نشر موقع "الحقيقة" تقريراً عن حقيقة ما جرى في حمص ليلة أمس، مؤكداً أن وسائل الإعلام العربية والأجنبية، ولاسيما "العربية" و"الجزيرة"، تقوم ومعها صفحات الجناح الأميركي ـ الخليجي في المعارضة السورية، منذ ما قبل منتصف هذه الليلة ببث أنباء من حي "الخالدية" في حمص تزعم أن الجيش يقصف الحي بالمدافع، وأن هناك المئات من القتلى والجرحى من الأبرياء!.. والأنكى من هذا، أن مجموعة من نصابي الجناح المذكور، المقيمين في مصر وتركيا وغيرهما، خرجوا إلى وسائل الإعلام ليصفوا عن بعد آلاف الكيلومترات ما الذي يحصل!؟ لكن الأنكى من هذا كله هو أن "الجزيرة" بثت شريطاً يظهر فيه عدد كبير من الضحايا، مدعية أنهم ضحايا المجزرة التي ينفذها الجيش في "الخالدية"، دون أن ينتبه هؤلاء إلى أن جثث الضحايا مصفوفة بجانب بعضها البعض بعناية، وأن معظمها جرى تقييد أيديها بأربطة محلية مصنّعة من ملابس الضحايا كما يبدو، و/ أو نزعت ملابس أصحابها (شبه عراة) من قبل الخاطفين!؟.
نعم هناك مجزرة يجري ارتكابها، أو بالأحرى ارتكبت وانتهت. ولكن هذه هي حقيقة ما جرى في حمص هذه الليلة، وبالتأكيد ليست الحقيقة الكاملة، لأن هناك تفاصيل أخرى تحتاج لبعض الوقت كي نعرفها ونتأكد منها:
أولاً ـ أقدم مسلحو "كتيبة الفاروق" الذين يسيطرون على معظم المدينة على تفجير مبنى في حي "الخالدية" مليء بالرهائن المدنيين والعسكريين. وهذا يفسّر أن الضحايا مقيدون من أيديهم. كما أقدموا على تصفية بعضها بإطلاق النار عليها مباشرة.
ثانياً ـ تأكد أنه لا وجود للجيش السوري في المنطقة على الإطلاق، وأن أي قذيفة من قبل الجيش لم تسقط على حي "الخالدية" مطلقاً.
ثالثاً ـ تأكد أن القذائف التي أطلقت على حي الخالدية مصدرها "جنينة العلوني" في حي "الخالدية" نفسه، ومن أطلقها هم مسلحو "كتيبة الفاروق" أنفسهم لإيهام الأهالي بأن الجيش يقصفهم، ولكي يكتمل "الأكشن الإعلامي".
رابعاً ـ إن الضحايا هم من أصل حوالي 30 عسكرياً جرى اختطافهم نهار ومساء أمس، وحوالي 150 من الرهائن الذين اختطفهم مسلحو الكتيبة المذكورة في أوقات مختلفة، وجرى تجميعهم في المبنى المذكور الذي تحوّل إلى ما يشبه "سجن مركزي" يديره المسلحون.
خامساً ـ يبدو أنه كانت هناك محاولة لتحرير الرهائن من قبل أجهزة الأمن، ولهذا أقدم المسلحون على نسف المبنى قبل ذلك. علماً بأن المعلومة المتعلقة بعملية أمنية لتحريرهم لم تتأكد بعد.
سادساً ـ بعض جثث الضحايا هي لعناصر "حاجز شارع القاهرة" الذين هوجموا ليلاً من قبل المسلحين، وبعضها الآخر لعناصر من "كتيبة الفاروق" قتلوا خلال مهاجمتهم الحاجز المذكور.
على صعيد متصل، وبخلاف ما زعمته صفحات ما يُسمّى "الجيش الحر" عن أن "الجيش" دمّر مقر "فرع المخابرات الجوية" بحمص وحرّر المعتقلين وقتل عناصر الفرع، يبدو أن الخبر لا أساس له من الصحة، وشبيه بخبر "تدمير" فرع المخابرات الجوية في حرستا وفرع حزب البعث بدمشق في 20 تشرين الثاني/ نوفمير الماضي!.
في سياق متصل أيضاً، علم "الحقيقة" أيضاً من مصدر عسكري أن جميع الدبابات والمدرعات السورية التي تشارك في عمليات على الأراضي السورية جرى تذخيرها منذ وقت طويل بقذائف خلبية (صوتية) فقط. وقال المصدر: إن دبابات أو عربات قادة السرايا والكتائب هي الوحيدة التي سمح لها بأن تحمل قذائف حقيقية من أجل أن يكون أمر إطلاق النار مسيطراً عليه إلى أقصى حد ممكن من قبل الضباط القادة، وعدم إقدام سائقي الدبابات والمدرعات وطواقمها، وهم من صف الضباط والجنود، على إطلاق نار ارتجالي وغير مسؤول.
تبقى الإشارة أخيراً إلى أن "الحقيقة" اتصل بأحد الصحفيين البريطانيين العاملين في مكتب "الجزيرة الإنكليزية" بلندن قبل لحظات لمعرفة سبب قيام "الجزيرة" بهذه الحملة المسعورة في ساعة متأخرة من الليل. وقد أكد الصحفي أن توجيهات وردت من وزارة الخارجية القطرية طالبت شبكة "الجزيرة" بتسخين التغطية بعد أن تأكد أن مجلس الأمن سيعقد جلسة خاصة يوم السبت مخصّصة للأزمة السورية، وللبحث في إمكانية التصويت على مشروع مسودة القرار المنتظر بعد المشاورات التي جرت بين موسكو وواشنطن وتوصلهما إلى اتفاق أولي بشأن المسودة التي كانت موسكو تعارضها في شكلها المقترح.