السلام عليكم
بارك الله فيك فعلا امتعتنا بشروحات كالبلسم للقلب واقر بذلك ..لكن اسمع كذلك شروحات الآخرين ..حفظكم الله
لن أركز في موضوعي هذا على المسألة الدينية فقط فيما يخص الخروج على الحاكم و لكن رأيت ان هناك بعض المغالطات التي يقع فيها الجانبين المتطرفين في فكرهما تجاه هذا الامر . فمن ناحية هناك مدرسة اسلامية تحرم هذا الخروج وتصف من يقوم به ب " الخارجي " و ترى ان حكام المسلمين اليوم " فسقة " و ليسو كفارا .
هذه المدرسة تغرقنا بالأدلة الشرعية التي تحرم الخروج على الحاكم المسلم الفاسق و الظالم كمثل هذا الحديث الشريف :
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( سيكون بعدي أمراء فتعرفون و تنكرون فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع )) قالوا : أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال : ((لا ما أقاموا فيكم الصلاة )) حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه .
ولأنني أسمي الأمور بأسمائها فابرز من يقود هذه المدرسة هم السلفيون التقليديون اضافة الى مجموعة من علماء السلطان من المذاهب الاخرى .
ومن الناحية الثانية هناك مدرسة أخرى ترى ان الخروج على الحاكم الفاسق امر واجب وهي لا تقف عند حد كلمة " فاسق " بل تقول ان هذا الحاكم هو " كافر " . وهذه المدرسة لم تأت برأيها هذا من بنات افكار زعمائها بل له اصل في الدين الاسلامي وجب الانتباه إليه فهم مثلا يستندون الى آيات قرآنية و أحاديث نبوية شريفة وموقفهم من حكام المسلمين اليوم بشكل عام له سند شرعي بعكس من ينفون الشرعية عنه . فمثلا هم يعتمدون على هذه الايات في تكفير معظم حكام المسلمين ان لم نقل كلهم :
{ ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولـئك هم الكافرون} [المائدة : 45].
{ فاحكم بينهم بما أنزل الله} [المائدة : 48].
{ فلا وربك لا يُؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم} [النساء : 65].
{ واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك} [الجاثية : 18].
{ أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حُكماً} [المائدة : 50].
{ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله} [النساء : 105].
وعلى بعض الاحاديث النبوية الشريفة ك :
عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم::ـ
«سيكون عليكم أُمراء يُؤخّرون الصلاة عن مواقيتها ويحُدِثون البدع. قلت: فكيف أصنع؟ قال: تسألني يابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كيف تصنعُ؟ لا طاعةَ لمن عصَى الله»رواه الطبراني في الكبير وهو حديث صحيح.
وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ـ «ليأتين عليكم أُمراء يُقرّبون شرار النّاس، ويُؤخِّرُون الصَّلاة عن مواقيتها، فمن أدركَ ذلك منهم فلا يكُونن عرِيفاً، ولا شُرْطياً، ولا جَابِيا،ً ولا خَازِناً» رواه ابن ماجة وسنده صحيح، وأخرجه ابن حبان في صحيحه، وأحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الصغير، والخطيب في تاريخ بغداد.
مشكلة المدرسة السلفية التقليدية و باقي علماء السلطان في البلاد العربية من المذاهب الاخرى انهم نصبوا انفسهم مدافعين ليس عن حكام " فاسقين " بل عن حكام " كافرين " . قد نختلف في موقف الاسلام من بعض حكام العرب ولكن ما الموقف من حكام سخروا علنا من الاسلام فأحدهم قال ان به خلل ونقص وآخر حرم شيئا معلوما من الدين بالضرورة بل و حارب من يطبقه و ثالث لا يؤمن بعدد من اركان الدين و يرى ان لا قيمة للسنة النبوية لانها كلام بشر .
هذه المدرسة تقع في مغالطة كبرى حين تأتي بأحاديث و أقوال علماء اجلاء في الماضي لتقول لنا ان الاسلام يحرم الخروج على الحاكم المسلم الفاسق في حين تنسى او تتناسى ان هذه الاحاديث و اجتهادات هؤلاء العلماء الكبار كانت عن واقع اسلامي غير واقعنا , كانت موجهة لواقع حكام بني الامية و استبداد بعضهم و للعباسيين ومجون عدد من حكامهم وظلمهم للعباد . فرق شاسع بين واقع طبقت فيه احكام الشريعة و احترم فيه الدين الاسلامي و بين واقعنا اليوم حيث لا تطبق الشريعة بل و يسخر بعضهم علنا من هذا الدين ويحاربون من يلتزمون به .
ما أريد قوله من كل هذا انه لابد لنا من تحديد المفاهيم وانزال تلك الاحكام و الاجتهادات على واقعنا اليوم حتى نفرق بين الحاكم المسلم الفاسق و الحاكم الكافر .
ماموقف الاسلام من حاكم تونس بن علي ؟
أمثلة من موجبات كفر بن علي :
تحريم تعدد الزوجات ومعاقبة كل من يعدد ولو بواحدة ( التعدد من الامور الواجبة في دين الله بدليل قوله تعالى : ( فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم) . الاسلام شرع للتعدد كحق وليس كأمر وجب تنفيذه لهذا لا يحق لأي كان ان يحرم ويمنع هذا الحق .
- السخرية من الدين عنده كشرب الماء وهو في هذا على مذهب إمامه الضال الهالك بورقيبة الذي شرب العصير عصر أحد الايام وخلال اجتماع شعبي كبير و قال لهم ان لا مشكلة في الافطار في رمضان .
- تحريم لبس الحجاب و معاقبة من تلبسه بالسجن .
الأدلة على هذه الامور اكثر من ان تحصى فهل بعد هذا نصف بن علي بالحاكم المسلم الفاسق او الكافر ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ماحكم الاسلام في الحاكم الليبي القذافي ؟؟؟
سخر من الدين في مناسبات عدة .
قال وقد سمعتها منه انه لا يؤمن بالسنة النبوية الشريفة و انها مجرد كلام بشر .
أعتقد ان من يقول بهذا الكلام كافر من دون شك ...فهل ظلم حين اتهم بالكفر ؟؟؟؟
قد يصعب مثلا تحديد موقف الاسلام من بعض الحكام كحاكم لجزائر مصر و المغرب و سوريا و السعودية ودول اخرى و ذلك لانه من ناحية يصعب إيجاد دليل قوي على كفرهم كمافي حالة بن علي و القذافي , و من ناحية اخرى لان بعض ما قد يكفرهم هو مسألة جدلية بين الاسلاميين اليوم .
مثلا :
ماحكم الاسلام في من يعين الغازي الاجنبي على ارض المسلمين ( مثال افغانستان و العراق ) و يساعده و يدعمه ؟؟؟
ببساطة شديدة هذه من نواقض الاسلام العشر و بالتالي فمن يقدم على هكذا عمل هو كافر باجماع المسلمين . لكن المشكلة اليوم ان من قام بهذا الامر مثلا هو حاكم لدولة تدعي انها تطبق احكام الشريعة بالكامل !!
ما الموقف من حاكم يصر على فتح ارضه باستمرار لدعم حملة صليبية ضد المسلمين ؟؟
قطر و الكويت وباقي دول الخليج و الاردن .
حكام رأوا ان هناك افضلية لقوانين الغرب ورأوا ان ديننا فيه خلل ونقص ؟
أساس المشكلة في نظري هم اولئك العلماء الذين يحيطون بالملك او الرئيس ويلوون عنق الدين ليساير هوى الحاكم . هؤلاء وجب فضحهم والرد عليهم بالشرع و الحكمة و المنطق . هم لا دليل عندهم اصلا ولكن للاسف يسخر لهم الحاكم الفاجر كل السبل من اجل السيطرة على عقول العامة .
هم يسيطرون على منابر المساجد ويكتبون خطب الجمعة و لهم اليد الطولى في كل وسائل الاعلام المكتوبة و المرئية و المسموعة .
الحاكم حتى لو كان فاجرا قد يصلح أمره اذا صلح امر العلماء و العامة ولكن للاسف فساد الحاكم و العالم أدى الى ما نحن فيه .
المغرب و الجزائر و مصر و سوريا .
لو تلاحظون أيها الاخوة اننا وحتى الان نتحدث عن امثلة نعيشها اليوم لنرى هل هي تدعم موقف من يكفر هؤلاء الحكام ام لا ؟؟؟!!!!!!!!!!!
بعد هذا التحليل هل الشيخ اسامة " خارجي " حين يقول ان بن علي او القذافي او الملك السعودي وبقية الشلة كفار ؟!!!!!!!!! موقفه قوي للغاية فهو قال أن فلان كافر لانه منع الحجاب و الاخر لانه انكر السنة و الاخر لانه دعم المحتل الغاصب لارض المسلمين وجميعهم لانهم عطلوا احكام الدين ودليله القران و السنة . وزاد على هذا بان ربط بين هذه الادلة والواقع المعاش اليوم فكان موقفه قوي شرعا بعكس موقف المدافعين عن بن علي و القذافي و باقي زمرة الضلال .
أقول يدافعون عن بن علي لانهم قالوا بحرمة الخروج على حكام العرب وبأن بعضهم فاسق و ظالم .
المسألة التي انا شخصيا مقتنع بها ومنذ سنوات طويلة هي انني مع الخروج على الحاكم العربي اليوم و قلب نظامه وهذا من باب الشرع ولكنني ضده من باب الشرع ايضا فيما يتعلق بالمصالح و المفاسد . فكماهو معروف حتى لو جاز للمسلم القيام بامر ما فهذا ليس كافيا بل وجب عليه دراسة تبعات هذا الامر و حساب المصالح و المفاسد , فمثلا اذا كان الخروج على الحاكم في تونس سيؤدي الى مفسدة كبرى للمسلمين وجب الامتناع عن ذلك و العكس صحيح .
المشكلة ان البعض لا يقر اصلا بشرعية الخروج عليهم بل و يذهب ابعد من هذا حيث يتهم من يعتقدون هذا الاعتقاد بأنهم " خوارج " ..ويا ليت شعري ما علاقة الخوارج بالخروج على الكفار ؟!!!!!!!!!!!
تحريم الخروج على الحاكم هي من زادت في ذل المسلمين وتجبر الطغاة عليهم . وقد استغل الحكام على مر القرون هذه الناحية و استعانوا بعلماء ليحافظوا على طاعة شعوبهم لهم رغم تسلطهم و جبروتهم .
لقد حارب ابوبكر الصديق و المسلمون مانعي الزكاة فكيف بمن يمنع الحجاب و ينكل بالمحجبات ويلغي احكام الدين ؟!!!!!!!!!!!
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية : «إنما اختلف العلماء في الطائفة الممتنعة إذا أصرّت على ترك بعض السنن كركعتي الفجر، والأذان والإقامة ـ عند من لا يقول بوجوبها ـ ونحو ذلك من الشعائر. فهل تُقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا؟ فأما الواجبات والمحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف في القتال عليها» مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية 28/503 .
ملخص فكرتي هي :
هناك سند شرعي للخروج على حكام المسلمين اليوم ولكن من باب المصالح و المفاسد هناك ضرر اكثر لنا كمسلمين في هذا الخروج اذا لم يحسب له جيدا .
ما أريد الوصول إليه:
أن الخروج على الحكام الآن محكوم عليه بالفشل الذريع، ليس لقوتهم، ولكن لانعدام الوضوح لدى الشعوب حول حكم الخروج عليهم، وهذه البلية للأسف سببها علماء الذين أضاعوا أحكام الدين الواضحة في هذه المسألة، ومنحوا هؤلاء شرعية لا يجوز منحها لهم على الإطلاق..
ومشروع القاعدة خطورته من حيث أنه وجه المعركة إلى من يدعم هؤلاء، وبإضعافه سوف يضعف الوكلاء وتنكشف حقيقتهم على الملأ..
هذه الحقيقة التي لا تريد شعوبنا المغفلة أن تراها، ولا تريد أن ترى كيف كان الأمريكان يعملون فينا تقطيعاً وتمزيقاً عن طريق وكلائهم ونحن لا نشعر بهم لأننا مخدرون، والآن بعد أن زال التخدير وبان العدو على حقيقته، ألقت هذه الشعوب باللائمة على من أزال التخدير والغشاوة عنها..
أساس المشكلة في نظري هم اولئك العلماء الذين يحيطون بالملك او الرئيس ويلوون عنق الدين ليساير هوى الحاكم . هؤلاء وجب فضحهم والرد عليهم بالشرع و الحكمة و المنطق . هم لا دليل عندهم اصلا ولكن للاسف يسخر لهم الحاكم الفاجر كل السبل من اجل السيطرة على عقول العامة .
هم يسيطرون على منابر المساجد ويكتبون خطب الجمعة و لهم اليد الطولى في كل وسائل الاعلام المكتوبة و المرئية و المسموعة .
الحاكم حتى لو كان فاجرا قد يصلح أمره اذا صلح امر العلماء و العامة ولكن للاسف فساد الحاكم و العالم أدى الى ما نحن فيه .
بارك الله فيكما يا اخي وقرات كل ما ادليت به ونقلته وفهمت وجزمت والله واستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم .
لكن مازال غير مقتنعة ولتضارب الادلة والحجج وكل طرفين على حق في نظري وانا لا اقصد مظاهرات الديموقراطية التي تجري اليوم بل اقصد كل ملتزم .
بارك الله فيك ولكن استحلفك بالله عزوجل ان لا تغادر بسبي .