الإحتفال بالمولد النبوي الشريف - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

الإحتفال بالمولد النبوي الشريف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-01-30, 11:17   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الشاذلي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

تــــــــــابع



121- فتوى دار الإفتاء المصرية
الرقـم المسلسل 140
الموضوع:- الاحتفال بالمولد النبوي ومولد آل البيت والصالحين
تاريخ الإجابة :- 30/07/2007
الســــؤال
اطلعنا على الطلب المقيد برقم 1186 المتضمن:
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين؟

الـجـــواب

أمانة الفتوى
المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه؛ فلقد عَبَّر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه "رحمة للعالمين"، وهذه الرحمة لـم تكن محدودة؛ فهي تشمل تربيةَ البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الـزمان؛ بل تمتد على امتداد التأريخ بأسره (وآخَرِينَ مِنهم لَمّا يَلحَقُوا بهم) [الجمعة:3].
والاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان،
وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنّاسِ أَجمَعِينَ» رواه البخاري.
قال ابن رجب: "محبَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارِنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها اللهُ بها، وتَوَّعَدَ مَن قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى:
(قُل إن كانَ آباؤُكم وأَبناؤُكم وإخوانُكم وأَزواجُكم وعَشِيرَتُكم وأَموالٌ اقتَرَفتُمُوها وتِجارةٌ تَخشَونَ كَسادَها ومَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إليكم مِنَ اللهِ ورَسُولِه وجِهادٍ في سَبِيلِه فتَرَبَّصُوا حتى يَأتِيَ اللهُ بأَمرِه) [التوبة:24]،
ولما قال عُمَرُ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رَسُولَ اللهِ، لأَنتَ أَحَبُّ إلَيَّ مِن كُـلِّ شَيءٍ إلاّ مِن نَفسِي، قَالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآلـه وسلم:
«لا والذي نَفسِي بيَدِه؛ حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليكَ مِن نَفسِكَ»،
فقالَ لـه عُمَرُ: فإنَّه الآن واللهِ لأَنتَ أَحَـبُّ إلَيَّ مِن نَفسِي،
فقالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآلـه وسلم: «الآن يا عُمَرُ» رواه البخاري"اهـ.
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدرَ نبيه، فعرَّف الوجودَ بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحُجَّته.
وقد دَرَجَ سلفُنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
ونص جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمَن له عقل وفهم وفكر سليم إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في (المدخل) في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه (المدخل) في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها
"حُسن المَقصِد في عمل المولد".
والاحتفال في لغة العرب: من حَفَلَ اللبنُ في الضَّرع يَحفِل حَفلاً وحُفُلاً وتَحَفَّل واحتَفَلَ: اجتمع، وحَفَل القومُ من باب ضرب واحتَفَلوا: اجتمعوا واحتشدوا. وعنده حَفلٌ من الناس: أي جَمع، وهو في الأصل مصدر، ومَحفِلُ القومِ ومُحتَفَلُهم: مجتمعهم، وحَفَلهُ: جلاَه، فَتحَفَّلَ واحتَفَلَ،
وحَفَل كذا: بالى به، ويقال: لا تحفل به.
وأما الاحتفال بالمعنى المقصود في هذا المقام، فهو لا يختلف كثيرا عن معناه في اللغة؛ إذ المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
ويدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبًا واستحبابًّا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سُلِّم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل في فرحهم -رضي الله تعالى عنهم- به صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولا حرج في الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وأي عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهةٌ هو موليها.
على أنه قد ورد في السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإِذْنه فيه؛ فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال:
خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت:
يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم:
«إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلاّ فلا» رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
فإذا كان الضرب بالدُّفِّ إعلانًا للفرح بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرًا مشروعًا أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره، فإنّ إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا
-بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة في نفسها
- أكثر مشروعية وأعظم استحبابًا.
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبي لهب -وهو مَن هو كُفرًا وعِنادًا ومحاربة لله ورسوله- بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نُقرة مِن كَفّه كل يوم اثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثُوَيبة لَمّا بَشَّرَته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح البخاري،
فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون!
وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: «ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه،
فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على مِنّة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأَولى بالأُمّة الائتساءُ به صلى الله عليه وآله وسلم
بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكلُّ ماعُونٍ يَنضَحُ بما فيه، وقد نقل الصالحي في ديوانه الحافل في السيرة النبوية
"سُبُلُ الهُدى والرشاد في هَدي خيرِ العِباد" عن بعض صالحي زمانه:
أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه، فشكى إليه أن بعض مَن ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن فرِح بنا فَرِحنا به".
وكذلك الحكم في الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القُرَب المختلفة؛ فإن ذلك أمر مرغَّب فيه شرعًا؛ لما في ذلك من التأسي بهم والسير على طريقهم، وقد ورد الأمر الشرعي بتذكُّر الأنبياء والصالحين فقال تعالى: (واذكُر في الكِتابِ إبراهِيمَ) [مريم:41]
(واذكُر في الكِتابِ مُوسى) [مريم:51]، وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء، بل يدخل فيه الصالحون أيضًا؛ حيث يقول تعالى:
(واذكُر في الكِتابِ مَريَمَ) [مريم:16]؛
إذ مِن المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صِدِّيقةٌ لا نبية،
كما ورد الأمر الشرعي أيضًا بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله سبحانه: (وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ) [إبراهيم:5]، ومِن أيام الله تعالى أيامُ الميلاد وأيامُ النصر؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع شكرًا لله تعالى على نعمة إيجاده واحتفالاً بيوم ميلاده
كما سبق في حديث أبي قتادة الأنصاري في صحيح مسلم،
كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفالاً بنجاة سيدنا موسى عليه السلام، وقد كَّرم الله تعالى يوم الولادة في كتابه وعلى لسان أنبيائه فقال سبحانه: (وسَلامٌ عليه يَومَ وُلِدَ) [مريم:15]،
وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: (والسَّلامُ عليَّ يَومَ وُلِدتُ) [مريم:33]،
وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمةُ الإيجاد، وهي سبب لحصول كل نعمة تنال الإنسان بعد ذلك، فكان تذكره والتذكير به بابًا لشكر نعم الله تعالى على الناس؛ فلا بأس مِن تحـديد أيام معينة يُحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، ولا يقدح في هذه المشروعية ما قد يحدث في بعض هذه المواسم من أمور محرمة؛ بل تُقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات، ويُنبَّهُ أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساس الذي أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة.
والله سبحانه وتعالى أعلم
https://www.dar-alifta.org/ViewFatwa.aspx?ID=140
ــــــــــ
122- فتوى دار الإفتاء الإماراتية
حكم الاحتفال بالمولد وفقاً لمذهب الإمام مالك.
السؤال:
ماحكم الاحتفال بالمولد النبوي علماً أن هناك من علماء المالكية من يراه أنه بدعة ((باطل لاأصل له)) مثل تاج الدين الفاكهاني وابن عليش المالكي وذكر أهل التاريخ أن أول من قام بالمولد هم الفاطميون في القرن الخامس الهجري وأعاده نابيليون لكي يستعمر مصر بارك الله لكم؟
تاريخ النشر: 21-اكتوبر-2008 1489
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فالمولد هو: اجتماع طائفة من الناس على تلاوة القرآن، وإنشاد المدائح النبوية المحركة للقلوب إلى فعل الخيراتِ والعملِ للآخرةِ ، مع إطعام الحاضرين الطعام.
وكان الذي أظهر الاحتفال بالمولد النبوي هو الملك المظفر، وهو ملك صالح سُنِّي، قال الإمام الذهبي في ترجمته كما في سير أعلام النبلاء: (صَاحِبُ إِرْبِلَ، كُوْكْبُرِي بنُ عَلِيٍّ التُّرُكْمَانِيُّ السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِك المُعَظَّمُ، مُظَفَّر الدِّيْنِ، أَبُو سَعِيْدٍ كُوْكْبُرِي بن عَلِيِّ بن بكتكين بن مُحَمَّدٍ التُّرُكْمَانِيّ ... وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس، وَيَسْأَل كُلّ وَاحِد عَنْ حَالِه، وَيَتفقَّده، وَيُبَاسِطه، وَيَمزح مَعَهُ... وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حرب).
وقال الإمام ابن كثير في ترجمته: (أحَدُ الأجْوَادِ والساداتِ الكُبَراء، والملوك الأمجاد، لَهُ آثَارٌ حَسَنة،... وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول، ويحتفل به احْتِفَالاً هائلاً، وكان مع ذلك شهماً شجاعاً فاتكاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه).
وقد ذهب الجماهير من العلماء من المذاهب الأربعة إلى مشروعية الاحتفاء والاحتفال بميلاد سيد البشرية وإمام الإنسانية سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وصنفوا في ذلك مصنفات.
وأول من صنف في تقرير المولد النبوي الشريف هو العلامة المحدث المالكي أبو الخطاب عمر بن حسن الكلبي فكتب
"التنوير في مولد البشير النذير" وأبو الخطاب ابن دحية هو الذي قال الإمام الذهبي في ترجمته: (الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ المُتَفَنِّنُ ... رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ. فَقَالَ: كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَنَسَةٌ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ).
وقال ابن خَلِّكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دِحية:
(كان أبو الخطاب المذكور من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقناً لعلم الحديث النبوي وما يتعلق به، عارفاً بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها، واشتغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس الإسلامية، ولقي بها علماءها ومشايخها).
وقد تكلم العلامة أبو عبد الله بن الحاج المالكي في كتابه المدخل على عمل المَوْلِد، فمدح ما كان فيه من إظهار الشكر لله تعالى، وذم ما احتوى عليه من مُحَرَّمات ومُنْكَرات، فمن ذلك قوله:
(فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى مَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ هَذَا الشَّهْرَ الشَّرِيفَ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ.أَلَا تَرَى أَنَّ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِيهِ.
فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إذَا دَخَلَ هَذَا الشَّهْرُ الْكَرِيمُ أَنْ يُكَرَّمَ وَيُعَظَّمَ وَيُحْتَرَمَ الِاحْتِرَامَ اللَّائِقَ بِهِ وَذَلِكَ بِالِاتِّبَاعِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَوْنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَخُصُّ الْأَوْقَاتَ الْفَاضِلَةَ بِزِيَادَةِ فِعْلِ الْبِرِّ فِيهَا وَكَثْرَةِ الْخَيْرَاتِ... فَتَعْظِيمُ هَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ إنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَاتِ فِيهِ وَالصَّدَقَاتِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرُبَاتِ، فَمَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِهَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا فِي غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَكْثَرُ احْتِرَامًا كَمَا يَتَأَكَّدُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَيَتْرُكُ الْحَدَثَ فِي الدِّينِ وَيَجْتَنِبُ مَوَاضِعَ الْبِدَعِ وَمَا لَا يَنْبَغِي).
ثم ذكر ابن الحاج رحمه الله مجموعة من المنكرات التي فعلها بعض الجهلة، ثم قال: (وَهَذِهِ الْمَفَاسِدُ مُرَكَّبَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمَوْلِدِ إذَا عَمِلَ بِالسَّمَاعِ فَإِنْ خَلَا مِنْهُ وَعَمِلَ طَعَامًا فَقَطْ وَنَوَى بِهِ الْمَوْلِدَ وَدَعَا إلَيْهِ الْإِخْوَانَ وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَهُوَ بِدْعَةٌ بِنَفْسِ نِيَّتِهِ فَقَطْ إذْ أَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ).
وقد تعقبه الإمام السيوطي في الحاوي في الفتاوي، في رسالته المسمَّاة (حسن المقصد في عمل المولد) قائلاً:
(وأما قوله آخراً: إنه بدعة، فإما أن يكون مناقضاً لما تقدم أو يحمل على أنه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتاب، أو يحمل على أن فعل ذلك خير والبدعة منه نية المولد، كما أشار إليه بقوله: فهو بدعة بنفس نيته فقط، وبقوله: ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد.
فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط، ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه، وهذا إذا حقق النظر لا يجتمع مع أول كلامه، لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى إذْ أوجد في هذا الشهر الشريف سيدَ المرسلين صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى نية المولد فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولاً.
وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلاً فإنه لا يكاد يتصور، ولو تصور لم يكن عبادة، ولا ثواب فيه إذ لا عمل إلا بنية، ولا نية هنا إلا الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم في هذا الشهر الشريف، وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك فتأمل).
وممن أجاز عمل المولد من المالكية الإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي، ففي كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب (11/278) ما نصه:
(وسئل الولي العارف بالطريقة والحقيقة أبو عبد الله بن عباد رحمه الله ونفع به عما يقع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم من وقود الشمع وغير ذلك لأجل الفرح والسرور بمولده عليه السلام.
فأجاب: الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين، وموسمٌ من مواسمهم، وكل ما يقتضيه الفرح والسرور بذلك المولد المبارك، من إيقاد الشمع وإمتاع البصر، وتنزه السمع والنظر، والتزين بما حسن من الثياب، وركوب فاره الدواب؛ أمر مباح لا ينكر قياساً على غيره من أوقات الفرح، والحكم بأن هذه الأشياء لا تسلم من بدعة في هذا الوقت الذي ظهر فيه سر الوجود، وارتفع فيه علم العهود، وتقشع بسببه ظلام الكفر والجحود، يُنْكَر على قائله، لأنه مَقْتٌ وجحود.
وادعاء أن هذا الزمان ليس من المواسم المشروعة لأهل الإيمان، ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان، أمر مستثقل تشمئز منه النفوس السليمة، وترده الآراء المستقيمة).
وقد كان الخلفاء المسلمون يقيمون الاحتفال بالمولد النبوي، ومعهم قضاة المذاهب الأربعة، ومشاهير العلماء.
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" :
(فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض، وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني - شيخ الإمام الحافظ ابن حجر -، ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ، ويليه ولد شيخ الإسلام، ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ، ويليه قضاة القضاة الأربعة، وشيوخ العلم، ويجلس الأمراء على بعد من السلطان، فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم، قام المنشدون واحداً بعد واحد، وهم يزيدون على عشرين منشداً، فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة، ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير، فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة، فأكلت وحمل ما فيها، ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها). وهذا كله دون نكير من العلماء.
وممن أجاز الاحتفال بالمولد من العلماء:
* 1- الإمام المحدث الفقيه أبو شامة شيخ الإمام النووي.
قال في رسالته : (ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين).
* 2- الإمام شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني.
فقد سُئِلَ عن عمل المَوْلِد فأجاب بما نصه:
أصل عمل المَوْلِد بدعة لم تُنْقَل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة الصحابة والتابعين وتابع التابعين ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسنَ وضدِّها، فمن تَحَرَّى في عملها المحاسن وتجنَّب ضدَّها كان بدعةً حسنة وإلا فلا). نقلاً عن رسالة الإمام السيوطي.
* 3- الإمام الحافظ المحدث جلال الدين السيوطي.
قال معقباً على كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني:
(وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجَّى موسى، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى. فيُستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنَّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نِقْمة، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سَنَة. والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأيَّة نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبيّ نبيّ الرحمة في ذلك اليوم).
* 4- الإمام الحافظ أبو الخير السخاوي.
قال رحمه الله في فتاويه: (عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وسلم بعمل الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم).
وقال في ترجمة أحد تلاميذه: (سمع مني تأليفي في المولد النبوي بمحله وفي السنة قبلها تأليف العراقي فيه أيضاً).
فقد كان المولد يقرأ في مكان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم سنة بعد أخرى دون نكير من أحد.
* 5- الإمام الشهاب أحمد القسطلاني شارح البخاري:
قال في كتابه المواهب اللدنية 1/148: (فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعياداً ، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء).
* 6- العلاَّمة الشّيخ محمد بن عمر بحرق الحضرمي الشافعي (ت:930 هـ)
قال في كتابه (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار): (فحقيقٌ بيومٍ كانَ فيه وجودُ المصطفى صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَّخذَ عيدًا، وخَليقٌ بوقتٍ أَسفرتْ فيه غُرَّتُهُ أن يُعقَد طالِعًا سعيدًا، فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، واحذروا عواقبَ الذُّنوب، وتقرَّبوا إلى الله تعالى بتعظيمِ شأن هذا النَّبيِّ المحبوب، واعرِفوا حُرمتَهُ عندَ علاّم الغيوب،
"ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ").
* 7- الإمام العلامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزري الشافعي.
قال: (هذه بدعة لا بأس بها، ولا تكره البدع إلا إذا راغمت السنة، وأما إذا لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده في إظهار السرور والفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم).
نقلاً من كتاب سبل الهدى والرشاد.
وقد تمسك من منع الاحتفال بالمولد بأمور؛ نذكرها ونذكر الجواب عنها باختصار:
أولاً: كون المولد أول من أحدثه الفاطميون.
وجواب ذلك أن يقال: على افتراض أن الفاطميين هم أول من أحدث ذلك؛ فليس هذا دليلاً على المنع، فقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعظيم اليوم الذي انتصر فيه موسى عليه السلام من اليهود، وقال عليه السلام: (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) رواه البخاري.
ثانياً: منع المولد بحجة أنه بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رواه مسلم.
والجواب عن ذلك: أن البدع على قسمين: حسنة وسيئة، وإلى هذا ذهب الجماهير من العلماء، وهذا بعض تقريرهم لذلك:
قال الإمام الشافعي: (المحدثات من الأمور ضربان:
أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، فهذه البدعة الضلالة.
والثانية: ما أحدث من الخير مما لا خلاف فيه لواحد من هذا هي محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر - رضي الله تعالى عنه - في قيام رمضان نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى).
وقال العلامة المحدث أبو شامة المقدسي:
(فالبدعة الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها، وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشئ منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي).
والإمام أبو شامة هو الذي يقول عنه الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (13/250): (الشيخ الإمام العالم الحافظ المحدث الفقيه المؤرخ المعروف بأبي شامة شيخ دار الحديث الاشرفية...وكان ذا فنون كثيرة أخبرني علم الدين البرزالي الحافظ عن الشيخ تاج الدين الفزاري، أنه كان يقول بلغ الشيخ شهاب الدين أبو شامة رتبة الاجتهاد...وبالجملة فلم يكن في وقته مثله في نفسه وديانته وعفته).
وقال الإمام شيخ الإسلام سلطان العلماء العز بن عبد السلام: (وقال العز بن عبد السلام: (البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة).
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: (قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَكُلّ بِدْعَة ضَلَالَة )
هَذَا عَامّ مَخْصُوص ، وَالْمُرَاد غَالِب الْبِدَع .
قَالَ أَهْل اللُّغَة : هِيَ كُلّ شَيْء عُمِلَ عَلَى غَيْر مِثَال سَابِق . قَالَ الْعُلَمَاء : (الْبِدْعَة خَمْسَة أَقْسَام: وَاجِبَة، وَمَنْدُوبَة وَمُحَرَّمَة وَمَكْرُوهَة وَمُبَاحَة... فَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْته عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيث مِنْ الْعَامّ الْمَخْصُوص... وَلَا يَمْنَع مِنْ كَوْن الْحَدِيث عَامًّا مَخْصُوصًا قَوْله: (كُلّ بِدْعَة) مُؤَكَّدًا (بِكُلِّ)، بَلْ يَدْخُلهُ التَّخْصِيص مَعَ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُدَمِّر كُلّ شَيْء}).
ثالثاً: نفي الدليل على تفضيل يوم المولد.
والجواب عن ذلك: بأن فضل هذا اليوم ثابت بالسنة النبوية، وقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضل يوم مولده، فقال:
(وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) رواه مسلم، فعظَّمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم
يوم مولده بالصيام فيه.
وتعظيم الأيام الفاضلة أمرٌ مقررٌ شرعاً، ولذا صام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه.
رابعاً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة ما يقع فيه من المخالفات.
والجواب عن ذلك: أنَّ هذا لا يستدعي تحريم المولد وإنما تمنع المخالفات الموجودة فيه، كما أننا لا نحرم حفل الزفاف ولكن نمنع المخالفات الشرعية التي تحدث فيه، ولذا قال الإمام ابن حجر العسقلاني: (وأما ما يعمل فيه - المولد - فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخيراتِ والعملِ للآخرةِ).
خامساً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة أنَّ يوم مولده هو يوم وفاته.
والجواب عن ذلك : هو قول الإمام السيوطي رحمه الله:
(إن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، والصبر والسكون عند المصائب، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود، ولم يأمر عند الموت بذبح (عقيقة) ولا بغيره.
بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن بوفاته).
سادساً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة أنَّ الصحابة والتابعين لم يفعلوه مع كونهم أشد حباً للرسول صلى الله عليه وسلم.
والجواب عن ذلك: هو ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله:
(ما أحدث يخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة)، وقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح: (ما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة). وقد بينا أن المولد النبوي يستند إلى أصول شرعية صحيحة، وعليه فإحداثه ليس بدعة ولو لم يعمل به السلف.
قال الإمام المفسر القرطبي المالكي رحمه الله في أحكام القران:
(كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يخلو أن يكون لها أصل في الشرع أو لا ، فإن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وحض رسوله عليه ، فهي في حيز المدح... ، وإن كانت- البدعة- في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار ... وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته: وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم)
وقد كان سيد العلماء الإمام مالك بن أنس رحمه الله ورضي عنه لا يركب بالمدينة دابة، وهذا فعلٌ أحدثه الإمام مالك لم يفعله الصحابة الذين هم أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك لم ير الإمام مالك بأساً في فعله، ولم ينكر عليه أحدٌ من العلماء ذلك، قال الإمام القاضي عياض المالكي في كتاب الشفاء (1 / 275):
(كان مالك رحمه الله لا يركب بالمدينة دابة وكان يقول:
"أستحي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-
بحافر دابة" ). وذكر هذا عنه الكمال ابن الهمام الحنفي رحمه الله في فتح القدير (3 / 180)، وكذا الإمام ابن العربي المالكي في أحكام القرآن ( 3 / 254 ) وغيرهم وهو معروف مشهور عنه. والله تعالى أعلم.
والخلاصة
ذهب جماهير العلماء إلى مشروعية الاحتفال بالمولد، وأنه صورة من صور شكر الله تعالى على ما أنعم الله به علينا من بعثة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
ـــــــــ
123- دار الإفتاء الكويتية. القسم: متفرقات في الحظر والإباحة
عنوان الفتوى: المولد النبوي. بيانات الفتوى التاريخ2010 02 23
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز التهنئة والاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف؟ جزاك الله كل خير
الاجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى ما دامت بطرق مشروعة.
والله تعالى أعلم.
https://www.islam.gov.kw/site/fatwaa/...fatwaa_id=7233
ــــــــــــ
124- من موقع أمــيـن عــام الآمانة العامة للأوقاف الكويتية
رقم الفتوى: 431
نص السؤال :
يقوم بعض الناس بعمل مسابقات أو مؤتمر أو برامج أو المهرجانات الانشادية مخصوصة في وقت المولد النبوي. فما حكمها الشرعي ؟؟ وهل تعتبر من قبيل الاحتفال في المولد النبوي ؟؟ وما هو رأيكم بإحياء مناسبة المولد؟؟
الجواب :
لا بأس بإقامة البرامج التي ذكرتها بمناسبة المولد النبوي الشريف، أو في أي وقت آخر.
يمكن اعتبارها من الاحتفال سيد الخلق –عليه الصلاة والسلام-.
والاحتفال بمولد سيد الخلق –عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم- أمر مستحب، وبدعة حسنة –في رأي جماهير العلماء-.
http//www.dralsherif.net/Fatwa.aspx...ID=4&RefID=431
ــــــــ
125- فتوى سماحة الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون
المفتي العام للجمهورية السورية
ما حكم الشرع في الآحتفال بالمولد النبوي الشريف وفي إدخال الدفوف إلى المسجد والاحتفال داخل المسجد في حين أن بعض علماء السعودية يقولون بأنه بدعة فما الحكم جزاكم الله خيرا
الجواب
لا أرى في الاحتفال بمولد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي مشكلة أو مانع، ما دام الاحتفال بطريقة مشروعة، وقداحتفل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نفسه بمولده الشريف، فقد روى مسلم عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه سئل عن صيامه يوم الإثنين من كل أسبوع، فقال: (هو يوم ولدت فيه)، وعليه فيباح الاحتفال بمولد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بما هو من المباحات على خلاف العادات الأجنبية الوافدة علينا، وليس بدعة، بل البدعة أن نقول هو واجب أو سنة.
والدف جائز‏،‏ ولا يعدُّ من الآلات المحرمة.
ـــــ
126- فتوى قيمة لفضيلة الشيخ عطية صقر رحمه الله :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإذا كان الهدف من وراء هذا الاحتفال هو التأسي والاقتداء بالحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعرفة سيرته والتعرف على سنته، مع مراعاة الآداب الشرعية في هذا الاحتفال من حيث الاختلاط، ومن حيث الكلام الذي يقال وأماكن الاحتفال وغير ذلك فهو أمر جائز بل مندوب،
أما تاريخ الاحتفال فقد بدء في عهد الفاطميين.
هذا ما جاء في فتوى لفضيلة الشيخ عطية صقر - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا ـ رحمه الله :
ـ لا يعرف المؤرخون أن أحدًا قبل الفاطميين احتفل بذكرى المولد النبوي ‏ فكانوا يحتفلون بالذكرى فى مصر احتفالا عظيما ويكثرون من عمل الحلوى وتوزيعها كما قال القلقشندى فى كتابه " صبح الأعشى" .‏
وكان الفاطميون يحتفلون بعدة موالد لآل البيت ، كما احتفلوا بعيد الميلاد المسيحي كما قال المقريزي ، ثم توقف الاحتفال بالمولد النبوى سنة ‏488 هـ وكذلك الموالد كلها ، لأن الخليفة المستعلي بالله استوزر الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي ، وكان رجلا قويا لا يعارض أهل السنة كما قال ابن الأثير فى كتابه " الكامل "ج ‏8 ص ‏302 واستمر الأمر كذلك حتى ولى الوزارة المأمون البطائحي ، فأصدر مرسوما بإطلاق الصدقات فى ‏13 من ربيع الأول سنة ‏517 هـ وتولى توزيعها
" سناء الملك " .‏
ولما جاءت الدولة الأيوبية أبطلت كل ما كان من آثار الفاطميين ، ولكن الأسر كانت تقيم حفلات خاصة بمناسبة المولد النبوى، ثم صارت ، رسمية في مفتتح القرن السابع في مدينة " إربل " على يد أميرها مظفر الدين أبى سعيد كوكبري بن زين الدين على بن تبكتكين ، وهو سني اهتم بالمولد فعمل قبابا من أول شهر صفر، وزينها أجمل زينة ، فى كل منها الأغاني والقرقوز والملاهي، ويعطى الناس إجازة للتفرج على هذه المظاهر.‏
وكانت القباب الخشبية منصوبة من باب القلعة إلي ، باب الخانقاه ، وكان مظفر الدين ينزل كل يوم بعد صلاة العصر، ويقف على كل قبة ويسمع الغناء ويرى ما فيها، وكان يعمل المولد سنة في ثامن الشهر، وسنة في ثاني عشرة ، وقبل المولد بيومين يخرج الإِبل والبقر والغنم ، ويزفها بالطبول لتنحر في الميدان وتطبخ للناس .‏
ويقول ابن الحاج أبو عبد الله العبدري :‏ إن الاحتفال كان منتشرا بمصر في عهده ، ويعيب ما فيه من البدع " المدخل ج ‏2 ص ‏11 ، ‏12 " .‏
وأَلفت كتب كثيرة فى المولد النبوى فى القرن السابع ، مثل قصة ابن دحيه المتوفى بمصر سنة ‏633 هـ ، ومحيى الدين بن العربي المتوفى بدمشق سنة ‏638 هـ ، وابن طغربك المتوفى بمصر سنة ‏670 هـ ، وأحمد العزلي مع ابنه محمد المتوفى بسبته سنة ‏677 هـ .‏
ولانتشار البدع فى الموالد أنكرها العلماء ، حتى أنكروا أصل إقامة المولد ، ومنهم الفقيه المالكي تاج الدين عمر بن على اللخمي الإِسكندري المعروف بالفاكهاني، المتوفى سنة ‏731 هـ ، فكتب فى ذلك رسالته " المورد فى الكلام على المولد" أوردها السيوطي بنصها فى كتابه " حسن المقصد" .‏
ثم قال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور:‏ وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع ، واستحسنه السيوطي وابن حجر العسقلاني ، وابن حجر الهيتمي مع إنكارهم لما لصق به من البدع ، ورأيهم مستمد من آية
{‏ وذكِّرهم بأيام الله }‏ إبراهيم :‏ ‏5 .‏
أخرج النسائي وعبد الله بن أحمد فى زوائد المسند ، والبيهقي فى شعب الإِيمان عن أبى بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الأيام بنعم الله وآلائه "روح المعاني للآلوسي" وولادة النبي نعمة كبرى.‏ اهـ
وفى صحيح مسلم عن أبى قتادة الأنصاري قال :‏ وسئل -‏ النبي صلى الله عليه وسلم -‏ عن صوم يوم الاثنين فقال " ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت أو أُنزل علىَّ فيه "
روى عن جابر وابن عباس :‏ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه هاجر وفيه مات أي فى شهر ربيع الأول ، فالرسول صلى الله عليه وسلم نص على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام ، وللمؤمن أن يطمع فى تعظيم أجره بموافقته ليوم فيه بركة ، وتفضيل العمل بمصادفته لأوقات الامتنان الإلهي معلوم قطعا من الشريعة، ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم ، وشكر الله على نعمته علينا بولادة النبي وهدايتنا لشريعته مما تقره الأصول ، لكن بشرط ألا يتخذ له رسم مخصوص ، بل ينشر المسلم البشر فيما حوله ، ويتقرب إلى الله بما شرعه ، ويعرِّف الناس بما فيه من فضل ، ولا يخرج بذلك إلى ما هو محرم شرعا .‏
أما عادات الأكل فهي مما يدخل تحت قوله تعالى :
(‏ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )‏ البقرة :‏ ‏172 انتهى .‏
ورأيي أنه لا بأس بذلك فى هذا العصر الذي كاد الشباب ينسى فيه دينه وأمجاده ، فى غمرة الاحتفالات الأخرى التي كادت تطغى على المناسبات الدينية ، على أن يكون ذلك بالتفقه فى السيرة ، وعمل آثار تخلد ذكرى المولد، كبناء مسجد أو معهد أو أي عمل خيري يربط من يشاهده برسول اللّه وسيرته.‏
ومن هذا المنطلق يجوز الاحتفال بموالد الأولياء ، حبًّا لهم واقتداء بسيرهم ، مع البعد عن كل المحرمات من مثل الاختلاط المريب بين الرجال والنساء ، وانتهاز الفرص لمزاولة أعمال غير مشروعة من أكل أو شرب أو مسابقة أو لهو، ومن عدم احترام بيوت اللّه ومن بدع زيارة القبور والتوسل بها ، ومن كل ما لا يتفق مع الدين ويتنافى مع الآداب .‏
فإذا غلبت هذه المخالفات كان من الخير منع الاحتفالات درءًا للمفسدة
كما تدل عليه أصول التشريع .‏
وإذا زادت الإِيجابيات والمنافع المشروعة فلا مانع من إقامة هذه الاحتفالات مع التوعية والمراقبة لمنع السلبيات أو الحد منها بقدر المستطاع ، ذلك أن كثيرا من أعمال الخير تشوبها مخالفات ولو إلى حد ما ،
والكل مطالب بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالوسائل المشروعة
"يقول الزرقاني فى شرح المواهب للقسطلانى بأن ابن الجزري الإمام فى القراءات والمتوفى سنة ‏833 هـ علَّق على خبر أبى لهب الذي رواه البخاري وغيره عندما فرح بمولد الرسول وأعتق " ثويبة" جاريته لتبشيرها له ، فخفف الله عقابه وهو فى جهنم فقال :‏
إذا كان هذا الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي فى النار بفرحه ليلة المولد فما حال المسلم الموحد من أمته حين يُسرُّ بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته فى محبته .‏
يقول الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر :‏
إذا كان هذا كافرا جاء ذمـــــــه *‏ وتبَّت يداه فى الجحيم مخلـدا
أتى أنه فى يوم الاثنين دائمـــــا *‏ يخفف عنه للسرور بأحمـــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره *‏ بأحمد مسرورا ومات موحدا؟
رجح ابن إسحاق أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم كان فى ثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من عام الفيل وروى ابن أبى شيبة ذلك عن جابر وابن عباس وغيرهما ، وحكوا شهرته عند الجمهور .‏
وقد حقق صاحب كتاب " تقويم العرب قبل الإسلام " بالحساب الفلكي الدقيق أن الميلاد كان فى يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول الموافق للعشرين من شهر أفريل سنة ‏571 م .‏



*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ مَنْ طَابَتِ الْجَنَّةُ بِطِيبِ رَائِحَتِهِ .

*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ كَانَ يُعْرَفُ جَوَازُهُ فِي الطَّرِيقِ بِطِيبِ نَسْمَتِهِ .

*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْلاَنَتِ الصَّخْرَةُ تَحْتَ قَدَمِهِ، وَجِبْرِيلٌ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِ جَلاَلَتِهِ .

*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ أَنْزَلَ اللهُ فِي حَقِّ قَدْرِهِ وَمَجْدِهِ ? سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ? .

*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ اللهُ حُبَّهُ أَصْلَ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ .

*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ بِحُبِّهِ تُمْحَا الذُّنُوبُ وَالسَّيِّئَاتُ، وَتُكْتَبُ الْحَسَنَاتُ، الَّذِي قَالَ اللهُ فِي جَنَابِهِ تَعْظِيماً لَهُ وَتَكْرِيما
( وماأرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا )


*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْمُوَفَّقِ فِي جَمِيعِ حَالاَتِهِ، الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ .

*- اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى يَاقُوتَةِ تَاجِ بَهْجَةِ الْجَمَالِ وَالْكَمَالِ .
*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ تَوَّجَهُ اللهُ بِتَاجِ الْعِزِّ وَالْوَقَارِ، لَمَّا سَرَى بِهِ إِلَى الْمَكَانَةِ الْعُظْمَى وَالْمُنَادِي يُنَادِي: هَذَا الَّذِي شُقَّ لَهُ الْقَمَرُ .

*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيْرِ كُلِّ مَوْجُودٍ، وَزَيْنِ كُلِّ مَقْصُودٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْمَوْصُوفِينَ بِكُلِّ كَرَمٍ وَجُودٍ، بِإِلْهَامٍ مِنَ الْمَلِكِ الْمَعْبُودِ .

****************************
هذه الصلاة من صلوات الشريف الصالح سيدي محمد بن إدريس الدباغ رحمه الله










 


رد مع اقتباس
قديم 2012-01-30, 11:24   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
الألباني
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

الاحتفال بالمولد النبوي
مبارك عامر بقنه

لا تطمع أن تجد نصاً شرعياً يندب بالاحتفال بالمولد النبوي، أو تجد قولاً لصحابي يحث فيه بالاحتفال بالميلاد النبوي، ولن تجد لتابعي أو تابع تابعي شيء من ذلك؛ بل إذا أردت ذلك فعليك أن تذهب إلى القرون المتأخرة والتي ظهر فيها البدع فستجد بغيتك هناك، فنشأة الاحتفال بالمولد أحدثت في عهد الفاطميين الروافض كما ذكر ذلك ابن كثير.
ولاشك ببدعية الاحتفال بالمولد النبوي وذلك لعدم وروده شرعاً ولم يفعله خيرة هذه الأمة فلم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام ولا التابعون لهم بالإحسان في القرون المفضلة. وعدم فعله مع توفر الدواعي على ذلك يدل على عدم مشروعيته ومن فعله كان مبتدعاً ضالاً قد أحدث في هذا الدين ما ليس فيه، فعمله مردود عليه كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" وهو ضال لقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" قال الشاطبي :" والعامل بغير السنة تدينا هو المبتدع بعينه "
وهذا المحتفل بالمولد ألا يكفيه الاقتداء بالصحابة والقرون المفضلة أم أن لسان حاله يقول: إنهم على ضلال عندما تركوا الاحتفال بالمولد! أم أن الصحابة لا يعرفون مقدار النبي صلى الله عليه وسلم فلم يعظموه حق التعظيم؟ أم أنهم استدركوا على الدين نقص ؟ والدين قد كمل كما قال الله تعالى: " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً )(المائدة: من الآية3)
فالمولد هو تزيين الشيطان للناس أعمالهم، وهو تشبه بأهل الكتاب في أعيادهم، كما قال ابن تيمية :" وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادا، أو اليهود. وإنما العيد شريعة فما شرعه الله اتبع، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه. وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له، والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد؛ لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا " فهذا المولد الذي أحدثه جهّال هذه الأمة وجعلوه سنة وقربة تقليداً لأهل الكتاب. وقد جهلوا أن العمل لا يقبل إلا بتحقيق شرطين: الإخلاص والمتابعة، والشرط الثاني منتفي هنا البتة.
فحقيقة الاحتفال بالمولد أنه تشريع مضاهي لتشريع الله تعالى (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ)(الشورى: من الآية21) فأين الأذن من الله بعمل هذا العمل المحدث؟ قال الله تعالىثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الجاثـية:18) فالأحكام التشريعية لا تؤخذ إلا من طريق واحد هو طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان سواء ذلك فهو تشريع باطل محدث لا يقبل.
والاحتفال بالمولد دخل إلى بعض أفراد هذه الأمة بلباس حب الرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيمه. وحقيقة المحبة هي إتباعه صلى الله عليه وسلم قلباً وقالباً وليس وضع طريقة وهدي لم يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستحسان شيء لم يشرعه الله ولا رسوله لا يتفق مع زعم المحبة. فالعقل لا يستقل في إدراك الأمور الشرعية؛ بل لابد من الوحي لمعرفة الشريعة وتقرير الأحكام.
والاحتفال بالمولد النبوي إن كان ديناً فلا بد أن يذكره الله في كتابه أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يذكره الله تعالى فهو ليس من الدين، فالدين قد كُمل ، ولم يقبض الله نبيه إلا وقد بيّن لها دينهم كاملاً كما قال تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(المائدة: من الآية3) وقال تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التوبة:115) وجاء في حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ما بعث الله من نبي إلا كان حقا عليه أن يدل على أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم" رواه مسلم وهو القائل :" تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك " وقال أبو ذر رضي الله عنه:" لقد توفي رسول الله وما طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكرنا منه علما" وفي صحيح مسلم أن بعض المشركين قالوا لسلمان لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة. قال: أجل" وقال صلى الله عليه وسلم :" ما تركت من شيء يقربكم إلى الجنة إلا وقد حدثتكم به، ولا من شيء يبعدكم عن النار إلا وقد حدثتكم عنه " فأين في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو فعل أحد من الصحابة من احتفل بالمولد. ولكن هذه ميزة أهل البدع هو التساهل في أتباع الشارع كما قال الشاطبي عن الصوفية :" إنهم يتساهلون في إتباع السنة ويرون اختراع العبادات طريقا للتعبد " وقال أيضاً عنهم وهم :" في كثير من الأمور يستحسنون أشياء؛ لم تأت في كتاب ولا سنة، ولا عمل بأمثالها السلف الصالح، فيعملون بمقتضاها، ويثابرون عليها، ويحكمونها طريقا لهم مهيعاً وسنة لا تخلف، بل ربما أوجبوها في بعض الأحوال " وقال أيضاً عنهم:" ومن نظر إلى طريق أهل البدع في الاستدلالات؛ عرف أنها لا تنضبط؛ لأنها سيّالة لا تقف عند حد، وعلى كل وجه يصح لك زائغ وكافر أن يستدل على زيغه وكفره حتى ينسب النحلة التي التزمها إلى الشريعة "
لذلك لا تعتبر مسألة المولد من المسائل الخلافية المعتبرة التي لا ينكر فيها؛ بل نعتبرها من المسائل البدعية التي ينكر فيها على المخالف ، لأنه دليلهم رأى في المنام، فجعلوا ذلك سنة مؤكدة. فطرق الاستدلال التي يبنون عليها أحكامهم خاطئة غير منهجية لذلك قد يتعذر تركهم بدعتهم هذه ما لم تكن طرق استدلالهم بالكتاب والسنة.

وقد تتساءل إذا لم يكن هناك دليل يرغب على الاحتفال بالمولد فكيف أقاموا هذا الاحتفال؟ لاشك أنه لا يوجد دليل البتة وإنما شبهات واستدلال بعيد، وسنذكر أهم أدلتهم مع مناقشتها بإيجاز:
أولاً: أنه تعبير عن الفرح والسرور بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وقد انتفع به الكافر فقد ذكر السهيلي أن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال : لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال. فقال: ما لقيت بعدكم راحة، إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين. قال: وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين. وكانت ثويبة بشرت أبا لهب بمولده فاعتقها .
ويقول في ذلك الحافظ شمس الدين محمد الدمشقي :
إذا كان هذا الكافر جاء ذمه بتبت يداه في الجحيم مخلــدا
أتى أنه في يوم الاثنيـن دائماً يخفف عنه للسرور بأحمــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره بأحمد مسرورا ومات موحدا
المناقشة
أولاً: جعل علاقة الفرح والسرور بالنبي صلى الله عليه وسلم هو الاحتفال بالمولد جهل شديد بالدين، وتشبيه بالنصارى؛ حيث جعلوا هناك يوماً للأم شكراً لها وتقديراً وعرفاناً لما بذلته في تربية أبنائها ثم هجرانها طوال العام. وحقيقة الفرحة هو الإتباع والاقتداء به عليه الصلاة والسلام.
ثانياً: لم يثبت في تحديد ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تحديداً صحيحاً.
ثالثاً: الاستدلال بالمنامات والرؤى لإثبات عمل تعبدي أمر باطل، فالمنامات لا يؤخذ منها حكم شرعي البتة بخلاف رؤيا الأنبياء فإنها حق. فقولكم لا حجة فيه. قال الشاطبي :" الرؤيا من غير الأنبياء لا يحكم بها شرعا على حال؛ إلا أن تعرض على ما في أيدينا من الأحكام الشرعية، فإن سوغتها عمل بمقتضاها، وإلا؛ وجب تركها والإعراض عنها، وإنما فائدتها البشارة أو النذارة خاصة، وأما استفادة الأحكام فلا "
رابعاً: انعقد الإجماع كما ذكر ذلك القاضي عياض "على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب ولكن بعضهم أشد عذابا بحسب جرائمهم"
خامساً: وعلى تقدير القبول فإن قول عروة لما مات أبو لهب أريه بعض أهله إلى آخره خبر مرسل أرسله عروة ولم يذكر من حدثه به . فسقط استدلالكم بالمنامات لعدم صحة الخبر.

ثانياً : ومن أدلتهم:
أنه صلى الله عليه وسلم كان يعظم يوم مولده ، ويشكر الله تعالى فيه على نعمته الكبرى عليه ، وتفضله عليه بالوجود لهذا الوجود ، إذ سعد به كل موجود ، وكان يعبر عن ذلك التعظيم بالصيام كما جاء في حديث أبي قتادة :أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين ؟فقال : (( فيه ولدت ، وفيه أُنزل عليَّ )) . رواه الإمام مسلم في الصحيح في كتاب الصيام ..
المناقشة:
أولاً: استدلالهم بالحديث استدلال خاطئ وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم الاثنين ولم يسئل عن الاحتفال بالمولد. فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يخصص هذا اليوم من كل أسبوع بالصيام فسألوه عن ذلك فذكر العلة في ذلك. وهو لم يصم فقط الاثنين من شهر ربيع الأول ويحتفل بيوم واحد من السنة ويجعله عيداً.
ثانياً: لماذا لا تقتصرون على ما ورد في الحديث فتلتزمون بصيام كل يوم اثنين. فأنتم قد فعلتم أمراً لم يفعله عليه الصلاة والسلام. وذلك بتخصيصكم يوماً في السنة للاحتفال.
ثالثاً: قد جاء في السنة ما يدل على علة صيام كل يوم اثنين وهو أن الأعمال تعرض على الله عز وجل يوم الاثنين. قال أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم؛ إلا يومين إذا دخلا في صيامك ولا صمتهما. قال: أي يومين. قلت: يوم الاثنين، ويوم الخميس. قال: ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم " وترجيح هذه العلة أقوى لأنه يصوم كل اثنين والأعمال تعرض كل اثنين بخلاف مولده فهو ولد يوم الاثنين من شهر ربيع الأول فكان المفترض أن يصوم يوماً واحداً في السنة لو كانت العلة هو مولده صلى الله عليه وسلم. فبطل استدلالكم.

ثالثاً:ومن أدلتهم:
أن الفرح به صلى الله عليه وسلم مطلوب بأمر من القرآن من قوله تعالى قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )) (يونس:58) فالله تعالى أمرنا أن نفرح بالرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم أعظم رحمة قال الله تعالى وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )) (الانبياء:107) ..
المناقشة
أولاً: لا شك أن الفرح بالنبي صلى الله عليه وسلم مطلوب وهو أمر شرعي، وحبه واجب، ولا يكتمل إيمان العبد حتى يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من حبه لنفسه. ولكن يضل السؤال قائماً: بما خصصتم الفرحة بالنبي صلى الله عليه وسلم بالاحتفال بالمولد النبوي؟ فتفسير الفرحة بذلك يحتاج إلى دليل شرعي وإلا كان ذلك تلاعب بكتاب الله. فنحن لم نجد في السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خصص يوم مولده يوم فرح ولعب ولهو. ثم ما حقيقة الفرح الشرعي؟ هل هو الرقص والاختلاط والغلو في النبي صلى الله عليه وسلم.. أم أنه الشكر لله عز وجل!
والمتأمل في هذا الدليل يجد أنه لا علاقة له بالمولد وإنما هو تحريف ولوي لأعناق الأدلة حتى توافق هواهم. وهكذا صنيع من لم يجد نصاً شرعياً يعضد قوله فإنه يذهب يستدل بأدلة لا دلالة فيها بموضوعه.

رابعاً : ومن أدلتهم:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ ارتباط الزمان بالحوادث الدينية العظمى التي مضت وانقضت ، فإذا جاء الزمان الذي وقعت فيه كان فرصة لنذكرها ، وتعظيم يومها ، لأجلها ولأنه ظرف لها .
وقد أصل صلى الله عليه وسلم هذه القاعدة بنفسه كما صرح البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم :" لما وصل إلى المدينة ورأى اليهود يصومون يوم عاشوراء سأل عن ذلك فقيل له : أنهم يصومون لأن الله نجى نبيهم وأغرق عدوهم فهم يصومونه شكراً لله على هذه النعمة فقال صلى الله عليه وسلم : نحن أولى بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه "
المناقشة
أولاً: هذا الاستدلال باطل، وهو تأصيل لكل بدعة واشتراك مع النبي صلى الله عليه وسلم في التشريع، فإذا كان التشريع من خصوصية الله سبحانه وتعالى والنبي صلى الله عليه وسلم مبلغ عنه فإن هذه القاعدة تعني: أن يكون كل شخص له حق التشريع. فيمكن أن يقال: أن نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم حدث ديني عظيم فنجعله عيداً نحتفل فيه، وكذلك هجرته صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حديث ديني عظيم فنجعله عيداً نحتفل فيه، وكذلك انتصاره في غزوة بدر حديث ديني عظيم فنجعله عيداً نحتفل فيه ... وهكذا فنجعل كل السنة احتفالات وأعياد لكثرة المناسبات والأحداث الدينية العظيمة في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. فهذا الاستدلال يضحك به الصبيان. ولو تأملوا في الحديث لعلموا بطلان استدلالهم. فهم أولاً: لم يحدثوا احتفالاً وأهازيج ورقص وإنما كان غاية ما فيه يصومونه شكراً لله، فهم يقومون بعبادة مشروعة وهو الصيام.
ثانياً: إن هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وأغرق فرعون كان يوماً معلوماً وهو العاشر من محرم. أم يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم فليس معلوماً فهو أمراً مختلف فيه.
ثالثاً: الأصل في العبادة التوقيف، فإن الصحابة الكرام مع علمهم بهذا اليوم ونعمة الله على موسى عليه السلام لم يصوموا أو يحدثوا فيه عبادة، وإنما صاموا بعد ما أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. فأين الأمر بصيام أو قيام أو الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم.

خامساً : ومن أدلتهم:
أن الاحتفال بالمولد لم يكن في عهده صلى الله عليه وسلم فهو بدعة ولكنها بدعة حسنة لا ندرجها تحت الأدلة الشرعية، والقواعد الكلية ، فهي بدعة باعتبار هيئتها الاجتماعية ، لا باعتبار أفرادها لوجود أفرادها في العهد النبوي .
المناقشة:
أولاً: التفريق بين البدعة الحسنة والسيئة ما الضابط فيها؟ الأصل في كل بدعة أنها ضلالة كما قال عليه الصلاة والسلام " كل بدعة ضلالة" فهذه كلية لا تنخرم، فأي بدعة فهي ضلالة ولا شك.
وقوله إنها بدعة حسنة لإندراجها تحت الأدلة الشرعية فما هي هذه الأدلة الشرعية والقواعد الكلية؟ إن الأدلة الشرعية جاءت خلاف ذلك. فهي قد جاءت منهيه عن البدعة، وجاءت منهية عن الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين:"لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ". وقال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما شاء الله وشئت. فقال:" أجعلتني لله ندا ، ما شاء الله وحده" وقال:" لا تقولوا ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله ثم شاء محمد" ولما قالت الجويرية :وفينا رسول الله يعلم ما في غد. قال:" دعي هذا وقولي بالذي كنت تقولين" ولما صفوا خلفه قياما قال لا تعظموني كما تعظم الأعاجم بعضهم بعضا وقال أنس لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك. ولما سجد له معاذ نهاه وقال :"إنه لا يصلح السجود إلا لله، ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ؛من عظم حقه عليها"
فقواعد الدين تدعو إلى التمسك بالكتاب والسنة " فالغلو في الأنبياء والملائكة هو عيباً ونقصاً في الألوهية كما قال تعالى :" وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" (آل عمران:80)
ثانياً: جود أفراد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هذا من الإدعاء الكاذب، فالبينة على المدعي. أين الدليل على ذلك؟ ومن هم الأفراد الذين كانوا يحتفلون بميلاد النبي صلى الله عليه وسلم.

سادساً : ومن أدلتهم:
أن المولد الشريف يبعث على الصلاة والسلام بقوله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) (الأحزاب:56) وما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً.
المناقشة:
أولاً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات، ومن الأعمال الصالحة، ولا خلاف في ذلك لما ورد في ذلك من الآيات والأحاديث الدالة على فضلها ومن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال:" من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا"
ثانياً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مشروعة في جميع الأوقات، وهي واجبة في التشهد الأخير من الصلاة، وسنة مؤكدة عند ذكره عليه الصلاة والسلام.
ثالثاً: تخصيص يوم مولده بالصلاة والسلام عليه يحتاج إلى دليل شرعي ولا دليل. لذلك من خصص هذه الليلة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو مبتدع. وقد يقول قائل: إن الصلاة على النبي سنة وهي مسنونة وفضلها عظيم فكيف تمنعني من ذلك؟
أقول: الصلاة على النبي عبادة عظيمة وفضلها عظيم ولكن تخصيص وقت معين، بعبادة معينة، بقصد القربة بلا دليل شرعي بدعة. فالتخصيص بهذه الليلة هو البدعة. قال ابن تيمية :" أن المفسدة تنشأ من تخصيص مالا خصيصة له ... وهذا المعنى موجود في مسألتنا فإن الناس قد يخصون هذه المواسم لاعتقادهم فيها فضيلة، ومتى كان تخصيص هذا الوقت بصوم أو بصلاة قد يقترن باعتقاد فضل ذلك، ولا فضل فيه نهي عن التخصيص إذ لا ينبعث التخصيص إلا عن اعتقاد الاختصاص "
رابعاً: قوله ما كان يبعث على المطلوب شرعاً فهو مطلوب شرعاً ليس على إطلاقه. فالنظر إلى المرأة الحسناء الجميلة بقصد التفكر والتدبر في خلق الله لا يجوز، مع أن التفكر في خلق الله مطلوب؛ إلا أن الطريقة هذه منهية عنها. وكذلك هنا فالصلاة على النبي مطلوبة ولكن تخصيص ليلة بالصلاة على النبي هي طريقة مبتدعة لم يأمر بها الشارع. فالوسيلة والطريقة يجب أن تكون صحيحة كي يصح العمل ويقبل.
خامساً: الاحتفال بالمولد لا يقتصر على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل فيه اختلاط ورقص وغير ذلك من المنكرات التي نهى عنها الشارع. وما كان يبعث على المنهي شرعاً فهو منهي شرعاً.

سابعاً : ومن أدلتهم:
أن المولد أمر يستحسنه العلماء والمسلمون في جميع البلاد ، وجرى به العمل في كل صقع فهو مطلوب شرعاً للقاعدة المأخوذة من حديث ابن مسعود الموقوف : (( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون قبيحاً فهو عند الله قبيح )) أخرجه أحمد.
المناقشة
أولاً: هذا إدعاء باطل بأن جميع المسلمين يستحسنون الاحتفال بالمولد. والواقع يكذب هذا ويرده. فإدعاء الإجماع أمر محال. قال ابن تيمية رحمه الله :" ومن أعتقد أن أكثر هذه العادات المخالفة للسنن مجمع عليها بناء على أن الأمة أقرتها ولم تنكرها، فهو مخطئ في هذا الاعتقاد؛ فإنه لم يزل ولا يزال في كل وقت من ينهى عن عامة العادات المحدثة المخالفة للسنة. ولا يجوز دعوى إجماع بعمل بلد أو بلاد من بلدان المسلمين؛ فكيف بعمل طوائف منهم. وإذا كان أكثر أهل العلم لم يعتمدوا على عمل علماء أهل المدينة وإجماعهم في عصر مالك؛ بل رأوا السنة حجة عليهم كما هي حجة على غيرهم مع ما أوتوه من العلم والإيمان، فكيف يعتمد المؤمن العالم على عادات أكثر من اعتادها عامة أو من قيدته العامة، أو قوم مترئسون بالجهالة لم يرسخوا في العلم، ولا يعدون من أولي الأمر، ولا يصلحون للشورى، ولعلهم لم يتم إيمانهم بالله وبرسوله، أو قد دخل معهم فيها بحكم العادة قوم من أهل الفضل عن غير روية، أو لشبهة أحسن أحوالهم فيها أن يكونوا فيها بمنزلة المجتهدين من الأئمة والصديقين "
ثانياً: الذي رآه المسلمون حسناً هو خلاف هذا الزعم، فلم يحتفل الصحابة ولا التابعون ولا التابعون لهم بإحسان بالمولد النبوي. فهذا الحسن الذي رأوه هو ترك الاحتفال بالمولد. أفلا يحسن أن نتبع أحسن الأمة في دينها وعقيدتها وهديها ونترك ما أحدثه المتأخرون من بدع وخرفات.

ثامناً : ومن أدلتهم:
أن المولد اجتماع ذكر وصدقه ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة ، وهذه أمور مطلوبة شرعاً وممدوحة ، وجاءت الآثار الصحيحة بها وبالحث عليها .أن الله تعالى قال : (( وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ )) (هود: من الآية120) يظهر منه أن الحكمة في قص أنباء الرسل عليهم السلام تثبيت فؤاده الشريف بذلك ولا شك أننا اليوم نحتاج إلى تثبيت أفئدتنا بأنبائه وأخباره أشد من احتياجاته هو صلى الله عليه وسلم .
المناقشة
أولاً: تقرير هذا الفعل سنة أو ليس بسنة لا بد فيه من نص شرعي. فالسنة ما أمر به الشارع أمراً غير لازم أو فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، فهل حث أو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم المولد؟ فكيف جاءت السنية إذن؟
ثانياً: القول أن في الاحتفال ذكر وصدقه ومدح وتعظيم للجناب النبوي فهو سنة لهذه الأسباب؛ نقول بل هي بدعة. فتخصيص هذه الأفعال في ليلة معينة دون نص شرعي هو إحداث في الدين، وتشريع جديد، واستدراك على الله. وقد جعل الشاطبي في اعتصامه أن من أصناف البدع تخصيص زمان أو مكان للعبادة لم يكن لها مستند شرعي فقال:" ومنها التزام الكيفيات والهيآت المعينة كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا وما أشبه ذلك
ومنها التزام العبادات المعينة في أوقات معينة لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة كالتزام صيام يوم النصف من شعبان وقيام ليلته "
ثالثاً: ليس كل عمل صالح يمدح ويثاب عليه؛ بل قد يؤثم بفعل الصالح إذا لم يكن مقتدياً برسول الله. فهؤلاء النفر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال أحدهما أصوم ولا أفطر.. فهذه أعمال صالحة لا شك في مشروعيتها وفضلها ومع ذلك فقد عاتبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:" من رغب عن سنتي فليس مني" فالعمل الصالح الذي يمدح ويثاب عليه ما كان على الطريقة النبوية فلا يزيد ولا ينقص، والمولد زيادة لم يأمر بها الشارع. يقول الشاطبي رحمه الله :" والبدع المستدل عليها بغير الصحيح لا بد فيها من الزيادة على المشروعات كالتقييد بزمان أو عدد أو كيفية ما فيلزم أن تكون أحكام تلك الزيادات ثابتة بغير الصحيح وهو ناقض إلى ما أسسه العلماء "
رابعاً: تثبيت الفؤاد يكون بالإيمان وعمل الصالحات، وليس بعمل البدع والخرفات ( وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) (النساء:66) فالاقتصار على ما ورد هو سبيل نجاح الأمة، وسعادة الفرد.

تاسعاً : ومن أدلتهم:
قولهم: ليست كل بدعة محرمة ولو كان كذلك لحرم جمع أبو بكر وعمر وزيد رضي الله عنهم القرآن وكتبه في المصاحف خوفاً على ضياعه بموت الصحابة القراء رضي الله عنهم ؟! ، ولحرم جمع عمر رضي الله عنه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح مع قوله :" نعمت البدعة هذه " ؟! ، وحرم التصنيف في جميع العلوم النافعة ؟! ، ولوجب علينا حرب الكفار بالسهام والأقواس مع حربهم لنا بالرصاص والمدافع والدبابات ؟! ، وبناء الجامعات وتسميتها بهذا الإسم وتسمية الندوات والمحاضرات بهذا الإسم فإنه لم يذكر أن رسول الله أو أحداً من الصحابة سمى بهذا الإسم ، وزيادة الآذان الأول يوم الجمعة ؟! وزيادة سيدنا عبد الله بن عمر البسملة في أول التشهد ؟! ..
المناقشة:
أولاً: هذا القول من عجائب الأمور فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول:" كل بدعة ضلالة" وهؤلاء يقولون :" ليست كل بدعة ضلالة". أليس هذا رد وتحريف لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم. يقول ابن تيمية :" ولا يحل لأحد أن يقابل هذه الكلمة الجامعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلية وهي قوله :"كل بدعة ضلالة" بسلب عمومها وهو أن يقال :ليست كل بدعة ضلالة، فإن هذا إلى مشاقة الرسول أقرب منه إلى التأويل "
وقال الشاطبي :" أنه قد ثبت في الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية أو دليل شرعي كلي؛ إذا تكررت في مواضع كثيرة، وأتي بها شواهد على معان أصولية أو فروعيَّة، ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص، مع تكررها وإعادة تقررها؛ فذلك دليل على بقائها عل مقتضى لفظها من العموم كقوله تعالى ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) وما أشبه .. فما نحن بصدده من هذا القبيل إذ جاء في الأحاديث المتعددة والمتكررة في أوقات شتى وبحسب الأحوال المختلفة: أن كل بدعة ضلالة، وأن كل محدثة بدعه... وما كان نحو ذلك من العبارات الدالة على أن البدع مذمومة، ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية فيها؛ فدل ذلك دلالة واضحة على أنها على عمومها واطلاقها "

ثانياً: وأما قول عمر رضي الله عنه:" نعمت البدعة هذه" فلا حجة لهم في هذا القول من وجوه:
أولاً: أن ما سنه الخلفاء الراشدون من بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو سنة، ولا بدعة فيه ألبتة، وإن لم يعلم في كتاب الله ولا سنة نبيه صلى الله عليه وسلم نص عليه على الخصوص؛ فقد حاء ما يدل عليه في الجملة، وذلك نص حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه، حيث قال فيه: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين والمهديين؛ تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور" فقرن عليه السلام سنة الخلفاء الراشدين بسنته، وأن من أتباع سنته أتباع سنتهم، وأن المحدثات خلاف ذلك ليست منها في شيء؛ لأنهم رضي الله عنهم فيما سنوه:
إما متبعون لسنة نبيهم عليه السلام نفسها، وإما متبعون لما فهموا من سنته صلى الله عليه وسلم في الجملة والتفصيل على وجه يخفى على غيرهم مثله لا زائد على ذلك .
ثانياً: عمل عمر رضي الله عنه لبس بدعة في الشريعة، فهو لم يحدث شيئاً جديداً في الدين، فقد صلى الصحابة صلاة التراويح جماعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم تركها خشية أن تفرض عليهم فلما مات صلى الله عليه وسلم ذهبت العلة التي من أجلها تركوا صلاة الجماعة، فأعاد الأمر على ما كان عليه. يقول ابن تيمة :" فأما صلاة التراويح فليست بدعة في الشريعة؛ بل هي سنة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله فإنه قال:" إن الله فرض عليكم صيام رمضان، وسننت لكم قيامه" ولا صلاتها جماعة بدعة بل هي سنة في الشريعة؛ بل قد صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجماعة في أول شهر رمضان ليلتين؛ بل ثلاثا. وصلاها أيضا في العشر الأواخر في جماعة مرات. وقال:" إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة " كما قام بهم حتى خشوا أن يفوتهم الفلاح رواه أهل السنن. وبهذا الحديث أحتج أحمد وغيره على أن فعلها في الجماعة أفضل من فعلها في حال الانفراد. وفي قوله هذا ترغيب في قيام شهر رمضان خلف الإمام وذلك أوكد من أن يكون سنة مطلقة، وكان الناس يصلونها جماعات في المسجد، على عهده صلى الله عليه وسلم ، ويقرهم وإقراره سنة منه صلى الله عليه وسلم . "
ثالثاً: قول عمر رضي الله عنه :" نعمت البدعة هذه" هي تسمية لغوية لا شرعية. " وذلك أن البدعة في اللغة تعم كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق، وأما البدعة الشرعية: فكل مالم يدل عليه دليل شرعي، فإذا كان نص رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دل على استحباب فعل، أو إيجابه بعد موته، أو دل عليه مطلقا، ولم يعمل به إلا بعد موته ككتاب الصدقة الذي أخرجه أبو بكر رضي الله عنه، فإذا عمل أحد ذلك العمل بعد موته، صح أن يسمى بدعة في اللغة، لأنه عمل مبتدأ، كما أن نفس الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم يسمى بدعة، ويسمى محدثا في اللغة، كما قالت رسل قريش للنجاشي عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين إلى الحبشة :"إن هؤلاء خرجوا من دين آبائهم، ولم يدخلوا في دين الملك، وجاءوا بدين محدث لا يعرف. "
رابعاً: أما جمع المصحف ونحوه فهي من باب المصالح المرسلة، لا من قبيل البدعة المحدثة، والمصالح المرسلة قد عمل بمقتضاها السلف الصالح من الصحابة ومن بعدهم، فهي من الأصول الفقهية الثابتة عند أهل الأصول. " فحق ما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن له أصلا يشهد له في الجملة، وهو الأمر بتبليغ الشريعة، وذلك لا خلاف فيه لقوله تعالى ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )، وأمته مثله، وفي الحديث:" ليبلغ الشاهد منكم الغائب" وأشباهه.
والتبليغ كما لا يتقيد بكيفية معلومة؛ لأنه من قبيل المعقول المعنى، فيصح بأي شيء أمكن من الحفظ والتلقين والكتابة وغيرها، كذلك لا يتقيد حفظه عن التحريف والزيغ بكيفية دون أخرى، إذا لم يعد على الأصل بالإبطال؛ كمسألة المصحف، ولذلك أجمع عليه السلف الصالح.
وأما ما سوى المصحف؛ فالأمر فيه أسهل، فقد ثبت في السنة كتابة العلم:
ففي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم :"اكتبوا لأبي شاه" وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال:" ليس احد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر حديثا مني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عبد الله بن عمرو؛فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب"
وذكر آهل السير انه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب يكتبون له الوحي وغيره؛منهم:عثمان، وعلي، ومعاوية، والمغيرة بن شعبة وأبي بن كعب، وزيد ابن ثابت، وغيرهم.
وأيضا؛ فإن الكتابة من قبيل ما لا يتم الواجب إلا به إذا تعين لضعف الحفظ وخوف اندراس العلم كما خيف دروسه حينئذ، وهو الذي نبه عليه اللخمي فيما تقدم .
وإنما كره المتقدمون كتب العلم لأمر آخر لا لكونه بدعة، فكل من سمى كتب العلم بدعة؛ فإما متجوز، وإما غير عارف بوضع لفظ البدعة، فلا يصح الاستدلال بهذه الأشياء على صحة العمل بالبدع.
وإن تعلق بما ورد من الخلاف في المصالح المرسلة، وأن البناء عليها غير صحيح عند جماعة من الأصوليين؛ فالحجة عليهم إجماع الصحابة على المصحف والرجوع إليه، وإذا ثبت اعتبارها في صورة؛ ثبت اعتبارها مطلقا، ولا يبقى بين المختلفين نزاع إلا في الفروع. "
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن جمع القرآن:" إن المانع من جمعه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أن الوحي كان لا يزال ينزل فيغير الله ما يشاء، ويحكم ما يريد، فلو جمع في مصحف واحد لتعسر أو تعذر تغييره كل وقت، فلما استقر القرآن بموته صلى الله عليه وسلم، واستقرت الشريعة بموته صلى الله عليه وسلم، أمن الناس من زيادة القرآن، ونقصه، وأمنوا من زيادة الإيجاب، والتحريم، والمقتضي للعمل قائم بسنته صلى الله عليه وسلم، فعمل المسلمون بمقتضى سنته، وذلك العمل من سنته، وإن كان يسمى هذا في اللغة بدعة، وصار هذا كنفي عمر رضي الله عنه ليهود خيبر، ونصارى نجران، ونحوهم من أرض العرب. فإن النبي صلى الله عليه وسلم عهد بذلك في مرضه فقال:" أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب" وإنما لم ينفذه أبو بكر رضي الله عنه لاشتغاله عنه بقتال أهل الردة، وبشروعه في قتال فارس والروم، وكذلك عمر لم يمكنه فعله في أول الأمر لاشتغاله بقتال فارس والروم، فلما تمكن من ذلك فعل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان هذا الفعل قد يسمى بدعة في اللغة. كما قال له اليهود: كيف تخرجنا وقد أقرنا أبو القاسم. وكما جاءوا إلى علي رضي الله عنه في خلافته فأرادوا منه إعادتهم وقالوا كتابك بخطك فامتنع من ذلك لأن ذلك الفعل من عمر كان بعهد رسول الله صلى الله.
والضابط في هذا والله أعلم أن يقال إن الناس لا يحدثون شيئا إلا لأنهم يرونه مصلحة إذ لو اعتقدوه مفسدة لم يحدثوه فإنه لا يدعو إليه عقل ولا دين فما رآه المسلمون مصلحة نظر في السبب المحوج إليه فإن كان السبب المحجوج إليه أمرا حدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم من غير تفريط منا فهنا قد يجوز إحداث ما تدعو الحاجة إليه وكذلك إن كان المقتضي لفعله قائما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن تركه النبي صلى الله عليه وسلم لمعارض قد زال بموته
وإما مالم يحدث سبب يحوج إليه أو كان السبب المحوج إليه بعض ذنوب العباد فهنا لا يجوز الإحداث فكل أمر يكون المقتضي لفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم موجودا لو كان مصلحة ولم يفعل يعلم أنه لبس بمصلحة
وأما ما حدث المقتضى له بعد موته من غير معصية الخالق فقد يكون مصلحة " انتهى كلامه رحمه الله

عاشراً : ومن أدلتهم:
في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ومن سنة في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها )) إذا كان معنى الحديث كما هو متعارف أن من سن في الإسلام سنة حسنة أي أحيا سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم إذن فعلى هذا الأساس نُكمل شرح الحديث - على أنه ليس من المعقول أنه تشرح حديثاً على قاعدة ثم تغيير القاعدة لشرح باقي هذا الحديث - فمن سن سنة سيئة أي أحيا سنة سيئة لرسول الله !! هل رسول الله له سنة سيئة حتى نحييها ؟؟!! ، حاشاه عن ذلك .
إذن فليس هذا هو الشرح الصحيح وإنما لو قلنا أن من أحدث أو سن سنة حسنة في الدين بعموم اللفظ فله أجرها وأجر من عمل بها وبالتالي من سن في الإسلام سنة سيئة فله وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة وإن المولد النبوي من السنن الحسنة كما ذُكر آنفاً .. والله أعلم .
المناقشة:
قد كفانا الشاطبي المؤنة في الرد على هذا الإشكال فقال :" قوله صلى الله عليه وسلم من سن سنة حسنة ..." ليس المراد به الاختراع ألبتة، وإلا لزم من ذلك التعارض بين الأدلة القطعية، إن زعم مورد السؤال أن ما ذكره من الدليل مقطوع به، فإن زعم أنه مظنون؛ فما تقدم من الدليل على ذم البدع مقطوع به، فيلزم التعارض بين القطعى والظني، والاتفاق من المحققين على تقديم القطعي.
ولكن فيه من وجهين:
أحدهما: أنه يقال: إنه من قبيل المتعارضين، إذ تقدم أولا أن أدلة الذم تكرر عمومها في أحاديث كثيرة من غير تخصيص، وإذا تعارضت أدلة العموم من غير تخصيص؛ لم يقبل بعد ذلك التخصيص.
والثاني: على التنزيل لفقد التعارض، فليس المراد بالحديث الاستنان بمعنى الاختراع، وإنما المراد به العمل بما ثبت من السنة النبوية وذلك لوجهين:
أحدهما: أن السبب الذي لأجله جاء الحديث هو الصدقة المشروعة؛ بدليل ما في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار او العباء متقلدي السيوف، عامتهم من مضر بل كلهم من مضر.
فقمص وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رآهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن واقام فصلى ثم خطب فقال(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) والآية التي في سورة الحشر (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (الحشر:18)
"وبعد : تصدق رجل؛ من ديناره، من درهمه ،من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره" حتى قال :"ولو بشق تمرة" قال: فجاءه رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها؛ بل قد عجزت. قال: ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب، حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من سن في الإسلام سنة حسنه؛ فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير ان ينقص من أجورهم شيء، ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء "
فتأملوا أين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"من سن سنة حسنة " و "من سن سنة سيئة" تجدوا ذلك فيمن عمل بمقتضى المذكور على أبلغ ما يقدر عليه، حتى بتلك الصرة، فانفتح بسببه باب الصدقه على الوجه الأبلغ، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قال: "من سن في الاسلام سنة حسنة .."الحديث، فدل على أن السنة ها هنا مثل ما فعل ذلك الصحابي، وهو العمل بما ثبت كونه سنة وان الحديث مطابق لقوله في الحديث الآخر "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي" الحديث إلى قوله "ومن ابتدع بدعة ضلالة"، فجعل مقابل تلك السنة الابتداع، فظهر أن السنة الحسنة ليست بمبتدعة، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم ومن أحيا سنتي فقد أحبني" ...
والوجه الثاني من وجهي الجواب:
أن قوله:" من سن سنة حسنة" و"من سن سنة سيئة" لا يمكن حمله على الاختراع من أصل؛ لأن كونها حسنة أو سيئة لا يعرف إلا من جهة الشرع؛ لان التحسين والتقبيح مختص بالشرع لا مدخل للعقل فيه، وهو مذهب جماعة أهل السنة
وإنما يقول به المبتدعة ـ اعني: التحسين والتقبيح بالعقل ـ فلزم أن تكون السنة في الحديث إما حسنه في الشرع وإما قبيحة بالشرع، فلا يصدق إلا على مثل الصدقة المذكورة وما أشبهها من السنن المشروعة،
وتبقى السنة السيئة منزلة على المعاصي التي ثبت بالشرع كونها معاصي؛ كالقتل المنبه عليه في حديث ابن آدم حيث قال عليه السلام :"لأنه أول من سن القتل" وعلى البدع لأنه قد ثبت ذمها والنهي عنها بالشرع كما تقدم ... فقد عاد الحديث والحمد لله حجة على أهل البدع من جهة لفظه وشرح الأحاديث الأخر له. "

الحادي عشر : ومن أدلتهم:
أن ابن تيمية يجيز الاحتفال بالمولد النبوي.
المناقشة:
كثيراً ما نقرأ لهؤلاء المبتدعة القول على ابن تيمية أنه يجيز المولد، ومن قرأ كلامه عن الأعياد والاحتفالات في كتاب اقتضاء الصراط علم أن ما نسب إليه كذب فهو يقول رحمه الله :" وكذلك ما يحدثه بعض الناس، إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا. مع اختلاف الناس في مولده، فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه، ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا ؛ فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيما له منا وهم على الخير أحرص.
وإنما كمال محبته وتعظيمه في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته باطنا وظاهرا ونشر ما بعث به والجهاد على ذلك بالقلب واليد واللسان فإن هذه هي طريقة السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان وأكثر هؤلاء الذين تجدونهم حرصاء على أمثال هذه البدع مع مالهم فيها من حسن القصد والاجتهاد الذي يرجى لهم به المثوبة تجدونهم فاترين في أمر الرسول عما أمروا بالنشاط فيه ، وإنما هم بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه، أو يقرأ فيه ولا يتبعه. وبمنزلة من يزخرف المسجد ولا يصلي فيه، أو يصلي فيه قليلا .وبمنزلة من يتخذ المسابح والسجادات المزخرفة ، وأمثال هذه الزخارف الظاهرة التي لم تشرع ويصحبها من الرياء والكبر والاشتغال عن المشروع ما يفسد حال صاحبها كما جاء في الحديث ما ساء عمل أمة قط إلا زخرفوا مساجدهم "
ومن توهم أن ابن تيمية أجاز المولد فقد خلط عليه الأمر، فابن تيمية بعد أن قرر بدعية المولد، أجازه لقوم إن لم يفعلوا المولد فإنهم يفعلون منكراً أشد، فهو بمنزلة أخف الضررين، وهذا صريح في كلامه رحمه الله تعالى إذ يقول :" فتعظيم المولد، واتخاذه موسما، قد يفعله بعض الناس، ويكون له فيه أجر عظيم لحسن قصده، وتعيظمه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قدمته لك أنه يحسن من بعض الناس، ما يستقبح من المؤمن المسدد، ولهذا قيل للإمام أحمد عن بعض الأمراء: إنه أنفق على مصحف ألف دينار، أو نحو ذلك فقال: دعه، فهذا أفضل ما أنفق فيه الذهب، أو كما قال. مع أن مذهبه أن زخرفة المصاحف مكروهة. وقد تأول بعض الأصحاب أنه أنفقها في تجديد الورق والخط. وليس مقصود أحمد هذا، وإنما قصده أن هذا العمل فيه مصلحة، وفيه أيضا مفسدة كره لأجلها. فهؤلاء إن لم يفعلوا هذا، وإلا اعتاضوا الفساد الذي لا صلاح فيه، مثل أن ينفقها في كتاب من كتب الفجور: ككتب الأسمار أو الأشعار، أو حكمة فارس والروم.
فتفطن لحقيقة الدين، وانظر ما اشتملت عليه الأفعال من المصالح الشرعية، والمفاسد، بحيث تعرف ما ينبغي من مراتب المعروف، ومراتب المنكر، حتى تقدم أهمها عند المزاحمة، فإن هذا حقيقة العمل بما جاءت به الرسل، فإن التمييز بين جنس المعروف، وجنس المنكر، وجنس الدليل، وغير الدليل، يتيسر كثيرا.
فأما مراتب المعروف والمنكر، ومراتب الدليل؛ بحيث تقدم عند التزاحم أعرف المعروفين، فتدعو إليه، وتنكر أنكر المنكرين، وترجح أقوى الدليلين؛ فإنه هو خاصة العلماء بهذا الدين ." والله أعلم وأحكم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.










رد مع اقتباس
قديم 2012-01-31, 19:47   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الحمد لله وبعد:




اقتباس:
بمناسبة ذكرى مولد المصطفى صلوات ربي و سلامه عليه نعيد رفع الموضوع الذي أُغلق للأسف :

قال الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله [ "مجالس التّذكير من حديث البشير النّذير" ، من مطبوعات وزارة الشؤون الدينية ، صفحة 287 ] :
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وعلى اسم الجزائر الرّاسخة في إسلامها، المتمسّكة بأمجاد قوميتها وتاريخها ـ أفتتح الذّكرى الأولى بعد الأربعمائة والألف من ذكريات مولد نبي الإنسانيّة ورسول الرّحمة سيّدنا ومولانا محمّد بن عبد اللّه عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام ـ في هذا النّادي العظيم الّذي هو وديعة الأمّة الجزائريّة عند فضلاء هذه العاصمة ووجهائها.لسنا وحدنا في هذا الموقف الشّريف لإحياء هذه الذّكرى العظيمة، بل يشاركنا فيها نحو خمسمائة مليون من البشر في أقطار المعمور كلّهم تخفق أفئدتهم فرحا وسرورا وتخضع أرواحهم إجلالا وتعظيما لمولد سيّد العالمين.اهــــ

وقال أيضا [ نفس المصدر ، صفحة 289 ] :

1-الإمام السلفي الوهابي(على طريقة المخالف الصوفي) ابن باديس رحمه الله موافق لأهل السنة في التأصيل ، من حيث تعريف البدعة وأنه ليس في الدين بدعة حسنة، فلو ثبت عنده أن هذا العمل بدعة لم يتردد في إنكاره إن شاء الله تعالى ، واضرب مثالا بأمر يعتقد كثير من السلفيين في هذا الزمان أنه بدعة، وقد قال بمشروعيته شيخ الإسلام ابن تيمية وهو استعمال السبحة، فهل يحق لأحد أن يتهم ابن تيمية بالابتداع؟
2-المولد النبوي ليس عيدا دينيا عند ابن باديس:
رجال الجمعية لم يكونوا يعدون الاحتفال بالمولد النبوي من الاحتفالات الدينية، بل قد ثبت عن بعضهم التصريح بأنه عيد قومي تاريخي ، وقد وضع الشيخ العربي التبسي برنامجا للعطل السنوية بمناسبة الأعياد في مدارس جمعية العلماء وجعل أمام كل عيد نوعه، وقد قسمها ،إلى قسمين أعياد دينية وأعياد قومية ،وجعل من الأعياد القومية المولد النبوي (انظر المدرسة الجزائرية إلى أين؟ لمصطفى عشوي (ص135 –الملاحق) والتعليم القومي لرابح تركي (299)).

3-الحجة في كلام الله ورسوله صليى الله عليه وسلم ولا أحد معصوم خاصة وقد أنكر الاحتفال بالمولد النبوي جماعة من العلماء عارضوا هؤلاء كابن الحاج المالكي في ( المدخل ) والعدوي في (حاشيته على شرح مختصر خليل ) والفاكهاني في ( المورد ) وابن تيمية في ( اقتضاء الصراط المستقيم ) وغيرهم رحمهم الله تعالى , فبقيت الحجة مع المانع لاسيما وأن السلف الصالح أجمعين من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم لم يستحب أحد منهم الاحتفال بالمولد النبوي ولم يذكروه وحسبنا من الدين ما كانوا عليه .









رد مع اقتباس
قديم 2014-02-06, 22:09   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ibra34
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال البليدي مشاهدة المشاركة
الحمد لله وبعد:





1-الإمام السلفي الوهابي(على طريقة المخالف الصوفي) ابن باديس رحمه الله موافق لأهل السنة في التأصيل ، من حيث تعريف البدعة وأنه ليس في الدين بدعة حسنة، فلو ثبت عنده أن هذا العمل بدعة لم يتردد في إنكاره إن شاء الله تعالى ، واضرب مثالا بأمر يعتقد كثير من السلفيين في هذا الزمان أنه بدعة، وقد قال بمشروعيته شيخ الإسلام ابن تيمية وهو استعمال السبحة، فهل يحق لأحد أن يتهم ابن تيمية بالابتداع؟
2-المولد النبوي ليس عيدا دينيا عند ابن باديس:
رجال الجمعية لم يكونوا يعدون الاحتفال بالمولد النبوي من الاحتفالات الدينية، بل قد ثبت عن بعضهم التصريح بأنه عيد قومي تاريخي ، وقد وضع الشيخ العربي التبسي برنامجا للعطل السنوية بمناسبة الأعياد في مدارس جمعية العلماء وجعل أمام كل عيد نوعه، وقد قسمها ،إلى قسمين أعياد دينية وأعياد قومية ،وجعل من الأعياد القومية المولد النبوي (انظر المدرسة الجزائرية إلى أين؟ لمصطفى عشوي (ص135 –الملاحق) والتعليم القومي لرابح تركي (299)).

3-الحجة في كلام الله ورسوله صليى الله عليه وسلم ولا أحد معصوم خاصة وقد أنكر الاحتفال بالمولد النبوي جماعة من العلماء عارضوا هؤلاء كابن الحاج المالكي في ( المدخل ) والعدوي في (حاشيته على شرح مختصر خليل ) والفاكهاني في ( المورد ) وابن تيمية في ( اقتضاء الصراط المستقيم ) وغيرهم رحمهم الله تعالى , فبقيت الحجة مع المانع لاسيما وأن السلف الصالح أجمعين من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم لم يستحب أحد منهم الاحتفال بالمولد النبوي ولم يذكروه وحسبنا من الدين ما كانوا عليه .
أي يجوز الاحتفال به على أنه يوم قومي!!!!









رد مع اقتباس
قديم 2012-02-02, 21:16   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
oum seifelislem
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية oum seifelislem
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشاذلي مشاهدة المشاركة
تــــــــــابع



121- فتوى دار الإفتاء المصرية
الرقـم المسلسل 140
الموضوع:- الاحتفال بالمولد النبوي ومولد آل البيت والصالحين
تاريخ الإجابة :- 30/07/2007
الســــؤال
اطلعنا على الطلب المقيد برقم 1186 المتضمن:
ما حكم الاحتفال بالمولد النبوي وموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين؟

الـجـــواب

أمانة الفتوى
المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه؛ فلقد عَبَّر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه "رحمة للعالمين"، وهذه الرحمة لـم تكن محدودة؛ فهي تشمل تربيةَ البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الـزمان؛ بل تمتد على امتداد التأريخ بأسره (وآخَرِينَ مِنهم لَمّا يَلحَقُوا بهم) [الجمعة:3].
والاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان،
وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال:
«لا يُؤمِنُ أَحَدُكم حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليه مِن والِدِه ووَلَدِه والنّاسِ أَجمَعِينَ» رواه البخاري.
قال ابن رجب: "محبَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارِنة لمحبة الله عز وجل، وقد قرنها اللهُ بها، وتَوَّعَدَ مَن قدَّم عليهما محبَّة شيء من الأمور المحبَّبة طبعًا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك، فقال تعالى:
(قُل إن كانَ آباؤُكم وأَبناؤُكم وإخوانُكم وأَزواجُكم وعَشِيرَتُكم وأَموالٌ اقتَرَفتُمُوها وتِجارةٌ تَخشَونَ كَسادَها ومَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إليكم مِنَ اللهِ ورَسُولِه وجِهادٍ في سَبِيلِه فتَرَبَّصُوا حتى يَأتِيَ اللهُ بأَمرِه) [التوبة:24]،
ولما قال عُمَرُ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رَسُولَ اللهِ، لأَنتَ أَحَبُّ إلَيَّ مِن كُـلِّ شَيءٍ إلاّ مِن نَفسِي، قَالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآلـه وسلم:
«لا والذي نَفسِي بيَدِه؛ حتى أَكُونَ أَحَبَّ إليكَ مِن نَفسِكَ»،
فقالَ لـه عُمَرُ: فإنَّه الآن واللهِ لأَنتَ أَحَـبُّ إلَيَّ مِن نَفسِي،
فقالَ النبِيُّ صلى الله عليه وآلـه وسلم: «الآن يا عُمَرُ» رواه البخاري"اهـ.
والاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلم هو الاحتفاء به، والاحتفاء به صلى الله عليه وآله وسلم أمر مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدرَ نبيه، فعرَّف الوجودَ بأسره باسمه وبمبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله في سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحُجَّته.
وقد دَرَجَ سلفُنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
ونص جماهير العلماء سلفًا وخلفًا على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، بَيَّنُوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العمل؛ بحيث لا يبقى لمَن له عقل وفهم وفكر سليم إنكارُ ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، وقد أطال ابن الحاج في (المدخل) في ذكر المزايا المتعلقة بهذا الاحتفال، وذكر في ذلك كلامًا مفيدًا يشرح صدور المؤمنين، مع العلم أن ابن الحاج وضع كتابه (المدخل) في ذم البدع المحدثة التي لا يتناولها دليل شرعي، وللإمام السيوطي في ذلك رسالة مستقلة سماها
"حُسن المَقصِد في عمل المولد".
والاحتفال في لغة العرب: من حَفَلَ اللبنُ في الضَّرع يَحفِل حَفلاً وحُفُلاً وتَحَفَّل واحتَفَلَ: اجتمع، وحَفَل القومُ من باب ضرب واحتَفَلوا: اجتمعوا واحتشدوا. وعنده حَفلٌ من الناس: أي جَمع، وهو في الأصل مصدر، ومَحفِلُ القومِ ومُحتَفَلُهم: مجتمعهم، وحَفَلهُ: جلاَه، فَتحَفَّلَ واحتَفَلَ،
وحَفَل كذا: بالى به، ويقال: لا تحفل به.
وأما الاحتفال بالمعنى المقصود في هذا المقام، فهو لا يختلف كثيرا عن معناه في اللغة؛ إذ المراد من الاحتفال بذكرى المولد النبوي هو تجمع الناس على الذكر، والإنشاد في مدحه والثناء عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإطعام الطعام صدقة لله، إعلانًا لمحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وإعلانا لفرحنا بيوم مجيئه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.
ويدخل في ذلك ما اعتاده الناس من شراء الحلوى والتهادي بها في المولد الشريف؛ فإن التهادي أمر مطلوب في ذاته، لم يقم دليل على المنع منه أو إباحته في وقت دون وقت، فإذا انضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخرى كإدخال السرور على أهل البيت وصلة الأرحام فإنه يصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كان ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان أشد مشروعية وندبًا واستحبابًّا؛ لأن للوسائل أحكام المقاصد، والقول بتحريمه أو المنع منه حينئذ ضرب من التنطع المذموم.
ومما يلتبس على بعضهم دعوى خلو القرون الأولى الفاضلة من أمثال هذه الاحتفالات، ولو سُلِّم هذا -لعمر الحق- فإنه لا يكون مسوغا لمنعها؛ لأنه لا يشك عاقل في فرحهم -رضي الله تعالى عنهم- به صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن للفرح أساليب شتى في التعبير عنه وإظهاره، ولا حرج في الأساليب والمسالك؛ لأنها ليست عبادة في ذاتها، فالفرح به صلى الله عليه وآله وسلم عبادة وأي عبادة، والتعبير عن هذا الفرح إنما هو وسيلة مباحة، لكل فيها وجهةٌ هو موليها.
على أنه قد ورد في السنة النبوية ما يدل على احتفال الصحابة الكرام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإِذْنه فيه؛ فعن بُرَيدة الأسلمي رضي الله عنه قال:
خرج رسول اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت:
يا رسول الله، إنِّي كنت نذَرتُ إن رَدَّكَ اللهُ سَالِمًا أَن أَضرِبَ بينَ يَدَيكَ بالدُّفِّ وأَتَغَنّى، فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم:
«إن كُنتِ نَذَرتِ فاضرِبِي، وإلاّ فلا» رواه الإمام أحمد والترمذي وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
فإذا كان الضرب بالدُّفِّ إعلانًا للفرح بقدوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الغزو أمرًا مشروعًا أقره النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمر بالوفاء بنذره، فإنّ إعلان الفرح بقدومه صلى الله عليه وآله وسلم إلى الدنيا
-بالدف أو غيره من مظاهر الفرح المباحة في نفسها
- أكثر مشروعية وأعظم استحبابًا.
وإذا كان الله تعالى يخفف عن أبي لهب -وهو مَن هو كُفرًا وعِنادًا ومحاربة لله ورسوله- بفرحه بمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نُقرة مِن كَفّه كل يوم اثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثُوَيبة لَمّا بَشَّرَته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح البخاري،
فما بالكم بجزاء الرب لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون!
وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: «ذلكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه،
فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على مِنّة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأَولى بالأُمّة الائتساءُ به صلى الله عليه وآله وسلم
بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك، وكلُّ ماعُونٍ يَنضَحُ بما فيه، وقد نقل الصالحي في ديوانه الحافل في السيرة النبوية
"سُبُلُ الهُدى والرشاد في هَدي خيرِ العِباد" عن بعض صالحي زمانه:
أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه، فشكى إليه أن بعض مَن ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "مَن فرِح بنا فَرِحنا به".
وكذلك الحكم في الاحتفال بموالد آل البيت وأولياء الله الصالحين وإحياء ذكراهم بأنواع القُرَب المختلفة؛ فإن ذلك أمر مرغَّب فيه شرعًا؛ لما في ذلك من التأسي بهم والسير على طريقهم، وقد ورد الأمر الشرعي بتذكُّر الأنبياء والصالحين فقال تعالى: (واذكُر في الكِتابِ إبراهِيمَ) [مريم:41]
(واذكُر في الكِتابِ مُوسى) [مريم:51]، وهذا الأمر لا يختص بالأنبياء، بل يدخل فيه الصالحون أيضًا؛ حيث يقول تعالى:
(واذكُر في الكِتابِ مَريَمَ) [مريم:16]؛
إذ مِن المقرر عند المحققين أن مريم عليها السلام صِدِّيقةٌ لا نبية،
كما ورد الأمر الشرعي أيضًا بالتذكير بأيام الله تعالى في قوله سبحانه: (وذَكِّرهم بأَيامِ اللهِ) [إبراهيم:5]، ومِن أيام الله تعالى أيامُ الميلاد وأيامُ النصر؛ ولذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الاثنين من كل أسبوع شكرًا لله تعالى على نعمة إيجاده واحتفالاً بيوم ميلاده
كما سبق في حديث أبي قتادة الأنصاري في صحيح مسلم،
كما كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر بصيامه شكرًا لله تعالى وفرحًا واحتفالاً بنجاة سيدنا موسى عليه السلام، وقد كَّرم الله تعالى يوم الولادة في كتابه وعلى لسان أنبيائه فقال سبحانه: (وسَلامٌ عليه يَومَ وُلِدَ) [مريم:15]،
وقال جل شأنه على لسان السيد المسيح عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم: (والسَّلامُ عليَّ يَومَ وُلِدتُ) [مريم:33]،
وذلك أن يوم الميلاد حصلت فيه نعمةُ الإيجاد، وهي سبب لحصول كل نعمة تنال الإنسان بعد ذلك، فكان تذكره والتذكير به بابًا لشكر نعم الله تعالى على الناس؛ فلا بأس مِن تحـديد أيام معينة يُحتفل فيها بذكرى أولياء الله الصالحين، ولا يقدح في هذه المشروعية ما قد يحدث في بعض هذه المواسم من أمور محرمة؛ بل تُقام هذه المناسبات مع إنكار ما قد يكتنفها من منكرات، ويُنبَّهُ أصحابها إلى مخالفة هذه المنكرات للمقصد الأساس الذي أقيمت من أجله هذه المناسبات الشريفة.
والله سبحانه وتعالى أعلم
https://www.dar-alifta.org/viewfatwa.aspx?id=140
ــــــــــ
122- فتوى دار الإفتاء الإماراتية
حكم الاحتفال بالمولد وفقاً لمذهب الإمام مالك.
السؤال:
ماحكم الاحتفال بالمولد النبوي علماً أن هناك من علماء المالكية من يراه أنه بدعة ((باطل لاأصل له)) مثل تاج الدين الفاكهاني وابن عليش المالكي وذكر أهل التاريخ أن أول من قام بالمولد هم الفاطميون في القرن الخامس الهجري وأعاده نابيليون لكي يستعمر مصر بارك الله لكم؟
تاريخ النشر: 21-اكتوبر-2008 1489
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد ..
فالمولد هو: اجتماع طائفة من الناس على تلاوة القرآن، وإنشاد المدائح النبوية المحركة للقلوب إلى فعل الخيراتِ والعملِ للآخرةِ ، مع إطعام الحاضرين الطعام.
وكان الذي أظهر الاحتفال بالمولد النبوي هو الملك المظفر، وهو ملك صالح سُنِّي، قال الإمام الذهبي في ترجمته كما في سير أعلام النبلاء: (صَاحِبُ إِرْبِلَ، كُوْكْبُرِي بنُ عَلِيٍّ التُّرُكْمَانِيُّ السُّلْطَانُ الدَّيِّنُ، المَلِك المُعَظَّمُ، مُظَفَّر الدِّيْنِ، أَبُو سَعِيْدٍ كُوْكْبُرِي بن عَلِيِّ بن بكتكين بن مُحَمَّدٍ التُّرُكْمَانِيّ ... وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس، وَيَسْأَل كُلّ وَاحِد عَنْ حَالِه، وَيَتفقَّده، وَيُبَاسِطه، وَيَمزح مَعَهُ... وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حرب).
وقال الإمام ابن كثير في ترجمته: (أحَدُ الأجْوَادِ والساداتِ الكُبَراء، والملوك الأمجاد، لَهُ آثَارٌ حَسَنة،... وكان يعمل المولد الشريف في ربيع الأول، ويحتفل به احْتِفَالاً هائلاً، وكان مع ذلك شهماً شجاعاً فاتكاً بطلاً عاقلاً عالماً عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه).
وقد ذهب الجماهير من العلماء من المذاهب الأربعة إلى مشروعية الاحتفاء والاحتفال بميلاد سيد البشرية وإمام الإنسانية سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وصنفوا في ذلك مصنفات.
وأول من صنف في تقرير المولد النبوي الشريف هو العلامة المحدث المالكي أبو الخطاب عمر بن حسن الكلبي فكتب
"التنوير في مولد البشير النذير" وأبو الخطاب ابن دحية هو الذي قال الإمام الذهبي في ترجمته: (الشَّيْخُ، العَلاَّمَةُ، المُحَدِّثُ، الرَّحَّالُ المُتَفَنِّنُ ... رَوَى عَنْهُ: ابْنُ الدُّبَيْثِيِّ. فَقَالَ: كَانَ لَهُ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ، وَأَنَسَةٌ بِالحَدِيْثِ، فَقِيْهاً عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ).
وقال ابن خَلِّكان في ترجمة الحافظ أبي الخطاب بن دِحية:
(كان أبو الخطاب المذكور من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، متقناً لعلم الحديث النبوي وما يتعلق به، عارفاً بالنحو واللغة وأيام العرب وأشعارها، واشتغل بطلب الحديث في أكثر بلاد الأندلس الإسلامية، ولقي بها علماءها ومشايخها).
وقد تكلم العلامة أبو عبد الله بن الحاج المالكي في كتابه المدخل على عمل المَوْلِد، فمدح ما كان فيه من إظهار الشكر لله تعالى، وذم ما احتوى عليه من مُحَرَّمات ومُنْكَرات، فمن ذلك قوله:
(فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى مَا خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ هَذَا الشَّهْرَ الشَّرِيفَ وَيَوْمَ الِاثْنَيْنِ.أَلَا تَرَى أَنَّ صَوْمَ هَذَا الْيَوْمِ فِيهِ فَضْلٌ عَظِيمٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ فِيهِ.
فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إذَا دَخَلَ هَذَا الشَّهْرُ الْكَرِيمُ أَنْ يُكَرَّمَ وَيُعَظَّمَ وَيُحْتَرَمَ الِاحْتِرَامَ اللَّائِقَ بِهِ وَذَلِكَ بِالِاتِّبَاعِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَوْنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَخُصُّ الْأَوْقَاتَ الْفَاضِلَةَ بِزِيَادَةِ فِعْلِ الْبِرِّ فِيهَا وَكَثْرَةِ الْخَيْرَاتِ... فَتَعْظِيمُ هَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ إنَّمَا يَكُونُ بِزِيَادَةِ الْأَعْمَالِ الزَّاكِيَاتِ فِيهِ وَالصَّدَقَاتِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْقُرُبَاتِ، فَمَنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ فَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِهَذَا الشَّهْرِ الشَّرِيفِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا فِي غَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَكْثَرُ احْتِرَامًا كَمَا يَتَأَكَّدُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَفِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَيَتْرُكُ الْحَدَثَ فِي الدِّينِ وَيَجْتَنِبُ مَوَاضِعَ الْبِدَعِ وَمَا لَا يَنْبَغِي).
ثم ذكر ابن الحاج رحمه الله مجموعة من المنكرات التي فعلها بعض الجهلة، ثم قال: (وَهَذِهِ الْمَفَاسِدُ مُرَكَّبَةٌ عَلَى فِعْلِ الْمَوْلِدِ إذَا عَمِلَ بِالسَّمَاعِ فَإِنْ خَلَا مِنْهُ وَعَمِلَ طَعَامًا فَقَطْ وَنَوَى بِهِ الْمَوْلِدَ وَدَعَا إلَيْهِ الْإِخْوَانَ وَسَلِمَ مِنْ كُلِّ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَهُوَ بِدْعَةٌ بِنَفْسِ نِيَّتِهِ فَقَطْ إذْ أَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ فِي الدِّينِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ).
وقد تعقبه الإمام السيوطي في الحاوي في الفتاوي، في رسالته المسمَّاة (حسن المقصد في عمل المولد) قائلاً:
(وأما قوله آخراً: إنه بدعة، فإما أن يكون مناقضاً لما تقدم أو يحمل على أنه بدعة حسنة كما تقدم تقريره في صدر الكتاب، أو يحمل على أن فعل ذلك خير والبدعة منه نية المولد، كما أشار إليه بقوله: فهو بدعة بنفس نيته فقط، وبقوله: ولم ينقل عن أحد منهم أنه نوى المولد.
فظاهر هذا الكلام أنه كره أن ينوي به المولد فقط، ولم يكره عمل الطعام ودعاء الإخوان إليه، وهذا إذا حقق النظر لا يجتمع مع أول كلامه، لأنه حث فيه على زيادة فعل البر وما ذكر معه على وجه الشكر لله تعالى إذْ أوجد في هذا الشهر الشريف سيدَ المرسلين صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى نية المولد فكيف يذم هذا القدر مع الحث عليه أولاً.
وأما مجرد فعل البر وما ذكر معه من غير نية أصلاً فإنه لا يكاد يتصور، ولو تصور لم يكن عبادة، ولا ثواب فيه إذ لا عمل إلا بنية، ولا نية هنا إلا الشكر لله تعالى على ولادة هذا النبي الكريم في هذا الشهر الشريف، وهذا معنى نية المولد فهي نية مستحسنة بلا شك فتأمل).
وممن أجاز عمل المولد من المالكية الإمام محمد بن أبي إسحق بن عباد النفزي، ففي كتاب "المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب (11/278) ما نصه:
(وسئل الولي العارف بالطريقة والحقيقة أبو عبد الله بن عباد رحمه الله ونفع به عما يقع في مولد النبي صلى الله عليه وسلم من وقود الشمع وغير ذلك لأجل الفرح والسرور بمولده عليه السلام.
فأجاب: الذي يظهر أنه عيد من أعياد المسلمين، وموسمٌ من مواسمهم، وكل ما يقتضيه الفرح والسرور بذلك المولد المبارك، من إيقاد الشمع وإمتاع البصر، وتنزه السمع والنظر، والتزين بما حسن من الثياب، وركوب فاره الدواب؛ أمر مباح لا ينكر قياساً على غيره من أوقات الفرح، والحكم بأن هذه الأشياء لا تسلم من بدعة في هذا الوقت الذي ظهر فيه سر الوجود، وارتفع فيه علم العهود، وتقشع بسببه ظلام الكفر والجحود، يُنْكَر على قائله، لأنه مَقْتٌ وجحود.
وادعاء أن هذا الزمان ليس من المواسم المشروعة لأهل الإيمان، ومقارنة ذلك بالنيروز والمهرجان، أمر مستثقل تشمئز منه النفوس السليمة، وترده الآراء المستقيمة).
وقد كان الخلفاء المسلمون يقيمون الاحتفال بالمولد النبوي، ومعهم قضاة المذاهب الأربعة، ومشاهير العلماء.
قال العلامة المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار" :
(فإذا كان وقت ذلك ضربت خيمة عظيمة بهذا الحوض، وجلس السلطان وعن يمينه شيخ الإسلام سراج الدين عمر بن رسلان بن نصر البلقيني - شيخ الإمام الحافظ ابن حجر -، ويليه الشيخ المعتقد إبراهيم برهان الدين بن محمد بن بهادر بن أحمد بن رفاعة المغربيّ، ويليه ولد شيخ الإسلام، ومن دونه وعن يسار السلطان الشيخ أبو عبد الله محمد بن سلامة التوزريّ المغربيّ، ويليه قضاة القضاة الأربعة، وشيوخ العلم، ويجلس الأمراء على بعد من السلطان، فإذا فرغ القراء من قراءة القرآن الكريم، قام المنشدون واحداً بعد واحد، وهم يزيدون على عشرين منشداً، فيدفع لكل واحد منهم صرّة فيها أربعمائة درهم فضة، ومن كلّ أمير من أمراء الدولة شقة حرير، فإذا انقضت صلاة المغرب مدّت أسمطة الأطعمة الفائقة، فأكلت وحمل ما فيها، ثم مدّت أسمطة الحلوى السكرية من الجواراشات والعقائد ونحوها). وهذا كله دون نكير من العلماء.
وممن أجاز الاحتفال بالمولد من العلماء:
* 1- الإمام المحدث الفقيه أبو شامة شيخ الإمام النووي.
قال في رسالته : (ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يُفعل كل عام في اليوم الموافق لمولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات، والمعروف، وإظهار الزينة والسرور، فإن ذلك مشعرٌ بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمه في قلب فاعل ذلك وشكراً لله تعالى على ما منّ به من إيجاد رسوله الذي أرسله رحمة للعالمين).
* 2- الإمام شيخ الإسلام ابن حجر العسقلاني.
فقد سُئِلَ عن عمل المَوْلِد فأجاب بما نصه:
أصل عمل المَوْلِد بدعة لم تُنْقَل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة الصحابة والتابعين وتابع التابعين ولكنها مع ذلك قد اشتملت على محاسنَ وضدِّها، فمن تَحَرَّى في عملها المحاسن وتجنَّب ضدَّها كان بدعةً حسنة وإلا فلا). نقلاً عن رسالة الإمام السيوطي.
* 3- الإمام الحافظ المحدث جلال الدين السيوطي.
قال معقباً على كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني:
(وقد ظهر لي تخريجها على أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين من أن النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجَّى موسى، فنحن نصومه شكرًا لله تعالى. فيُستفاد منه فعل الشكر لله على ما مَنَّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نِقْمة، ويُعاد ذلك في نظير ذلك اليوم من كل سَنَة. والشكر لله يحصل بأنواع العبادة كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأيَّة نعمة أعظم من النعمة ببروز هذا النبيّ نبيّ الرحمة في ذلك اليوم).
* 4- الإمام الحافظ أبو الخير السخاوي.
قال رحمه الله في فتاويه: (عمل المولد الشريف لم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة، وإنما حدث بعد، ثم لا زال أهل الإسلام في سائر الأقطار والمدن الكبار يحتفلون في شهر مولده صلى الله عليه وسلم بعمل الولائم البديعة، المشتملة على الأمور البهجة الرفيعة، ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويظهرون السرور ويزيدون في المبرات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم).
وقال في ترجمة أحد تلاميذه: (سمع مني تأليفي في المولد النبوي بمحله وفي السنة قبلها تأليف العراقي فيه أيضاً).
فقد كان المولد يقرأ في مكان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم سنة بعد أخرى دون نكير من أحد.
* 5- الإمام الشهاب أحمد القسطلاني شارح البخاري:
قال في كتابه المواهب اللدنية 1/148: (فرحم الله امرءا اتخذ ليالي شهر مولده المبارك أعياداً ، ليكون أشد علة على من في قلبه مرض وإعياء داء).
* 6- العلاَّمة الشّيخ محمد بن عمر بحرق الحضرمي الشافعي (ت:930 هـ)
قال في كتابه (حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النبي المختار): (فحقيقٌ بيومٍ كانَ فيه وجودُ المصطفى صلى الله عليه وسلم أَنْ يُتَّخذَ عيدًا، وخَليقٌ بوقتٍ أَسفرتْ فيه غُرَّتُهُ أن يُعقَد طالِعًا سعيدًا، فاتَّقوا اللهَ عبادَ الله، واحذروا عواقبَ الذُّنوب، وتقرَّبوا إلى الله تعالى بتعظيمِ شأن هذا النَّبيِّ المحبوب، واعرِفوا حُرمتَهُ عندَ علاّم الغيوب،
"ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ").
* 7- الإمام العلامة صدر الدين موهوب بن عمر الجزري الشافعي.
قال: (هذه بدعة لا بأس بها، ولا تكره البدع إلا إذا راغمت السنة، وأما إذا لم تراغمها فلا تكره، ويثاب الإنسان بحسب قصده في إظهار السرور والفرح بمولد النبي صلى الله عليه وسلم).
نقلاً من كتاب سبل الهدى والرشاد.
وقد تمسك من منع الاحتفال بالمولد بأمور؛ نذكرها ونذكر الجواب عنها باختصار:
أولاً: كون المولد أول من أحدثه الفاطميون.
وجواب ذلك أن يقال: على افتراض أن الفاطميين هم أول من أحدث ذلك؛ فليس هذا دليلاً على المنع، فقد أخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم تعظيم اليوم الذي انتصر فيه موسى عليه السلام من اليهود، وقال عليه السلام: (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) رواه البخاري.
ثانياً: منع المولد بحجة أنه بدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) رواه مسلم.
والجواب عن ذلك: أن البدع على قسمين: حسنة وسيئة، وإلى هذا ذهب الجماهير من العلماء، وهذا بعض تقريرهم لذلك:
قال الإمام الشافعي: (المحدثات من الأمور ضربان:
أحدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو إجماعاً، فهذه البدعة الضلالة.
والثانية: ما أحدث من الخير مما لا خلاف فيه لواحد من هذا هي محدثة غير مذمومة، وقد قال عمر - رضي الله تعالى عنه - في قيام رمضان نعمت البدعة هذه يعني أنها محدثة لم تكن، وإذا كانت فليس فيها رد لما مضى).
وقال العلامة المحدث أبو شامة المقدسي:
(فالبدعة الحسنة متفق على جواز فعلها والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها، وهي كل مبتدع موافق لقواعد الشريعة غير مخالف لشئ منها ولا يلزم من فعله محذور شرعي).
والإمام أبو شامة هو الذي يقول عنه الإمام ابن كثير في البداية والنهاية (13/250): (الشيخ الإمام العالم الحافظ المحدث الفقيه المؤرخ المعروف بأبي شامة شيخ دار الحديث الاشرفية...وكان ذا فنون كثيرة أخبرني علم الدين البرزالي الحافظ عن الشيخ تاج الدين الفزاري، أنه كان يقول بلغ الشيخ شهاب الدين أبو شامة رتبة الاجتهاد...وبالجملة فلم يكن في وقته مثله في نفسه وديانته وعفته).
وقال الإمام شيخ الإسلام سلطان العلماء العز بن عبد السلام: (وقال العز بن عبد السلام: (البدعة فعل ما لم يعهد في عصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ وهي منقسمة إلى: بدعة واجبة، وبدعة محرمة، وبدعة مندوبة، وبدعة مكروهة، وبدعة مباحة، والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة: فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المكروه فهي مكروهة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة).
وقال الإمام النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم: (قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَكُلّ بِدْعَة ضَلَالَة )
هَذَا عَامّ مَخْصُوص ، وَالْمُرَاد غَالِب الْبِدَع .
قَالَ أَهْل اللُّغَة : هِيَ كُلّ شَيْء عُمِلَ عَلَى غَيْر مِثَال سَابِق . قَالَ الْعُلَمَاء : (الْبِدْعَة خَمْسَة أَقْسَام: وَاجِبَة، وَمَنْدُوبَة وَمُحَرَّمَة وَمَكْرُوهَة وَمُبَاحَة... فَإِذَا عُرِفَ مَا ذَكَرْته عُلِمَ أَنَّ الْحَدِيث مِنْ الْعَامّ الْمَخْصُوص... وَلَا يَمْنَع مِنْ كَوْن الْحَدِيث عَامًّا مَخْصُوصًا قَوْله: (كُلّ بِدْعَة) مُؤَكَّدًا (بِكُلِّ)، بَلْ يَدْخُلهُ التَّخْصِيص مَعَ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تُدَمِّر كُلّ شَيْء}).
ثالثاً: نفي الدليل على تفضيل يوم المولد.
والجواب عن ذلك: بأن فضل هذا اليوم ثابت بالسنة النبوية، وقد بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم فضل يوم مولده، فقال:
(وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ قَالَ ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) رواه مسلم، فعظَّمَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم
يوم مولده بالصيام فيه.
وتعظيم الأيام الفاضلة أمرٌ مقررٌ شرعاً، ولذا صام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه.
رابعاً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة ما يقع فيه من المخالفات.
والجواب عن ذلك: أنَّ هذا لا يستدعي تحريم المولد وإنما تمنع المخالفات الموجودة فيه، كما أننا لا نحرم حفل الزفاف ولكن نمنع المخالفات الشرعية التي تحدث فيه، ولذا قال الإمام ابن حجر العسقلاني: (وأما ما يعمل فيه - المولد - فينبغي أن يقتصر فيه على ما يفهم الشكر لله تعالى من نحو ما تقدم ذكره من التلاوة والإطعام والصدقة وإنشاد شيء من المدائح النبوية والزهدية المحركة للقلوب إلى فعل الخيراتِ والعملِ للآخرةِ).
خامساً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة أنَّ يوم مولده هو يوم وفاته.
والجواب عن ذلك : هو قول الإمام السيوطي رحمه الله:
(إن ولادته صلى الله عليه وآله وسلم أعظم النعم، ووفاته أعظم المصائب لنا، والشريعة حثت على إظهار شكر النعم، والصبر والسكون عند المصائب، وقد أمر الشرع بالعقيقة عند الولادة وهي إظهار شكر وفرح بالمولود، ولم يأمر عند الموت بذبح (عقيقة) ولا بغيره.
بل نهى عن النياحة وإظهار الجزع، فدلت قواعد الشريعة على أنه يحسن في هذا الشهر إظهار الفرح بولادته صلى الله عليه وآله وسلم دون إظهار الحزن بوفاته).
سادساً: مَنْعُ الاحتفالِ بالمولدِ بِحُجَّة أنَّ الصحابة والتابعين لم يفعلوه مع كونهم أشد حباً للرسول صلى الله عليه وسلم.
والجواب عن ذلك: هو ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله:
(ما أحدث يخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً فهذه بدعة الضلال، وما أحدث من الخير لا يخالف شيئا من ذلك فهذه محدثة غير مذمومة)، وقول الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في الفتح: (ما كان له أصل يدل عليه الشرع فليس ببدعة). وقد بينا أن المولد النبوي يستند إلى أصول شرعية صحيحة، وعليه فإحداثه ليس بدعة ولو لم يعمل به السلف.
قال الإمام المفسر القرطبي المالكي رحمه الله في أحكام القران:
(كل بدعة صدرت من مخلوق فلا يخلو أن يكون لها أصل في الشرع أو لا ، فإن كان لها أصل كانت واقعة تحت عموم ما ندب الله إليه وحض رسوله عليه ، فهي في حيز المدح... ، وإن كانت- البدعة- في خلاف ما أمر الله به ورسوله فهي في حيز الذم والإنكار ... وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم في خطبته: وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة، يريد ما لم يوافق كتابا أو سنة، أو عمل الصحابة رضي الله عنهم)
وقد كان سيد العلماء الإمام مالك بن أنس رحمه الله ورضي عنه لا يركب بالمدينة دابة، وهذا فعلٌ أحدثه الإمام مالك لم يفعله الصحابة الذين هم أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك لم ير الإمام مالك بأساً في فعله، ولم ينكر عليه أحدٌ من العلماء ذلك، قال الإمام القاضي عياض المالكي في كتاب الشفاء (1 / 275):
(كان مالك رحمه الله لا يركب بالمدينة دابة وكان يقول:
"أستحي من الله أن أطأ تربة فيها رسول الله-صلى الله عليه وسلم-
بحافر دابة" ). وذكر هذا عنه الكمال ابن الهمام الحنفي رحمه الله في فتح القدير (3 / 180)، وكذا الإمام ابن العربي المالكي في أحكام القرآن ( 3 / 254 ) وغيرهم وهو معروف مشهور عنه. والله تعالى أعلم.
والخلاصة
ذهب جماهير العلماء إلى مشروعية الاحتفال بالمولد، وأنه صورة من صور شكر الله تعالى على ما أنعم الله به علينا من بعثة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.
ـــــــــ
123- دار الإفتاء الكويتية. القسم: متفرقات في الحظر والإباحة
عنوان الفتوى: المولد النبوي. بيانات الفتوى التاريخ2010 02 23
نص السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته هل يجوز التهنئة والاحتفال بعيد المولد النبوي الشريف؟ جزاك الله كل خير
الاجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم، على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والتابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فلا مانع من ذلك إن شاء الله تعالى ما دامت بطرق مشروعة.
والله تعالى أعلم.
https://www.islam.gov.kw/site/fatwaa/...fatwaa_id=7233
ــــــــــــ
124- من موقع أمــيـن عــام الآمانة العامة للأوقاف الكويتية
رقم الفتوى: 431
نص السؤال :
يقوم بعض الناس بعمل مسابقات أو مؤتمر أو برامج أو المهرجانات الانشادية مخصوصة في وقت المولد النبوي. فما حكمها الشرعي ؟؟ وهل تعتبر من قبيل الاحتفال في المولد النبوي ؟؟ وما هو رأيكم بإحياء مناسبة المولد؟؟
الجواب :
لا بأس بإقامة البرامج التي ذكرتها بمناسبة المولد النبوي الشريف، أو في أي وقت آخر.
يمكن اعتبارها من الاحتفال سيد الخلق –عليه الصلاة والسلام-.
والاحتفال بمولد سيد الخلق –عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم- أمر مستحب، وبدعة حسنة –في رأي جماهير العلماء-.
http//www.dralsherif.net/fatwa.aspx...id=4&refid=431
ــــــــ
125- فتوى سماحة الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون
المفتي العام للجمهورية السورية
ما حكم الشرع في الآحتفال بالمولد النبوي الشريف وفي إدخال الدفوف إلى المسجد والاحتفال داخل المسجد في حين أن بعض علماء السعودية يقولون بأنه بدعة فما الحكم جزاكم الله خيرا
الجواب
لا أرى في الاحتفال بمولد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي مشكلة أو مانع، ما دام الاحتفال بطريقة مشروعة، وقداحتفل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم نفسه بمولده الشريف، فقد روى مسلم عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه سئل عن صيامه يوم الإثنين من كل أسبوع، فقال: (هو يوم ولدت فيه)، وعليه فيباح الاحتفال بمولد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بما هو من المباحات على خلاف العادات الأجنبية الوافدة علينا، وليس بدعة، بل البدعة أن نقول هو واجب أو سنة.
والدف جائز‏،‏ ولا يعدُّ من الآلات المحرمة.
ـــــ
126- فتوى قيمة لفضيلة الشيخ عطية صقر رحمه الله :
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد
فإذا كان الهدف من وراء هذا الاحتفال هو التأسي والاقتداء بالحبيب المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعرفة سيرته والتعرف على سنته، مع مراعاة الآداب الشرعية في هذا الاحتفال من حيث الاختلاط، ومن حيث الكلام الذي يقال وأماكن الاحتفال وغير ذلك فهو أمر جائز بل مندوب،
أما تاريخ الاحتفال فقد بدء في عهد الفاطميين.
هذا ما جاء في فتوى لفضيلة الشيخ عطية صقر - رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا ـ رحمه الله :
ـ لا يعرف المؤرخون أن أحدًا قبل الفاطميين احتفل بذكرى المولد النبوي ‏ فكانوا يحتفلون بالذكرى فى مصر احتفالا عظيما ويكثرون من عمل الحلوى وتوزيعها كما قال القلقشندى فى كتابه " صبح الأعشى" .‏
وكان الفاطميون يحتفلون بعدة موالد لآل البيت ، كما احتفلوا بعيد الميلاد المسيحي كما قال المقريزي ، ثم توقف الاحتفال بالمولد النبوى سنة ‏488 هـ وكذلك الموالد كلها ، لأن الخليفة المستعلي بالله استوزر الأفضل شاهنشاه بن أمير الجيوش بدر الجمالي ، وكان رجلا قويا لا يعارض أهل السنة كما قال ابن الأثير فى كتابه " الكامل "ج ‏8 ص ‏302 واستمر الأمر كذلك حتى ولى الوزارة المأمون البطائحي ، فأصدر مرسوما بإطلاق الصدقات فى ‏13 من ربيع الأول سنة ‏517 هـ وتولى توزيعها
" سناء الملك " .‏
ولما جاءت الدولة الأيوبية أبطلت كل ما كان من آثار الفاطميين ، ولكن الأسر كانت تقيم حفلات خاصة بمناسبة المولد النبوى، ثم صارت ، رسمية في مفتتح القرن السابع في مدينة " إربل " على يد أميرها مظفر الدين أبى سعيد كوكبري بن زين الدين على بن تبكتكين ، وهو سني اهتم بالمولد فعمل قبابا من أول شهر صفر، وزينها أجمل زينة ، فى كل منها الأغاني والقرقوز والملاهي، ويعطى الناس إجازة للتفرج على هذه المظاهر.‏
وكانت القباب الخشبية منصوبة من باب القلعة إلي ، باب الخانقاه ، وكان مظفر الدين ينزل كل يوم بعد صلاة العصر، ويقف على كل قبة ويسمع الغناء ويرى ما فيها، وكان يعمل المولد سنة في ثامن الشهر، وسنة في ثاني عشرة ، وقبل المولد بيومين يخرج الإِبل والبقر والغنم ، ويزفها بالطبول لتنحر في الميدان وتطبخ للناس .‏
ويقول ابن الحاج أبو عبد الله العبدري :‏ إن الاحتفال كان منتشرا بمصر في عهده ، ويعيب ما فيه من البدع " المدخل ج ‏2 ص ‏11 ، ‏12 " .‏
وأَلفت كتب كثيرة فى المولد النبوى فى القرن السابع ، مثل قصة ابن دحيه المتوفى بمصر سنة ‏633 هـ ، ومحيى الدين بن العربي المتوفى بدمشق سنة ‏638 هـ ، وابن طغربك المتوفى بمصر سنة ‏670 هـ ، وأحمد العزلي مع ابنه محمد المتوفى بسبته سنة ‏677 هـ .‏
ولانتشار البدع فى الموالد أنكرها العلماء ، حتى أنكروا أصل إقامة المولد ، ومنهم الفقيه المالكي تاج الدين عمر بن على اللخمي الإِسكندري المعروف بالفاكهاني، المتوفى سنة ‏731 هـ ، فكتب فى ذلك رسالته " المورد فى الكلام على المولد" أوردها السيوطي بنصها فى كتابه " حسن المقصد" .‏
ثم قال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور:‏ وقد أتى القرن التاسع والناس بين مجيز ومانع ، واستحسنه السيوطي وابن حجر العسقلاني ، وابن حجر الهيتمي مع إنكارهم لما لصق به من البدع ، ورأيهم مستمد من آية
{‏ وذكِّرهم بأيام الله }‏ إبراهيم :‏ ‏5 .‏
أخرج النسائي وعبد الله بن أحمد فى زوائد المسند ، والبيهقي فى شعب الإِيمان عن أبى بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فسر الأيام بنعم الله وآلائه "روح المعاني للآلوسي" وولادة النبي نعمة كبرى.‏ اهـ
وفى صحيح مسلم عن أبى قتادة الأنصاري قال :‏ وسئل -‏ النبي صلى الله عليه وسلم -‏ عن صوم يوم الاثنين فقال " ذاك يوم ولدت فيه ، ويوم بعثت أو أُنزل علىَّ فيه "
روى عن جابر وابن عباس :‏ ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول ، وفيه بعث وفيه عرج به إلى السماء وفيه هاجر وفيه مات أي فى شهر ربيع الأول ، فالرسول صلى الله عليه وسلم نص على أن يوم ولادته له مزية على بقية الأيام ، وللمؤمن أن يطمع فى تعظيم أجره بموافقته ليوم فيه بركة ، وتفضيل العمل بمصادفته لأوقات الامتنان الإلهي معلوم قطعا من الشريعة، ولذا يكون الاحتفال بذلك اليوم ، وشكر الله على نعمته علينا بولادة النبي وهدايتنا لشريعته مما تقره الأصول ، لكن بشرط ألا يتخذ له رسم مخصوص ، بل ينشر المسلم البشر فيما حوله ، ويتقرب إلى الله بما شرعه ، ويعرِّف الناس بما فيه من فضل ، ولا يخرج بذلك إلى ما هو محرم شرعا .‏
أما عادات الأكل فهي مما يدخل تحت قوله تعالى :
(‏ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُواْ لِلّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ )‏ البقرة :‏ ‏172 انتهى .‏
ورأيي أنه لا بأس بذلك فى هذا العصر الذي كاد الشباب ينسى فيه دينه وأمجاده ، فى غمرة الاحتفالات الأخرى التي كادت تطغى على المناسبات الدينية ، على أن يكون ذلك بالتفقه فى السيرة ، وعمل آثار تخلد ذكرى المولد، كبناء مسجد أو معهد أو أي عمل خيري يربط من يشاهده برسول اللّه وسيرته.‏
ومن هذا المنطلق يجوز الاحتفال بموالد الأولياء ، حبًّا لهم واقتداء بسيرهم ، مع البعد عن كل المحرمات من مثل الاختلاط المريب بين الرجال والنساء ، وانتهاز الفرص لمزاولة أعمال غير مشروعة من أكل أو شرب أو مسابقة أو لهو، ومن عدم احترام بيوت اللّه ومن بدع زيارة القبور والتوسل بها ، ومن كل ما لا يتفق مع الدين ويتنافى مع الآداب .‏
فإذا غلبت هذه المخالفات كان من الخير منع الاحتفالات درءًا للمفسدة
كما تدل عليه أصول التشريع .‏
وإذا زادت الإِيجابيات والمنافع المشروعة فلا مانع من إقامة هذه الاحتفالات مع التوعية والمراقبة لمنع السلبيات أو الحد منها بقدر المستطاع ، ذلك أن كثيرا من أعمال الخير تشوبها مخالفات ولو إلى حد ما ،
والكل مطالب بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بالوسائل المشروعة
"يقول الزرقاني فى شرح المواهب للقسطلانى بأن ابن الجزري الإمام فى القراءات والمتوفى سنة ‏833 هـ علَّق على خبر أبى لهب الذي رواه البخاري وغيره عندما فرح بمولد الرسول وأعتق " ثويبة" جاريته لتبشيرها له ، فخفف الله عقابه وهو فى جهنم فقال :‏
إذا كان هذا الكافر الذي نزل القرآن بذمه جوزي فى النار بفرحه ليلة المولد فما حال المسلم الموحد من أمته حين يُسرُّ بمولده ويبذل ما تصل إليه قدرته فى محبته .‏
يقول الحافظ شمس الدين محمد بن ناصر :‏
إذا كان هذا كافرا جاء ذمـــــــه *‏ وتبَّت يداه فى الجحيم مخلـدا
أتى أنه فى يوم الاثنين دائمـــــا *‏ يخفف عنه للسرور بأحمـــدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره *‏ بأحمد مسرورا ومات موحدا؟
رجح ابن إسحاق أن ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم كان فى ثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من عام الفيل وروى ابن أبى شيبة ذلك عن جابر وابن عباس وغيرهما ، وحكوا شهرته عند الجمهور .‏
وقد حقق صاحب كتاب " تقويم العرب قبل الإسلام " بالحساب الفلكي الدقيق أن الميلاد كان فى يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول الموافق للعشرين من شهر أفريل سنة ‏571 م .‏



*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ مَنْ طَابَتِ الْجَنَّةُ بِطِيبِ رَائِحَتِهِ .


*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ كَانَ يُعْرَفُ جَوَازُهُ فِي الطَّرِيقِ بِطِيبِ نَسْمَتِهِ .


*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْلاَنَتِ الصَّخْرَةُ تَحْتَ قَدَمِهِ، وَجِبْرِيلٌ قَائِمٌ عَنْ يَمِينِ جَلاَلَتِهِ .


*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ أَنْزَلَ اللهُ فِي حَقِّ قَدْرِهِ وَمَجْدِهِ ? سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ? .


*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ جَعَلَ اللهُ حُبَّهُ أَصْلَ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ .


*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ بِحُبِّهِ تُمْحَا الذُّنُوبُ وَالسَّيِّئَاتُ، وَتُكْتَبُ الْحَسَنَاتُ، الَّذِي قَالَ اللهُ فِي جَنَابِهِ تَعْظِيماً لَهُ وَتَكْرِيما
( وماأرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا )




*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى الْمُوَفَّقِ فِي جَمِيعِ حَالاَتِهِ، الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ .


*- اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى يَاقُوتَةِ تَاجِ بَهْجَةِ الْجَمَالِ وَالْكَمَالِ .
*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مَنْ تَوَّجَهُ اللهُ بِتَاجِ الْعِزِّ وَالْوَقَارِ، لَمَّا سَرَى بِهِ إِلَى الْمَكَانَةِ الْعُظْمَى وَالْمُنَادِي يُنَادِي: هَذَا الَّذِي شُقَّ لَهُ الْقَمَرُ .


*-اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيْرِ كُلِّ مَوْجُودٍ، وَزَيْنِ كُلِّ مَقْصُودٍ، وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الْمَوْصُوفِينَ بِكُلِّ كَرَمٍ وَجُودٍ، بِإِلْهَامٍ مِنَ الْمَلِكِ الْمَعْبُودِ .


****************************
هذه الصلاة من صلوات الشريف الصالح سيدي محمد بن إدريس الدباغ رحمه الله


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اتق الله حيث ما كنت...اتفترون على الله _عذرا على هذا المصطلح فلم اجد لهذا التأويل لايات الذكر الحكيم غيره_ سبحان الله ولاحول ولاقوة الا بالله لقد فعلتم كما يفعل الشيعة وغيرم من الفرق الضالة ما اشكل عليه امر الا ووجدوا له حلا في كتاب الله زورا وبهتانا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الشريف, الإحتفال, النبوي, بالمولد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 09:03

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc