هناك نقطة مهمة يجب توضيحها و الاتفاق عليها هو أنه ليس واجب علينا اثبات نظرية التطور من القرآن و السنة, بل يكفي إثبات أنه لا يوجد قول قطعي الثبوت و الدلالة ينفي هذا الأمر.
و قوله تعالى "ونزَّلْنا عليكَ الكتابَ تبياناً لكلِّ شيء"
فليس المقصود من (كلّ شيء) الميكانيك و الالكترونيك و علومَ الطبيعة أو الكيمياء والفيزياء أو الاكتشافات العلميّة، لأنَّ دور القرآن أسمى من ذلك فهو كلام الله الذي يبين لنا عقيدتنا و عباداتنا و أن يجعل حياتنا تسير في خطِّ الاستقامة، وأن يفتح لنا باب الحقِّ والخير والعدل في أحوالنا الروحية والاجتماعية و الأخلاقية و العلاقات فيما بيننا. ولهذا فالقرآن ليس هو الكتاب الذي يحدّثنا عن النظريات العلميّة والاكتشافات والاختراعات، وإن كان يشير في بعض آياته إلى بعض أسرار الخليقة وقوانين الحياة الطبيعيّة ليثبتنا و نزداد إيمانا و لتكن حجة على الكافرين.
و نظرية التطور لا تعني بالضرورة الالحاد فقد جعل الله لكل شيء سببا و إنما كل أمر فهو بإرادة الله و تدبيره و نظرية الانفجار الكبير مثلا هي أيضا أصحابها ملحدين و رغم ذلك فهي لا تتعارض مع ديننا و لم يعارضها المسلمين. و في مسألة بداية الخلق كلام الله واضح إذ قال
" قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير "
و هذا أمر واضح من الله لتوجيهنا في مسألة الخلق " قل سيروا في الأرض" أي الضرب في الأرض و البحث و التقصي و الاكتشاف " فانظروا كيف بدأ الخلق " أي بإمكانكم أيها الناس بالبحث العلمي و التقصي أن تعلموا كيف بدأ الخلق, و أنها ليست من الغيبيات فالتدبر و البحث العلمي في هذه القضية هو أمر من الله العلي القدير.
و لكن للأسف تركنا الملحدين و الكفار يسبقونا في كل شيء.