وقال الشيخ حمد بن عتيق، رحمه الله تعالى:
فلو قدر أن رجلاً يصوم النهار، ويقوم الليل، ويزهد في الدنيا كلها، وهو مع ذلك لا يغضب، ولا يتمعر وجهه ويحمر لله، فلا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر، فهذا الرجل من أبغض الناس عند الله، وأقلهم ديناً؛ وأصحاب الكبائر أحسن حالا عند الله منه.
وقد حدثني من لا أتهم، عن شيخ الإسلام، إمام الدعوة النجدية، أنه قال مرة: أرى ناساً يجلسون في المسجد على مصاحفهم، يقرؤون ويبكون، فإذا رأوا المعروف لم يأمروا به، وإذا رأوا المنكر لم ينهوا عنه، وأرى أناساً يعكفون عندهم، يقولون: هؤلاء لحى غوانم، وأنا أقول: إنهم لحى فوائن، فقال السامع: أنا لا أقدر أقول إنهم لحى فوائن، فقال الشيخ: أنا أقول: إنهم من العمي البكم.
ويشهد لهذا: ما جاء عن بعض السلف، أن الساكت عن الحق شيطان أخرس، والمتكلم بالباطل شيطان ناطق؛ فلو علم المداهن الساكت، أنه من أبغض الخلق عند الله، وإن كان يرى أنه طيب، لتكلم وصدع. ولو علم طالب رضى الخلق، بترك الإنكار عليهم، أن أصحاب الكبائر أحسن حالاً عند الله منه، وإن كان عند نفسه صاحب دين، لتاب من مداهنته ونزع. ولو تحقق من يبخل بلسانه عن الصدع بأمر الله أنه شيطان أخرس، وإن كان صائما قائماً زاهداً، لما ابتاع مشابهة الشيطان بأدنى الطمع.
اللهم إنا نعوذ بك من كل عمل يغضب الرحمن، ومن كل سجية تقربنا من التشبه بالشيطان، أو نداهن في ديننا أهل الشبهات والنفاق والكفران. وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.