والآراء الفاسدة، هذا الجمود الفكري والتعصُّب المذهبي سبب التفرُّق، ووقوع الفتن بين مختلف المذاهب الأمر الذي أدَّى إلى الخروج عن جماعة المسلمين وتفكُّك وحدةِ صفِّهم، وتسلُّط الأعداد عليهم.

هذا، ولا يخفى أنَّ اعتقاد الطاعة العامة المطلقة في الإمام المتبوع، والاستغناء عن نصوص الكتاب والسُّنَّة بأقواله، واتباعه في كلِّ ما يقول ولو خالفت الحقَّ، شبيهٌ بمن اتخذ الأحبار والرهبان أربابًا من دون الله تعالى. قال ابن تيمية ‑رحمه الله‑: «وهذا تبديل للدِّين، يشبه ما عاب اللهُ به النصارى في قوله: ﴿اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: 31]»(٧- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (20/216)).

فالحاصل أنَّ معرفة فضل الأئمة لا يوجب قَبول كلِّ ما قالوه؛ إذ الجهد المبذول في البحث والاستنباط لابد أن يعتريه النقص والخطأ، والخطأ طبيعة بشرية لا يسلم منه إلاَّ الأنبياء عليهم السلام فيما يبلّغونه عن الله تعالى، ذلك لأنَّ فقهاء الإسلام ومن دارت الفتيا على أقوالهم بين الأنام، الذين عنوا بضبط قواعد الحلال والحرام، وخصوا باستنباط الأحكام فإنَّ الخطأ والسهو والغفلة والهفوة والزلة يقع منهم كسائر أهل الاجتهاد والنظر، ولهم أجر الإصابة وأجر الاجتهاد، فإن أصابوا في اجتهادهم فهم مأجورون فيه على الاجتهاد ومعذورون في خطئهم، فلا نثبت لهم العصمة ولا نأخذ بآرائهم التي خالفوا فيها الحقّ، وليس في ذلك تنقُّصٌ لهم ولمكانتهم، ولا نهدر جميع أقوالهم ولو وافقت الحقّ، ولا نؤثمهم ونقع فيهم، بل نحسن الظنَّ بهم ونعترف بفضلهم وحقوقهم، ونقرّ بدرجاتهم التي رفعهم الله بها بما آتاهم من العلم، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: 11]، ونُجِلُّهم ونعظِّمهم ونثني عليهم بما هم عليه من العلم والتقوى، لكن يبقى كتاب الله وسُنَّة نبيه صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم حاكمين عليهم وعلى أقوالهم.

قال ابن القيم ‑رحمه الله‑: «لا قول مع قول الله وقولِ الرسول، ولابُدَّ من أمرين أحدهما أعظم من الآخر، وهو النصيحة لله ولرسوله وكتابه ودينِه، وتَنْزِيهه عن الأقوال الباطلة المناقضة لما بعث الله به رسوله من الهدى والبيِّنات التي هي خلاف الحكمة والمصلحة والرحمة والعدل وبيان نفيها عن الدِّين وإخراجها منه وإن أدخلها فيه من أدخلها بنوع تأويل.

والثاني: معرفة فضل أئمَّة الإسلام ومقاديرهم وحقوقهم ومراتبهم وأنَّ فضلهم وعلمهم ونصحهم لله ورسوله لا يوجب قَبول كلِّ ما قالوه وما وقع في فتاويهم من المسائل التي خفي عليهم فيها ما جاء به الرسول فقالوا بمبلغ علمهم والحقّ في خلافها لا يوجب اطراح أقوالهم جملةً وتنقُّصهم والوقيعة فيهم، فهذان طرفان جائران عن القصد، وقصد السبيل بينهما، فلا نؤثم ولا نعصم، ولا نسلك بهم مسلك الرافضة في عليٍّ، ولا مسلكهم في الشيخين، بل نسلك مسلكهم أنفسهم فيمن قبلهم من الصحابة، فإنهم لا يؤثمونهم ولا يعصمونهم، ولا يقبلون كلَّ أقوالهم ولا يهدرونها، فكيف ينكرون علينا في الأئمَّة الأربعة مسلكًا يسلكونه هم في الخلفاء الأربعة وسائر الصحابة؟! ولا منافاة بين هذين الأمرين لمن شرح الله صدره للإسلام، وإنما يتنافيان عند أحد رجلين جاهل بمقدار الأئمة وفضلهم، أو جاهلٍ بحقيقة الشريعة التي بعث الله بها رسوله، ومن له علمٌ بالشرع والواقع يعلم قطعًا أنَّ الرجل الجليل الذي له في الإسلام قَدَمٌ صالحٌ وآثارٌ حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكان، قد تكون منه الهَفوَة والزَّلَّة، هو فيها معذور، بل مأجورٌ لاجتهاده، فلا يجوز أن يتبع فيها، ولا يجوز أن تهدر مكانته وإمامته ومَنْزلته في قلوب المسلمين»(٨- «إعلام الموقعين» لابن القيم: (3/282-283)).

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.



الجزائر في: 12 المحرم 1430ﻫ
الموافق ﻟ: 08 جانفي 2009م







منقول من موقع الشيخ فركوس

https://www.ferkous.com/rep/m38.php









آخر تعديل الاخ رضا 2012-03-26 في 19:47.
رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
مالك, الامام, دجازي, جزائري


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 23:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc