أَمْضَيتُ عُمْرِي للصِّغَارِ سَفِيرَا               وَلِهَدْيِ مَنْ بَعَثَ الرَّسُولَ نَصِيرَا 
خَرَجَ الصَّغِيرُ لِدَرْسِهِ مُتَشَوِّقًا                    حَمَلَ الْحَقِيبَةَ بَهْجَةً وَسُرُورَا 
عَادَ الصَّغِيرُ إِلَيَّ يَبْكِي حُرْقَةً                 مَا بَالُ طِفْلِي عَادَ لِي مَكْسُورَا؟
قَالَ: الْمُعَلِّمُ هَزَّنِي، وَلَوَى يَدِي                وَانْهَالَ ضَرْبًا مُؤْلِمًا وَعَسِيرَا 
وَاسْتَاقَنِي نَحْوَ الْمُدِيرِ لِأَنَّنِي                     أَعْلَمْتُهُ أَنِّي ظُلِمْتُ كَثِيرَا 
فَسَأَلْتُهُ إِنْ كَانَ قَصَّرَ أَوْ لَغَا                      أَوْ سَاءَ قَوْلاً أَوْ أَثَارَ صَفِيرَا 
فَأَجَابَنِي أَنِّي وَقَفْتُ لِبُرْهَةٍ                       مَا عُدْتُ أَحْتَمِلُ الْجُلُوسَ أَسِيرَا
 حَمَّلْتُهُ بِرِسَالَةٍ لِمُدِيرِهِ                          وَلِمَنْ تَوَلَّى ضَرْبَهُ مَشْكُورَا
 أَنَّ الطُّفُولَةَ رَوْعَةٌ وَوَدَاعَةٌ                      كَالطَّيْرِ تَشْدُو شَدْوَهَا تَعْبِيرَا 
الطِّفْلُ يَشْعُرُ أَنَّ غُرْفَةَ صَفِّهِ                 كَالسِّجْنِ بَاتَتْ لاَ تُثِيرُ سُرُورَا 
وَكَذَا الْعُلُومُ وَقَدْ تَكَاثَرَ حِمْلُهَا                أَضْحَى يَرَى فِي فَهْمِهَا تَعْسِيرَا
 فَإِذَا أُحِيطَ بِغُرْفَةٍ وَمَقَاعِدٍ                   جَعَلَتْهُ كَالطَّيْرِ الْحَزِينِ أَسِيرَا 
لَيْسَ الْمُعَلِّمُ مَنْ يَثُورُ لِزَلَّةٍ                   الرُّشْدُ يَأْبَى أَنْ تُهِينَ صَغِيرَا 
لَيْسَ الْمُعَلِّمُ مَنْ يُؤَدِّبُ بِالْعَصَا               أَضْحَى الْمُعَلِّمُ مُرْشِدًا وَصَبُورَا
 وَالضَّرْبُ لَيْسَ وَسِيلَةً لِمُؤَدِّبٍ            ارْفُقْ بِطِفْلِي وَاحْذَرِ التَّكْسِيرَا 
إِلاَّ لِفَرْضٍ كَالصَّلاةِ وَنَحْوِهَا              فَاضْرِبْهُ ضَرْبًا لا يَكُونُ عَسِيرَا 
إِنَّ الصَّغِيَر إِذَا أُهِينَ لِسَاعَةٍ              عَشِقَ الْهَوَانَ وَقَدْ يُذَلُّ كَبِيرَا
 اتْرُكْهُ يَمْرَحْ فِي عَطَائِكَ بَاسِمًا           وَاجْعَلْ صَغِيرِي طَائِرًا لِيَطِيرَا
 اتْرُكْ صَغِيرِي تَحْتَوِيهِ حَدِيقةٌ            يَلْهُو بِزَهْرِكَ فَرْحَةً وَسُرُورَا 
اجْعَلْ سِلاَحَكَ لِلصَّغِيرِ مَحَبَّةً           بِالْحُبِّ تَبْنِي لِلصَّغِيرِ قُصُورَا 
مَا عَادَ يَنْفَعُ أَنْ نَلُومَ مُعَلِّمًا             أَضْحَى الطَّرِيقُ إِلى الصَّلاحِ عَسِيرَا
 الطِّفْلُ يَبْكِي وَالْمُعَلِّمُ يَشْتَكِي            مِنْ سُوءِ أَخْلاقِ الصِّغَارِ كَثِيرَا 
لَكِنَّنِي أَرْجُو رَجَاءً مُخْلِصًا               مِنْ كُلِّ مَنْ وَلِيَ الأُمُورَ بَصِيرَا
 مِنْ كُلِّ دَاعِيةٍ يُبَشِّرُ بِالْهُدَى                 كُنْ كَالرَّسُولِ مُرَبِّيًا وَنَصِيرَا 
لا تَتْرُكُوا أَطْفَالَنَا نَهْبًا لِمَنْ              رَفَعُوا السِّيَاطَ لِمَنْ أَسَاءَ صَغِيرَا
 لا تَتْرُكُوا أَطْفَالَنَا نَهْبًا لِمَنْ               لَمْ يَرْحَمُوا طِفْلاً فَعَادَ كَسِيرَا 
لا تَتْرُكُوا أَطْفَالَنَا نَهْبًا لِمَنْ               حَرَفُوا الْمَنَاهِجَ نَصَّرُوا تَنْصِيرَا 
جَهِلُوا الأُمُورَ وَلَمْ يُرَاعُوا سُنَّةً           قَدْ سَنَّهَا الْهَادِي الْبَشِيرُ بَشِيرَا 
أَيْنَ الْمُرُوءَةُ وَالسَّمَاحَةُ وَالنَّدَى؟            الشَّرْعُ يَأْبَى أَنْ نُهِينَ صَغِيرَا 
وَتَذَكَّرُوا فِعْلَ الرَّسُولِ مُحَمَّدٍ                كُونُوا هُدَاةً وَاتْرُكُوا التَّنْفِيرَا
منقول للأمانة العلمية