![]() |
|
في حال وجود أي مواضيع أو ردود
مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
سلسلة الرد على شبهات دعاة التحزب والانتخابات
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
رقم المشاركة : 1 | ||||
|
![]() المبحث الأول: تحرير المصطلحات: 1-مصطلح "الحزبية": الحزبية مأخوذة من التحزب وهي التجمع , وقد يكون هذا التجمع على حق أو على باطل فالحزب قد ينسب الى الله تعالى فيكون محمودا , وقد ينسب الى الشيطان أو أحد أعوانه فيكون مذموما .قال الله تعالى عن الاول " أولئك حزب الله الا ان حزب الله هم المفلحون " أى جنده الذين يمتثلون أوامره , ويقاتلون أعداءه , وينصرون أولياءه . وعن الثاني يقول تعالى "أولئك حزب الشيطان الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون " اى جنوده وأتباعه ورهطه . فحزب الله هم جماعة المسلمين , الذين أمر المسلم بالانضمام اليهم , والجماعة هي : أ-الجماعة العلمية: وهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين. فالواجب على المسلم أن يلزمَ مذهبهم ، ويتقيَّدَ بفهمهم ، ولا يخالفهم في شيء من أمور الدين أبداً . قال ابن أبي العز -رحمه الله-: "والجماعة جماعة المسلمين السنة طريقة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين ، فاتباعهم هدى ، وخلافهم ضلال". ب- جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أميرٍ وجبَ عليهم طاعته ، وحرًمَ عليهم معصيته ، ووجب عليهم الالتزامُ بهذه الجماعة ، وعدم الخروج عنها لما في ذلك من الأمن والسلامة للفرد والأمة. فمن خرج عن أحد هاتين الركزتين فهو متحزب لغير الحق . معنى الحزبي: فالحزبي هو الذي خرج عن الجماعة الأصلية للمسلمين التي سبق بيان معناها وذلك إما بالخروج عن نهج السلف الصالح أو الخروج عن الإمام المسلم فمن فعل ذلك فهو حزبي خارج عن الجماعة التي تواترت النصوص في وجوب الإنضامام إليها وعدم مفارقتها , وقد يكون هذا الحزب منظما كالأحزاب المعاصرة من إخوانية وتبليغية أو غير منظما كالأشعرية والمعتزلة وغيرها ناهيك عن الأحزاب الكفرية المنظمة كالعلمانية والماسونية والليبرالية أو غير المنظمة كالنصرانية واليهودية فكل هذه أحزاب من حزب الشيطان.2-مصطلح"الحركيين": (الحركيُّون الإسلاميون هم قوم يعملون للإسلام فيما يظهر، ويرون أن الفقه في الدين غير كاف للقيام بذلك، حتى ينتمي كلُّ فرد إلى تنظيم دعويِّ، يؤمرُ فيه ويُنهى، ويسمعُ ويُطيع، والغالبُ أن ذلك يصحبه بيعة وعهدٌ ولو كان في دولة عليها سلطانٌ مسلم، ولهذا نفهم سبب تسميتهم بالحركيِّين؛ إذ سوء ظنِّهم بالفقه في الدين جعلهم يتصورون أنه لا يحرك، أي لا يحرك نحو الانقضاض على عروش السلاطين، وأن الفقهاء أشبه بالدراويش ما لم تنتظمهم الحركة؛ لأنهم يصبحون - في زعمهم - أدوات في أيدي حكَّامهم وهم لا يدرون. وأما الحركة فإنها تُبصِّرهم بتخطيطات الحكام وعيوب الأنظمة، وتفتح أعينهم على فقه هم في عماية عنه، ألا وهو "فقه الواقع"، هؤلاء هم الحركيون أينما اتَّجهت، فهم إذاً يتحركون باسم الإسلام لإسقاط عروش الأمراء والسلاطين الذين يرونهم غير عادلين، فهم في ظواهرهم للإسلام يتحركون، وفي بواطنهم على السلطة يتحرَّقون؛ بدليل أنَّهم لا يُراعُون حدود الله في حركتهم هذه، وإذا تعارضت عواطفهم مع الضوابط الشرعية قدموا عواطفهم، ألا ترى أنَّهم يرفضون رفضاً باتَّاً حُكم الله في تحريم الخروج على الوالي المسلم الجائر، ويُوهمون الناس أن ذلك إذلالٌ للشعوب !!، وقد تجد منهم من هو مستعدٌّ لقبول كل شيء من عقيدة السلف إلاّ هذه المسألة، فإن قلوبهم تغلُّ عليها، مع أن النبي قد أخبر أن المؤمن قد طهر قلبه من هذا النوع من الغلّ لولاة الأمر، فقال: " ثلاث خصالِ لا يَغِلُّ عليهنَّ قلب مسلم أبداً: إخلاص العمل لله، ومناصحة أئمة المسلمين، ولزوم جماعتهم؛ فإنَّ دعوتهم تُحيط بهم من ورائهم )). رواه الترمذي (2582) وغيره وهو صحيح، وأصله عند مسلم (1715))(1) 3-مصطلح "الديمقراطية": الديمقراطية كلمة يونانية الأصل, تتكون من مقطعين: أ-ديموس(DEMOS) ومعناها: الشعب. ب-قراطوس(kRATOS) معناها: السلطة. والمعنى المجمل لها : سلطة الشعب" وبعبارة أخرى : "حكم الشعب نفسه بنفسه" , أو "الحكم بإرادة الشعب". وقد عرفها الرئيس الأمريكي "إبراهام لنكولن" بأنها: حكم الشعب بالشعب ولشعب". قال شيخنا محمد آمان بن علي الجامي _ رحمه الله _ : " الديمقراطية لفظة أجنبية معناها : حكم الشعب ، أي أن الشعب هو الذي يسن القوانين لنفسه ويشرع التشريعات المناسبة له غير ملتفت إلى شرع الله بحيث يكون الشعب نفسه هو السلطة التشريعية وهو الإله المعبود ، ويتم ذلك بواسطة نواب البرلمان الممثلين للشعب " حقيقة الشورى في الإسلام صـ17 . أقول: تقدم مما سبق من تعريف الديقراطية أنها حكم الشعب بالشعب وليس بالشريعة وهذا هو كفر بالله العظيم , وإلا من منح الشعب هذه السلطة, ومن الذي جعله مشرعا يشرع لنفسه ما يشاء, وأين ذهبت شريعة الله التي أقسم الله بذاته المقدسة أنه لا يؤمن(2) من لم يتحاكم إليها عن رضى وتسليم فقال: [فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا]النساء65. و قال سبحانه: [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ * أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] (المائدة 50،49،48) 4-مصطلح"الانتخابات": الانتخاب معناه: الاختيار, وهو: "إجراء قانوني يُحَدَّدُ نظامه ومكانه في دستور أو برنامج أو لائحة, ليُختار على مقتضاه شخصٌ أو أكثرلرئاسة مجلس أو نقابة أو ندوة أو لعضويتها أو نحو ذلك". -----------------------------------------------وهذه طريقة غير شرعية, كما سيظهر من خلال هذا البحث المبارك -إن شاء الله-. (1) من مقال بعنوان(تعريف مختصر بالحركيين" بقلم الشيخ عبد المالك رمضاني.
(2) سبق وبينت في سلسلة الرد على شبهات غلاة التكفير أن المقصود بنفي الإيمان في الآية(فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤمِنُونَ حَتَى يُحَكِّمُوكَ فِيْمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ..)) إنما هو كمال الإيمان لا أصله إلا إذا اعتقد جواز التحاكم لغير شريعة الله. قال ابن تيمية : فمن لم يلتزم تحكيم الله ورسوله فيما شجر بينهم فقد أقسم الله بنفسه أنه لا يؤمن ، وأما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً ، لكن عصى واتبع هواه ، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة . وهذه الآية فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ... مما يحتج بها الخوارج على تكفير ولاة الأمر الذين لا يحكمون بما أنزل الله ، ثم يزعمون أن اعتقادهم هو حكم الله. وقد تكلم الناس بما يطول ذكره هنا ، وما ذكرته يدل عليه سياق الآية .ا.هـ ولمزيد من التفصيل أنظر الرابط التالي: https://www.albaidha.net/vb/showpost.php?p=36518&postcount=23
|
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 2 | |||
|
![]() المبحث الثاني:أدلة تحريم التحزب (*): ◘الدليل الأول :مجموع النصوص التي تأمر بالوحدة وتنهى عن الاختلاف و الفرقة و منها :1. قوله قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ } [1] 2. و قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ } [2] 3. وقوله تعالى : { وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْوَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ(103)وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(104)وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(105)يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ(106)وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(107)} [3] 4. و قوله تعالى : { وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ } [4] 5. و قوله تعالى : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَاوَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ(13)وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ(14)} [5] 6. و قوله تعالى : { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَسَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً } [6] 7. وقوله تعالى : { وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ(31)مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } [7] 8. و قوله تعالى : { وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ(52)فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِمَالَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) } [8] 9. و قوله تعالى : { إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ(92)وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ(93)} [9] 10. بل إن الله عز وجل قد عد التفرق و الاختلاف عذاب من عند الله قال تعالى : { قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ } [10] 11. وقول النبي صلى الله عليه وسلم : «سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثًا فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا» [11] ◄وجه الإستدلال : أن الله عز وجل حرّم بهذه النصوص كل تفرق و اختلاف و أمر بالوحدة و الاتفاق ، و إن من أبرز صور الأحزاب و الحزبيين التقاطع و التدابر و الاختلاف فيما بينهم كما لا يخفى على أحد ، و إنهم بخروجهم على الأمة بحزب جديد و فكر مخترع ومنهج مبتدع فإنهم يفرقون الأمة و يشتتون شملها و ينشرون الفتنة في صفها .. ◘الدليل الثاني : مجموع الأحاديث التي تأمر بلزوم جماعة المسلمين و إمامهم : 12. ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَيَكْرَهُ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ» [12] 13. و قوله صلى الله عليه وسلم : «قَالَ نَضَّرَ اللَّهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي هَذِهِ فَحَمَلَهَا فَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ فِيهِ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ الْفِقْهِ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ صَدْرُ مُسْلِمٍ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمُنَاصَحَةُ أُولِي الْأَمْرِ وَلُزُومُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ»[13] 14. وكذا وصية النبي صلى الله عليه وسلم : «أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ وَهُوَ مِنْ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ فَلْيَلْزَمْ الْجَمَاعَةَ مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ فَذَلِكُمْ الْمُؤْمِنُ» [14] 15. و الحوار الذي دار بين حذيفة رضي الله عنه و النبي صلى الله عليه وسلم و أنا اخترت النص الذي رتبه الإمام الألباني في السلسة الصحيحية : قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، و كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت : يا رسول الله ! إنا كنا في جاهلية و شر ، فجاءنا الله بهذا الخير [ فنحن فيه ] ، [ و جاء بك ] ، فهل بعد هذا الخير من شر [ كما كان قبله ؟ ] . [ قال : " يا حذيفة تعلم كتاب الله و اتبع ما فيه ، ( ثلاث مرات ) " . قال : قلت : يا رسول الله ! أبعد هذا الشر من خير ؟ ] . قال : " نعم . [ قلت : فما العصمة منه ؟ قال : " السيف " ] . قلت : و هل بعد ذلك الشر من خير ؟ ( و في طريق : قلت : و هل بعد السيف بقية ؟ ) قال : " نعم ، و فيه ( و في طريق : تكون إمارة ( و في لفظ : جماعة ) على أقذاء ، و هدنة على ) دخن " . قلت : و ما دخنه ؟ قال : " قوم ( و في طريق أخرى : يكون بعدي أئمة [ يستنون بغير سنتي و ] ، يهدون بغير هديي ، تعرف منهم و تنكر ، [ و سيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين ، في جثمان إنس ] " . ( و في أخرى : الهدنة على دخن ما هي ؟ قال : " لا ترجع قلوب أقوام على الذي كانت عليه " ) . قلت : فهل بعد ذلك الخير من شر ؟ قال : " نعم ، [ فتنة عمياء صماء ، عليها ] دعاة على أبواب جهنم ، من أجابهم إليها قذفوه فيها " . قلت : يا رسول الله ! صفهم لنا . قال : " هم من جلدتنا ، و يتكلمون بألسنتنا " . قلت : [ يا رسول الله ! ] فما تأمرني إن أدركني ذلك ؟ قال : " تلتزم جماعة المسلمين و إمامهم ، [ تسمع و تطيع الأمير و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فاسمع و أطع ] " . قلت : فإن لم يكن لهم جماعة و لا إمام ؟ قال : " فاعتزل تلك الفرق كلها ، و لو أن تعض بأصل شجرة ، حتى يدركك الموت و أنت على ذلك " . ( و في طريق ) : " فإن تمت يا حذيفة و أنت عاض على جذل خير لك من أن تتبع أحدا منهم " . ( و في أخرى ) : " فإن رأيت يومئذ لله عز وجل في الأرض خليفة ، فالزمه و إن ضرب ظهرك و أخذ مالك ، فإن لم تر خليفة فاهرب [ في الأرض ] حتى يدركك الموت و أنت عاض على جذل شجرة " . [ قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " ثم يخرج الدجال " . قال : قلت : فبم يجيء ؟ قال : " بنهر - أو قال : ماء و نار - فمن دخل نهره حط أجره و وجب وزره ،و من دخل ناره وجب أجره و حط وزره " . [ قلت : يا رسول الله : فما بعد الدجال ؟ قال : " عيسى ابن مريم " ] . قال : قلت : ثم ماذا ؟ قال : " لو أنتجت فرسا لم تركب فلوها حتى تقوم الساعة " ] " . [ 15] 16. و ما ورد عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «قَالَ مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ إِلَّا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» [16] 17. و عنه صلى الله عليه وسلم«ستكون بعدي هنات و هنات فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفرق أمر أمة محمد كائنا من كان فاقتلوه فإن يد الله مع الجماعة و إن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض»[17] 18. و أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم«الجماعة رحمة و الفرقة عذاب» [18] 19. و كذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم« عَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ» [19] ◄و وجه الاستدلال : تعنيف الشارع على كل من أراد مفارقة الجماعة ، أو الخروج عنها و عن إمامها وذم ذلك ونهيه عنه أشد النهي ، و النهي لا يكون إلا على فعل محرم ! إلا إن كان ما يصرفه إلى الكراهة ، ولا قرينة !. فجماعة المسلمين على منهاج النبوة لا تقبل التشطير ولا التجزئة فالنبي صلىالله عليه وسلم ثم صحابته رضي الله عنهم فمن تبعهم بإحسان كانت دعوتهملتكوين ( جماعة المسلمين ) حاملة راية التوحيد لا( لجماعة من المسلمين ) ، وأنهم هم المسلمون وهم الطائفة المنصورة وهم الفرقة الناجية وهمالسلف الصالح وهم من كان على مثل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وأمر بلزومهم ونهى عن مفارقتهم والشذوذ عنهم كما نهى عن التفرقعنهم ونصوص الكتاب والسنة في هذا متكاثرة هذا هو المفهوم الشرعي لجماعة المسلمينمتآخون علىمنهاج النبوة ، ينتظمهم إمام ذو شوكة وليس لهم جماعة من المسلمين بل جماعتهم ( المسلمون). إذا لأصل لا يحتاج إلى سمة خاصة تميزه إنما الذي يحتاج إلى اسم معين هو الخارجعنى الأصلمن تلكم الجماعاتالتي انشقت عن الأصل (جماعة المسلمين ) [20] ◘الدليل الثالث :أحاديث الافتراق : 20. قوله صلى الله عليه وسلم : «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ، و افترقت النصارى على اثنتين و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، و ستفترق هذه الأمة على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة . فقالوا من هي يا رسول الله ؟ فقال :هي الجماعة وفي رواية: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم و أصحابي»[21] 21. و أيضاً حديث العرباض بن سارية قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فقَالَ صلى الله عليه وسلم : «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» [22] 22. و قوله صلى الله عليه وسلم : «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» [23] ◄وجه الاستدلال : فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الاختلاف واقع في أمته وهو اختلاف كثير ، ثلاث و سبعين فرقة !! ، و لكنه أخبر أيضاً أن موقفنا من هذا الاختلاف أن نرجع إلى سنته وسنته أصحابه و نعض عليها ثم أخبر أن الفرقة الناجية الطائفة المنصورة لها علامتين مميزتين ! الأولى إنهم جماعة واحدة لا جماعات و حزب واحد لا عشرات ! وإنهم يرجعون إلى دينهم العتيق سنة نبيهم على فهم أصحابه و تابعيهم ، فهم على منهج نبيهم و هم جماعة ! فصاروا أهل السنة و الجماعة ... ◘الدليل الرابع : 23. قول الله عز وجل : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [24] وهذه الأحزاب و الجماعات الموجوده اليوم قد تجمعت على أكثر من منكر منها : 1. افتياتهم على ولي الأمر . 2. السرية التي عندهم و قد ذمها السلف و كرهوها ، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : ( إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم بشيء دون العامة ؛ فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة ) [25] 3. مخالفتهم لجماعة المسلمين . 4. البيعة التي يعطونها لرئيس حزبهم دون ولي الأمر العام أو بالاشتراك معه ! . 5. عقد الولاء والبراء على أساس الحزب . 6. صيرورة انتمائهم إلى أحزابهم المبتدعة تلك بدل أن يكون لجماعتهم الأم أهل السنة و الجماعة وسواد الناس الأعظم . ◘الدليل الخامس : أن هذه الأحزاب تقليعة غربية بغيضة ، مستوحاة من أفكارهم ومن دعواتهم كالمنادة بالحرية و الديمقراطية ما عرفها السلف ولا جربوها ولم يدعوا لها ! ولم يجعلوها من دينهم ، وقد أمرنا أشد ما يكون بمخالفة الكفار من اليهود و المشركين وغيرهم 24. قال جل وعلا : { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ }[26] 25. و قال تعالى :{ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ } [27] 26. و قال النبي صلى الله عليه وسلم : «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ فَمَنْ » [28] 27. وقال صلى الله عليه وسلم : «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ» [29] 28. و قال أيضاً صلى الله عليه وسلم : «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» [30] ومنها الأوامر النبوية الكثيرة الملزمة بمخالفة اليهود و النصارى كمثل حف الشارب أو الخضاب أو الصلاة في النعال و السحور و تعجيل الفطر وغير ذلك الكثير جداً وإذا أردت الاستزادة فراجع اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم لشيخ الإسلام ابن تيمية ففيه ما يشفي كل غليل . ◘الدليل السادس : 29. قوله صلى الله عليه وسلم : «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً» [31] لأن مجرد التمييز بمحالفة خاصة يجعل غير الحليف في مكان أدنى من الحليف ! وهكذا الانتماء إلى هذه الأحزاب يجعل المنتسب إليها متميزاً عن الذي لم ينتسب ! ولا يألوا ابتاعها جهداً لدعوة المسلمين إلى الدخول في أحزابهم ! وهكذا ربما يعتبرون غيرهم في مكان دونهم !! وقد حذر ديننا العظيم في الكتاب و السنة و حذر أعلام أئمتنا أهل السنة من الحزبية المتميزة عن منهج أهل السنة باسم أو برسم [32] (من بدهيات الأمور عند المسلمين كافة أن الإسلام ربط المسلمين برابطة لا يمكن لأي تنظيم وضعي مهما حصل عليه من القوة والدقة أن يصل إلى مثلها ، وأن العلاقة أو الأخوة الإسلامية هي أساس الولاء والبراء في الإسلام فالمسلم ولي المسلم سواء عرفه أم لم يعرفه بل ولو كان أحدهما في المشرق والآخر في المغرب. وهذا يعني أن الإسلام لا يتحمل في داخله تنظيماً آخر بحيث تكون أسس ذلك التنظيم وقواعده أساساً للولاء والبراء لأن هذا النوع من التنظيم يقتضي أن من انتظم فيه يستحق العون والنصرة والإخاء وغيرها من الحقوق ومن لم ينتظم فيه لا يستحق تلك الحقوق مع أن الإسلام أعطى المسلم جميع هذه الحقوق لمجرد كونه مسلماً لا لسبب آخر )[33] ◘الدليل السابع : الولاء لجمهور المسلمين 30. قال الله عز وجل : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } [34] 31. وقال : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ } [35] 32. وقال جل وعلا : { وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً }[36] 33. و قال النبي صلى الله عليه وسلم : «الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ثُمَّ شَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ »[37] 34. و قوله صلى الله عليه وسلم : «لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ » [38] 35. و قوله صلى الله عليه وسلم : « مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » [39] وفي رواية الإمام أحمد «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا أَلِمَ بَعْضُهُ تَدَاعَى سَائِرُهُ » ◄ووجه الاستدلال : أن عقد سلطان الولاء و البراء تحت اسم الإسلام ورسم أحكامه ، فلا يجوز بحال عقده على شعار آخر[40] . و التأكيد الشرعي على الأخوة الإسلامية و أنها هي الأساس لكل التعاملات في المجتمع المسلم ، ونبه على كل شيء يخدش هذه الأخوة المطلوبة شرعاً ، فلا حسد ولا تباغض ولا تدابر ! وهذا كله بين الأحزاب موجود . ◘الدليل الثامن :الاعتصام بالسنة وبمنهج السلف: فلقد حرص السلف على الألفة فيما بينهم ، وعلى الاجتماع و الاتحاد على منهج أهل السنة و الجماعة فلا يخرجون عنه قيد أنملة ! وهاهم السلف أئمة الدعوة إلى الله ، وهم مضرب المثل في أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ما سمعنا عن إنشائهم لهذه الأحزاب و التجمعات و التنظيمات ، ولهم كانوا على الخوض فيها أقدر و الاستدلال لها أشطر ولكنهم تركوها عن علم ودعوا إلى السنة عن فهم فهاهو الأوزاعي وكفى به علماً يقول : ( اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا وكف عما كفوا واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم ) [41] و قال الإمام البربهاري في سفره العظيم ( شرح السنة ) : ( فانظر رحمك الله ! كل من سمعت كلامه من أهل زمانك خاصة فلا تعجلن ، ولا تدخلن في شيء منه حتى تسأل وتنظر هل تكلم به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من العلماء ؟ فإن وجدت فيه أثراً عنهم فتمسك به ولا تجاوزه لشيء ولا تختار عليه شيئاً ) [42] ونحن ها قد عرضناه على ما عرض لنا فما وجدنا فيه شيئاً بل وجدنا قول أبو زرعة الرازي رحمه الله : ( ونتبع السنة و الجماعة و نجنب الشذوذ و الخلاف و الفرقة ) [43] قد دعوا الناس فأحسنوا ، وأمروا بالمعروف و نهوا عن المنكر فأنتجوا ! و نصحوا الولاة فأثروا و وعظوا ... كل ذلك دون أن يحزبوا أو يتحزبوا ! بل كان منهجهم الاجتماع على الكتاب والسنة و التحزب لهما ورفع شعاريهما لا لشيء آخر غيريهما فتوحدوا على منهاجهم و على توحيدهم والخير كل الخير في اتباع من سلف و الشر شؤم الشر في ابتداع من خلف ! ◘الدليل التاسع : 36 . عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ثُمَّ قَالَ هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ قَالَ : هَذِهِ سُبُلٌ قَالَ يَزِيدُ مُتَفَرِّقَةٌ عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ ثُمَّ قَرَأَ { إِنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ }[44] 37. و حديث العرباض بن سارية الذي مر سابقاً قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فقَالَ صلى الله عليه وسلم : «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ » [45] ◄و وجه الاستدلال: أن النبي صلى الله عليه وسلمأمرنا عند الاختلاف أن نرجع إلى الخط المستقيم الواحد في قبالة الخطوط المختلفة الكثيرة وهذا الخط هو سنته و سنته خلفائه صلى الله عليه وسلم . الهامش : .................................................. ........ (*) بحث لأخينا :أبو عبد الرحمن السلفي محمد جميل حمامي غفر الله له بيت المقدس 1) سورة الصف الآية 4 2) سورة الأنعام الآية 159 3) سورة آل عمران الآيات [ 103 – 107 ] 4) سورة الأنفال الآية 46 5) سورة الشورى الآيات [ 13 – 14 ] 6) سورة النساء الآية 115 7) سورة الروم الآيات [ 31 – 32 ] 8) سورة المؤمنون الآية 53 9) سورة الأنبياء الآيات [ 92 – 93 ] 10) سورة الأنعام الآية 65 11) صحيح الإمام مسلم برقم [5145 ] 12) رواه الإمام مسلم في صحيحة برقم [3236 ] 13) رواه الإمام أحمد في المسند مسند انس بن مالك برقم [12871] ورواه الإمام الترمذي برقم [2582] وابن ماجة برقم [226] و الحاكم في المستدرك برقم [269] وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، و الطبراني في المعجم الكبير و الأوسط ، و البيهقي في شعب الإيمان برقم [ 1695] و الدارمي [234] و الطيالسي في مسنده برقم [610] وهو في صحيح ابن حبان برقم [682 ] وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة [ 1 / 689 ] وصححه في صحيح الجامع و في صحيح ابن ماجة وفي صحيح الترمذي . 14) رواه الإمام الترمذي برقم [2091] وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، و الإمام أحمد في مسند عمر بن الخطاب برقم [172] ، و الحاكم في المستدرك برقم [356 ] وقال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و الطبراني في المعجم الكبير و الأوسط والصغير وابن حبان في صحيحة برقم [4659] و البيهقي في معرفة السنن برقم [52] و الطحاوي في مشكل الآثار برقم [3138 ] وصححه الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة [1 / 717 ] وفي صحيح سنن الترمذي [2165 ] وفي صحيح الجامع . 15) قال الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة : [6 / 541 ] : [ هذا حديث عظيم الشأن من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم و نصحه لأمته ، ما أحوج المسلمين إليه للخلاص من الفرقة و الحزبية التي فرقت جمعهم ، و شتت شملهم ، و أذهبت شوكتهم ، فكان ذلك من أسباب تمكن العدو منهم ، مصداق قوله تبارك و تعالى : *( و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم )* . و قد جاء مطولا و مختصرا من طرق ، جمعت هنا فوائدها ، و ضممت إليه زوائدها في أماكنها المناسبة للسياق ] ا.هـ و أصل هذا الحديث في صحيح البخاري " كتاب الفتن " ( 3606 و 7084 ) و مسلم ( 6 / 20 ) وراجع تخريج كل قطعه منه في السلسلة الصحيحة للإمام الألباني . 16) متفق عليه ، وقد تقدم تخريجه . 17) صحيح ابن حبان [4660 ] وقال الإمام الألباني في صحيح الجامع [5934 ] : صحيح . 18) مسند الإمام أحمد [4 / 278] و حسنه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة [2 / 276 ] وفي صحيح الجامع برقم [5420 ] . 19) سنن أبو داود برقم [460] و النسائي برقم [838] ومسند الإمام أحمد و حسنه الشيخ الألباني في صحيح أبو داود [547] وصحيح النسائي وصحيح الجامع . 20) مهذب حكم الانتماء إلى الفرق والأحزاب والجماعات الإسلامية ، فضيلة الشيخ سعد الحصين . 21) أخرجه أبو داود ( 2 / 503 - 504 ) ، و الدارمي ( 2 / 241 ) و أحمد ( 4 / 102 ) و كذا الحاكم ( 1 / 128 ) و الآجري في الشريعة ( 18 ) و ابن بطة في " الإبانة " ( 2 / 108 / 2 ، 119 / 1 ) و اللالكائي في " شرح السنة " ( 1 / 23 / 1 ) و صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة [1 / 358 ] وأخذت أنا تخريج هذا الحديث منه ! و الحديث معروف مشهور رواه أصحاب السنن و المسانيد بألفاظ متقاربة . 22) رواه الإمام الترمذي برقم [2600] وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وابن ماجة برقم [42] و في حديث العرباض بن سارية من مسند الإمام أحمد و الحاكم في المستدرك [301] وقال : هذا حديث صحيح ، و الطبراني في المعجم الكبير [15022] و البيهقي في شعب الإيمان [7255 ] و الدارمي [96] و صححه الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة [6 / 526 ] . 23) رواه الإمام البخاري في صحيحة برقم [6767] تحت باب : بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ يُقَاتِلُونَ وَهُمْ أَهْلُ الْعِلْمِ و الإمام مسلم [3544 ] و أبو داود [2125] و الترمذي [2155] وابن ماجة [6] و الإمام أحمد في المسند و الطبراني و البيهقي وغيرهم . 24) سورة المائدة الآية 2 25) جامع بيان العلم و فضله [1093] و شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للآلكائي [219 ] 26) سورة الرعد الآية 37 27) سورة البقرة الآية 145 28) رواه الإمام البخاري [6775 ] تحت باب : بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ . 29) صحيح الإمام البخاري [6374 ] 30) سنن أبي داود برقم [3512 ] وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم [4031 ] وصححه في صحيح الجامع 31) صحيح مسلم برقم [4595] 32) مهذب حكم الانتماء إلى الفرق و الأحزاب و الجماعات الإسلامية ، للشيخ سعد الحصين ، صفحة 71 ، منشورات الدعوة السلفية كتاب رقم ( 53 ) . 33) الدعوة إلى الله بين التجمع الحزبي و التعاون الشرعي ، 104 للشيخ علي الحلبي . 34) سورة المائدة الآية 55 35) سورة التوبة الآية 71 36) سورة الكهف الآية 28 37) رواه الإمام البخاري [ 5567] و الإمام مسلم [ 4684] 38) صحيح مسلم [ 4650] 39) صحيح مسلم [ 4685] 40) أنظر مهذب حكم الانتماء إلى الفرق و الأحزاب و الجماعات الإسلامية ، صفحة 66 . 41) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة للحافظ اللالكائي برقم [ 315 ] 42) شرح السنة للإمام البربهاري ، صفحة 61 منشورات الدعوة السلفية . 43) شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة برقم [ 321 ] 44) مسند الإمام أحمد مسند عبد الله بن مسعود برقم [3928 ] وابن بطه في الإبانة الكبرى [133] و الحاكم في المستدرك [3199] وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وهو في صحيح ابن حبان [6] وفي مسند الطيالسي [238 ] و النسائي في السنن الكبرى برقم [11174] و الدارمي [208] و حسنه الألباني في المشكاة برقم [ 166 ] . 45) رواه الإمام الترمذي برقم [2600 ] وقال : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وابن ماجة برقم [42 ] و الإمام أحمد في مسنده وغيرهم من أهل السنن ، و صححه الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة برقم [2735 ] وصححه في صحيح سنن ابن ماجة وفي صحيح سنن الترمذي . |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 3 | |||
|
![]() المبحث الثالث: مفاسد الانتخابات النيابية والرئاسية: ◘أولا : مفاسد الانتخابات النيابية : ![]() ◄المفسدة الأولى :الإشراك بالله "الانتخابات" داخلة في الإشراك بالله، وذلك في شرك الطاعة، حيث إن "الانتخابات" جزء من النظام "الديمقراطي"، وهذا النظام من تشريع غير المسلمين كما هو معلوم وليس من تشريع الله. فمن قبله راضياً به, مروّجاً له, معتقداً صحته, فقد أطاع أعداء الإسلام في مخالفة أمر الله عز وجل، وهذا عين الشرك في الطاعة، قال الله تعالى: [أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين مالم يأذن به الله ولولا كلمة الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم] الشورى. وقال تعالى: [ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزّل الله سنطيعكم في بعض الأمر] محمد, وقوله تعالى: [وإن أطعتموهم إنكم لمشركون] الأنعام. فهل "الانتخابات" من شرع الله, أم من شرع البشر؟. فإن قالوا: هي مِن شرع الله. فهذا تجرّؤٌ وافتراء على الله، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. ووجود الدساتير العلمانية الموجودة في بلاد المسلمين أكبر شاهد على أن "الانتخابات" من النظام العلماني. وإن قالوا: هي مِن تشريع البشر. فالجواب: كيف قبلتم تشريع البشر؟ وما الحكم على من قبل هذا التشريع؟ أليست الآية واضحة في أنهم قد جعلوا مؤسسي "الديمقراطية" الذين وضعوا "الانتخابات", شركاء لله في التشريع ووضع المناهج للخلق؟ وإذا كان من قَبِلَ نظام "الانتخابات" ليس متخذاً المخلوق مشرِّعاً, فمتى يكون المخلوق مشرِّعاً؟! وكيف نفهم الآية السابقة؟ ولم يكتف المخالف بدعواه: أن "الانتخابات" جائزة عنده، بل زاد الطين بِلّةً, فقال: هي واجبة, وتاركها آثم, وفاسق, ولم يؤد الأمانة...الخ. وإذا كان الله عز وجل قد عاب على الذين: [اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله]. أي اتخذوهم: مشرّعين لهم, وهم يعتقدون صحة ما شرعوه لهم؛ مع أنهم أعطوا هذه المكانة للأحبار والرهبان, رمز الدين والشرائع السماوية, فما ظنك بمن يجعل أهل التشريع أجهل الناس وأضلّهم من اليهود والنصارى والوثنيين, عليهم لعنة الله؟!!. وقد قال الله في كتابه: [وإن أطعتموهم إنكم لمشركون] الأنعام. قال ابن كثير في تفسيره: "أي حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه, إلى قول غيره, فقدمتم عليه غيره, فهذا هو الشرك". وإذا كان من أطاع المشركين -معتقداً صحة قولهم- في مسألة واحدة, وهي مسألة إباحة الذبيحة التي تُركت التسمية عليها عمداً، إذا كان فاعل ذلك مشركاً, فما بالك بمن يطيع أشد الناس عداوة للذين آمنوا, وهم اليهود, في أكثر من مسألة، وفي مسائل مصيرية تتعلق بقيادة الأمة؟ أفلا يكون هذا أخطر من طاعتهم في تحليل الذبيحة؟! ![]() ◄المفسدة الثانية :تأليه الأغلبية: "الانتخابات" سلّم الوصول ومرقاة الصعود للمجالس ــ سواء كانت رئاسية أم نيابية أم محلية أم غير ذلك ــ التي تقوم على تأليه الأغلبية، واعتماد ما قبلته, وإن كان باطلاً، ورد ما رفضته, وإن كان معلوماً من الدين بالضرورة. فرأي الأغلبية هو الأهم في نظام الانتخابات كما هو معلوم حتى لو خالف رأي الأغلبية شرع الله. فهي إذاً ذريعة لهذا التفويض الذي لا يكون إلا لرب العباد أو لرسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: [والله يحكم لا معقّب لحكمه] الرعد، وهؤلاء لم يكونوا معقّبين فقط, بل ومصادرين لدين الله، قال الله تعالى: [لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون] الأنبياء. ومن الذي يسأل ربنا وهو القائل: [وهو القاهر فوق عباده] الأنعام، أي فوقهم بقهره وسلطانه وذاته العلية سبحانه وتعالى, فهو القادر على البطش بالجميع، والمحيط بهم والحاكم عليهم. ثم إنّ المجلس لو أقرت فيه الأغلبية حكماً يوافق الشرع, فإنهم يعتمدونه, لا لأنه وافق الشرع، إنما لأنه وافق حكم الأغلبية, فمن قضى قضاءً وافق فيه الحق غير قاصدٍ إحياء حُكْم الله؛ فهو من قضاة النار، كما أخبر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم : ((القضاة ثلاثة: قاضيان في النار, وقاضٍ في الجنة, الذي في الجنة: رجل علم الحق فقضى به, واللذان في النار: رجل عالم بالحق فقضى بخلافه, ورجل جهل بالحق فقضى بخلافه)) الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي والحاكم وغيرهم من حديث بريدة. ![]() ◄المفسدة الثالثة :اتهام الشريعة بأنها ناقصة: الذين يجيزون "الانتخابات" وما وراءها؛ أساءوا إلى الإسلام، حيث أعطوا أعداء الإسلام شرعية اتهام الشريعة الإسلامية بأنها ناقصة وعاجزة عن إصلاح حياة الناس، واتهموا الشريعة بالنقص أيضاً. فهم لو كانوا موقنين بكمالها من كل الوجوه, لما وافقوا على "الانتخابات", وهذا لابد منه، ومهما قالوا: شريعتنا كاملة, مع عدم تحكيمها, فهو زعم باطل. والأدلة كثيرة على كمال الشريعة. قال الله سبحانه وتعالى: [اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً] المائدة. فهو الإكمال الإلهي الذي أحاط بكل شيء علماً، وأحاط علمه بما كان وما سيكون وما هو كائن، وهكذا شريعته سبحانه وتعالى أحاطت بكل ما يحتاجه الناس في ماضيهم وفي حاضرهم وفي مستقبلهم، فالشريعة كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه، لا في زمان ولا في مكان، وقد رضيها سبحانه, فمن ابتغى الرضى في غيرها, فقد نسب إلى الله النقص والعجز, تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. وقال الله سبحانه وتعالى: [ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً] الفرقان، وهذه الآية تضمنت مقارعة أصحاب الفساد والشبهات، والقرآن والسنة يضمنان لنا مقارعة المفسدين بشتى أنواعهم وفسادهم, حيث كانوا, وكيفما كانوا، وقال الله عز وجل: [وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين] الأنعام، ولا يأتي أحد بِشَرٍّ؛ إلا بيّن القرآن والسنة حقيقته في كل زمان ومكان، قال الله تعالى: [إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم] الإسراء. فما من قضية إلا والقرآن والسنة حكما فيها بما هو أنفع وأصلح وأعدل، وهذه هداية القرآن لا دَجْل البشر، وقال الله:[ أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون] العنكبوت. فمن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله، والله لو تناطحت الجبال بين يديه من خشية الله ما صلح ولا استقام إلا أن يشاء الله، قال الله: [فماذا بعد الحق إلا الضلال] يونس، ويقول سبحانه: [ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين] النحل. ومادام القرآن تبياناً لكل شيء، فما بقي لأحد حجة بعده ولا عذر. ويقول الله: [ما فرّطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون] الأنعام، وهذا على أحد التفسيرين للكتاب. فالقرآن هو المرجع في منهج الحياة، وشرائع الناس، ونظام حياتهم, بلا تعديل ولا تبديل، وكل خلافٍ حكمه في القرآن، وكل خير يوجد في القرآن والسنة، ومالا يقبله القرآن والسنة فليس بهدى. و قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً, فعليكم بسنتي, وسنة الخلفاء الراشدين)) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن العرباض. ولا يمكن أن يردنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مالا خير فيه، فعند مسلم من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شرّ ما يعلمه لهم)). بل إن السنة كافية في معالجة الاختلافات, ورد الأمور إلى نصابها, وتعريف الناس بالحق، قال صلى الله عليه وسلم: ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما: كتاب الله وسنتي, ولن يتفرقا حتى يَرِدا عليّ الحوض)) من حديث أبي هريرة عند الحاكم، وصدق الله إذ يقول: [إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون] الحجر، فقد صدق سبحانه, وأنجز وعده, وأتم عدله, وأسبغ رحمته ونعمته. فإذا كان القرآن الكريم يتكوّن من ثلاثين جزءًا, وأكثر من ستة آلاف آية، والسنة الصحيحة تتكون من عشرات الآلاف من الأحاديث, فما قيمة دساتير "الديمقراطية" التي تتكون من مواد فاسدة؟!. ![]() ◄المفسدة الرابعة : هدم الشريعة الإسلامية : وهذا وضح بين لما في الانتخابات من إقصاء حكم الكتاب والسنة, وتحكيم النظام الطاغوتي الذي يجعل الكتاب والسنة رأيا من الآراء قابلا للأخذ والرد ... !!! ويوجب سقوط حكم الكتاب والسنة برأي الأغلبية من الفساق والعلمانيين بل والكفار من اليهود والنصارى,وذلك طبقا لأحكام الدستور وقانون البرلمان الذي يسوي بين جميع الملل والمذاهب والآراء,والعبرة فيه بالأغلبية الغوغائية لا بالصواب وما وافق الشرع.بل بمجرد طرح الأحكام الشرعية للتصويت عليها وأخذ رأي الأغلبية فيها,يعد كفرا بالله عز وجل, إذ ليس للمسلم اختيار ولا اعتراض على حكم الله جل وعلا, فكيف يكون له حق النقد والنظر في حكم رب العالمين؟ قال الله رب العالمين : [وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا] وقال سبحانه : [ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون]. وأما حال المنافقين فقد بينها سبحانه بقوله : [ألم ترى إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا, وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا, فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم ثم جاءوك يحلفون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا,أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فأعرض عنهم وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا]. قال العلامة مقبل بن هادي الوادعي-رحمه الله- : (الديمقراطية معناها : الشعب يحكم نفسه بنفسه , أي : لا حاكمية لله !! فالآية((إن الحكم إلا الله)) ليس بصحيح (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)) (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) (أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به) فكل هذا عندهم باطل. فمعناها : إلغاء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم) غارة الأشرطة(2/147-148). ![]() ◄المفسدة الخامسة :تمييع الولاء والبراء: تقوم "الانتخابات" على تضييع الولاء والبراء. ولا يخفى على كل مسلم ذاق طعم الإيمان؛ أن الحب يكون لله ورسوله وأوليائه، والمعاداة تكون لمن عادى الله ورسوله وأولياءه، قال الله تعالى: [إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون] المائدة. انظر إلى وعد الله بالغلبة للمؤمنين على أعداء الله بعد ذكر قاعدة الإيمان، وهي: الولاء الثابت لله ولرسوله وللمؤمنين, مع المفاصلة التامّة للأعداء، ولهذا افتتح الله هذه الآية بقوله: [يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسعٌ عليمٌ إنما وليكم الله ...] المائدة، فما قيمة مؤمن لا يوالي أولياء الله, ولا يحارب أعداء الله؟ وتأمّل قوله سبحانه: [فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه] فهم لا يحتفلون أبداً بمحبة الشخصيات ذات الزعامة والرئاسة والوجاهة والمال والتكتل ضد المؤمنين، ثم بيّن موقفهم من المؤمنين والكفار, فقال: [أذلةٍ على المؤمنين أعزةٍ على الكافرين] انظر ما أعظم هذه الصفة، وما أبعد كثيراً من الناس عنها, وخاصة الدعاة إلى "الانتخابات" [أذلةٍ على المؤمنين] أي: أنهم لينون منقادون لبعضهم بعضاً، فيما يرضي الله، فلا يتكبر على أخيه المؤمن، ولا يحتقره, فهو سمْح ودود معه، وقال سبحانه: [محمدٌ رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم] محمد. ومنذ أن جاءت الحزبية, وبالذات في "لانتخابات" –لأنها تظهر كل إنسان على حقيقته ومع من هو- استفحل الخلاف, وتغلبت القسوة بين المسلمين. والإسلاميون يجعلون الناصح لهم عدواً، فما أن تأتي تبين خطأ من أخطائهم, إلا ويقول: هو يسب ويعادي العلماء..! إلى غير ذلك، وتجد قادتهم مع العلمانيين أصدقاء وأحباباً، وأعني بذلك المرشّحين والقادة لهذه الجماعات, إلا من رحم الله، والله يقول: [لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان] إلى قوله تعالى: [رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ] المجادلة. فحزب الله هو الذي لا يوادّ من حادّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, وليس حزب الله من يدافع عن "الديمقراطية" ويروّج لها، بل الله يقول: [قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارةٌ تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهادٍ في سبيله فتربّصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين] التوبة. فهذا مطلب الله من الجماعة المسلمة التي تريد أن تسلم من مصير الفاسقين, فلا علاقة مع أحد, ولا مصلحة لأحد, إلا من أجل الله، كل الجاهلية موضوعة تحت الأقدام: المباهاة والمفاخرة بالآباء والأخوة والعشائر والأموال والتجارة، هذه كلها لا تسعف فاعلها ولا تنجيه من المصير الأسود. فيا دعاة الأحزاب: أين المعاداة لأصحاب الشركيات والشعوذة والخرافات؟ ألستم تدخلونهم في أحزابكم, وتتركونهم على ما هم عليه, بحجة أن هذا ليس وقت الكلام في هذه الأمور؟ أو أنها قشور, وليست بلباب، المهم أنه ينتخب؟!. أين المعاداة لدعاة التصوّف؟ أين المعاداة لدعاة البعثية والناصرية والاشتراكية الذين ظهرت منهم القناعة بهذه الأنظمة؟ أين المعاداة لتاركي الصلاة؟ ألستم تجالسونهم دون نكير عليهم؟! أين نصحكم للحكام المخالفين للشرع؟ إن رضيتم عنهم؛ نفّذتم ما قالوا وإن كان باطلاً, بحجة أن هذا نظام وقانون، وإن سُلبتم مصلحة مادية؛ قامت قيامتكم، وأثرتم الانقلابات والثورات وكفرتموهم في المساجد. ثم ألستم تشاركون دعاة تقارب الأديان بالحضور والكلام المميّع, وإن سميتموه: محاورة بين الأديان؟ ألستم تتحالفون مع أحزاب علمانية, وإن سميتموه: تنسيق برامج لا مناهج؟ ![]() ◄المفسدة السادسة :الخضوع للدساتير العلمانية معروف أنه لا يمكن أن تدخل الأحزاب الإسلامية في "الانتخابات" إلا بعد الموافقة منها, على شكل ومضمون الدستور, بما فيه من مواد مخالفة للإسلام. فهذا يُثْبت لنا أن الأحزاب الإسلامية وافقت على هذه المواد وما تضمنته، وإلا لم يوافق شركاؤهم على دخولهم في "الانتخابات"والمجالس النيابية، وهذه الموافقة على ما في هذه المواد الموجودة في الدساتير "الديمقراطية", تجعل الأحزاب الإسلامية المشاركة غير قادرة على فعل شيء في مجلس النواب. وإذا علمت هذا فاعلم أن كل حزب أو جماعة طالبت بالدخول في "الانتخابات", لا تُقْبَل إلا بشروط.ومنها: عدم انتقاد الأفكار التي مع الأحزاب الأخرى، ويعترف بها, ويوافق على أن يكون قوله -ولو كان هو من تعاليم الإسلام- كالأفكار الوضعية, قابلاً للنقاش, والرأي للأغلبية. ومنها: الموافقة على قبول التعددية السياسية العقدية, وبالذات في البلاد الإسلامية. ومنها: الموافقة على "قانون ميثاق الشرف" بين الأحزاب الإسلامية والعلمانية: "أن لا يكفّر, ولا يفسق, ولا يبدع بعضهم بعضاً". ومنها: الالتزام بالدستور وقانون مجلس النواب ولوائحه. ومادامت الموافقة من الأحزاب الإسلامية حاصلة على أصول وفروع "الديمقراطية", ومضمون هذه الأصول مع العلمانيين؛ فهذا دليل واضح على أن غاية الأحزاب الإسلامية –في المآل- هي الكراسي, وليس الإسلام، -سواء علموا ذلك أم جهلوا- لأن موافقتهم للعلمانيين لا تضمن إلا البقاء على الكرسي الصوري المؤقت, دون أن يحققوا للإسلام شيئاً يُذكر, ولهذا سهل منهم التنازل عن الحكم بالشريعة الإسلامية إلى الحكم بالأغلبية. ![]() ◄المفسدة السابعة : "الانتخابات" تخدم اليهود والنصارى تقوم "الانتخابات" على الدعم الخارجي من قبل دول أو منظمات كفرية يهودية صليبية, وهذا يدلّنا على أمر مهم وهو: أن "الانتخابات" في صالحهم؛ ولو لم تكن في صالحهم ما بذلوا هذا الدعم، قال الله تعالى: [إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة] الأنفال. وهذا مما يجعل الأحزاب الإسلامية المشاركة في "الانتخابات" ستجني الفشل، وترجع بخفي حنين, وهذا هو الواقع, ولكن كما قيل:"وعين الرضى عن كل عيب كليلة". فإذا جارينا الأعداء في ذلك, فنحن منفّذون لمخططاتهم, وبلا شك نكون مخالفين لمنهج نبينا صلى الله عليه وسلم، ونكون أيضاً مضيّعين لأموال الأمة، وطاقاتها فيما لا فائدة منه، ومفوّتين لمصالح عدة, في استعمال مال المسلمين في غير حقه، وقد جاء خارج (الصحيح) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نُهينا عن التكلف)) وهو عند البخاري من قول عمر رضي الله عنه، وقال صلى الله عليه وسلم : ((إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة)) رواه البخاري عن خولة. ![]() ◄المفسدة الثامنة: تمزيق وحدة المسلمين فكل حزب ومرشح يسعى لنصرة ذاته ونصرة نفسه,ويكره الخير لغيره, وهذه مفسدة مناقضة لقوله تعالى : (إنما المؤمنون إخوة)), ومتعارضة مع قوله تعالى :[ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن َقُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً], ومضادة لما ثبت في صحيح مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضها بعضا)). فالانتخابات لها دور كبير في تفريق كلمة المسلمين، وتشتيت وحدتهم، وهي لا تقلّ شراً عن الحزبية, التي فرّقت المسلمين فُرقةً ليس بعدها تلاقٍ، إلا أن يشاء الله، ومن أجل وحدة المسلمين، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد, وأراد أن يشق عصاكم, فاقتلوه كائناً من كان)) رواه مسلم وغيره من حديث عرفجة، وجاء عند مسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما)). انظر يا أخي كيف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتل هذا الرجل, ولو كان يدعي الخلافة، وما ذاك إلا لأنه يُوجِد فُرْقَةً, إذ أنه عند أن يطالب بالخلافة له، يتعصب معه أناس، ويؤدّي ذلك إلى سفك دماء المسلمين، وشُرع قتله حرصاً على وحدة المسلمين. ولسنا نحمّل الإسلاميين كل الفُرْقَة, فالفُرْقَة قديمة, ولكنّهم جددوها بالدخول في التحزب, وصبغوها بالصبغة الشرعية, فهم في نظر الناس أصحاب صلاح واستقامة، وإن كان الناس قد غيّروا هذه النظرة لمّا علموا أن دعاة الأحزاب الإسلامية دعاة تحزب، ومنذ أن جاءت "الديمقراطية" ودخلت الأحزاب الإسلامية فيها, لم تستقم لهم قائمة الدين أبداً, وسبق وبينا في المبحث الأول الأدلة على تحريم التحزب . يتبع...
|
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 4 | |||
|
![]() ◄المفسدة التاسعة : التعصب الأعمى والحمية الجاهلية للمترشحين: تقوم "الانتخابات" على التعصّب للأشخاص باعتبار القبيلة، والقرابة وما أشبه ذلك، قال سبحانه وتعالى: [إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها ] الفتح. هذه الحمية التي تقف في وجه الحق، نصرة للباطل، وبسببها تُنْتَهَكُ حرمات كثيرة, مِن قتلٍ وسلبٍ ونهبٍ، وبالذات أن القبائل لقلّة إدراكهم للحق, سرعان ما يخرجون عنه، وبالذات في باب العصبية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الرجل يتعزّى بعزاء الجاهلية, فأعضوه بَهَنِ أبيه, ولا تكنوا)) رواه أحمد والترمذي من حديث اُبَيٍّ رضي الله عنه، والتعزي المراد به الانتماء والانتساب إلى القوم, كأنه على جهة الفخر، والهن هو "فرج الرجل". ومعنى الحديث: من دعا إلى التعصب للقوم, فقولوا له: عض هن أبيك، وقد جاء من حديث جندب عند مسلم والنسائي، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قُتل تحت راية عِميّة, ينصر العصبية, ويغضب للعصبية, فقِتْلته جاهلية)) وجاء في البخاري وغيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أبغض الرجال إلى الله ثلاثة)) وفيهم ((ومبتغٍ في الإسلام سنّة الجاهلية)). فقد أغنانا الله بالإسلام، فمن كان عنده شجاعة وقوة؛ فلينصر دين الله، وقد جاءت هذه الأحزاب وأعطت الصبغة الشرعية للمتعصّب, فازداد الناس تعصّباً لبعضهم بعضاً. ![]() ◄المفسدة العاشرة:تبني الفكرة اليهودية " أن الغاية تبرر الوسيلة " : إن هذه الوسيلة وهي وسيلة "الانتخابات" فيها تعميق وتأصيل للقاعدة التي تقول:"الغاية تبرر الوسيلة!" وهي قاعدة صهيونية يهودية. قال الله تعالى: [وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم] آل عمران. وقد ذكر ابن القيم في كتابه (إعلام الموقعين عن رب العالمين:3/134-159) تسعة وتسعين دليلاً على تحريم الوسائل التي تؤدي إلى الحرام، وأذكر مما ذكره رحمه الله, قال: "الوجه العاشر: أن الله حرّم الخمر لما فيها من المفاسد الكثيرة المترتبة على زوال العقل، وهذا ليس مما نحن فيه, لكن حرم القطرة الواحدة منها، وحرم إمساكها للتخليل, لئلا تتخذ ذريعة إلى الحسوة, ويتخذ إمساكها للتخليل ذريعة إلى إمساكها للشرب"أهـ. قلت(1): وحرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم البناء على القبور, لأنها ذريعة إلى الشرك، وحرّم الله القرب من المعاصي, لأن القرب منها ذريعة للوقوع فيها، وحرّم الله سب آلهة المشركين, إذا كان يؤدي إلى سب الله، قال الله تعالى: [ولا تسبّوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم] الأنعام. ونحيلك أيها القارئ إلى قراءة الفصل المذكور من كتاب "إعلام الموقعين". فهذا ابن القيم رحمه الله قد سرد تسعة وتسعين أمراً محرّما, وذكر مع كل أمر الوسيلة التي تحرم الوصول إليه. فنقول: التفريق بين المحرّم ووسيلته, هو اعتماد على قاعدة وضعها اليهود وهي : "الغاية تبرر الوسيلة!". وقد دلّ القرآن الكريم على أن حكم الوسيلة, هو حكم ما أوصلت إليه، قال الله: [لايتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة] آل عمران. فالله شرع التُقْيَةَ عند الضرورة، فمن اتخذ هذه الرخصة وسيلة ليحب الكافرين ويبغض المؤمنين, باسم أن الله شرع التقية مع الكافر، فيقال له: قد قال الله تعالى: [ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ]آل عمران. فالوسيلة التي تؤدي إلى الكفر؛ استعمالها كفر، والتي تؤدي إلى حرام؛ استعمالها محرّم. وانظر كيف لعن الرسول صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة، كما جاء من حديث ابن عمر، عند أبي داود والحاكم، والذي شربها هو واحد فقط من العشرة، والباقون لم يشربوها, ومع هذا لُعِنوا جميعاً, لأنهم كانوا وسيلة إلى توصيلها إلى من شربها. وإذا كان الحامل للخمر قد لُعِنَ لمجرد حملها، أفلا يكون من جعل وسيلةً من الوسائل تؤدي إلى الكفر آثماً؟ أيضاً هاهنا سؤال, وهو: من قال من علماء السنة والجماعة على مرّ العصور: إن الوسيلة التي تؤدي إلى الحرام يجوز استخدامها؟. فالجواب: أن اتخاذ "الانتخابات" وسيلة جائزة أمر لم يقل به الشرع، وإنما هي من فتن الأحزاب. والقاعدة المعتبرة عند أهل العلم "الوسائل لها أحكام المقاصد" على تفصيل ليس هذا محل بسطه. ![]() ◄المفسدة الحادية عشر : بيع وشراء الأصوات والضمائر تقوم الانتخابات على أن كل رجل يدلي بصوته إلى من أعطاه مالاً أكثر, أو وَعَدَهُ بمشروع أو وظيفة، وما أشبه ذلك إلا من رحمه الله, وهذا الفعل محرم في الإسلام، يقول الله في كتابه الكريم: [إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذابٌ أليم] آل عمران. وروى البخاري من حديث عبد الله بن أبي أوفى: أن رجلاً أقام سلعةً في السوق, فحلف فيها, لقد اُعْطِيَ بها ما لم يعطَ, ليوقع فيها رجلاً من المسلمين، فنزلت ]إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمناً قليلاً[وصدق الله إذ يقول: [ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين] الحج. هذا الصنف من الناس هو في الحقيقة عَبْدُ بطنِه وفرجِه وهواه، فصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((تعس عَبْد الدينار, وعبد الدرهم, وعبد الخميصة, وعبد القطيفة, إن اُعْطِيَ, رضي وإن لم يُعطَ سخط, تعس وانتكس, وإذا شِيك فلا انتقش))رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((بادروا بالأعمال.. فتناً كقطع الليل المظلم, يصبح الرجل مؤمناً, ويمسي كافراً, ويمسي مؤمناً, ويصبح كافراً, يبيع دينه بعَرَضٍ من الدنيا)) رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه. وفتنة المال هي التي أوصلت الناس إلى العداوة والبغضاء والقتل والقتال، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال))رواه أحمد والترمذي والحاكم والبخاري في (التاريخ). وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول: ((من كانت الدنيا هَمَّه, فرّق الله شمله, وجعل فقره بين عينيه, ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له, ومن كانت الآخرة هَمَّه, جمع الله شمله, وجعل غناه في قلبه, وأتته الدنيا وهي راغمة)) رواه الترمذي من حديث أنس، وعند ابن ماجه من حديث زيد بن ثابت. والله المسؤول أن يحفظ المسلمين من كل سوء ومكروه, وأن يعظِّم في نفوسهم أمر دينهم, فلا يبيعونه بدنيا غيرهم. ![]() ◄المفسدة الثانية عشر : التزوير والمغالطة: تقوم "الانتخابات" على التزوير والمغالطة والغش والخداع والكذب وذلك للوصول إلى السلطة والمقاعد فالذي يجعل أكبر همه هو السلطة لا يستعبد أن تكون تلك هي صفاته خاصة وأن الوصول إلى كسب أصوات الأكثرية لا يكون إلا بذلك لأن الله تعالى يقول : [قل إن أكثر الناس لا يعلمون] ، وكل هذه الأمور محرمة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((من غشنا فليس منا)). وفي (صحيح مسلم) وغيره من حديث أبي هريرة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ في السوق فأدخل يده في الطعام, ثم قال: ((ما هذا يا صاحب الطعام, أفلا جعلته فوق الطعام, حتى يراه الناس؟ من غشنا فليس منا)). وجاء من حديث قيس بن سعد عند البيهقي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المكر والخديعة في النار)). وقال الله تعالى في كتابه الكريم في وصف المؤمنين : [والذين لا يشهدون الزور ]الفرقان. ومعنى ((يشهدون)) قيل: يحضرون، وقيل:لا يقولون الزور. وقال الله تعالى: [فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور]الحج. فقد حرم على المسلم فعل الزور وقول الزور. وفي (الصحيحين) من حديث أسماء بنت أبي بكر، وعند مسلم من حديث عائشة, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((المتشبع بما لم يُعطَ كلابس ثوبي زور)).![]() ◄المفدسة الثالثة عشر : الاهتمام بالكم لا بالكيف تقوم "الانتخابات" على الاهتمام بالكم لا بالكيف, وهذه قضية مذمومة في شرع الله رب العالمين، قال الله تعالى في كتابه الكريم: [وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ] الأنعام. فهل أكثر أهل الأرض على حق, أم على باطل؟ يحكمون بشرع الله, أم بشرع غيره؟ يقولون الحق, أم الباطل؟ يدعون إلى الحق, أم إلى الباطل؟ يغضبون من أجل الحق, أم من أجل الباطل؟. يقول الله تعالى: [وما وجدنا لأكثرهم من عهدٍ وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين] الأعراف. ويقول سبحانه في كتابه الكريم, إخباراً عن إبراهيم عليه السلام: [رب إنهنّ أضللن كثيراً من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم] إبراهيم. وقد جاءت لفظة "أكثر الناس" ثم تختم بقوله: "لا يعقلون" أو "لا يعلمون" أو "لا يؤمنون" أو "لا يشكرون" أو "أكثرهم يجهلون" أو "أكثرهم فاسقون" جاءت هذه الألفاظ في أكثر من ثلاثين موضعاً من القرآن الكريم. وهذه الأكثرية هي -في الغالب- أتباع كل ناعق، وقد مدح الله عز وجل القلة الذين هداهم لعبادته، قال سبحانه وتعالى: [كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله] البقرة. وكم هنا للتكثير، بمعنى: كثيراً ما تحصل الغلبة للفئة القليلة على الفئة الكثيرة بإذن الله، وقال سبحانه: [وقليل من عبادي الشكور ] سبأ. وقال سبحانه: [وإن كثيراً من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم ] ص. والمؤمنون والمسلمون هم كثير بالعدد، لكن هذه الأكثرية فيهم لا تمثل جانب الحق والدفاع عنه، بل قد تكون بالفعل ضد الحق، في غالب الأحيان، قال سبحانه وتعالى: [ إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون أولئك هم المؤمنون حقاً ]الأنفال. فهذا الحصر إنما هو لإخراج المؤمنين الذين لم يتصفوا بهذه الصفات الجليلة، وقال سبحانه: [من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً ] الأحزاب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يوشك أن تداعى عليكم الأمم, كما تداعى الأكلة على قصعتها)) قيل: يا رسول الله, أوَ مِن قِلَّةٍ يومئذٍ نحن؟ قال: ((لا, ولكنكم غثاء كغثاء السيل, يجعل الوهن في قلوبكم, ويُنزع الرعب من قلوب عدوكم, لحبكم الدنيا, وكراهيتكم الموت)) رواه أحمد وأبو داود من حديث ثوبان رضي الله عنه. فهذه الكثرة مذمومة في المسلمين في هذا المجال, أعني: اختيار حكام يحكمون الأمة. وهذا يرجع فقط إلى أهل الحل والعقد، من العلماء الناصحين الصالحين، ومن عرف بجودة الرأي، والخبرة الكافية في مجاله، والحرص على الخير، ولم يكن متلوثاً بالاستهانة بالمعاصي، وهؤلاء هم زبدة المجتمع, ونخبة الأمة, وهم الذين جاز لهم شرعاً أن يختاروا من يقوم بشؤونهم، ولكن في قضية "الانتخابات"لم يقف الأمر عند الغثائية فقط من الناس، بل تعدى الأمر إلى أبعد من ذلك، فلم يكتفوا بالمسلمين، حتى ضموا إليهم العلمانيين والملاحدة، ولم يكتفوا بالرجال, حتى ضموا إليهم النساء، ولم يكتفوا بالنساء فقط, حتى ضموا إليهن المغنيات والمائعات، ولم يكتفوا بالرجال والنساء, حتى ضموا الأطفال والبنات عن طريق المغالطة. فما قيمة الأكثرية هذه في شرع الله؟ وما قيمتها في الواقع؟ وما قيمتها عند عقّال الناس, الذين هم دائماً ينظرون إلى الأمور من منظار شرعي, ومنظار يصلح المجتمع؟ جمعوا السَّقَطَ في الأمة والضائعين والتافهين، وخلطوا بينهم وبين من بقي فيهم بقايا الخير, وقالوا: سنقيم دولة الإسلام! والله عز وجل يقول: [ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب] آل عمران. والأكثرية مطلوبة ممدوحة, متى كانت تمثّل جانب الحق. ![]() المفسدة الرابعة عشر :المساواة غير الشرعية تقوم "الانتخابات" على المساواة بين صوت الرجل والمرأة, والصالح والطالح, والمسلم والكافر, والعالم والجاهل, وأهل الحل والعقد وأهل الموسيقى والرقص. وهذا هو نهج "الديمقراطية"! فلا فرق عندها بين الأسد والكلب، بل إن الحيوانات أفضل من الكفار, فقد قال الله تعالى [أولئك كالأنعام بل هم أضل]. وقال تعالى: [إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون] الأنفال. لكن"الديمقراطية" لا تعترف بهذا, لأنها من صنع من يرون أن منزلة الكلب تتجاوز في الرفعة والقيمة منزلة الأب والأم, بل ومنزلة شعب كامل, بل ومنزلة أمة كاملة، وهذا يُعَدّ في الإسلام إجراماً. ولا غرابة في هذه المساواة في "الديمقراطية", لأنها منهج أهل الغبن والغلط, الذين قال الله عنهم: [ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون] آل عمران. فهذه صفة اليهود أنهم يقولون: ليس علينا في الأميين سبيل, وهم يعنون بالأميين: العرب، فهم يقولون: ليس علينا أي ذنب وإثم إذا خدعنا العرب, وعملنا بهم أي عمل إجرامي. والأدلة على تحريم هذه التسوية معلومة, فمن ذلك: قال سبحانه: [ أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ] القلم. ومهما بلغ الحسبان عند أي مجرم أن يسوّي بين المؤمن والكافر، فهذا حسبان باطل لا قيمة له في ميزان أحكم الحاكمين، قال سبحانه: [أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون] الجاثية. فما أسوأ هذا الحكم الذي يجعل من ظلَم كمن عدَل، ومن فسد كمن صلح، ومن كفر كمن آمن بالله. هل يجوز أن يُسوّى بين مكنّس الشارع ووزير الدولة في رتبته وأجر وظيفته؟ إذا كان هذا لا يجوز, فيكف يُسمح لـ"الديمقراطية" أن تعبث هذا العبث, وأن تفسد في الأرض هذا الفساد؟ وقال عز وجل : [أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون] العنكبوت. وقال سبحانه: [أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار] ص.ويقول سبحانه: [ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون] الأعراف. فالإسلام أعطى كل ذي حق حقه، وأي إهانة تبلغ بالشعوب كهذه الإهانة؟ والقرآن يدافع عنا, ويرفع من قدرنا, لأننا مسلمون، ولكن بعض المسلمين –للأسف- لسان حاله يقول: لابد أن نكون كما أراد اليهود, وأن نتحضر كما تحضروا -زعموا-. وأنا أسأل العلماء الغارقين في الحزبية، الذين شغلتهم الحزبية عن العلم والبحث عن المسائل الشرعية: يا أيها العلماء: هل الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل المنافقين وأهل الذمة في التشاور بين المؤمنين؟. يا أيها الأساتذة: هل الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل الجهال والحمقى في التشاور مع المؤمنين؟ يا أيها الدكاترة: هل الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل نساء المؤمنين في سياسة الأمة, وأعطى لهن الحق كالرجال سواء كن صالحات, أو غير ذلك؟ يا أيها المثقفون الحركيون: هل الرسول صلى الله عليه وسلم أدخل نساء المدينة بما فيهن الجواري والإماء في التشاور مع المؤمنين؟ يا قوم : كيف يجوز أن يُسوّى بين صوت مسلم من أهل السنة, وبين صوت علماني أو كافر أو مبتدع أو عاهرة؟!. وكيف يُسوّى صوت العالم التقي النقي الصالح, بصوت فاجر منافق؟ وكيف يُسوّى صوت رجل عاقل برجل جاهل أحمق سبّاب شتّام لعّان كذّاب خدّاع مكّار؟! أي ظلم بعد هذا؟ من كان منا يريد أن يهين نفسه فليهنها، أما نحن فو الله إن أنفسنا كريمة علينا، لا يمكن أن نقبل هذه القسمة الضيزى. ◄المفسدة الخامسة عشر :قبول المرشّح دون النظر إلى الشروط الشرعية تقوم "الانتخابات" على قبول المرشّح بدون شروط شرعية، وهذا أمر مخالف للقرآن والسنة وأقوال أئمة العلم والهدى، قال الله تعالى:[ لا ينال عهدي الظالمين] البقرة. والظلم يقع بأدنى ملابسة، ولكن المراد بالظلم هنا: البيّن الواضح، لا الخفي، ولهذا أخبر سبحانه, أنه لا يظلم مثقال ذرة، قال تعالى: [إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها] النساء. استفدنا أن الظلم يقع بمثقال ذرة, ولكن كما قلنا: المراد هنا بالظلم: الواضح البين من المعاصي والذنوب، فأفادت الآية أن الظالم لا يجوز أن يُختار إماماً لا في الدين ولا في الدنيا, لما بينهما من الترابط, ومما يدلنا على أن المراد بالظلم هنا: البين، قوله سبحانه وتعالى: [وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين] الصافات. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم, وتدعون لهم ويدعون لكم, وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم, وتلعنونهم ويلعنونكم)) رواه مسلم من حديث عوف بن مالك. وقال الحسن البصري رحمه الله: "أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهوى، ولا يخشوا الناس, ولا يشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً، ثم قرأ: [يا داود إنا جعلناك خليفةً في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب] ص. وقرأ: [إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ] المائدة.". وقال عمر بن عبد العزيز: "خمس إذا أخطأ القاضي منهن واحدة كانت فيه وصمة: أن يكون فهماً حليماً عفيفاً عالماً سؤولاً عن العلم". وقال الكرابيسي صاحب الشافعي في كتابه (آداب القضاء): "لا أعلم بين العلماء ممن سلف خلافاً؛ أن أحق الناس أن يقضي بين المسلمين؛ من بان فضله وصدقه وورعه وعلمه, قارئاً لكتاب, الله عالماً بأكثر أحكامه, عالماً بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم, حافظاً لأكثرها, وكذا أقوال الصحابة، عالماً بالوفاق والخلاف وأقوال فقهاء التابعين، يعرف الصحيح من السقيم, يتبع في النوازل القرآن, فإن لم يجد؛ عمل بالسنن، فإن لم يجد؛ عمل بما اتفق عليه الصحابة، فإن اختلفوا؛ فما وجده أشبه بالقرآن والسنة, ثم بفتوى أكابر الصحابة، ويكون كثير المذاكرة مع أهل العلم والمشاورة, مع فضل وورع, ويكون حافظاً لسانه وبطنه وفرجه"أهـ. راجع (فتح الباري 13/146). وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتابه: (السياسة الشرعية ص26): "الولاية لها ركنان: القوة والأمانة، كما قال تعالى: ]إن خير من استأجرت القوي الأمين[ القصص. وقال تعالى في وصفه لجبريل: ]إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين[ التكوير. والقوة في كل ولاية بحسبها، فالقوة في إمارة الحرب, ترجع إلى شجاعة القلب, وإلى الخبرة في الحروب, والمخادعة فيها..." إلى أن قال: "والقوة في الحكم بين الناس, ترجع إلى العلم بالعدل الذي دل عليه الكتاب والسنة، وإلى القدرة على تنفيذ الأحكام" ثم ذكر الأمانة, فقال: "فالأمانة ترجع إلى خشية الله ]ولا تشتروا بآياته ثمناً قليلاً[، وترك خشية الناس". وهذه الخصال الثلاث التي اتخذها الله على كل حاكم على الناس في قوله تعالى: [فلا تخشوهم واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون] المائدة. وإذا كان الإسلام يحتّم على من يريد أن ينفع هذه الأمة, وأن يتولى أمراً من أمورها العامة, أن يكون متصفاً بهذه الصفات العظيمة، فما حال من يريد أن يتولى أمور الأمة, ولكنه لا يلتزم بهذه الأمور؟ روى البخاري ومسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رفع الأمانة إلى أن قال: ((... فيصبح الناس يتبايعون, ولا يكاد أحد منهم يؤدي الأمانة, فيقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً, فيؤتى بالرجل, فيقال: ما أظرفه, ما أعقله, ما أجلده, وما في قلبه مثقال حبة, من خردل من إيمان)). أليس هذا هو واقعنا؟ بل أشد من ذلك، فهل يجوز لأي مسلم يحب النجاة لنفسه ولمجتمعه, أن يقدم على أمور لا تحمد عقباها، وهذا ابن مسعود يقول:"نفس تنجيها؛ خير من إمارة لا تحصيها". فهل تعلم أخي المسلم أنك إذا أصبحت مسؤولاً على أمر من أمور الأمة, سواء كنت رئيساً أو وزيراً أو وكيلاً أو مديراً أو قاضياً .. أو غير ذلك, وأنت تفتقد العلم الشرعي والعدل والصلاح, ولم تكن ناصحاً في عملك, فأنت على خطر، قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية, يموت وهو غاش لرعيته, إلا حرّم الله عليه رائحة الجنة)) متفق عليه من حديث معقل بن يسار، وفي لفظ((حرّم الله عليه الجنة)). أخي المسلم: الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((الظلم ظلمات يوم القيامة)) فهل ترضى أن تكون يوم القيامة مسخوطاً عليك؟ فالنصيحة للأخ المسلم؛ أن لا يدخل في سلك المسئولية والوظائف, إلا وهو على علم بدينه, أو يستنصح علماء السنة في أمره, ويرجع إليهم، فإن لم يقبل هذه النصيحة؛ فلا خير فيه لنفسه, فضلاً عن أن يكون فيه خير لغيره. وهنا سؤالا يُوجّه للذين يدعون الناس إلى التحزب والدخول في معركة "الانتخابات": ماذا عملتم لهؤلاء الناس؟ هل فتحتم لهم أماكن ليتعلموا أحكام الله, ويحكموا بدينه؟ أم تلقون بهم إلى الوظائف فيغشون ويظلمون, ظناً منهم أنهم على خير، أليس هذا غشاً لهؤلاء؟ الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((يا فاطمة بنت محمد, أنقذي نفسك فإني لا أملك لك من الله شيئاً)) ما قال لها: اركني عليّ, وعليك فقط أن تخدميني، ولكن دعاها إلى البحث عن نجاة نفسها, تاركة خلف ظهرها كل الملابسات والإغراءات والأماني الباطلة. وواجب العلماء هكذا, أن يقولوا لكل مسلم: انقذ نفسك أولاً، قال الله تعالى: [يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم] المائدة. وإذا أنقذت نفسك فانقذ أولادك وأهلك أولاً, ثم ما استطعت من مجتمعك، فإن أعطاك الله علماً وقدرة وجرأة لتقول الحق, وتنفّذ الحق, فهذا مما يريده الله منا على حسب قدرتنا. والعجيب أنك تسمع الدندنة للناس: اختاروا الرجل الصالح!. والسؤال: ماذا تعنون بالرجل الصالح؟ هل تعنون به الذي في حزبكم؟ لأننا ما رأينا صالحاً على وصف القرآن والسنة إلا نادراً, وهذا النادر ليس بيده شيء, وإنما نرى متحزبين فقط. فإن كان مرادكم بالصالح: الحزبي, فقد خبتم وخسرتم، فلو كان ناصحاً لنفسه, ما دخل في الحزبية المخالفة للشرع, ولا قبل "الانتخابات" ودافع عنها، وإن كنتم تريدون الرجل الصالح الذي يترك "الانتخابات" والتلبيسات والبدع, وهو مستقيم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, فهذا ليس معكم فيما تدعون إليه، فما بقي إلا أنكم تعنون الحزبي فيكم فقط أو الذي يوافق هواكم. ![]() ◄المفسدة السادسة عشر :فتنة النساء في الانتخابات: بما أن "الانتخابات" فرع من "الديموقراطية", ومن منهج "الديموقراطية" المساواة بين الرجل والمرأة في كل الأمور, ومنها: "الانتخابات". فمن هنا نبدأ بمناقشة هذا التصرف، وما فيه من الأخطاء, وهي كالآتي: 1- من أجاز من العلماء "انتخابات" النساء؟ لا يوجد شيء من ذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم, ولا عن صحابته, ولا عن علماء الأمة, منذ ثلاثة عشر قرناً، وإذا كانت هذه القضية خارجة عن الكتاب والسنة وعلماء الأمة، فما أبعدها عن الحق والصواب، ولا يقول قائل: هذه القضية حادثة جديدة، لأن اختيار الولاة والقضاة والحكام أمر كائن منذ جاء الإسلام، بل منذ جاءت الحياة, وسواء كان في حق أو باطل. وهذا كافٍ في بطلان جواز "انتخابات" النساء, إلى جانب ما سبق من الحكم على "الانتخابات"، ومعنى هذا أن الحزبيين ليس عندهم اقتناع بما يفتي به العلماء، ولا يعتبرون العلماء مرجعاً للأمة، وكفى بهذا انحرافاً، أما علماء التحزب فلا تقبل فتاواهم. 2- إنّ اختيار النساء مسئولات في قيادة الأمة, يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري عن أبي بكرة. والأمر هنا الذي يتعلق بالناس, هو اختيار المسئول، ولن يفلح هؤلاء. وقد لقي أبو بكرة مجموعة من الصحابة وهم سائرون إلى الكوفة من أجل قضية قتلة عثمان, والمطالبة بالقصاص, فقال لهم: من أميركم؟ قالوا: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقال أبو بكرة: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) وأبَى أن يذهب معهم, فانظر كيف لامهم على تأميرهم لها في سفرتهم، والاختيار لها بأن تكون المتكلمة مع علي رضي الله عنه, مع أن عائشة هيَ هيَ في الفضل والهدي. وتحقق أنهم ما أفلحوا, وقد تمنت عائشة رضي الله عنها أنها ما خرجت. 3- يأتي المسجلون لأسماء الناخبات, فيدعون النساء إلى "الانتخابات", ولا يستأذنون أحياناً من أزواجهن وأوليائهن، بل قد يعلمون أن زوجها لا يرضى بهذا الأمر، وكأن المرأة في ملكهم، ويأتون إلى نساءٍ أزواجهن غائبون, ويدعونهن أن يأتين وينتخبن. وبهذا يفتنون بين الرجل وزوجته، فإن الرجل يقول: لا تخرجي هذا حرام، ولكن المرأة تقول: قد ذهبت فلانة، وقد خرجت فلانة لنصرة الإسلام -زعموا!- فتخرج رغم أنف زوجها. 4- معروف أن شهادة المرأة بنصف شهادة الرجل، فكيف جاز لهم أن يسووا بين شهادة الرجل والمرأة؟ قال الله تعالى: [واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ] البقرة. فإذا كانت شهادة المرأة نصف شهادة الرجل في قضية الشهادة على الدَّيْن، فما بالك في قضية ولاية الأمة كلها, والتي جعلها الشرع بأيدي أهل الحل والعقد؟ أتكون قضية سهلة, وهي ولاية المسلمين؟! والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين, أذهب للبِّ الرجل الحازم من إحداكن, أمَّا نقصان العقل؛ فشهادة امرأتين بشهادة رجل وأما نقصان الدِّين؛ فإن إحداكن تفطر في رمضان وتقيم أياماً لا تصلي))رواه مسلم وأبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقد جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. فكيف جاز لهم أن يتجاوزوا هذه الأدلة؟ والله يقول:[ وليس الذكر كالأنثى] آل عمران. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 5 | |||
|
![]() ◘ثانيا : مفاسد الانتخابات الرئاسية : إن طلب ولاية الإمارة من الأمور التي نهى عنها الرسول الله صلى الله عليه وسلم لما فيها من التبعات، والله المستعان. ![]() ◄المفسدة السابعة عشر :الحرص والتنافس على طلب الإمارة . فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم أنا ورجلان من بني عمي ، فقال أحد الرجلين : يا رسول الله أمرنا على بعض ما ولاك الله ، وقال الآخر مثل ذلك ، فقال : (إنا لا نولي على هذا العمل أحداً سأله ولا أحدا حرص عليه ) . وثبت عند البخاري من حديث عبد الرحمن بن سمرة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : (يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة ، فإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها. .) قال الحافظ – رحمه الله -:"فمن كان ذا عقل لم يتعرض للطلب أصلاً " فتح الباري ( 13/ 133). ![]() ◄المفسدة الثامنة عشر : منازعة الأمر أهله . جاء عند مسلم من حديث عرفجة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه ) ، وفي لفظ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما ) . قال الشيخ صفي الرحمن : " ولاشك أن هذه المنازعة تتحقق في الانتخابات فما من حزب إلا ويحاول بكل ما أتي من المواهب والقدرات أن يتغلب على السلطة وينزع الحكومة من أيدي القائمين بها إذا كانت من الأحزاب المعارضة وعلى العكس من ذلك يحاول الحزب الحاكم أن لا يفلت زمام الحكومة من يده بحال " الأحزاب السياسية في الإسلام ص 60 . وجاء في الصحيحين من حديث ابن عباس في (الصحيحين) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من رأى من أميره شيئاً يكرهه, فليصبر, فإنه من فارق الجماعة شبراً, فمات إلا مات ميتة جاهلية)). فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عند حصول جور الحاكم بالصبر, ونعم العلاج الصبر. فالانتخابات الرئاسية تسمح بمنازعة حاكم البلاد, ومنازعته من قبل شخص فأكثر, وهذه المفسدة أخطر من مفاسد تنازع الأحزاب فيما بينها من أجل الوصول إلى المجالس النيابية, يوضِّح ذلك الآتي: أ- الحاكم ليس عنده استعداد أن يتنازل, بل عنده استعداد أن يحمي منصبه بكل ما يمكن, ولو أدى ذلك إلى أخطار فادحة. ب- الحاكم الذي مِنْ قِبَل النُّظم "الديموقراطية" -في الغالب- يجد نفسه متورطاً مع اليهود والنصارى, فهو في نظره مضطر إلى أن يرضيهم بما يريدون من نشر الفساد وحمايته. ج- يضطر الحاكم إلى إنفاق الأموال الطائلة في شراء الذمم, لينتخبه الشعب, وهذه الأموال إما من حق الشعب, وهذا فيه من الظلم ما الله به عليم, وإما أن يكون من قبل الأعداء قرضاً أو منحةً. وهذا لا يكون إلا بمقابل, والمقابل في الغالب يكون فيه تنازلات عن أمور عظيمة من دين الإسلام. د- من المعلوم أن الأحزاب المعارضة في الساحة تريد أن يكون الحاكم لذلك الشعب منها, وما تحزبت إلا من أجل هذا, فالحاكم مضطر إلى إرضائها, وهذا الإرضاء يكون في الغالب قائما على ارتكاب محظورات شرعية. ه- الحاكم إذا لم يخضع لأعداء الإسلام, ويطبّق ما يريدون, فهم مستعدون أن يثيروا ضده الأحزاب, لتبقى البلاد ميداناً للصراع والنزاع. فانظر إلى هذه الأضرار الخطيرة الناجمة عن "الانتخابات" الرئاسية. ![]() ◄المفسدة التاسعة عشر :يؤدي النظام الانتخابي إلى تولية غير المسلم : "الديمقراطية" تفتح المجال للأقليات اليهودية والنصرانية وغيرها في بلاد المسلمين ليستولوا على الحكم, وليس أمام الأقليات هذه إلا أن تتكتّل وتشتري الذمم. وقد حدث ذلك في أكثر من بلد إسلامي, ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: نيجيريا وأوغندا وأريتيريا ولبنان وغيرهن. فنيجيريا مثلاً: نسبة السكان المسلمين فيها تتجاوز 80% ومع ذلك يحكمها رئيس نصراني باسم "الديموقراطية". وكذلك أوغندا وأريتيريا ولبنان... وأما البلدان التي لم يستطيعوا الوصول إلى كرسي الحكم فيها إلى الآن, فقد وصلوا إلى أعلى "سلطة تشريعية" كما يسمونها, ألا وهي: "المجالس النيابية". فأصبح اليهودي أو النصراني أو غيرهما يعبّر عما في نفسه, بل ويدعو إلى دينه بكامل الحرية, وعلى الأكثرية المسلمة أن تحميه تحت مادة من مواد الدستور وهي: "المواطنون كلهم سواسية, فلا اختلاف بينهم باختلاف اللون أو الجنس أو العقيدة"!. ولا يخفاك ما في هذا من الخطر البالغ على مستقبل المسلمين, بل والمصادمة الصريحة لكلام رب العالمين, قال تعالى: [أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون] القلم. وقال تعالى: [أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون] الجاثية. ولهذا حرّم الإسلام ولاية الكافر على المسلم تحريماً قطعياً, وهذا معلوم من الدين بالضرورة؛ وقد أجمع العلماء على ذلك. والأدلة على ذلك كثيرة. قال تعالى: [ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً] النساء. ولفظ "سبيلاً" نكرة في سياق النفي, فهو يعم كل سبيل, فليس للكافرين أي سبيل على المسلمين, فكيف لو كان قائداً أو وزيراً؟!. ![]() ◄المفسدة العشرون :يؤدي النظام الانتخابي إلى تولية المرأة: ذلك أن المرأة في النظام الانتخابي يحق لها أن تشارك في الانتخابات وقد تحضى على أكبر عدد من الأصوات عياذا بالله ، جاء في البخاري من حديث أبي بكرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ) . قال الخطابي : " في الحديث أن المرأة لا تلي الإمارة ولا القضاء " نقلاً من فتح الباري ( 7/ 735) . ![]() ◄المفسدة الحادية و العشرون :عدم وجود العلم النافع في حاكم البلاد وذلك لأن الانتخابات تعتمد على رأي الأكثرية ومعلوم أن أهل الشر في المجتمع أكثر من أهل الخير قال تعالى : [ وإن تطع أكثر من الأرض يضلوك عن سبيل الله ] وقال :[ وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين ] . وأهل الجهل أكثر من أهل العلم قال تعالى(قل إن أكثر الناس لا يعلمون)).و الذين خططوا للنظام "الديمقراطي" من اليهود والنصارى, يريدون اختيار أسوأ الرجال وأفجرهم, إن تيسّر لهم ذلك, ليكون هذا الصنف هو الذي يحكم البلاد, وبه تتحقق مصالح الأعداء. والإسلام قد جعل العلم النافع المنبثق من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما يتبعهما من علوم نافعة؛ سبباً لصلاح الشخص لتولي رئاسة الدولة, والأدلة الشرعية الدالة على ذلك كثيرة. ولكن نقتطف منها ما يلي: روى مسلم في (صحيحه) من حديث ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله, فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)). فإذا كان من يؤم الناس, يحتاج إلى أن يكون عالماً بما يتعلق بالعبادة, فما بالك بمن هو إمام مُطالب أن يقيم الإسلام فيمن ولاّه الله عليهم؟. وكيف يقدر على أن يُسيّر الأمور على وجهها, ويقيم دين الله, وهو لا يعرف دين الله؟ فلا أحد أحوج إلى العلم النافع ممن يتولى أمور المسمين, والجاهل لا يحسن رعاية شاة, فكيف يرعى الأمةَ الجهّالُ؟. ولهذا قال تعالى: [قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون]. ![]() ◄المفسدة الثانية والعشرون : عدم اشتراط العدالة الشرعية النظام "الديمقراطي الانتخابي" لا يشترط تحقيق العدالة في رئاسة الدولة. ومن المعلوم من الدين بالضرورة أنه لا يتولى على المسلمين في صقع من أصقاع الأرض, إلا من كان عدلاً. وأنه لا يجوز لأهل الحل والعقد أن يختاروا غير العدل. والعدالة المعنية هنا هي: مجموعة صفات حميدة, كالأمانة والصدق والتقوى, وغير ذلك, تحمل الحاكم على مراقبة الله, وتعظيم رعاية الحقوق. ولا تنعقد الإمامة لفاسق ابتداءً, إلا إذا غلب عليها, أو دعت الحاجة له, فتنعقد له حينذاك. وكيف تنعقد, والغرض من وجود الحاكم الأعلى, هو إقامة الإسلام, وسياسة الأمة بالسياسة الشرعية. والأدلة على اشتراط العدالة كثيرة, منها: قوله تعالى في قصة إبراهيم: [إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين] البقرة. بمعنى أن : الإمامة لا ينالها ولا يستحقها ظالم, أياً كان نوع الإمامة. فكيف يجوز أن يكون رئيس الدولة فاسقاً؟ والفاسق لا تُقبل شهادته ولا حكمه, قال تعالى: [إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..] الحجرات. فإذا كان قول الفاسق لا يقبل إلا بعد التبيّن, فكيف إذا كان الحاكم فاسقاً؟. قال تعالى: [ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون] الشعراء. فقد نهى الله عباده أن يطيعوا المسرف والمفسد. فإن كان حاكماً؛ فلا يطاع إلا في ما لم يكن فيه معصية لله ورسوله صلى الله عليه وسلم. والحاكم الفاسق لابد أن يأمر بما فيه معصية الله, ومن هنا يحصل الشر, ويهلك هو ويهلك من أطاعه. فالنظام "الديمقراطي" يدفع الناس لكي ينتخبوا لرئاسة الدولة الظالمين والمفسدين, فبئس النظام. وتبّاً لمن يقبل نظاماً مفاسده لا حصر لها, فلا تلتفت يميناً ولا شمالاً, إلا وجدت عيوباً لهذا النظام, والله المستعان. ------------------ (1) والكلام هاهنا لفضيلة الشيخ محمد بن عبد الله الإمام نقلا عن كتابه(تنوير الظلمات بكشف مفاسد الانتخابات)) وجل ما ذكرته من مفاسد هو مما استفدته من كتابه المبارك-إن شاء الله- فجزاه الله عنا وعن الإسلام والمسلمين خيرا. |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 6 | |||
|
![]() المبحث الرابع:كيفية تولي الحكم في الإسلام: اعلم وفقني الله وإياك؛ أن الإمامة الشرعية تنعقد لصاحبها بطريقتين شرعيتين:ـ الطريقة الأولى, وهي: الاختيار والبيعة الطريقة الثانية : وهي : العهد أو «الاستخلاف". وطريقة غير شرعية وهي : التغلب والقهر. ![]() ◘الطريقة الأولى : الاختيار والبيعة : ومعناها : اختيار أهل الحل والعقد من يكون رئيساً، وهذه الطريقة هي الأصل، وهي ثابتة بالسنة والإجماع. ◄من هم أهل الحل والعقد في الاصطلاح الشرعي؟ الجواب: هم مجموعة من خيار المسلمين في الدين والصلاح وحسن الرأي والتدبير من علماء ورؤساء ووجهاء الناس. قال النووي في شرح مسلم: (أما البيعة فقد اتفق العلماء على أنه لا يشترط لصحتها مبايعة كل الناس، ولا كل أهل الحل والعقد، وإنما يشترط مبايعة من تيسر إجماعهم من العلماء والرؤساء ووجوه الناس)اهـ. وهم المشارون بقوله تعالى((وأمرهم شورى بينهم)) ولا يمكن أن يكون الشورى بين جميع أفراد الأمة,فتعين أن يكون بين جماعة تمثل الأمة ويكون رأيها كرأي مجموع أفراد الأمة,وما هؤلاء إلا أهل الحل والعقد. قال ابن بطال في شرح البخاري في بيعة الصديق: (ثم بايعه الناس أحسن بيعة وأجملها. فدل هذا الحديث أن القوم لم يبايعوه إلا بعد التشاور والتناظر واتفاق الملأ منهم الذين هم: أهل الحل والعقد على الرضا بإمامته)اهـ. ◄ما هي الشروط التي يجب توافرها في أهل الحل والعقد؟ الجواب كالآتي: 1- الإسلام: فلا يجوز أبداً أن يكون الكافر من أهل الحل والعقد, لأن الله يقول:[ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا]النساء. فلا ولاية للكافر على المسلم أبداً بإجماع العلماء. 2- العقل: لابد أن يكون كل فرد من أهل الحل والعقد عاقلاً، فغير العاقل إما لصغر, أو لزوال عقله, أو لنقصان عقله, لا يجوز أبداً أن يتولى شيئاً من هذا الأمر وأمثاله. 3- الرجولة: فلا يجوز أن يكون في أهل الحل والعقد امرأة، قال تعالى: [الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم...] النساء، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) رواه البخاري. 4- الحرية: يشترط في كل فرد من أفراد الحل والعقد أن يكون حراً, لأن العبد لا يملك نفسه, فهو تحت طاعة سيده. 5- التقوى: وهي هيئة راسخة في النفس, تحمل صاحبها على اجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر, ويُعرف هذا بالاستفاضة والشهرة بين أهل العلم, لثقة المسلمين به, والانقياد له. 6- العلم: يشترط أن يكون عند أهل الحل والعقد من العلم الشرعي ما يجعلهم يعرفون من يستحق الخلافة والرئاسة، فالذي لا يعرف الصفات التي تؤهل فلاناً للخلافة, لا يصلح أن يشارك مع أهل الحل والعقد، وينبغي أن يكون معروفاً بالرأي والحكمة, وأن يكون صاحب خبرة في علمه وفنّه -وإن كان دنيويا-. 7- عدم الانتماء إلى أهل الأهواء: فإذا كان من أفراد أهل الحل والعقد, من ينتمي إلى أهل الأهواء من أصحاب البدع والضلالات فإنه يسعى إلى اختيار من ينصر ما هو عليه من الانحراف, أو يخذل ويروج. 8- البلوغ: أن يكون بالغاً. ◄كيف يُعْرَف أهل الحل والعقد ويُعَيَنُون ؟ الجواب : يُعْرَفون من خلال صفاتهم – الآنفة الذكر- فمن توافرت فيهم تلك الصفات أصبح تلقائيا من أهل الحل والعقد , يتحمل مسؤولياته ويقوم بها دون تكليف من أي جهة كانت أي أن بعض الأفراد يتدرجون صعدا حسب الصفات التأهيلية, وحسب نظرة كل مجتمع حتى يصلوا إلى درجة الريادة والسيادة في المجتمع. وإذا كانت أسباب التدرج في المجتمعات الغير المسلمة تنطلق من منطلقات مادية, فإن ذلك يختلف في المجتمع المسلم, فأسباب التدرج والصعود تبدأ بالتقوى والخلق والعلم. ثم رجاحة العقل وسداد الرأي, ثم الخبرة, ثم الشوكة, وهكذا. والحجة في ذلك ما كان عليه الواقع السياسي في القرون المفضلة.فقد كان التركيب الاجتماعي والسياسي يبرز أهل الحل والعقد في يسر, فقد كان رؤساء الأسر ووجهاء القوم معروفين بأعيانهم في المجتمع المحدود لكل حاضرة كبيرة في الأقطار الإسلامية, كما كان الكبراء معروفين بالشرق والعرب في شتى المجتمعات القديمة والوسطى والحديثة إلى ما قبل شيوع النظام البرلماني. فأهل الحل والعقد لا يحتاجون إلى أن يُعيِنهم شخص أو فئة لأن علمهم وراجحة عقلهم وخبرتهم وغيرها من الصفات هي التي تعينهم وتفرضهم على المجتمع فإن من يصل إلى درجة التأثير في المجتمع لا بد أن يشتهر أمره وأن يشار إليه بالبنان, ولا سيما أهل العلم فإنهم كما يقول الشوكاني((لا بد أن يرفع الله لهم من الصيت والشهرة ما يعرف به الناس أنهم الطبقة العالية))السيل الجرار4/508. تنبيه: أهل الحل والعقد لا يُشترط فيهم عدد معين، ولا يلزم أن يكون كل من يصلح لهذا الأمر موجوداً, ولكن أهل الحل والعقد المعتبر بهم أن يكونوا أهل قدوة وشوكة وأغلب وجهاء الناس. ◄كيف يتم نصب الإمام(الرئيس) وفق هذه الطريقة؟: • إذا وُجِدَ أكثرُ من واحد يصلح للإمامة والرئاسة, فالمطلوب من أهل الحل والعقد أن يميزوا بين من هو أحق بها بالمواصفات الشرعية، ولهم أن يختاروا من شاءوا بعد هذا التمييز، ومما يجدر التنبيه عليه؛ أنه ينبغي لهم أن يولّوا من هو أنفع وإن لم يكن أفضل, فإن اجتمع في الشخص هذان الوصفان؛ فذلك الكمال الذي يقلّ وجوده، وعليهم أن ينظروا إلى من يكون الناس أسرع انقياداً له, ويراعوا أيضاً أحوال الزمان الذي هم فيه.يقول الماوردي ((فَإِذَا اجْتَمَعَ أَهْلُ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ لِلِاخْتِيَارِ تَصَفَّحُوا أَحْوَالَ أَهْلِ الْإِمَامَةِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِمْ شُرُوطُهَا فَقَدَّمُوا لِلْبَيْعَةِ مِنْهُمْ أَكْثَرَهُمْ فَضْلًا وَأَكْمَلَهُمْ شُرُوطًا وَمَنْ يُسْرِعُ النَّاسُ إلَى طَاعَتِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُونَ عَنْ بَيْعَتِهِ , فَإِذَا تَعَيَّنَ لَهُمْ مِنْ بَيْنِ الْجَمَاعَةِ مَنْ أَدَّاهُمْ الِاجْتِهَادُ إلَى اخْتِيَارِهِ عَرَضُوهَا عَلَيْهِ , فَإِنْ أَجَابَ إلَيْهَا بَايَعُوهُ عَلَيْهَا وَانْعَقَدَتْ بِبَيْعَتِهِمْ لَهُ الْإِمَامَةُ فَلَزِمَ كَافَّةَ الْأُمَّةِ الدُّخُولُ فِي بَيْعَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لِطَاعَتِهِ , وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِمَامَةِ وَلَمْ يُجِبْ إلَيْهَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا عَقْدُ مُرَاضَاةٍ وَاخْتِيَارٍ لَا يَدْخُلُهُ إكْرَاهٌ وَلَا إجْبَارٌ , وَعُدِلَ عَنْهُ إلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ مُسْتَحِقِّيهَا .)) الأحكام السلطانية. فالمبايعة تكون من أهل الحل والعقد فمتى كان ذلك وجب على البقية إتباع أهل الحل والعقد لأنهم فضلاء الأمة وذوي الرأي والمكانة فيها والمتبوعين فيها وهم شركاء-أعني أهل الحل والعقد- للإمام في تحمل الأمانة وأنهم سيحلمون وزره إذا لم يتحروا في اختياره الصواب. قال العلامة الشوكاني - رحمه الله - ( السيل الجرار 4/513 ) : « وليس من شرط ثبوت الإمامة أن يُبايعه كل من يصلح للمبايعة , ولا من شرط الطاعة على الرجل أن يكون من جُملة المُبايعين ؛ فإن هذا الاشتراط - في الأمرين - مردودٌ بإجماع المسلمين أوّلهم وآخرهم , سابقهم ولاحقهم . ولكن التحكّم في مسائل الدين وإيقاعها على ما يُطابق الرأي المبنيّ على غير أساسٍ يفعل مثل هذا . وإذا تقرر لك ما ذكرناه :فهذا الذي قد بايعه أهلُ الحلّ والعقد :قد وجبتْ على أهل القُطر الذي تنفُذُ فيه أوامره ونواهيه طاعته بالأدلة المتواترة » انتهى . ◄ما تصح به البيعة: 1- أن يكون المبايَع له قد توافرت فيه شروط الإمامة.2- أن يبايعه أهل الحل والعقد. 3- أن يستجيب المتأهِّل للبيعة إذا دُعِيَ لذلك, فإذا امتنع لم تنعقد إمامته. 4- أن تكون البيعة على الكتاب والسنة قولاً وعملاً ظاهراً وباطناً. ماذا بعد البيعة على المبايِع؟ 1- يحرم عليه نكث البيعة, فإنّ نَقْضَهَا كبيرة من كبائر الذنوب، فقد جاء عند الإمام مسلم وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من بايع إماماً, فأعطاه صفقة يده, وثمرة قلبه, فليطعه إن استطاع, فإن جاء آخر ينازعه؛ فاضربوا عنق الآخر)). 2- عليه أن يصبر إن رأى من أميره شيئاً يكرهه، فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من رأى من أميره شيئاً فكرهه, فليصبر, فإنه ليس أحد يفارق الجماعة شبراً فيموت؛ إلا مات ميتة جاهلية)) رواه البخاري ومسلم. 3- تشرع البيعة من غير أهل الحل والعقد من جماهير الناس ومن عوامهم للأمير المبايَع له من قبل أهل الحل والعقد، وبيعتهم هذه تسمى بيعة الطاعة, وبيعة أهل الحل والعقد هي بيعة الانعقاد والسمع والطاعة. 4- لا يجوز للمبايِع أن يبايع إماماً آخر, كما تقدم. 5- ومن أعمال أهل الحل والعقد: مراقبة الولاة ومحاسبتهم -بالضوابط الشرعية- وخلعهم إذا دعت الحاجة الشرعية لذلك, بشرط أن لا تحدث مفسدة أكبر. ![]() ◘الطريقة الثانية في اختيار الخليفة, وهي:العهد أو "الاستخلاف". وصورتها: أن يعهد الخليفة القائم بالإمامة لرجل، وقد اتفق أهل السنة والجماعة على مشروعية هذا الاستخلاف واستندوا في ذلك إلى نصوص من السنة والإجماع وعمل الخلفاء الراشدين, أما السنة فقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( لقد هممت أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهد, أن يقول القائلون أويتمنى المتمنون, ثم قلت يأبى الله ويدفع المؤمنون , أو يدفع الله ويأبى المؤمنون) متفق عليه .وقد عهد أبو بكر رضي الله عنه بالخلافة من بعده إلى عمر رضي الله عنه,وعهد عمر إلى الستة الذين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض(أنظر ابن سعد الطبقات الكبرى-ج3 ص196. ولقد أجمع المسلمون على جواز انعقاد الخلافة بهذا الطريق في عهد الصحابة فمن بعدهم, فلم يعرف منهم من أنكر أو خالف ذلك..يقول النووي : وأجمعوا على انعقاد الخلافة بالاستخلاف ... ◄كيف يتم نصب الإمام وفق هذه الطريقة : هناك خطوات يجب أن تتبع عند نصب الإمام(الرئيس) بناءا على هذه الطريقة-الاستخلاف- وهي كالآتي :الخطوة الأولى : العهد من الإمام الشرعي القائم إلى من يخلفه في سياسة الأمة بعد وفاته فالخليفة يجوز له أن يختار للمسلمين من يقوم مقامه في تحمل المسؤولية , فهو أمين على مصالح الأمة في دينهم ودنياهم,ينظر لهم ذلك في حياته,ويتبع ذلك أن ينظر لهم بعد مماته. الخطوة الثانية : أن يقبل المعهود إليه تحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه ولا يجوز إجباره في حال رفضه لهذه المسؤولية. الخطوة الثالثة : أن يوافق أهل الحل والعقد على هذا الاختيار والترشيح فالاستخلاف لا يعني سلب حق أهل الحل والعقد في الاختيار إذ لو رفض أهل الحل والعقد هذا الاستخلاف ولم يقبلوا بالشخص المعهود إليه فلا تنعقد الخلافة , فأبو بكر رضي الله عنه حين أراد استخلاف عمر رضي الله عنه استشار علماء الصحابة فاتفقوا جميعا على أن عمر هو الأجدر للخلافة بعد أبو بكر رضي لله عن الجميع, قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وكذلك عمر صار إماما لما بايعوه وأطاعوه,ولو قدر أنهم لم ينفذوا عهد أبي بكر في عمر لم يصر إماما))المنتقى من منهاج الاعتدال ص 58. ◄شروط صحة الاستخلاف : 1- أن تكون الشروط المطلوبة في الإمام موجودة في المعهود إليه, كالإسلام والحرية والبلوغ والعقل والذكورة والعدالة. 2- أن يقبل المعهود إليه العهد, ويرضى به, فإن امتنع لم تقبل الوصية له بالعهد. 3- أن يكون المعهود إليه حاضراً, أو في حكم الحاضر. 4- أن يكون الإمام قد عهد بهذا العهد, وهو ما يزال إماماً. 5- أن يكون الإمام العاهد قد تشاور مع أهل الحل والعقد, ووافقوه على ذلك بدون إجبار أو إكراه. 6- لا يكون العهد من الإمام لأصوله أو فروعه ، وهذا على الراجح لأمرين: أ- إقتداء بالخلفاء الراشدين، ولو لم يكن في هذا إلا أنه شبهة, لكفى في البعد عنه، ولم يعهد أبو بكر لابنه ولا عمر لابنه وكذا عثمان وكذا علي رضي الله عنهم. ب- أن الإمام مهما يبلغ من التقوى والصلاح والورع فإنه ما يزال بشراً, فيه ميول وغرائز وطبائع ونوازع نحو الخير وأخرى نحو الشر, فهو يخطئ ويصيب, ويذنب ويستغفر, فليس بمعصوم، وقد يجامله بعض أهل الحل والعقد، وقد يتعامل معهم بشيء من الإكراه، فالذي تطمئن إليه النفس الابتعاد عن هذه الشبهة، وأداء الأمانة كاملة. ولا أحسب من عَهِدَ إلى أصوله وفروعه سالماً من غش الأمانة -في غالب الأحوال-. ج- إذا كان هذا الميول يحصل من أهل التقوى, فما بالك بمن يضعف إيمانه, ويقل علمه؟. د- إلى جانب ما سبق ذكره, فقد عُلِمَ أن الغالب على من يعهدون بالإمامة لآبائهم أو أبنائهم وما أشبههم, إنما فعلوا ذلك لدنياهم, وإيثاراً لأنفسهم على دينهم وأمتهم, وفي هذا من الغش للأمة مالا يخفى، وهؤلاء يجعلون منصب الإمامة الذي هو أمر ديني يؤتيه الله من يشاء, وراثة لهم ولأبنائهم. ه- حصر الإمامة والخلافة في ذرية الإمام, وجعلها وراثة لهم يتتابعون عليها, عمل مخالف لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون. ![]() ◄ الطريقة الغير الشرعية : التغلب والقهر: وهي أخذ الحكم بالقوة كالثورة والانقلاب, وما أشبه ذلك، فهذه محرمة وهي من أنواع الغدر بل هي من أشر أنواع الغدر لأنها تعتبر من الخروج عن طاعة من أوجب الله على المؤمنين طاعته , وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات, مات ميتة جاهلية, ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعوا إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل, فقتلة جاهلية, ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها, ولا يتحاشى من مؤمنها, ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه)) رواه مسلم في صحيحه. وقال عليه الصلاة والسلام : (( مَن أتاكُم وأمرُكُم جميعٌ علَى رجُلٍ واحدٍ يُريدُ أنْ يَـشُقَّ عصَاكُم أو يُـفرِّقَ جماعتَـكُم فَـاقْـتُلوهُ كائِـنًا مَن كانَ )) رواه مسلم في صحيحه. ولكن إذا تغلّب من له القوة, واستتب له الأمر حتى صار إماماً, وجبت له الطاعة فيما لم يكن فيه معصية الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, وعليه إثمه بما فعل من التغلب و القهر للناس, لِما في ذلك من حقن الدّماء وتسكين الدّهماء، ولِما في الخروج عليه من شقّ عصا المسلمين وإراقة دمائهم، وذهاب أموالهم وتسلُّطِ أعداء الإسلام عليهم، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: «ومن خرج على إمامٍ من أئمّة المسلمين وقد كان النّاس اجتمعوا عليه وأقرّوا له بالخلافة بأيّ وجهٍ كان بالرّضا أو الغلبة؛ فقد شقّ هذا الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فإن مات الخارج مات ميتة جاهليّة، ولا يحلّ قتال السّلطان ولا الخروج عليه لأحدٍ من النّاس، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السّنّة والطّريق». وقال الإمام الشافعي رحمه الله : (كل من غلب على الخلافة بالسيف حتى يسمى خليفة ويجتمع الناس عليه فهو خليفة) فتاوى الشافعي للبيهقي ( 1/448(( . وقد حكى الإجماع على ذلك الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله فقال : (وقد أجمع الفقهاء عَلَى وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه لِما فِي ذَلِكَ من حقن الدماء وتسكين الدهماء) الفتح (13/7) وحكى الإجماع أيضا الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله فقال : (الأئمة مجمعون من كل مذهب على أن من تغلَّب على بلد أو بلدان ، له حكم الإمام في جميع الأشياء ، ولولا هذا ما استقامت الدنيا ، لأن الناس من زمن طويل قبل الإمام أحمد إلى يومنا هذا ما اجتمعوا على إمام واحد ، ولا يعرفون أحدًا من العلماء ذكر أن شيئًا من الأحكام لا يصح إلا بالإمام الأعظم ) (الدرر السنية (7/239)) . قلت : ولايُستغرب من كل هذه الإجماعات , وذلك لأن شريعتنا الغراء قد فرقت بين حال الاختيار وبين حال الإضطرار ففي حال الاختيار يجب الالتزام بتلك الشروط التي سبق ذكرها في الحاكم وطريقة وصوله إلى الحكم أما حال الإضطرار كأن يصل الحاكم إلى الحكم بطرق غير شرعية كالتغلب والقهر أو الانتخابات الطاغوتية فإن المسلمين يجدون أنفسهم مضطرين إلى قبوله مادام مسلما وذلك لأن الخروج عليه يؤدي إلى سفك الدماء وتسلط الأعداء , ولعلنا نشبه ذلك بمسألة أكل لحم الخنزير والميتة إذ لا يجوز أكلها في حال الاختيار أما لو اضطر المرئ إلى ذلك ولم يجد ما يأكله وخاف على صحته فإنه يجوز له الأكل لقوله تعالى: [نَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ] [البقرة:173] فالتغلب والقهر والانتخابات حرام , والمتغلب أو المنتخب أو الناخب كل هؤلاء آثمون ظالمون عاصون لكن إثمهم على أنفسهم ولا يجب أن نتخذ إثمهم ذريعة للخروج على هذا المتغلب أو المنتخب إذا استتب له الأمر فشروط انعقاد الإمامة غير شروط الطاعة في الإسلام(1). قال الإمام النووي - رحمه الله - ( شرحه ، جزء 11 – 12 ، ص 429 ، تحت الحديث السابق ) : « . . . وتتصور إمامة العبد إذا: ولاّه بعض الأئمة, أو تغلّب على البلاد بشوكته وأتباعه؛ ولا يجوز ابتداء عقد الولاية له مع الاختيار؛ بل شرطها الحرية » انتهى. قلت : فرَّق الإمام النووي رحمه الله بين حال الاختيار فاشترط الحرية وقال بعدم جواز عقد الولاية على العبد لكنه لم يسقط إمامة هذا العبد إذا وصل إلى الحكم سواء عن طريقة التولية أو التغلب ففرَّق رحمه الله بين حال الاختيار وبين حال الاضطرار , وهذا ما أجمع عليه أهل السنة قاطبة كما تقدم . ومن خلال هذا العرض, يتضح لك جلياً مدى عناية الإسلام بقضايا الإمامة والولاية على المسلمين. ولقد تحققت هذه الشروط والضوابط في عهد الخلفاء الراشدين, فكان العز والأمان والخير والدين. -----------------------------(1) سبق وبينت شروط انعقاد الإمامة وطرقها الشرعية(الاستخلاف-الاختيار والبيعة)), لكن شروط طاعة الحاكم غير شروط انعقاد إمامته وذلك لأن الحاكم لا يصل دائما عن طريق شرعي وحتى لو وصل عن طريق شرعي فقد يحصل منه جور وظلم لهذا فإن الإسلام الحنيف راعى هذه الأمور بما يحفظ للمسلمين دماءهم ومصالحهم الدنيوية والأخروية فشروط طاعة الحاكم هي : 1-أن تكون الطاعة فقط في المعروف لا المعصية لقوله صلى الله عليه وسلم(لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق). 2-أن لا يكون كافرا لقول النبي صلى الله عليه وسلم(حتى ترو كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان)). |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 7 | |||
|
![]() المبحث الخامس :الرد على شبهات من أجاز التحزب والانتخابات:
يتبع إن شاء الله....... ![]() |
|||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 8 | |||||||
|
![]() قال الأخ أبو معاذ: اقتباس:
اقتباس:
وقال: اقتباس:
قلت : أسئلتك لقد رددت عليها كلها أكثر من مرة في هذا الموضوع وغيره فيا قوم لماذا تكررون نفس الأسئلة القديمة وكأنه ليس لديكم غيرها. هذا جوابي أكرره للمرة الألف: اقتباس:
مللت من تكرار نفس ردودي فجديدكم أرشيفي. |
|||||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : 9 | |||||
|
![]() اقتباس:
هدم أدلة البليدي لهدف ترشيدي ألا تعلم أن الكلمة الواحدة قد يكون لها معان كثيرة بل الكلمة الواحدة قد يكون مصطلحات كثيرة مثلا كلمة "سُنَة" يتغير مفهومها حسب العلم الذي يدرس1-مصطلح "الحزبية": فكذالك كلمة حزب أو جماعة لكنك تخلط عمدا لكي تعطي الحق لك 2-مصطلح"الحركيين": اقتباس:
ما دليل قولك هذا الحركي هو الذي يتحرك لهدف ما ,فأنت حركي لأنك تتحرك لتنشر إقتناعاتك 3-مصطلح "الديمقراطية": تتكلمون عن الدموقراطية ولا تعرفونها لكل دولة ديموقراطية دستور كانت يحدد مجال الذي يسمح للشعب التشريع فيه .فالشعب لا يستطيع أن يشرع قوانين مخالفة لدستور الدولة فالدولة التي تريد أن تكون لا تريد أن يكون قوانين تشرع ضد ديانتها تضع هذا المبدأ في دستورها و المشكل حُل و تبقي لها صفتها الديموقراطية. فقبل أن تنقد أدرس جيدا الموضوع من كل جوانبه فالديموقراطية تقابل الإستبداد الفردي بالحكم كثيرا من علماء الوهابية يخلطون بين الدموقراطية و اللائكية و الإلحادية 4-مصطلح"الانتخابات": هو الإختيار بين مرشحين و طريقة شرعية أول من أقرها الفاروق رضي الله عنه |
|||||
![]() |
![]() |
الكلمات الدلالية (Tags) |
الانتخابات, شبهات |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc