تعريفه:
المدرسة الظاهرية تنادي بالتمسك وفق رؤيتها بالقرآن الذي هو كلام الله وسنة الرسول وإجماع الصحابة، وطرح كل ما عدا ذلك من الأمور التي تعبرها ظنية (كالرأي والقياس واستحسان ومصالح مرسلة وسد الذرائع وشرع من قبلنا...)، فالظاهرية تسعى لتقرير مراد الله من العباد في اتباع البراهين وهي الأدلة الثابتة من كتاب الله والسنة وأجماع الصحابة، وشاع كثيرا أن أتباع المدرسة الظاهرية يقولون بدلالة النص أو القياس الجلي، وهذا باطل إذ الظاهرية المنتسبون للظاهر ينكرون هذا وعلى رأسهم الإمام ابن حزم في المحلى، وقد نقل ابن الصلاح عنهم أنهم لا يقولون بدلالة النص وعد هذا من الشذوذ كما في تفريق داود وابن حزم بين الغائط في الماء الراكد، والبائل فيه.
أصوله:
1 - القرآن: وهو إما بين بنفسه كأحكام النكاح والطلاق والمواريث، وإما يحتاج إلى بيان من السنة، كتفصيل المجمل في معنى الصلاة والزكاة والحج. فتكون السنة بياناً مصداقاً لقوله تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم}. وبيان القرآن قد يكون جلياً واضحاً، وقد يكون خفياً، فيختلف الناس في فهمه، فيفهمه بعضهم بفهمه، وبعضهم يتأخر عن فهمه. والتعارض بين نصوص القرآن ممتنع، لأن القرآن وحي إلهي لا اختلاف فيه كما قال الله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن؟! ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كبيراً}. فإذا توهم متوهم وجود تعارض بين نصين من القرآن، فذلك يزول إما بإمكان التوفيق، وإما بالتخصيص للعام من القرآن، وإما بالنسخ.
2 - السنة: وهي إما متواترة قطعية الحجة (وأقل حد للتواتر عند ابن حزم اثنان، إذا أمن عدم اتفاقهما على الكذب)، وإما خبر الآحاد، وهو يوجب العمل والاعتقاد. والفرق بين القسمين هو في قوة الاستدلال. وأما اجتهاد الصحابي فليس حجة في الدين عند الظاهرية.
3 - الإجماع: ويراد به ما كان في عهد الصحابة فقط لأنه كان ممكناً. لكنه أحياناً يقرر أن الإجماع هو إجماع الأمة من أولها إلى آخرها. لكنه من الناحية العملية فقد ينقل الإجماع من غير نص، ويكون على خلاف إجماع السلف، كما بينه ابن تيمية ظاهراً في كتابه "نقد مراتب الإجماع" (خاصة آخر الكتاب). وقد اضطرب الظاهرية في هذا الباب اضطراباً عظيماً كما سيأتي.
4 - الاستصحاب: ويقصد به بقاء الحكم المبني على النص، حتى يوجد دليل من النصوص يغيره. وقد قرر الظاهرية أن الأصل في الأشياء الإباحة إلا ما جاء به نص يثبت تحريمه.