أخي وفقك الله، لكن اعلم أن العلم الذي يقرب إلى الله هو العلم الشرعي، ومعرفة أسمائه وصفاته، وكعرفة شرعه وأحكامه، ومعرفة سنة نبيه.
لكن لا شك أن العلوم الدنيوية إذا نوى بها المؤمن خيرا أثابه الله.
وللفائدة أنقل لك كلام نافع فاصل في هذا الباب:
قال أبو حامد الغزالي رحمه الله :
"
بيان العلم الذي هو فرض كفاية : اعلم أن الفرض لا يتميز عن غيره إلا بذكر أقسام العلوم ، والعلوم بالإضافة إلى الغرض الذي نحن بصدده تنقسم إلى شرعية وغير شرعية ، وأعني بالشرعية ما استفيد من الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه ، ولا يرشد العقل إليه مثل الحساب ، ولا التجربة مثل الطب ، ولا السماع مثل اللغة .
فالعلوم التي ليست بشرعية : تنقسم إلى ما هو محمود ، وإلى ما هو مذموم ، وإلى ما هو مباح ؛ فالمحمود ما يرتبط به مصالح أمور الدنيا كالطب والحساب . وذلك ينقسم إلى ما هو فرض كفاية ، وإلى ما هو فضيلة وليس بفريضة ؛ أما فرض الكفاية فهو علمٌ لا يُستغنى عنه في قوام أمور الدنيا ، كالطب ؛ إذ هو ضروري في حاجة بقاء الأبدان . وكالحساب ؛ فإنه ضروري في المعاملات وقسمة الوصايا والمواريث وغيرهما . وهذه هي العلوم التي لو خلا البلد عمن يقوم بها حرج أهل البلد وإذا قام بها واحد كفى وسقط الفرض عن الآخرين .
فلا يُتعجب من قولنا : إن الطب والحساب من فروض الكفايات ؛ فإن أصول الصناعات أيضا من فروض الكفايات ، كالفلاحة والحياكة والسياسة ، بل الحجامة والخياطة ؛ فإنه لو خلا البلد من الحجام تسارع الهلاك إليهم ، وحَرِجوا بتعريضهم أنفسهم للهلاك " انتهى .
"إحياء علوم الدين" (1/16) .