عقيدة الاتقياء وتنزيه الاولياء - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

عقيدة الاتقياء وتنزيه الاولياء

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2012-01-30, 08:46   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الشاذلي
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

تنـزيه الله عن المكان والجهة من القرءان

1 ـ قال الله تعالى:{ليس كمثلِه شىء} [سورة الشورى/11]،
أي أن الله تعالى لا يشبه شيئًا من خلقه بوجه من الوجوه، ففي هذه الآية نفي المشابهة والمماثلة، فلا يحتاج إلى مكان يحُل فيه ولا إلى جهة يتحيز فيها، بل الأمر كما قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: "كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان" رواه أبو منصور البغدادي
في كتاب (الفرق بين الفرق (333ص)..

وفي هذه الآية دليلٌ لأهل السنةوالجماعة على مخالفة الله للحوادث، ومعْنى مُخالفةِ الله للحوادِثِ أنّه لا يُشْبِهُ المخْلُوقاتِ، وهذِه الصِّفةُ من الصِّفاتِ السّلْبِيّةِ الخمْسةِ أي التي تدُلُّ على نفْي ما لا يلِيْقُ بالله.



والدّلِيْلُ العقْلِيُّعلى ذلِك أنّهُ لو كان يُشْبِهُ شيْئًا مِنْ خلْقِه لجاز عليْهِ ما يجُوزُ على الخلْق مِن التّغيُّرِ والتّطوُّرِ، ولو جاز عليْهِ ذلِك لاحْتاج إلى منْ يُغيّرُهُ والمُحْتاجُ إلى غيْرِه لا يكُونُ إِلهًا، فثبت لهُ أنّهُ لا يُشْبِهُ شيئًا.



والبُرْهانُ النّقْلِيُّلِوُجُوْبِ مُخالفتِهِ تعالى لِلْحوادِثِ قوله تعالى :
{ليس كمثله شىء} وهُو أوْضحُ دلِيْلٍ نقْلِيّ في ذلِك جاء في القُرءانِ،
لأنّ هذِهِ الآية تُفْهِمُ التّنْزِيْه الكُلِّيّ لأنّ الله تبارك وتعالى ذكر فِيْها لفْظ شىءٍ في سِياقِ النّفْي، والنّكِرةُ إِذا أُوْرِدت في سِياقِ النّفْي فهِي للشُّمُوْلِ،
فالله تبارك وتعالى نفى بِهذِهِ الجُمْلةِ عنْ نفْسِهِ مُشابهة الأجْرامِ والأجْسامِ والأعراضِ، فهُو تبارك وتعالى كما لا يُشْبِهُ ذوِي الأرواحِ مِنْ إِنسٍ وجِنّ وملائِكةٍ وغيْرِهِم، لا يُشْبِهُ الجماداتِ من الأجرامِ العُلْوِيّةِ والسُّفْلِيّةِ أيضًا، فالله تبارك وتعالى لم يُقيّد نفْي الشّبهِ عنْهُ بنوْعٍ منْ أنْواعِ الحوادِثِ،
بل شمل نفْيُ مُشابهتِهِ لِكُلّ أفْرادِ الحادِثاتِ، ويشْملُ نفْيُ مُشابهةِ الله لخلْقِه تنْزِيْهه تعالى عن المكان والجهة والكميّة والكيْفِيّةِ، فالكمّيّةُ هِي مِقْدارُ الجِرمِ، فهُو تبارك وتعالى ليْس كالجِرمِ الذي يدْخُلُهُ المِقْدارُ والمِساحةُ والحدُّ، فهُو ليْس بِمحْدُودٍ ذِي مِقْدارٍ ومسافةٍ.



فلو كان الله فوق العرشِ بذاتِهِ كما يقولُ المشبِّهةُ لكان محاذيًا للعرشِ، ومِنْ ضرورةِ المُحاذِي أنْ يكون أكبر مِن المحاذى أو أصغر أو مثله،
وأنّ هذا ومثله إنما يكونُ في الأجسامِ التي تقبلُ المِقدار والمساحة والحدّ، وهذا مُحالٌ على الله تعالى، وما أدّى إلى المُحالِ فهو محالٌ، وبطل قولُهُم إن الله متحيّزٌ فوق العرشِ بذاتهِ.
ومنْ قال في الله تعالى إِنّ لهُ حدًّا فقدْ شبّههُ بخلْقِهِ لأنّ ذلِك يُنافي الألُوهِيّة، والله تبارك وتعالى لو كان ذا حدّ ومِقْدارٍ لاحتاج إِلى منْ جعلهُ بذلِك الحدّ والمِقْدارِ كما تحتاجُ الأجْرامُ إِلى منْ جعلها بحدُوْدِها ومقادِيْرِها لأنّ الشّىء لا يخْلُقُ نفْسه بمِقْدارِه، فالله تبارك وتعالى لو كان ذا حدّ ومِقْدارٍ كالأجْرامِ لاحْتاج إلى منْ جعلهُ بذلك الحدّ لأنّه لا يصِحُّ في العقْلِ أنْ يكُون هُو جعل نفْسه بذلِك الحدّ، والمُحْتاجُ إِلى غيْرِهِ لا يكُونُ إِلهًا، لأنّ مِنْ شرْطِ الإلهِ الاسْتِغْناء عنْ كُلّ شىءٍ.



2ـ قال الله تعالى:{وللهِ المثَلُ الأعلى} [سورة النحل/60]
أي الوصف الذي لا يشبه وصف غيره، فلا يوصف ربنا عزَّ وجلَّ بصفات المخلوقين من التغيّر والتطور والحلول في الأماكن والسُّكْنى فوق العرش، تعالى اللهُ عن ذلك علوًّا كبيرًا.
قال المفسِّر اللغوي أبو حيان الأندلسي في تفسيره:
"{وللهِ المثَلُ الأعلى} أي الصفة العليا من تنـزيهه تعالى عن الولد والصاحبة وجميع ما تنسب الكفرةُ إليه مما لا يليق به تعالى
كالتشبيه والانتقال وظهوره تعالى في صورة" اهـ.



3ـ ومما يدل على ما قدمناقول الله تعالى :
{فلا تضربوا للهِ الأمثال} [سورة النحل/74]،
أي لا تجعلوا لله الشبيهَ والمِثْل فإن اللهَ تعالى لا شبيه له ولا مثيل له،
فلا ذاتُه يشبه الذواتِ ولا صفاتُه تشبه الصفاتِ.




4ـ وقال الله تعالى:{هل تعلمُ لهُ سميًّا} [سورة مريم/65]
أي مِثلاً، فالله تعالى لا مِثْلَ له ولا شبيه ولا نظير، فمن وصفه بصفة من صفات البشر كالقعود والقيام والجلوس والاستقرار يكون شَبَّهَهُ بهم،
ومن قال بأن الله يسكن العرش أو أنه ملأه يكون شبّه اللهَ بالملائكة
سُكّان السّموات. وهذا الاعتقاد كفر والعياذ بالله تعالى لتكذيبه قول الله: {ليس كمثله شىء} [سورة الشورى/11]، وقول الله تعالى :
{هل تعلمُ له سميًّا} [سورة مريم/65].




5ـ وكذلك مما يدل على تنـزيهه تعالىعن المكان قول الله تعالى :
{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [سورة الحديد/3]
قال الطبري في تفسيره: "فلا شىء أقرب إلى شىء منه، كما قال :
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [سورة ق/16]" اهـ.
أي أن الطبري نفى القُرْبَ الحِسِّي الذي تقول به المجسمةُ،
أما القرب المعنوي فلا يَنفيه، وهذا دليل على تنزيه الله
عن المكان والجهة.
فالله تعالى هو الأول أي الأزلي الذي لا ابتداء لوجوده، كان ولم يكن مكانٌ ولا زمان ثم خلق الأماكنَ والأزمنة ولا يزال موجودًا بلا مكان،
ولا يطرأ عليه تغيّر لا في ذاته ولا في صفاته.




6ـ وقال الله تعالى:{وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص/4]
أي لا نظير له بوجه من الوجوه، وهذه الآية قد فسَّرتها
ءاية الشورى :{ليس كمثله شىء}.



7ـ وقال الله تعالى :{فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [سورة البقرة/115]
قال المفسّر اللغوي الشيخ أبو حيان الأندلسي ما نصه:
"وفي قوله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [سورة البقرة/115]


ردٌّ على من يقول إنه في حيِّز وجهة، لأنه لمّا خيَّر في استقبال جميع الجهات دلَّ على أنه ليس في جهة ولا حيِّز، ولو كان في حيِّزٍ لكان استقباله والتوجه إليه أحق من جميع الأماكن، فحيث لم يُخصِّص مكانًا علِمْنا أنه لا في جهة ولا حيِّز، بل جميع الجهات في ملكه وتحت ملكه، فأيّ جهة توجهنا إليه فيها على وجه الخضوع
كنا معظمين له ممتثلين لأمره" اهـ.








 


رد مع اقتباس
قديم 2012-01-31, 23:33   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الشاذلي مشاهدة المشاركة
تنـزيه الله عن المكان والجهة من القرءان


هذا كذب على القرآن الكريم فلا يوجد في القرآن الكريم لفظ المكان أو جهة ألبتة ألبتة لا نفيا ولا إثباتا فلا تحرفوا القرآن الكريم بارك الله فيكم والتزموا بما جاء فيه من ألفاظ فقد كفيتم.

اقتباس:
1 ـ قال الله تعالى:{ليس كمثلِه شىء} [سورة الشورى/11]،
أي أن الله تعالى لا يشبه شيئًا من خلقه بوجه من الوجوه، ففي هذه الآية نفي المشابهة والمماثلة، فلا يحتاج إلى مكان يحُل فيه ولا إلى جهة يتحيز فيها، بل الأمر كما قال سيدنا عليّ رضي الله عنه: "كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان" رواه أبو منصور البغدادي
اقتباس:
في كتاب (الفرق بين الفرق (333ص)..

وفي هذه الآية دليلٌ لأهل السنةوالجماعة على مخالفة الله للحوادث، ومعْنى مُخالفةِ الله للحوادِثِ أنّه لا يُشْبِهُ المخْلُوقاتِ، وهذِه الصِّفةُ من الصِّفاتِ السّلْبِيّةِ الخمْسةِ أي التي تدُلُّ على نفْي ما لا يلِيْقُ بالله.



والدّلِيْلُ العقْلِيُّعلى ذلِك أنّهُ لو كان يُشْبِهُ شيْئًا مِنْ خلْقِه لجاز عليْهِ ما يجُوزُ على الخلْق مِن التّغيُّرِ والتّطوُّرِ، ولو جاز عليْهِ ذلِك لاحْتاج إلى منْ يُغيّرُهُ والمُحْتاجُ إلى غيْرِه لا يكُونُ إِلهًا، فثبت لهُ أنّهُ لا يُشْبِهُ شيئًا.



والبُرْهانُ النّقْلِيُّلِوُجُوْبِ مُخالفتِهِ تعالى لِلْحوادِثِ قوله تعالى :
{ليس كمثله شىء} وهُو أوْضحُ دلِيْلٍ نقْلِيّ في ذلِك جاء في القُرءانِ،
لأنّ هذِهِ الآية تُفْهِمُ التّنْزِيْه الكُلِّيّ لأنّ الله تبارك وتعالى ذكر فِيْها لفْظ شىءٍ في سِياقِ النّفْي، والنّكِرةُ إِذا أُوْرِدت في سِياقِ النّفْي فهِي للشُّمُوْلِ،
فالله تبارك وتعالى نفى بِهذِهِ الجُمْلةِ عنْ نفْسِهِ مُشابهة الأجْرامِ والأجْسامِ والأعراضِ، فهُو تبارك وتعالى كما لا يُشْبِهُ ذوِي الأرواحِ مِنْ إِنسٍ وجِنّ وملائِكةٍ وغيْرِهِم، لا يُشْبِهُ الجماداتِ من الأجرامِ العُلْوِيّةِ والسُّفْلِيّةِ أيضًا، فالله تبارك وتعالى لم يُقيّد نفْي الشّبهِ عنْهُ بنوْعٍ منْ أنْواعِ الحوادِثِ،
بل شمل نفْيُ مُشابهتِهِ لِكُلّ أفْرادِ الحادِثاتِ، ويشْملُ نفْيُ مُشابهةِ الله لخلْقِه تنْزِيْهه تعالى عن المكان والجهة والكميّة والكيْفِيّةِ، فالكمّيّةُ هِي مِقْدارُ الجِرمِ، فهُو تبارك وتعالى ليْس كالجِرمِ الذي يدْخُلُهُ المِقْدارُ والمِساحةُ والحدُّ، فهُو ليْس بِمحْدُودٍ ذِي مِقْدارٍ ومسافةٍ.






2ـ قال الله تعالى:{وللهِ المثَلُ الأعلى} [سورة النحل/60]
أي الوصف الذي لا يشبه وصف غيره، فلا يوصف ربنا عزَّ وجلَّ بصفات المخلوقين من التغيّر والتطور والحلول في الأماكن والسُّكْنى فوق العرش، تعالى اللهُ عن ذلك علوًّا كبيرًا.
قال المفسِّر اللغوي أبو حيان الأندلسي في تفسيره:
"{وللهِ المثَلُ الأعلى} أي الصفة العليا من تنـزيهه تعالى عن الولد والصاحبة وجميع ما تنسب الكفرةُ إليه مما لا يليق به تعالى
كالتشبيه والانتقال وظهوره تعالى في صورة" اهـ.



3ـ ومما يدل على ما قدمناقول الله تعالى :
{فلا تضربوا للهِ الأمثال} [سورة النحل/74]،
أي لا تجعلوا لله الشبيهَ والمِثْل فإن اللهَ تعالى لا شبيه له ولا مثيل له،
فلا ذاتُه يشبه الذواتِ ولا صفاتُه تشبه الصفاتِ.




4ـ وقال الله تعالى:{هل تعلمُ لهُ سميًّا} [سورة مريم/65]
أي مِثلاً، فالله تعالى لا مِثْلَ له ولا شبيه ولا نظير، فمن وصفه بصفة من صفات البشر كالقعود والقيام والجلوس والاستقرار يكون شَبَّهَهُ بهم،
ومن قال بأن الله يسكن العرش أو أنه ملأه يكون شبّه اللهَ بالملائكة
سُكّان السّموات. وهذا الاعتقاد كفر والعياذ بالله تعالى لتكذيبه قول الله: {ليس كمثله شىء} [سورة الشورى/11]، وقول الله تعالى :
{هل تعلمُ له سميًّا} [سورة مريم/65].



6ـ وقال الله تعالى:{وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [سورة الإخلاص/4]
أي لا نظير له بوجه من الوجوه، وهذه الآية قد فسَّرتها
ءاية الشورى :{ليس كمثله شىء}.



أولا: لم تبين لنا ماذا تقد بلفظ المبتدع (مكان)) (جهة)) !
إن كنت تقصد بالمكان
ما يحويه الشيء ويحيط به فقد صدقت في كلامك لأن الله تعالى منزه من أن يحويه مكان.
وإن كنت تقصد بالمكان ما فوق العرش فقد كذبت على القرآن فإن الله تعالى
((الرحمان على العرش استوى)) ويقول((
الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على‎ ‎العرش)) فالله تعالى فوق العرش كما أخبرنا ولن نترك كلام ربنا بسبب ألفاظ القبيحة (مكان ,جهة,حد,حير....إلى آخر ألفاظكم القبيحة)).

لهذا لا زلت أطلب منك أن توضح لنا ما ذا تقصد بهذه الألفاظ التي اخترتموها وفرقتم بها الأمة شر تفريق!


ثانيا:

إننا وإياكم متفقون على وجوب نفي مشابهة الخالق للمخلوق، ولكننا مختلفون في حدود هذا النفي، ونرى أن الناس فيه ‏طرفان ووسط، فأما الطرف الأول فاتخذ قاعدة التنزيه ذريعة لنفي كل أو أكثر الصفات الثابتة لله - عز وجل - حتى نفى ‏الغلاة منهم أن يوصف الله بالوجود أو الحياة، فعندما يُسأل عن صفة الله لا يجد سوى النفي سبيلا لتعريف ربه، فيقول: لا ‏هو موجود ولا معدوم، ولا عَرَضٌ ولا جَوْهَرٌ، ولا حي ولا ميت، ويظن بذلك أنه فر من التشبيه وما علم أنه وقع في ‏التعطيل والتشبيه معاً؛ إذ نفى صفات الله التي أخبر الله بها، وشبه الله بالمحالات والممتنعات والمعدومات.‏
والطرف الثاني: ألغى قاعدة التنزيه فشبه الله بخلقه تشبيها مطلقا أو جزئياً، وهو مذهب لا شك في بطلانه وضلاله.‏
والمذهب الوسط هو المذهب الحق الذي أثبت الصفات ونفى المشابهة، وهو ما تنص عليه الآية الكريمة حيث صرّحت ‏بالتنزيه { ليس كمثله شيء } وفي ذات الوقت صرّحت بالإثبات { وهو السميع البصير } فأخذ مذهب أهل الحق بجزئي ‏الآية، أما المذهبان السابقان فأخذ كل منهم بأحد شطري الآية - وفق فهمه - ولم يأخذ بالآخر.‏
وعليه، فيجب الوقوف عند حدود النفي، وحدود الإثبات، فنثبت الصفة التي أخبر بها الله ورسوله، وننفي المماثلة، فنقول: ‏لله علمٌ ليس كعلمنا، وسمعٌ ليس كسمعنا، واستواء ليس كاستوائنا، وهكذا . وهو المنهج الوسط الذي سار عليه الأئمة كما سيأتي إن شاء الله.
والمقصود هنا أن أهل السنة متفقون على أن الله ليس كمثله شيء, لا ‏في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله, ولكن لفظ التشبيه في كلام الناس ‏لفظ مجمل, فإن أراد بنفي التشبيه ما نفاه القرآن, ودل عليه العقل فهذا ‏حق, فإن خصائص الرب تعالى لا يماثله شيء من المخلوقات في شيء ‏من
صفاته.., ((وإن أراد بالتشبيه أنه لا يثبت لله شيء من الصفات, فلا يقال ‏له علم, ولا قدرة ولا حياة, لأن العبد موضوف بهذه الصفات فيلزم أن ‏لا يقال له: حي, عليم, قدير لأن العبد يسمى بهذه الأسماء, وكذلك في ‏كلامه وسمعه وبصره ورؤيته وغير ذلك, وهم يوافقون أهل السنة على ‏أن الله موجود حي عليم قادر, والمخلوق يقال له: موجود حي عليم ‏قادر, ولا يقال: هذا تشبيه يجب نفيه".
))(
مختصر العلو للألباني)‏
وقد إعترف كبار الأشاعرة بهذا فقال الرازي في رده على المعتزلة‎((‎إن كنتم بالمشبهة من يقول ‏بكون الله مشابها لخلقه من بعض الوجوه فهذا لا‎ ‎يقتضي الكفر لأن المسلمين اتفقوا على أن ‏الله موجود‎((.‎‏.‏


اقتباس:
فلو كان الله فوق العرشِ بذاتِهِ كما يقولُ المشبِّهةُ لكان محاذيًا للعرشِ، ومِنْ ضرورةِ المُحاذِي أنْ يكون أكبر مِن المحاذى أو أصغر أو مثله،
وأنّ هذا ومثله إنما يكونُ في الأجسامِ التي تقبلُ المِقدار والمساحة والحدّ، وهذا مُحالٌ على الله تعالى، وما أدّى إلى المُحالِ فهو محالٌ، وبطل قولُهُم إن الله متحيّزٌ فوق العرشِ بذاتهِ.


ومنْ قال في الله تعالى إِنّ لهُ حدًّا فقدْ شبّههُ بخلْقِهِ لأنّ ذلِك يُنافي الألُوهِيّة، والله تبارك وتعالى لو كان ذا حدّ ومِقْدارٍ لاحتاج إِلى منْ جعلهُ بذلِك الحدّ والمِقْدارِ كما تحتاجُ الأجْرامُ إِلى منْ جعلها بحدُوْدِها ومقادِيْرِها لأنّ الشّىء لا يخْلُقُ نفْسه بمِقْدارِه، فالله تبارك وتعالى لو كان ذا حدّ ومِقْدارٍ كالأجْرامِ لاحْتاج إلى منْ جعلهُ بذلك الحدّ لأنّه لا يصِحُّ في العقْلِ أنْ يكُون هُو جعل نفْسه بذلِك الحدّ، والمُحْتاجُ إِلى غيْرِهِ لا يكُونُ إِلهًا، لأنّ مِنْ شرْطِ الإلهِ الاسْتِغْناء عنْ كُلّ شىءٍ.
والجواب على هذه الفلسفة الصوفية من أوجه:

الوجه الأول ‏‎:‎قد ادعيت أيها الجهمي أن ظاهر القرآن,الذي هو حجة الله ‏على عباده ,والذي هو خير الكلام ,وأصدقه,وأحسنه,وأفصحه,وهو الذي ‏هدى الله به عباده,وجعله شفاء لما في الصدور,وهدى ورحمة ‏للمؤمنين,ولم ينزل كتاب من السماء أهدى منه ,ولا أحسن ,ولا ‏أكمل,فانتهكت حرمته ,وادعيت أن ظاهره يستلزم التشبيه والتجسيم .وهذا الإلزام إنما هو لمن جاء بالنصوص الدالة على علو الله على ‏عرشه,وتكلم بها,ودعا الأمة إلى الإيمان بها ومعرفتها,ونهاهم عن ‏تحريفها وتبدليها.‏
يا قوم والله العظيم أسأتم***بأئئمة الإسلام ظن الشأنِ.‏
ما ذنبهم ونبيهم قد قال***ما قالوا كذلك منزل الفرقانِ
ما الذنب إلا للنصوص لديكم***إذ جسمت بل شبهت صنفان ِ‏
ما ذنب من قد قال ما نطقت به***مِنْ غير تحريفٍ ولا عدوانِ

الوجه الثاني:
ماذا تعنون بقولكم((لو كان فوق العرش لكان جسما))؟
أتعنون به أنه ما يتضمن مماثلة الله لشي من المخلوقات في شيء من صفاته,فالله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من ‏الصفات المختصة بالمخلوقين ,وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص,والله تعالى منزه عن كل نقصو مستحق لغاية ‏الكمال,وليس له مثل في شيء من صفات الكمال فهو منزه عن النقص مطلقا ومنزه في الكمال أن يكون له مثل كما قال ‏تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} سورة الإخلاص فبين أنه أحد صمد واسمه ‏الأحد يتضمن نفى المثل واسمه الصمد يتضمن جميع صفات‎ ‎الكمال.
وإذا كان الله ليس من جنس الماء والهواء ولا الروح المنفوخة فينا ولا من جنس الملائكة ولا الأفلاك ‏فلأن لا يكون من جنس بدن الإنسان ولحمه وعصبه وعظامه ويده ورجله ووجهه وغير ذلك من أعضائه ‏وأبعاضه أولى وأحرى
وإذا أردتم بالجسم المركب وهو ما كان مفترقا فركبه غيره, والمركب المعقول هو ما كان مفترقا فركبه ‏غيره كما تركب المصنوعات من الأطعمة والثياب والأبنية ونحو ذلك من أجزائها المفترقة

والله تعالى أجل وأعظم من أن يوصف بذلك بل من مخلوقاته ما لا يوصف بذلك ومن قال ذلك فهو ‏من أكفر الناس وأضلهم وأجهلهم وأشدهم محاربة لله.‏

وإن أردتم بالجسم ما يوصف بالصفات ,و يُرَى بالأبصار,ويتكلم,و يُكلِمْ,ويسمع,ويبصر,ويرضى ‏ويغضب,فهذه المعاني ثابة للرب تعالى وهو موصوف بها,فلا ننفيها عنه بتسميتكم للموصوف بها جسما,ولا ‏نرد ما أخبر به الصادق عن الله وأسمائه وصفاته وأفعاله لتسمية الأعداء الحديث لنا حشوية,ولا نجحد ‏صفات خالقنا وعلوه على خلقه وإستواءه على عرشه,لتسمية الفرعونية المعطلة لمن أثبت ذلك مجسما ‏مشبها.‏
فإن كان تجسيما ثبوت استوائه ***على عرشه إني إذا لمجسم ‏
وإن كان تشبيها ثبوت صفاته***فمن ذلك التشبيه لا أتكتم
وإن كان تنزيها جحود استوائه***وأوصافه أو كونه يتكلم
فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا***بتوفيقه والله أعلى وأعلم.‏
وإن أردتم بالجسم ما يشار إليه إشارة حسية,فقد أشار إليه أعرف الخلق بأصبعه رافعا لها إلى السماء, يُشْهِدُ ‏الجمع الأعظم مشيرا له.‏
وإن أردتم بالجسم ما يقال أين هو؟فقد سأل أعلم الخلق به عنه بأين منبها على علوه على عرشه.‏
وإن أردتم بالجسم ما يلحقه(من) و(إلى) فقد نزل جبريل من عنده ,ونزل كلامه من عنده,وعلاج برسوله ‏صلى الله عليه وسلم إليه,وإليه يصعد الكلم الطيب,وعنده المسيح رفع إليه.‏
وإن أردتم بالجسم ما يكون فوق غيره ,ومستويا على غيره ,فهو سبحانه فوق عباده مستو على عرشه.‏

الوجه الثالث:
أما قولك:
اقتباس:
فلو كان الله فوق العرشِ بذاتِهِ كما يقولُ المشبِّهةُ لكان محاذيًا للعرشِ، ومِنْ ضرورةِ المُحاذِي أنْ يكون أكبر مِن المحاذى أو أصغر أو مثله،


أقول:
هذا الكلام القبيح مبني على مقدمات ولوازم فاسدة كاسدة تصورتها في عقلك وخيالك فأنت لا ترى من الصفات إلا التمثيل والتجسيم أما أهل السنة فإنهم لا يقولون بذلك بل يقولون إن الله(ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ‏فلا شك عندهم أن الله أكبر من كل مخلوقاته وهو(العلي الكبير) سبحانه تعالى واستواءه على عرشه قد ‏دلت عليه النصوص الصريحة الصحيحة وهو إستواء يليق بجلاله لا نعلم كيفيته بل نفوضها ,أما أنت أيها الشاذلي ‏فإنك تخوض في الكيفية بهذه اللوازم الفاسدة ولسان حالك يقول((كيف استوى على العرش وهو أكبر منه)) ‏وهذا هو عين كلام المبتدع الذي زجره الإمام مالك رحمه الله .‏

وقد رد على هذه الشبهة شيخ الإسلام ابن تيمية برد ماتع فقال:

أما المعطلون فإنهم لم يفهموا من أسماء الله وصفاته ‏إلا ما هو اللائق بالمخلوق ثم شرعوا في نفي تلك المفهومات؛ فقد جمعوا بين التعطيل والتمثيل مثلوا أولا وعطلوا آخرا ‏وهذا تشبيه وتمثيل منهم للمفهوم من أسمائه وصفاته بالمفهوم من أسماء خلقه وصفاتهم وتعطيل لما يستحقه هو سبحانه من ‏الأسماء والصفات اللائقة بالله سبحانه وتعالى‏.‏ فإنه إذا قال القائل‏:‏ لو كان الله فوق العرش للزم إما أن يكون أكبر من ‏العرش أو أصغر أو مساويا وكل ذلك من المحال ونحو ذلك من الكلام‏:‏ فإنه لم يفهم من كون الله على العرش إلا ما يثبت ‏لأي جسم كان على أي جسم كان وهذا اللازم تابع لهذا المفهوم‏.‏ إما استواء يليق بجلال الله تعالى ويختص به فلا يلزمه ‏شيء من اللوازم الباطلة التي يجب نفيها كما يلزم من سائر الأجسام وصار هذا مثل قول المثل‏:‏ إذا كان للعالم صانع فإما ‏أن يكون جوهرا أو عرضا‏.‏ وكلاهما محال؛ إذ لا يعقل موجود إلا هذان‏.‏ وقوله‏:‏ إذا كان مستويا على العرش فهو مماثل ‏لاستواء الإنسان على السرير أو الفلك؛ إذ لا يعلم الاستواء إلا هكذا فإن كليهما مثل وكليهما عطل حقيقة ما وصف الله به ‏نفسه وامتاز الأول بتعطيل كل اسم للاستواء الحقيقي وامتاز الثاني بإثبات استواء هو من خصائص المخلوقين‏.‏ والقول ‏الفاصل‏:‏ هو ما عليه الأمة الوسط؛ من أن الله مستو على عرشه استواء يليق بجلاله ويختص به فكما أنه موصوف بأنه ‏بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير وأنه سميع بصير ونحو ذلك‏.‏ ولا يجوز أن يثبت للعلم والقدرة خصائص الأعراض ‏التي لعلم المخلوقين وقدرتهم فكذلك هو سبحانه فوق العرش ولا يثبت لفوقيته خصائص فوقية المخلوق على المخلوق ‏ولوازمها‏.‏ واعلم أنه ليس في العقل الصريح ولا في شيء من النقل الصحيح ما يوجب مخالفة الطريق السلفية أصلا))مجموع الفتاوى(5/28).‏
اقتباس:

5ـ وكذلك مما يدل على تنـزيهه تعالىعن المكان قول الله تعالى :
{هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [سورة الحديد/3]
قال الطبري في تفسيره: "فلا شىء أقرب إلى شىء منه، كما قال :
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [سورة ق/16]" اهـ.
أي أن الطبري نفى القُرْبَ الحِسِّي الذي تقول به المجسمةُ،
أما القرب المعنوي فلا يَنفيه، وهذا دليل على تنزيه الله
عن المكان والجهة.

أولا: لا زلت أسأل وأكرر ماذا تقصد بهذه الألفاظ المبتدعة (جهة_مكان حيز)) إلى آخره.
ثانيا: إن كنت تريد بهذا الإستدلال أن تنفي صفة العلو لله تعالى فقلي بربك ما دخل صفة القرب بصفة العلو؟! هذا الإستدلال الفاسد هو عين تشبيه فأنت بعقلك وخيالك الصوفي تتصور أن الله تعالى لا يستطيع أن يجمع بين علو على عرشه وبين قربه من خلقه كيف يشاء وهذا في غاية الضلال والبهتان لأن الله ليس كخلقه. فإن كان الخلق لا يستطيع أن يجمع بينهما فإن رب الخلق وخالقهم على كل شيء قدير فهو فوق عرشه ويقرب من خلقه كيف يشاء .
فأي مانع يمنع من القول بأنه يقرب من عبده كيف يشاء مع علوه؟‏
‏ وأي مانع يمنع من إتيانه كيف يشاء بدون تكييف ولا تمثيل؟
‏ وهل هذا إلا من كماله أن يكون فعالاً لما يريد على الوجه الذي يليق به؟

ثالثا: لو كنت حقا متبعا للإمام الطبري فإن الطبري كما أثبت صفة القرب لله تعالى أثبت صفة العلو سواء بسواء لأن كلاهما ثابتان بنص القرآن والسنة.
قال الإمام الطبري رحمه في تفسير قوله تعالى ( وهو معكم أينما كنتم ) يقول : وهو شاهد لكم‎ ‎أيها الناس أينما كنتم يعلمكم ‏ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم , وهو‎ ‎على عرشه فوق سماواته السبع‎ . ( ‎تفسير الطبري 27 / 216‏‎ )

‎ ‎و قال رحمه الله في تفسيره : (وأولى المعاني بقول الله جل‎ ‎ثناؤه : { ثم استوى إلى السماء فسواهن‎ } ‎علا عليهن‎ ‎وارتفع‎ ‎فدبرهن بقدرته وخلقهن سبع سموات‎ )
و قال رحمه‎ ‎الله في تفسيره لسورة الملك (( {أم أمنتم من في السماء} وهو‎ ‎الله‎ ))
‎ ‎و قال ايضا رحمه الله : (وعني‎ ‎بقوله : { هو رابعهم } بمعنى أنه مشاهدهم بعلمه وهو‎ ‎على عرشه‎ )

وقال ايضا في تفسير سورة المعارج (( يقول تعالى ذكره‎: ‎تصعد‎ ‎الملائكة والروح، وهو جبريل عليه ‏السلام إليه،‎ ‎يعني‎ ‎إلى الله‎ ‎عز و جل
))


رابعا:
قول النبي صلى الله عليه وسلم((أنت الظاهر فليس فوقك شيء,وأنت الباطن فليس دونك شيء)) حجة عليك لا لك لأن فيه إثبات صريح ‏لفوقية الله على كل شيء,ونفيها عن كل شيء,فإن الظاهر معناه ‏‎:‎‏ هو العالي فوق كل شيء فلا شيء أعلى منه .وهذا غاية ‏الكمال في العلو أن لا يكون فوق العالي شيء موجود ,والله موصوف بذلك


وكل شيء علا شيء فقد ظهر ,قال الله عزوجل((فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا))الكهف‎]97[‎
أي يعلو عليه(3).‏
ومنه قوله تعالى((وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ))‏‎]‎المعارج33‏‎[‎‏ أي يرتفعون ويصعدون ويعلون عليه(أي على ‏الدرج).‏
وقال تعالى ‏‎:‎‏ ((هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)) ‏‎]‎التوبة33‏‎[‎‏ أي ليعليه ,ومه ظهر الدابة ,لأنه عالى عليها.‏
ويقال ‏‎:‎‏ ظهر الخطيب على المنبر ,وظاهر الثوب أعلاه,بخلاف بطانته.وكذلك ظاهر البيت أعلاه.وظاهر ‏القول ماظهر منه وبان .وظاهر الإنسان خلاف باطنه ,فكلما علا الشيء ظهر.‏

قال ابن القيم رحمه الله ‏‎:‎‏ ‏
والظاهر العالي الذي ما فوقه ***** شيء كما قد قال ذو البرهان
‏ حقا رسول الله ذا تفسيره ***** ولقد رواه مسلم بضمان
‏ فاقبله لا تقبل سواه من التفا ***** سير التي قيلت بلا برهان
‏ والشيء حين يتم منه علوه ***** فظهوره في غاية التبيان
‏أو ما ترى هذي السما وعلوها ***** وظهورها وكذلك القمران

اقتباس:
فالله تعالى هو الأول أي الأزلي الذي لا ابتداء لوجوده، كان ولم يكن مكانٌ ولا زمان ثم خلق الأماكنَ والأزمنة ولا يزال موجودًا بلا مكان،
أحسنت في هذا القول :
لا شك أن الله كان ولا مكان ثم خلق المكان.
وهنا السؤال الذي عجر كل الصوفية على الإجابة عليه إلى يوم القيامة ألا وهو :
كان الله ولا مكانم ثم خلق المكان فهل خلقه في نفسه أم خارجا عنها؟
هل خلق الله تعالى هذا العالم في نفسه أم خارجا عنها؟

اقتباس:
ولا يطرأ عليه تغيّر لا في ذاته ولا في صفاته.
لفظ التغير لفظ مجمل .فالتغير في اللغة المعروفة لا يراد به مجرد كون المحل قامت به ‏الحوادث,بل إن لفظ التغير في كلام الناس المعروف يتضمن استحالة الشيء.‏
والناس إنما يقولون تغير ‏‎:‎لمن استحال من صفة إلى صفة‎.‎
فالإنسان مثلا إذا مرض وتغير في مرضه كأن اصفر لونه أو شحب أو نحل جسمه يقال‎:‎‏ غيره المرض.‏
وكذا إذا تغير جسمه بجوع أو تعب ,قيل قد تغير.‏
وكذا إذا غير لون شعر رأسه ولحيته ,قيل قد غير ذلك .‏
وكذا إذا تغير خلقه ودينه,مثل أن يكون فاجرا فيتوب ويصير برا أو يكون برا فينقلب فاجرا .فهذا يقال ‏عنه‎:‎أنه تغير.‏
ومن هذا الباب,قول النبي صلى الله عليه وسلم ((غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد))رواه مسلم.‏
وكذا الشمس إذا اصفرت ,قيل‎:‎تغيرت .ويقال‎:‎وقت العصر مالم يتغير لون الشمس.‏
والأطعمة إذا استحالت يقال لها تغيرت قال تعالى { فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين } محمد: 15 فتغير ‏الطعم استحالت من الحلاوة إلى الحموضة ونحو ذلك
ومنه قول الفقهاء إذا وقعت النجاسة في الماء الكثير لم ينجس إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه وقولهم إذا نجس الماء بالتغير زال بزوال التغير ولا يقولون إن ‏الماء إذا جرى مع بقاء صفائه أنه تغير ولا يقال عند الإطلاق للفاكهة والطعام إذا حول من مكان إلى مكان انه تغير ولا يقال للإنسان إذا مشى أو قام أو قعد قد تغير ‏اللهم إلا مع قرينة ولا يقولون للشمس والكواكب إذا كانت ذاهبة من المشرق إلى المغرب إنها متغيرة بل يقولون إذا إصفر لون الشمس إنها تغيرت ويقال وقت ‏العصر ما لم يتغير لون الشمس ويقولون تغير الهواء إذا برد بعد السخونة ولا يكادون يسمون مجرد هبوبه تغيرا وإن سمى بذلك فهم يفرقون بين هذا وهذا لونه ‏لون لباس المسلمين وتقول العرب تغايرت الأشياء إذا اختلفت والغيار البدال
والناس إذا قيل لهم التغير على الله ممتنع فهموا من ذلك الاستحالة والفساد مثل انقلاب صفات الكمال إلى صفات نقص أو تفرق الذات ونحو ذلك مما يجب تنزيه الله ‏عنه
وأما كونه سبحانه يتصرف بقدرته فيخلق ويستوي ويفعل ما يشاء بنفسه ويتكلم إذا شاء ونحو هذا لا يسمونه تغيرا
ولكن حجج النفاة مبناها على ألفاظ مجملة موهمة كما قال الإمام أحمد: يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويلبسون على جهال الناس بما يشبهون عليهم حتى يتوهم الجاهل ‏أنهم يعظمون الله وهم إنما يقودون قولهم إلى فرية على الله










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-01, 10:13   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
abdellah36
عضو محترف
 
إحصائية العضو










افتراضي

قولك اخي جمال : إننا وإياكم متفقون على وجوب نفي مشابهة الخالق للمخلوق،
قلت نفي المشابهة لم يرد لا في الكتاب و لا في السنة و إنما نفى المماثلة و الفرق بينهما ان المماثلة اخص من المشابهة فكل مماثل هو مشابه و ليس كل مشابه فهو مماثل
و المماثل اذا اطلق فإنه يتضمن معنى الاشتراك الخاص في الصفات ، بخلاف المشابهة فهي تفيد الاشتراك العام و المطلق الا اذا تم تخصيصها ...

يقول فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ في شرح العقيدة الطحاوية ،
مسألة الفرق ما بين المماثلة والمثلية وبين التشبيه.
ولتقرير ذلك تنتبه إلى أنَّ الذي جاء نفيه في الكتاب والسنة إنما هو نفي المماثلة.
أما نفي المشابهة؛ ءمشابهة الله لخلقهء فإنها لم تُنْفَ في الكتاب والسنة؛ لأنَّ المشابهة تحتملُ أن تكون مشابهةً تامة، ويحتمل أن تكون مشابهةً ناقصة.
فإذا كان المراد المشابهة التامة فإنَّ هذه المشابهة هي التمثيل وهي المماثلة، وذلك منفِيٌ، لقوله تعالى{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:11].
فإذاً لفظ المشابهة ينقسم:
ء إلى مُوَافِقٍ للمماثلة، الشَبِيهْ موافِقٌ للمثيل وللمِثِلْ.
ء وإلى غير موافق.
يعني قد يشترك معنى الشبيه والمثيل ويكون المعنى واحداً، إذا أُريْدَ بالمشابهة المشابهة التامة في الكيفية وفي تمام معنى الصفة.
وأمَّا إذا كان المراد بالمشابهة المشابهة الناقصة وهي الاشتراك في أصل معنى الاتصاف، فإنَّ هذا ليس هو التمثيل المنفي، فلا يُنْفَى هذا المعنى الثاني، وهو أن يكون ثَمَّ مشابهة بمعنى أن يكون ثَمَّ اشتراك في أصل المعنى.
وإذا كان كذلك فإنَّ لفظ الشبيه والمثيل بينهما فرق ءكما قَرَّرْتُ لكء ولفظ المشابهة لفظ مجمل لا يُنْفَى ولا يُثْبَتْ.
وأهل السنة والجماعة إذا قالوا: إنَّ الله ء عز وجل ء لا يماثله شيء ولا يشابهه شيء يعنون بالمشابهة المماثلة.

قلت و الذي نفي في القرأن هو مشابهة المخلوق للخالق و ليس العكس، و في هذا فرق ايضا فالثشبيه او التمثيل اذا وجد فإنه يكون من الادنى الى الاعلى و ليس العكس فلا يقال مثلا ان السيف يشبه العصى و ذلك لأنه يؤدي الى الانقاص من قيمة السيف .
قولك وقع في ‏التعطيل والتشبيه معاً؛ إذ نفى صفات الله التي أخبر الله بها، وشبه الله بالمحالات والممتنعات والمعدومات
قلت هو لم يقع في التعطيل الا بعد ان شبه ، حيث تصور بعقله المريض صفات الله عز و جل تصورا محرما ثم سارع لنفي ذلك التصور بنفي تلك الصفات ، فكل معطل لا بد و ان وقع في التشبيه .... و أما اهل السنة فيثبتون ما اثبت الله لنفسه اسما و معنى دون الخوص او التعمق في تفاصيل ذلك و كيفيته .....
قولك ،فالله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من ‏الصفات المختصة بالمخلوقين ،وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص،والله تعالى منزه عن كل نقص و مستحق لغاية ‏الكمال
قلت الله عز وجل يوصف بما وصف به هو نفسه او بما وصفته به رسله ، سواء كانت هذه الصفات موجودة في المخلوقين او غير موجودة و الامر المشترك بين صفات الخالق و صفات المخلوق هو العنى العام كما ان القدر المتنع في الاشتراك هو المعنى المفصل الذي يؤدي الى التكييف. و ليست كل صفة اختصت بالمخلوق فهي صفة نقص
فهناك من الصفات ما هو مختص بالمخلوق و هي صفات كمال .... و اما نسبتها للخالق فيشترط اولا الدليل الشرعي و ثانيا نفي المماثلة .










رد مع اقتباس
قديم 2012-02-01, 13:23   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
جمال البليدي
عضو محترف
 
الصورة الرمزية جمال البليدي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
قولك اخي جمال : إننا وإياكم متفقون على وجوب نفي مشابهة الخالق للمخلوق،
قلت نفي المشابهة لم يرد لا في الكتاب و لا في السنة و إنما نفى المماثلة و الفرق بينهما ان المماثلة اخص من المشابهة فكل مماثل هو مشابه و ليس كل مشابه فهو مماثل
و المماثل اذا اطلق فإنه يتضمن معنى الاشتراك الخاص في الصفات ، بخلاف المشابهة فهي تفيد الاشتراك العام و المطلق الا اذا تم تخصيصها ...
يقول فضيلة الشيخ صالح آل الشيخ في شرح العقيدة الطحاوية ،
مسألة الفرق ما بين المماثلة والمثلية وبين التشبيه.
ولتقرير ذلك تنتبه إلى أنَّ الذي جاء نفيه في الكتاب والسنة إنما هو نفي المماثلة.
أما نفي المشابهة؛ ءمشابهة الله لخلقهء فإنها لم تُنْفَ في الكتاب والسنة؛ لأنَّ المشابهة تحتملُ أن تكون مشابهةً تامة، ويحتمل أن تكون مشابهةً ناقصة.
فإذا كان المراد المشابهة التامة فإنَّ هذه المشابهة هي التمثيل وهي المماثلة، وذلك منفِيٌ، لقوله تعالى{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:11].
فإذاً لفظ المشابهة ينقسم:
ء إلى مُوَافِقٍ للمماثلة، الشَبِيهْ موافِقٌ للمثيل وللمِثِلْ.
ء وإلى غير موافق.
يعني قد يشترك معنى الشبيه والمثيل ويكون المعنى واحداً، إذا أُريْدَ بالمشابهة المشابهة التامة في الكيفية وفي تمام معنى الصفة.
وأمَّا إذا كان المراد بالمشابهة المشابهة الناقصة وهي الاشتراك في أصل معنى الاتصاف، فإنَّ هذا ليس هو التمثيل المنفي، فلا يُنْفَى هذا المعنى الثاني، وهو أن يكون ثَمَّ مشابهة بمعنى أن يكون ثَمَّ اشتراك في أصل المعنى.
وإذا كان كذلك فإنَّ لفظ الشبيه والمثيل بينهما فرق ءكما قَرَّرْتُ لكء ولفظ المشابهة لفظ مجمل لا يُنْفَى ولا يُثْبَتْ.
وأهل السنة والجماعة إذا قالوا: إنَّ الله ء عز وجل ء لا يماثله شيء ولا يشابهه شيء يعنون بالمشابهة المماثلة.
قلت و الذي نفي في القرأن هو مشابهة المخلوق للخالق و ليس العكس، و في هذا فرق ايضا فالثشبيه او التمثيل اذا وجد فإنه يكون من الادنى الى الاعلى و ليس العكس فلا يقال مثلا ان السيف يشبه العصى و ذلك لأنه يؤدي الى الانقاص من قيمة السيف .
قولك وقع في ‏التعطيل والتشبيه معاً؛ إذ نفى صفات الله التي أخبر الله بها، وشبه الله بالمحالات والممتنعات والمعدومات
قلت هو لم يقع في التعطيل الا بعد ان شبه ، حيث تصور بعقله المريض صفات الله عز و جل تصورا محرما ثم سارع لنفي ذلك التصور بنفي تلك الصفات ، فكل معطل لا بد و ان وقع في التشبيه .... و أما اهل السنة فيثبتون ما اثبت الله لنفسه اسما و معنى دون الخوص او التعمق في تفاصيل ذلك و كيفيته .....
قولك ،فالله سبحانه منزه عن أن يوصف بشيء من ‏الصفات المختصة بالمخلوقين ،وكل ما اختص بالمخلوق فهو صفة نقص،والله تعالى منزه عن كل نقص و مستحق لغاية ‏الكمال
قلت الله عز وجل يوصف بما وصف به هو نفسه او بما وصفته به رسله ، سواء كانت هذه الصفات موجودة في المخلوقين او غير موجودة و الامر المشترك بين صفات الخالق و صفات المخلوق هو العنى العام كما ان القدر المتنع في الاشتراك هو المعنى المفصل الذي يؤدي الى التكييف. و ليست كل صفة اختصت بالمخلوق فهي صفة نقص
فهناك من الصفات ما هو مختص بالمخلوق و هي صفات كمال .... و اما نسبتها للخالق فيشترط اولا الدليل الشرعي و ثانيا نفي المماثلة .

بارك الله فيك وسدد خطاك , لا خلاف فيما قلت فأنا لم أنفي المشابهة إلا وأقصد بها المماثلة لهذا قلت بعدها بسطور((وعليه، فيجب الوقوف عند حدود النفي، وحدود الإثبات، فنثبت الصفة التي أخبر بها الله ورسوله، وننفي المماثلة، فنقول: ‏لله علمٌ ليس كعلمنا، وسمعٌ ليس كسمعنا، واستواء ليس كاستوائنا، وهكذا ))) . فالمماثلة كما تفضلت _جزاك الله خيرا_ أخص من المشابهة لهذا وجب الإستفصال في معنى التشبيه لكونه لم يرد لا في الكتاب والسنة فإن أراد بها قائلها المماثلة فإننا ننفيه عن الله تعالى لأن الله تعالى(( ليس كمثله شيء)) وإن أراد به نفي الصفات كالحياة والقدرة والعلو والنزول فهذا لا ننفيه بل نثبته...جزاكم الله خيرا على الفائدة.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الاتقياء, الاولياء, عقيدة, وتنزيه


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:52

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc