اعترافات مسلمة ملتزمة - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم العقيدة و التوحيد > أرشيف قسم العقيدة و التوحيد

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

اعترافات مسلمة ملتزمة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2008-10-19, 21:37   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
Amel99
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي التشدد والغلو..ما معناهما؟

المهاجر يسأل عن معنى الغلو والتشدد......

الغلو والتشدد

أ‌. التشدد
قل ابن منظور: التشديد20 خلاف التخفيف، وشاده مشادة وشِداداً غالبه، وفي الحديث: "من يشاد هذا الدين يغلبه الدين"، أي من يقويه ويقاومه، ويكلف نفسه من العبادة فوق طاقته، والمشادة المغالبة، وهو مثل الحديث الآخر: "إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق"، والمتشدد البخيل، كالشديد، قال طرفة:
أرى الموت يعتامُ الكرامَ ويصطفي ......... عقيلـة مالِ الفاحـش المتشـدد

ب‌. الغلو
مجاوزة الحد، قال ابن منظور21 : وغلا في الدين، والأمر يغلو غلواً، جاوز حده، وفي التهذيب: وقال بعضهم: غلوتَ في الأمر غلواً وغلانية، وغلانياً إذا جاوزت فيه الحد وأفرطتَ فيه.
وفي الحديث: "إياكم والغلو في الدين"، أي التشدد فيه ومجاوزة الحد.
ومنه الحديث: "وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه"، إنما قال ذلك لأن من آدابه وأخلاقه التي أمر بها القصد في الأمور، وخير الأمور أوسطها، وكلا طرفي قصد الأمور ذميم.

النهي عن الغلو والتشدد في الدين
لقد نهى الله ورسوله وحذرا الأمة من الغلو في الدين، في الاعتقادات، والأعمال، وجميع التصرفات.
قال تعالى: "يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته".22
وقال: "قل يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق".23
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين"24.
وقال: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرِّموا طيبات ما أحلَّ الله لكم ولا تعتدوا".25
وروى أحمد عن أنس يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق"26، وصحَّ عنه أنه قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، وقولوا عبد الله ورسوله".27

أقوال أهل العلم في المراد بالغلو والتشدد

قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: "يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم" الآية: (يعني بذلك فيما ذكره المفسرون غلو اليهود في عيسى حتى قذفوا مريم، وغلو النصارى فيه حتى جعلوه رباً، فالإفراط والتقصير كله سيئة وكفر، ولذلك قال مطرف بن عبد الله: الحسنة بين سيئتين؛ وقال الشاعر:
وأوفِ ولا تستـوفِ حـقَّــك كلَّه ....... وصـافح فلم يستـوفِ قطُّ كريمُ
ولا تغلُ في شيء من الأمر واقتصد ....... كلا طرفي قصـد الأمـور ذميمُ
وقال آخر:
عليك بأوسـاط الأمـور فإنهـــا ....... نجاةٌ ولا تركب ذلولاً ولا صعباً).28
وقال المناوي رحمه الله في شرح الحديث: "إياكم والغلو في الدين": (أي التشدد فيه ومجاوزة الحد، والبحث عن غوامض الأشياء، والكشف عن عللها، وغوامض متعبداتها، "فإنما أهلك من كان قبلكم" من الأمم "الغلو في الدين"، والسعيد من اتعظ بغيره، وهذا قاله غداة العقبة29 وأمرهم بمثل حصى الخذف، قال ابن تيمية: قوله "إياكم والغلو في الدين" عام في جميع أنواع الغلو، في الاعتقادات والأعمال، والغلو مجاوزة الحد بأن يزاد في مدح الشيء أوذمه على ما يستحق، ونحو ذلك، والنصارى أكثر غلواً في الاعتقاد والعمل من سائر الطوائف، وإياهم نهى الله عن الغلو في القرآن بقوله: "لا تغلوا في دينكم"، وسبب هذا الأمر العام رمي الجمار، وهو داخل فيه مثل الرَّمي بالحجارة الكبار على أنه أبلغ من الصغار، ثم علله بقوله بما يقتضي أن مجانبة هديهم مطلقاً أبعد عن الوقوع فيما به هلكوا، وأن المشارك لهم في بعض هديهم يخاف عليه الهلاك).30
وقال ابن الجوزي رحمه الله: (بدء الشرائع كان على التخفيف، ولا يعرف في شرع نوح وصالح وإبراهيم عليهم السلام تثقيل، ثم جاء موسى عليه السلام بالتشديد31 والإثقال، وجاء عيسى عليه السلام بنحوه، وجاءت شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بنسخ تشديد أهل الكتاب، ولا تنطق بتسهيل من كان قبلهم فهي على غاية الاعتدال).32
وقال ابن القيم رحمه الله عن غلو النصارى: (ومعلوم أن هذه الأمة – القضبية – ارتكبت محذورين عظيمين، لا يرضى بهما ذو عقل ولا معرفة.
أحدهما: الغلو في المخلوق حتى جعلوه شريك الخالق وجزءاً منه وإلهاً آخر معه، وأنفوا أن يكون عبداً له.

والثاني: تنقص الخالق وسبه، ورميه بالعظائم، حيث زعموا أنه – سبحانه وتعالى عن قولهم علواً كبيراً – نزل من العرش عن كرسي عظمته، ودخل فرج امرأة، وأقام هناك تسعة أشهر يتخبط بين البول والدم والنجو، وقد علته أطباق المشيمة والرحم والبطن، ثم خرج من حيث دخل رضيعاً صغيراً يمص الثدي، ولف في القُمُط، وأودع السرير، يبكي ويجوع ويعطش، ويبول ويتغوط، ويحمل على الأيدي والعواتق، ثم صار إلى أن لطمت اليهود خديه، وربطوا يديه، وبصقوا في وجهه، وصفوا قفاه، وصلبوه جهراً بين لصين، وألبسوه إكليلاً من الشوك، وسمَّروا يديه ورجليه، وجرعوه أعظم الآلام، هذا وهو إله الحق الذي بيده أتقنت العوالم، وهو المعبود.
ولعمر الله هذه مسبة لله سبحانه وتعالى ما سبه بها أحد من البشر قبلهم ولا بعدهم، كما قال تعالى فيما يحكي عنه رسوله الذين نزهه ونزه أخاه المسيح عن هذا الباطل الذي: "تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً"33، فقال: "شتمني ابن آدم، وما ينبغي له ذلك، وكذبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، أما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد، الذي لم ألد، ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحد، أما تكذيبه إياي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليَّ من إعادته".34
وقال عمر رضي الله تعالى عنه في هذه الأمة: "أهينوهم35 ولا تظلموهم، فقد سبوا الله عز وجل مسبة ما سبه إياها أحد من البشر").36

نماذج للغلو في الاعتقادات

صور الغلو في الاعتقادات التي نهى الشارع عنها وحذر منها سداً للذريعة كثيرة جداً، ولكن سنشير إلى بعضها ليُقاس عليها:
1. اعتقاد أن الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب، وأنه خلق من نور، وأنه حي في قبره كحياته قبل موته، وأنه يُرى يقظة بعد موته، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد الله ورسوله".
2. التوسل والاستغاثة بذات الأنبياء والمرسلين أوبجاههم أحياء وأمواتاً.
3. التعلق بقبور الأنبياء ومن يعتقد فيهم الصلاح، والدعاء عندها، والصلاة إليها، والطواف بها.
4. البناء على القبور وإيقاد السرج عليها.

نماذج للغلو في الأعمال

1. تحريم ما أحل الله لعباده، كالذي يحرم على نفسه أكل اللحم، أوالزواج، ونحو ذلك.
2. الغلو في العبادة، كمن يعزم على صيام النهار وقيام الليل كله.
جاء في سبب نزول قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إنه لا يحب المعتدين" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني إذا أصبت اللحم انتشرت وأخذتني شهوتي، فحرمت اللحم؛ وقيل إنها نزلت بسبب جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر، وعلي، وابن مسعود، وعبد الله بن عمر، وأبوذر الغفاري، وسالم مولى أبي حذيفة، والمقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي، ومعقل بن مقرِّن، رضي الله عنهم، اجتمعوا في دار عثمان بن مظعون، واتفقوا على أن يصوموا النهار ويقيموا الليل، ولا يناموا على الفرش، ولا يأكلوا اللحم، ولا يقربوا النساء والطيب، ويسيحوا في الأرض ويترهبوا.37
وخرج مسلم في صحيحه عن أنس أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عمله في السر، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء؛ وقال بعضهم: لا آكل اللحم؛ وقال بعضهم: لا أنام على الفراش؛ فحمد الله وأثنى عليه فقال: "ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، ولكني أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
قال القرطبي: (قال علماؤنا رحمة الله عليهم: في هذه الآية وما شابهها والأحاديث الواردة في معناها رد على غلاة المتزهدين، وعلى أهل البطالة من المتصوفين، إذ كل فريق منهم قد عدل عن طريقه، وحاد عن تحقيقه، قال الطبري: لا يجوز لأحد من المسلمين تحريم شيء مما أحل الله لعباده المؤمنين على نفسه من طيبات المطاعم والملابس والمناكح، إذا خاف على نفسه بإخلال ذلك لها بعض العنت والمشقة، ولذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم التبتل على ابن مظعون، فثبت أنه لا فضل في ترك شيء مما أحله الله لعباده، وأن الفضل والبر إنما هو في فعل ما ندب عباده إليه، وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسنه لأمته، واتبعه على منهاجه الأئمة الراشدون، إذ كان خير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم).38

تشديدات ابن عمر رضي الله عنهما

كان ابن عمر رضي الله عنهما يأخذ من التشديدات بأشياء لم يوافقه عليها كبار الصحابة، كالخلفاء الراشدين وغيرهم.
ولهذا عندما طلب المنصور من مالك رحمهما الله أن يضع كتاباً ليحمل عليه جميع الأمة ويمنع ما سواه، وكان ذلك حوالي عام 148هـ، أوصاه أن يتجنب فيما يدونه شدائد ابن عمر، ورخص ابن عباس، وشواذ ابن مسعود39 رضي الله عنهم.
روى ابن عبد البر بسنده إلى محمد بن سعد قال: (سمعتُ مالك بن أنس يقول: لما حج أبو جعفر المنصور دعاني، فدخلت عليه فحادثته، وسألني فأجبته، فقال: إني عزمتُ أن آمر بكتبك هذه التي قد وضعت، يعني الموطأ، فتنسخ نسخاً ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها نسخة، وآمرهم أن يعملوا بما فيها، ولا يتعدوها إلى غيرها، ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث، فإني رأيتُ أصل العلم رواية أهل المدينة وعلمهم، قال فقلت: يا أمير المؤمنين، لا تفعل هذا، فإن الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث، ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم، وعملوا به، ودانوا به من اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وإن ردهم عما اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه، وما اختار أهل كل بلد لأنفسهم؛ فقال: لعمري لو طاوعتني على ذلك لأمرتُ به).40
قلت: هذه القصة تدل على إنصاف مالك رحمه الله لإخوانه العلماء، وعلى تواضعه وورعه، وعلى عمق فقهه، لأن حمل الناس على قول واحد فيه من المشقة والعناء ما فيه.
من تشددات ابن عمر رضي الله عنهما ما ذكره ابن القيم41 وغيره، والتي لم تؤثر عن أبي بكر وعمر ولا غيرهما من كبار الصحابة، ما يأتي:
1. كان ابن عمر رضي الله عنهما يقضي حاجته في نفس المكان الذي قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته في غزواته وأسفاره إذا مر بها.
2. وكان يربط دابته في نفس الشجرة التي ربط فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم دابته.
3. وكان يصوم يوم الغيم ليلة تسع وعشرين من شعبان احتياطاً، وكان ابن عباس لا يصومه.
4. وكان يغسل داخل عينيه في الوضوء حتى عمي.
5. وكان يأخذ لمسح أذنيه ماءً جديداً، والراجح أن الأذنين يمسحان بما أخذ لمسح الرأس.
6. كان يمنع من دخول الحمام42، وكان إذا دخله اغتسل منه، وكان ابن عباس يدخل الحمام.
7. وكان ابن عمر رضي الله عنهما يتيمم بضربتين، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، وهو مذهب مالك، ولا يقتصر على ضربة واحدة وهو الأرجح، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يخالفه في ذلك.
8. وكان ابن عمر يتوضأ من قبلة امرأته ويفتي بذلك، وكان إذا قبل أولاده تمضمض ثم صلى، وكان ابن عباس يقول: ما أبالي قبلتهما أوشممتُ ريحاناً.
9. وكان يأمر من ذكر أن عليه صلاة وهو في صلاة أخرى أن يتمها، ثم يصلي الصلاة الفائتة، ثم يعيدها، وهذا مذهب مالك.
10. وكان إذا فاتته ركعة مع الإمام سجد سجدتي السهو بعد قضاء صلاته.
11. وكان يأمر الحائض أن تنقض شعرها للغسل عندما تطهر، فقالت عائشة: هلا أمرها أن تحلق شعرها!
قال ابن القيم رحمه الله: (وكذلك كان هذان الصحابيان الإمامان43 أحدهما يميل إلى التشدد والآخر إلى الترخيص، وذلك في غير مسألة).
قلت: هؤلاء الصحابة الثلاثة من كبار علماء الصحابة، وقد أخذ عنهم المسلمون دينهم، بل كل فقه الكوفة أخذ من علي وابن مسعود، وكذلك فقه الحجاز جله أخذ من شيخي الصحابة في وقتهما ابن عمر وابن عباس، وهذه المآخذ لا تغض من مكانتهم العلمية، فقط علينا أن لا نقتدي بهم في ذلك.

التوسط والاعتدال

المعتدل المتوسط هو الذي يكون ملتزماً بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما اجمع عليه الصحابة الكرام لا يحيد عن ذلك أبداً، بين التشديد والتخفيف، إذ الحسنة بين سيئتين، فلا إفراط ولا تفريط، وهذا ما عليه أهل السنة قاطبة، متجنباً ما يأتي:
1. الأقوال الشاذة.
2. رخص وزلات أهل العلم.
3. اتباع الهوى.
4. تقليد أحد الناس في كل ما يقول سوى الرسول صلى الله عليه وسلم.
5. الابتداع في الدين.
قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً": (أي جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم، والوسط العدل، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها، وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً" قال: "عدلاً"، قال: هذا حديث حسن صحيح؛ وفي التنزيل: "قال أوسطهم"، أي أعدلهم وخيرهم.
إلى أن قال: ولما كان الوسط مجانباً للغلو والتقصير كان محموداً، أي هذه الأمة لم تغلُ غلو النصارى في أنبيائهم، ولا قصروا تقصير اليهود في أنبياءئهم، وفي الحديث: "خير الأمور أوسطها"، وفيه عن علي رضي الله عنه: "عليكم بالنمط الأوسط، فإليه ينزل العالي، وإليه يرتفع النازل").44
وقال الشاطبي في تعريف الوسطية: (المفتي البالغ الذروة الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور، فلا يذهب بهم مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال، والدليل على صحة هذا أنه الصراط المستقيم، الذي جاءت به الشريعة، فإنه قد مر أن مقصد الشارع من المكلف الحمل على التوسط من غير إفراط ولا تفريط، فإذا خرج عن ذلك في المستفتين خرج عن قصد الشارع، ولذلك كان ما خرج عن المذهب الوسط مذموماً عند العلماء الراسخين.
وأيضاً فإن هذا المذهب كان المفهوم من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الأكرمين، وقد رد عليهم45 عليه الصلاة والسلام التبتيل، وقال لمعاذ لما أطال46 بالناس في الصلاة: "أفتان أنت يا معاذ"47، وقال: "إن منكم منفرين"48، وقال: "سدِّدوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدُّلجة، والقصد القصد تبلغوا"49، وقال: "عليكم بالعمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا"، وقال: أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل"، ورد عليهم الوصال، وكثير من هذا.
وأيضاً فإن الخروج إلى الأطراف خارج عن العدل، ولا تقوم به مصلحة الخلق، أما في طرف التشديد فإنه مهلكة، وأما في طرف الانحلال فكذلك أيضاً).50
روى جابر رضي الله عنهما قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطاً، وخط خطين عن يمينه، وخط خطين عن يساره، ثم وضع يده في الخط الأوسط، فقال: هذا سبيل الله – ثم تلا هذه الآية: "وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله"؛ وهذه السبل تشمل اليهودية والنصرانية، والمجوسية، وسائر أهل الملل، وأهل البدع والضلالات من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام، هذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد كما قال ابن عطية.51
المتفلت
هو المتبع لهواه، الذي لا يدور مع الدليل حيث دار، ولا يكلف نفسه باتباع الأرجح الأقرب إلى السنة بالاجتهاد في أقوال المفتين ولو كان أمياً، فاتباع الهوى يحدث بالآتي:
1. التقليد لما تهواه نفسه، والتذرع باتباع أحد الأئمة المقتدى بهم قديماً أوحديثاً.
2. أوبالتشهي في اختيار الأقوال.
3. أوبتتبع الرخص والزلات.
4. أوباتباع ما لا يسبب له حرجاً مع مجتمعه ولا يخالف ما ألفه الناس واعتادوه.
5. أوعن طريق التزيين والتقبيح العقلي.
6. أوبالجدل والمراء.
7. أوعن طريق تقليد الآباء والأجداد.
أسباب اتباع الهوى كثيرة ولا يمكن الإحاطة بها، ولكن أخطرها ما يأتي:
1. الجهل بمصدر وكيفية التلقي في الشرع.
2. عدم تلقي العلم من المشايخ الملتزمين بمنهج السلف الصالح.
3. اتخاذ الرؤوس الجهال.
4. التعامل مع الكتب مباشرة.
5. غياب الأدب والسلوك، أي تزكية النفوس.
6. التمذهب والتحزب و"التشرذم" جعل كل حزب بما لديهم فرحون.
7. ندرة المشايخ المقتدرين القدوة الأكفاء.
8. الغرور والاستكبار.
9. الاستهانة بالابتداع في الدين.










 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:17

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc