وإن الله إذا أرادبعبده خيرًا جعل قضاء حوائج الناس على يديه، ومن كثرت نعم الله عليه كثر تعلّقالناس به، فإن قام بما يجب عليه لله فيها فقد شكرها وحافظ عليها، وإن قصّر وملّوتبرّم فقد عرّضها للزوال، ثم انصرفت وجوه الناس عنه.
ورد في الحديث: ((إن لله أقوامًا اختصهم بالنعم لمنافع عباده، يقرّها فيهم ما بذلوها،فإذا منعوها نزعها منهم فحوّلها إلى غيرهم)) أخرجه الطبراني وابن أبيالدنيا. وعن ابن عباس مرفوعًا: ((ما من عبد أنعم الله عليهنعمة وأسبغها عليه ثم جعل حوائج الناس إليه فتبرّم فقد عرّض تلك النعمللزوال)) رواه الطبراني بسند جيد.
وفي الصحيح عن النبي قال: ((من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يومالقيامة، ومن يسّر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا سترهالله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)). وفي صحيح مسلم: ((من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامةفلينفس عن معسر أو يضع عنه، ومن أنظر معسرًا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظلإلا ظله)).
فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا، وأحب الخَلق إلىالله أنفعهم لعباده، وصنائع المعروف تقي مصارع السوء، والجزاء من جنس العمل، فكماتعامل الخلقَ في الدنيا يعاملك الخالق سبحانه في الآخرة، فاختر لنفسك.
ولما سئلنبينا عن أحب الناس إلى الله وأحبِّ الأعمال إلى الله، قال عليه الصلاة والسلام: ((أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلىالله عز وجل سرور تدخلُه على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطردعنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخٍ في حاجة أحبّ إليّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهرًا ـأي: المسجد النبوي الذي الصلاة فيه بألف صلاة ـ، ومن كفَّ غضبه ستر الله عورته، ومنكظمَ غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاءً يوم القيامة، ومن مشى معأخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزولُ الأقدام)) وصدق رسولالله .
وخيرُ عبادِ الله أنفعهم له ***رواه من الأصحاب كلُّ فقيه
بارك الله فيك وجعلنا مسعا ونفعا لغيرنا