السّلام عليكم
مرحبًا بالأخ ظل زائل
بعد تتبُّعي لمجريات أحداث هذا الحوار و مداخلاتك ، أيقنت أنّ فكرتك تصب في مجرى فصل اللُّغة عن الدّين ، أو بطريقة أخرى مفادها أنّ الإسلام لم يأتي لتفضيل لسان على لسان " أي لغة " و إنّما هي رسالة على لسان المصطفى فيهم لتكون حُجًّة عليهم أوًّلاً ، و بطبيعة الحال أنّ أوّل الوحي على الحبيب المصطفى محمد صلى اللّه عليه و سلّم هو في عهد قريش ، و الرّسول صلوات اللّه عليه قرشي ، و لسانهم كان عربي و كما قال الله تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ {إبراهيم: 4} ، أي معناه أنّ الأنبياء و الرُّسل لم تكن لغتهم متشابهة .
و المعلوم أنّ اللغة العربية في عهد قريش كانت تختلف من قبيلة لأخرى ، و بما أنّ قريش كانت هي الأكثر سلطتًا و جبروت ، إضطرّت القبائل لإيجاد لغة تجمعهم و هي اللغة العربية الفصحى ، و لكن رغم ذلك لم تكن بذلك المستوى الراقي ، و حينما بدأ الوحي كان بلسان عربي يفقهها كل القبائل ، و هي العربية الفصحى " و حتى تصل الصورة بوضوح " فإنّ اللّه سبحانه و تعالى أنزل رسالته و القرآن الكريم باللغة العربية الفصحى و هدّبها و أعطى لها أسس قوية و ألفاظ جديدة لإثرائها ، و هذا ما كان يفسّر كثرة الأسئلة من طرف الصّحابة على الرسول محمد صلى اللّه عليه و سلّم عن معاني بعض الآيات و تفسير بعض الكلمات فيها و مقاصدها ، و إلى يومنا هذا ما تزال بعض الكلمات محلّ جدل و خلاف في تفسير معانيها
إلى هنا نستنتج أنّ اللغة العربية الفصحى هي لغة القرآن ، و لكي تفهم معانيه يجب أن تتعلّم لغة القرآن ، و لكي تقرأه يجب أن تتعلّم لغة القرآن ، و بما أنّ اللّه سبحانه و تعالى قال { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } أي معناه أنّ القرآن و بلغته محفوظة إلى يوم الدّين ، لذلك توجّب على كل مسلم سواء كان عربي أو أعجمي المحافظة على لغة القرآن ، و لاحظ حتى الأمازيغي يقرأ القرآن باللغة العربية الفصحى ، و حتى في أمريكا يقرأون القرآن باللغة العربية الفصحى .....
و حتى نقرّب المفهوم ، فالخلاف الحاصل اليوم ليس خلاف على لغة القرآن أي العربية ، و إنّما الخلاف على إثبات الوجود هكذا وضعت تحتها خط لتصل المعلومة
العرق الأمازيغي جذوره ممتدّة في قدم العصور ، و هذا ما أثبته العلم و المؤرّخين ، و لعلّ هذه الأمّة لها باع طويل في ملاحم و حروب رهيبة عبر العصور التي خلت " و هذا معترف به " ، لذلك يجب على كل العوام أن يفهم أنّ الأمازيغ متواجدين اليوم فوق أرضهم ، و هم مكوّن من مكوّنات شمال إفريقيا منذ عصور غابرة ، و ما هذه المنادات بترسيم لغتهم إلاً لإثبات تواجدهم ، و هذا من حقهم طبعًا ، فما الذي يضرّني إذًا حينما ينادي أحد مكونات وطني بالإعتراف بلغته و بوجوده ؟ ، سأندد بذلك إلاّ إذا كنت عنصري أو مّحتل و لا أريد قيام هذا العرق من جديد
مهما كان سأعترف بحقّهم ، و الإسلام يجمعنا و علّمنا إحترام حقوق بعضنا البعض ، أنا أيضًا ولدت فوق هذه الأرض و أجداد أجدادي كذلك و أنا أنتمي لهذه البقعة من الكون ، فأنا إبن وطنك و أنت إبن وطني ، و ضحّينا معًا للمحافظة عليه ، و الإسلام زرع فينا هذا التعايش و قبول الآخر ، و فتيل هذه العصبيات يجب أن تُنتزع حينما تتوالد كما نزعها الإسلام
لك كل الحق أن تطوّر لغتك و تدرسها أيُّها الأمازيغي ولا جدال في ذلك ، و إنّما علينا المحافظة على لغة القرآن و عدم التهاون في تعلمها و نحن مسلمين ، أما اللُّغة لا تُفرض بل هي وسيلة للتواصل ، و إذا أردت أن تفرض عليّ لغتك " الأمازيغية " فهذا معناه أنّك تستعمرني و تريد تغيير لغتي الأصلية ، و هذا ليس بالجيّد أبدًا و أنا إبن وطنك .
إذًا لنتّفق أن تكون مسألة تعلُّم اللغة خيارًا و ليس إجبارًا ، و لنتّفق أن من واجبنا المحافظة على لغة القرآن ، و لنتفق أنّ من حقّك تعلُّم لغتك و تطويرها ، و لنتّفق أنّ اللغة العربية هي الوسيلة المفهومة للتواصل بين أغلب الأمم المسلمة ........
و لنتفق أنّ اللغة الإنجليزية مثلاً مرغمين بتعلّمها لأنّها الوسيلة الوحيدة السائدة و المفهومة في بقاع العالم
و هذا قولي ، و أتمنى أن يخرج الحوار من متاهة تفضيل عرق على عرق ، فنحن ندرس في مدارسنا لغة القرآن حتى نفهم ديننا و نفقهه ، و بما أننا منتسبين للغة القرآن هو شرف لنا و تفضيل معنوي لهذه الأمّة التي ما تزال تتحمّل تبعات عداوة البشر لرسالة الحق ، و لأنّ آخر الرّسائل ختمت بلساننا و دعمها اللّه تعالى بالقرآن
و أعتقد أنّ الهدف واحد بينك و بين الأخت صمت الأمل ، إلاّ أنّ الطريقة و الفكرة إختلفت .
بارك اللّه فيكم