الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فالأصل في الحدود أن تقام على كل أحد شريفاً كان أو وضيعاً
وقد قال –صلى الله عليه وسلم-:"وأيم الله لو سرقت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لقطعت يدها"
انظر: البخاري (3475) ومسلم (1688)
وقد جاء في صحيح مسلم رقم (1707) أن عثمان –رضي الله عنه- أمر بجلد الوليد لما ثبت لديه أنه شرب الخمر
جاء في الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (6/482) ما نصه
:"وكان الوليد شجاعاً شاعراً جواداً، قال معصب بن الزبيري: وكان من رجال قريش وسراتهم، وقصة صلاته بالناس الصبح أربعاً وهو سكران مشهورة مخرجة، وقصة عزله بعد أن ثبت عليه شرب الخمر مشهورة أيضاً مخرجة في الصحيحين، وعزله عثمان بعد جلده عن الكوفة. انتهى.
فقد جاء في نصب الراية مع الهداية (3/524) ما نصه
:(وكل شيء صنعه الإمام الذي ليس فوقه إمام فلا حد عليه إلا القصاص فإنه يؤخذ به وبالأموال؛ لأن الحدود حق لله تعالى وإقامتها إليه لا إلى غيره، ولا يمكنه أن يقيم على نفسه لأنه لا يفيد، بخلاف حقوق العباد لأنه يستوفيه ولي الحق، إما بتمكينه أو بالاستعانة بمنعة المسلمين، والقصاص والأموال منها، وأما حد القذف قالوا المغلب فيه حق الشرع، فحكمه حكم سائر الحدود التي هي حق لله تعالى). انتهى
وقال الإمام النووي ـ رحمه الله ـ
في المجموع: أما الأحكام فإنه متى وجب حد الزنا أو السرقة أو الشرب لم يجز استيفاؤه إلا بأمر الإمام، أو بأمر من فوض إليه الإمام النظر في الأمر بإقامة الحد، لأن الحدود في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي زمن الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ لم تستوف إلا بإذنهم، ولأن استيفاءها للإمام. ...وروى البيهقي عن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء الذين ينتهي إلى قولهم من أهل المدينة كانوا يقولون: لا ينبغي لأحد أن يقيم شيئاً من الحدود دون السلطان. انتهى.
وفي فتاوى اللجنة الدائمة بالمملكة العربية السعودية
: ولا يقيم الحدود إلا الحاكم المسلم أو من يقوم مقام الحاكم، ولا يجوز لأفراد المسلمين أن يقيموا الحدود لما يلزم على ذلك من الفوضى والفتنة. انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية:
اتفق الفقهاء على أنه لا يقيم الحد إلا الإمام أو نائبه، وذلك لمصلحة العباد، وهي صيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، والإمام قادر على الإقامة لشوكته ومنعته، وانقياد الرعية له قهرا وجبرا، كما أن تهمة الميل والمحاباة والتواني عن الإقامة منتفية في حقه، فيقيمها على وجهه فيحصل الغرض المشروع بيقين، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الحدود، وكذا خلفاؤه من بعده. اهـ.
والله أعلم
وصلى الله على محمد وآله وصحبه.