
(( منقول))
بغـض النظر عن شـعارنا وشعـورنا الثابت كجزائريين بأننا مع فلسـطين ظالمة أو مظلومة، ناحرة أو منـحورة، جارحة أو مجروحة، فإن الحناجر الشعبية التي اجتاح صراخها شوارع العاصمة متحديا الحظر القانوني للمـسيرات دليل آخر على أن مشاعر الحزائريين كانت أكبر من القانون ذاته بعدما أصبح الأمر الواقع هو الحاكم الفعلي لإرادة مواطنين لا لون سياسي لهم أخرجوا غزة من بيانات الصحف ومن ميكروفونات القاعات المكيفة ليرموا ثورة الحزن إلى الشارع ويعبروا بطريقة لا لبس فيها ولا التباس فيها بأن انتماء الحناجر لا علاقة لها ببلخادم وأويحيى وأبو جرة ولا ببلحاج، ففي الأمر غزة وفي الأمـر أمة متأصـلة يكون كـبارها وصغارها حيث أراد لهم التاريخ لا القانـون ولا الساسة. مسيرات العاصمة التي كـسرت ممنوعا أن يسير أحدهم مع زوجـته وثالثهم فكرة شيـطانية عن تجمع أو هتاف ضد شـعار الحكومة، لم تكن تحديا للـحاج زرهوني وعصاه الغليظة ولكنها كانت ردة فعـل شعبـية من أجل قدس لم تعد تحتويها العزيزة مصر فكانت جزائر بومـدين لها بالأحضان ليتبنى شباب ـ يقول عنهم إخواننا المشارقة بأنهم "حـرافون" و"مفرنسون" ومبعثرون بين حضارتي الغرب والشرق ـ صراخ أن القدس لنا وأننا الأولى بغـزة من غيرنا ومن كل متاجر بالهم والألم العربي وخاصة بعدما قدمت قاهرة المعز اسـتقالتها طواعية ورضيت بدور "التمـصر" المطلق حتى ولو تعلق الأمر بمعـبر غذائي مطلوب فتحه لمرور حافـظات الأطفال أو المواقف المشـرفة.. الرائع في المسيرات التي اجتاحت الأماكن الممنوعة بالعاصمة أن المبادرة لم تكن سياسية، وأن المسيرات كانت "عفـوية" حـقا وبعيدة عن التهريج أو الاسـتعراض أو التبضع السياسي فمن ساروا، ساروا لأجل غزة وحدها، ومن صرخوا وبكوا وتجمعوا صنعوا حدثا بعيدا عن أضواء المعارضة والسلطة معا.. فقط كانت صلاة للأقصى بحناجر جزائرية بحتة عرفت كيف تسجل موقفا مـشرفا يعري البطالة السـياسية التي يقـتات من على ظهرها المتيممون بجدار الأقصى من أجل الوصول بالحناجر لكي تصرخ بحـياتها.. لقد انتهى الدرس.. خرج الشارع ولا فضل لأحد منـكم